المقال السابق

لبنان رسالة لقائد الجيش للعسكريين في عيد المقاومة والتحرير
21/05/2020

المقال التالي

من الصحف سوسييتي جنرال يتاجر باموال موظفي القطاع العام ! 
21/05/2020
حزب الله حزب الله لن يعطي باسيل وعداً رئاسياً

- الجمهورية: ‏جوني منير: «حزب الله» لن يعطي باسيل وعداً رئاسياً
ملفات أساسية كثيرة تتعلق بالانهيار الحاصل في لبنان وبطريقة إيجاد السبل لإعادة ‏بعض الروح إليه ويجري طرحها مع المؤسسات الدولية والعواصم الغربية الكبرى، ‏لكن في المقابل فإنّ هذه الورشة الهائلة والصعبة يقاربها بعض الاطراف اللبنانية ‏بخلفية تأثيرها على الاستحقاق الرئاسي المقبل ونقاط الربح والخسارة.‏
في الواقع لم يفتح الاستحقاق الرئاسي المقبل اليوم، فللمرة الاولى في تاريخ لبنان يجري فتح هذا ‏الملف مع بدء ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. واذا كان صحيحاً انّ مسار عون ‏المتعرّج والغريب والخارج عن المألوف لوصوله الى قصر بعبدا كان استثناء، فكذلك طرحه هو ‏منذ بداية عهده في مقابلة صحافية أنه لا يفكر في تمديد ولايته بل بوصول من يُكمل مسيرته ‏شَكّل استثناء أكبر. ولكن الواضح كان انّ رئيس الجمهورية يضع أحد أبرز اهدافه بأن يسلّم ‏النائب جبران باسيل مقاليد رئاسة الجمهورية بعد ان كان سلّمه رئاسة «التيار الوطني الحر».‏
‏ومنذ تلك اللحظة دارت معارك عنيفة وحصلت مواجهات وتبدّلت تحالفات، وحصلت انتخابات ‏نيابية وفق قانون جديد غير مفهوم وعلى اساس تحالفات غريبة حاكت الاستحقاق الرئاسي ‏المقبل. جميع القوى السياسية بدّلت أماكنها على خريطة التحالفات السياسية باستثناء ثابتة ‏التحالف القوي بين «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» على رغم من تعرّضه في بعض ‏الاحيان لاهتزازات بسيطة ومؤقتة. إلّا أنّ ثمة جديداً بدأ يظهر في هذا الاطار ولو بصوت ‏خافت. فعلاقة «التيار» مع الحزب تمّ ربطها بنحو متين بمباركة عون من خلال تواصل دائم بين ‏باسيل والمسؤول في «حزب الله» وفيق صفا حيث تحصل التفاهمات بكثير من التكتّم، ويتخللها ‏اجتماعات بين الحين والآخر بين باسيل والامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ‏للاتفاق على سبل ترسيم الخطوط العريضة للسياسات. لكن ثمّة ما استجدّ في المرحلة الاخيرة لا ‏بد من التوقف عنده، فبعد اندلاع حراك 17 تشرين الاول الماضي، تحدث باسيل عن «مؤامرة» ‏أميركية لضرب «حزب الله» وبأدوات شعبية وأخرى لمنظمات دولية وحزبية وايضاً عسكرية. ‏لكن، وبعد مرحلة توتر، سرعان ما اكتشف «حزب الله» انّ للانفجار الشعبي اسبابه الداخلية في ‏المرتبة الاولى. كان للوقت عامل أساسي بحيث انه لو تم إنجاز تعديل وزاري قبل استقالة ‏الرئيس سعد الحريري لكانت التَبعات أقل ممّا حصل لاحقاً. فعامل الوقت كان لمصلحة تفاقم ‏الازمة، وبالتالي دخول غربي أقوى على الواقع الداخلي.‏
