المقال السابق

لبنان قبيسي: سلامة يشارك في جريمة فرض عقوبات جديدة على لبنان
12/01/2020

المقال التالي

إقليمي رئيس الوزراء السوري على رأس وفد  في طهران اليوم
12/01/2020
من الصحف انهيارات الدولة الفاشلة: فضيحة أمميّة وانسداد حكومي

لم تتعرّض صورة الدولة اللبنانية للانكشاف المخزي يوماً كما تعرضت له يوم أمس من خلال فضيحة التخلّف لسنتين عن سداد اشتراكات لبنان في الأمم المتحدة، الأمر الذي عرّضه إلى قرار منعه من التصويت في الجمعية العمومية للأمم المتحدة كما ينص على ذلك نظام المنظمة الدولية. صورة الدولة المستهترة الفاشلة لم تقف عند حدود إعلان هذه الفضيحة من الأمم المتحدة تحديداً، وإنما سرعان ما تمددت إلى حرب الوزارتين على غرار "حرب الوردتين"، إذ دارت رحى تساجل وتبادل بالاتهامات بين وزارتي الخارجية والمال مباشرة وعبر الأوساط والمصادر والجداول والوقائع المتناقضة، بحيث سعت كل من الوزارتين إلى تحميل الأخرى تبعة هذه الفضيحة المخزية. وبدا واضحاً أن الأثقال الهائلة التي ترزح تحتها صورة الدولة باتت أكبر بكثير من كل التوقعات والتقديرات، بحيث تتجاوز الأزمة الكارثية التي يغرق فيها لبنان المستويات المالية والاقتصادية والاجتماعية الآخذة في التفاقم إلى واقع الدولة كلاً في ظل هذا الانكشاف المخيف والتخلي الخيالي للمسؤولين عن تحمّل مسؤولياتهم في المرحلة الانتقالية الشاقة إلى تأليف حكومة جديدة تحاول أن تمسك بزمام الأمور قبل الانهيار الكبير الذي يتخوف منه الجميع. وبدا ذلك واضحاً من خلال موجة التعليقات الجارفة التي عمّت وسائل التواصل الاجتماعي مستذكرة الكبيرَين شارل مالك وغسان تويني في ما تركاه للبنان من مآثر في الامم المتحدة. وما زاد الطين بلة أن مجمل المعطيات عن واقع المأزق الحكومي أشارت إلى أن أي جديد إيجابي لم يسجل في خانة تبديد الجمود الذي يحكم عملية تأليف الحكومة منذ أيام، بل أن تراجعات جديدة تبرز في هذا السياق من شأنها أن تعقد أكثر مهمة الرئيس المكلف حسان دياب في قابل الأيام. فمع أن البيان الذي أصدره دياب في ساعة متقدمة من ليل الجمعة متضمناً نبرة قوية في التزام مضيّه في مهمته وعدم التراجع عن حكومة الاختصاصيين من 18 وزيراً، أوحى بأن الرئيس المكلف تلقى جرعات مقوية من فريق أو أفرقاء جعلته يخرج عن صمته، فإن المعطيات التي برزت أمس كشفت ازدياد التفاقم وعدم تبدل الصورة المأزومة خصوصاً في ظل مجموعة مواقف سلبية في حصيلتها من محاولات دياب. المؤشر الأول كان في تكرار رئيس مجلس النواب نبيه بري التلويح بعدم مشاركة حركة أمل في الحكومة ولو منحها الثقة، وتعداده ملاحظات جوهرية على مجريات عملية التأليف. الثاني برز في إعلان رئيس تيار المردة سليمان فرنجية اشتراطه تعيين وزيرين بوزارتين للتيار في الحكومة وإلا لن يشارك التيار فيها أيضاً. الثالث تُوّج في إعلان مستشار رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل أن التيار وباسيل لن يعيّنا وزراء في حكومة دياب. بذلك بدا كأن ثمة نفضاً للأيدي من دياب وحكومته الموعودة قبل أن تطل الأزمة على منقلب جديد في الاسبوع الطالع باعتبار أن تراكم الأزمات ذات الطابع البالغ الخطورة مالياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً وسط مناخ إقليمي ملبد لم يعد يسمح إطلاقاً بإطالة مهمة دياب الذي يتعين عليه حسم الأمر بتقديم حكومته بعد التشاور مع رئيس الجمهورية أياً يكن الأمر، ترجمةً للبيان الذي أصدره، وإلا فإن استمرار المراوحة على هذا النحو سيؤدي إلى تفجر الثورة على أوسع نطاق ممكن وإغراق البلاد مجدداً في أتون التوترات الاجتماعية والشعبية. وبدا لافتاً وسط هذا الجو أن تبادر المحطة التلفزيونية الناطقة باسم التيار العوني إلى الحديث عن تقدم خيار تفعيل حكومة تصريف الأعمال وعودة الرئيس سعد الحريري قريباً إلى بيروت لهذه الغاية، وأنّ لا تقدم أبداً في تأليف حكومة دياب، كأنها توحي بتراجع مهمة دياب إلى نقطة الصفر. واكتسب ذلك دلالات سلبية في ظل الرد الحاد الذي أصدره الوزير سليم جريصاتي على بيان دياب لجهة موضوع الصلاحيات بما عكس ضيق بعبدا بموقف الرئيس المكلف. أما التطور البارز الآخر الذي واكب أمس هذه المناخات والمعطيات فتمثّل في عودة الزخم بقوة إلى تحركات الانتفاضة الشعبية رفضاً لحكومة دياب وللسياسات المالية والمصرفية، وهي تحركات شملت مناطق عدة بدءاً ببيروت بين مناطق الدورة وبرج حمود ووسط بيروت وساحة النجمة، مروراً بطرابلس وصيدا، بلوغاً إلى النبطية.

صحيفة النهار

الكلمات المفتاحية

مقالات المرتبطة