‏بعد 17 تشرين تبدّل المشهد اللبناني كلياً، وباتَ الشارع اللبناني في مكان آخر. وخلال الاسابيع ‏الماضية رصدت إشارات لافتة على خط العلاقة بين «التيار الوطني الحر» و»حزب الله». ففي ‏كلام باسيل الاخير اشارة الى «قوى الامر الواقع» كما وصفها في مسؤولية التهريب عند ‏الحدود اللبنانية ـ السورية. وفي الاطلالة نفسها شكوى من الحليف الذي يبقى جانباً ولا يُساند ‏‏«التيار» في معاركه. قبله كانت هنالك مواقف مشابهة لنواب في «التيار الوطني الحر» كان ‏أوضحها للنائب جورج عطاالله الذي قال عبر شاشة الـ ‏otv‏ انّ التحالف «لا يكون في التفاهم ‏الاستراتيجي من فوق ومن دون تحالف كامل من تحت، فإمّا تحالف من فوق ومن تحت وإمّا ‏لا». وهذه العبارة التي شدد عليها وكررها مرات عدة، كانت تعكس جوّاً داخلياً لتكتل «لبنان ‏القوي»: «التنسيق يجب ان يكون كاملاً وليس ان تتركونا لوحدنا في مواجهاتنا». «نحن لا نلمس ‏أي دعم لمشاريعنا، ولا نرى اي مبادلة بالمِثل». لا بل أكثر، فلقد قيل انّ باسيل أبلغَ الى نواب ‏التكتل أنّ العلاقة بين التيار و»حزب الله» ستصبح من الآن وصاعداً من خلال احد نواب التيار ‏وسيجري اختياره لاحقاً (ويتردد اسم آلان عون) وليس وفق قناة باسيل ـ صفا. التبرير كان أنّ ‏ذلك أفضل لاطلاع الجميع على الملفات. فيما الاشارة واضحة، وهي خفض مستوى التنسيق رداً ‏على المآخذ المتعددة الموجودة.‏
‏الواضح انّ هذا الكلام جاء بعد المواجهة الاعلامية والقضائية العنيفة بين باسيل وسليمان ‏فرنجية. فـ»حزب الله» آثرَ الوقوف جانباً والتصرف وكأنه لم يسمع شيئاً، مفضّلاً ترجمة ‏انزعاجه بأخذ مسافة من الطرفين. فخلفية النزاع لها علاقة بالاستحقاق الرئاسي الذي ما يزال ‏بعيداً جداً، والمراحل المقبلة حُبلى بتطورات واستحقاقات قد تقلب الطاولة اكثر من مرة.‏
‏وجاء التصويت حول استبعاد سلعاتا من معامل توليد الكهرباء والذي اصطف فيه حزب ‏‏«الطاشناق» الى جانب «حزب الله»، ليزيد من حدة المشكلة. ورغم انّ رئيس الحكومة شرح أنه ‏ليس للموضوع اي خلفية سياسية، بل تقنية مالية بحتة، خصوصاً انّ خزينة لبنان عاجزة عن دفع ‏استملاكات بقيمة 500 مليون دولار وتدور حولها علامات استفهام كثيرة. وفي اختصار بلغ انّ ‏باسيل يستعد لسلوك سياسي جديد، وهو ما يمكن قراءته بين سطور كلامه الاخير. فهو مثلاً يريد ‏توجيه دعوة غداء للسفيرة الاميركية في لبنان، وساقَ ملاحظات أساسية على خطة مالية تمّ ‏إقرارها في بعبدا اضافة الى تلميحات اخرى معبّرة.‏
‏في المقابل يستمر «حزب الله» في سلوكه وكأنه لم يسمع شيئاً ولم يلاحظ اي اشارة، علماً أنّ ‏عدداً من المراقبين يربطون ما يحصل بالاستحقاق الرئاسي المقبل. صحيح انّ الموعد ما يزال ‏بعيداً، ولكن ثمة مستجدات استوجَبت الامساك بالاوراق منذ الآن، خصوصاً انتزاع ورقة التزام ‏‏«حزب الله» بالمرشح الرئاسي. فبعد 17 تشرين تبدّل مزاج الشارع كلياً، وأظهرت استطلاعات ‏الرأي التي أجرتها قوى محلية وسفارات غربية مؤثرة بالساحة اللبنانية تراجعاً شعبياً كبيراً ‏أصاب أحزاب الطبقة السياسية الحاكمة، وخصوصاً على الساحتين المسيحية والسنية. وطاوَل ‏النزف الشعبي البيئة الشعبية للتيار الوطني الحر. ما يعني انّ الخصومة في الشارع الاسلامي ‏لخطاب باسيل، على أمل توسيع دائرة التأييد الشعبي المسيحي له، جاءت نتائجها عكسية ما ‏استوجَب البحث عن تعويضات طارئة تحميه من الخروج باكراً من السباق الرئاسي، فملف ‏استخراج الغاز، والذي كان قد تمّ تحضيره لاستثماره في الحد الاقصى في الملف السياسي - ‏الرئاسي، صدمَ الجميع بنتائجه السلبية.‏
‏وحتى الملف الذي عرف بالفيول المغشوش، والذي أثيرت حوله زوبعة قضائية واعلامية، يتّجه ‏الى وضعه على الرف. فأورور الفغالي تم اطلاق سراحها، وإدانة سركيس حليس لها علاقة ‏بتزوير دوامات عمله. وشركة «سوناطراك» تم تجديد عقدها، و»البساتنة» لم يجر استدعاؤهم ‏اساساً، ما يعني انّ الملف إمّا كان خالياً من محتوى اتهامي جدي، او انّ المصلحة تقضي بإقفاله ‏لأنّ شظاياه كثيرة. ومعه هنالك مَن فهم انّ باسيل يريد التزاماً ضمنياً، ولكن واضحاً، من «حزب ‏الله» بالسير به كمرشح لرئاسة الجمهورية، في نسخة مكررة عن معركة العماد ميشال عون. ‏ففي السنة المقبلة ستحصل تسوية في سوريا تواكِب إعادة انتخاب بشار الاسد رئيساً، وهو ‏المعروف بصداقته العائلية القوية مع سليمان فرنجية.‏
‏‏في المقابل، فإنّ «حزب الله» اللاعب القوي في الاستحقاق الرئاسي وبتجاهله للنزاع الحاصل، ‏يوحي بأنه ليس أبداً في وارد إعطاء التزامات مسبقة. فعدا عن انّ ما حصل مع العماد ميشال ‏عون هو استثناء غير قابل للتكرار، فإنّ تركيزه هو على المواجهة الصعبة التي يخوضها الى ‏جانب ايران في وجه واشنطن ومشاريعها للمنطقة. كما انه لا يحبّ سياسة الابتزاز عند ‏المنعطفات الصعبة. وهو لذلك لم ولن يتدخل لا مع فرنجية ولا مع باسيل ولا مع أيّ طامح آخر، ‏وسيبقى غير معني. مع الاشارة الى أنّ الجواب الرسمي لـ»حزب الله» عندما يُسأل عن علاقته ‏بباسيل يأتي دائماً: «جبران باسيل حليفنا».‏
‏ ‏في كل الحالات فإنّ الرئيس المقبل للجمهورية سيكون هذه المرة مرتبطاً بالتطورات الاقليمية ‏اكثر من اي مرة سابقة.‏
‏ ‏فالساحة اللبنانية امام تحديات هائلة ستصيب المعادلة السياسية فيها بطريقة او بأخرى.‏
‏ ‏وحكومة «الوحش» الاسرائيلية تتأرجح بين بركان ضَم مناطق في الضفة الغربية وتنفيذ ‏ضربات عسكرية جوية وصاروخية واسعة في المنطقة الممتدة من دمشق وحتى الجولان. ‏وإسرائيل ايضاً تقوم بإرسال أسلحة الى اكراد شمال سوريا تمهيداً لعمل ما، في وقت انطلقت ‏مجموعات «داعش» لقطع الطريق البري بين ايران ولبنان. وبعدها هنالك انتخابات رئاسية ‏اميركية ستَليها من المفترض مفاوضات مع ايران ستكون الساحة اللبنانية حاضرة خلالها. ‏والرئيس المقبل سيحاكي كل هذا، ما يعني انّ في العجلة الندامة.‏

صحيفة الجمهورية

الكلمات المفتاحية

مقالات المرتبطة