سامية فضل الله
دائماَ كان يقال بأن المصيبة تجمع، وتؤلف القلوب، إلا عندنا، بعد كل مصيبة تبدأ الاتهامات، كل واحد يلقي التهمة على خصمه السياسي او الحزبي، من اللحظة الأولى لوقوع الكارثه، وقد تكون كارثة طبيعية، نتلهى ونبتعد عن الأسباب الحقيقية، بالاتهامات والشتم والسباب، بدون أي دليل، دافعنا الوحيد هو التحريض والتضليل والحقد..
ومن باب الصدفة، ليس إلا، في عنا بلبنان جماعة جسمهم لبيس، كل شي سيئ بيصير بالبلد، والبلدان المجاورة، فوراَ بيطلع ناس من هون وهونيك، وبقولوا حزب الله السبب.. يا عمي حللوا.. حرموا، كيف طلع معكم انهم السبب.. ما في خلاص.. حرائق تركيا والجزائر ولبنان هني وراها.. ارتفاع درجات الحرارة، وشح المياه، وثقب الأوزون بسببهم.. انقطاع الكهرباء والبنزين والمازوت، ما حدا غيرهم .. الغلاء الفاحش، وفقدان الدواء ومعظم المواد الغذائية، كمان هني السبب فيه.. ارتفاع نسبة التلوث بالبحر والأنهار والبحيرات، ما في إلا هني .. يعني مختصر مفيد مشاكل ومصائب وكوارث، لبنان والمنطقة منذ الانتداب وحتى تاريخنا الحاضر، حزب الله هو السبب والمسبب والمسؤول عنها..
خافوا الله.. اذا في حدث واحد بس حلو ومفرح، ومثلج للصدر، صار بهيدا البلد، منذ الاستقلال وحتى تاريخه، فهو تم بتخطيط ودماء وسواعد ومثابرة حزب الله، وقيادة حزب الله، ومجاهدو ومناصرو حزب الله... تحرير العام/٢٠٠٠ أعني... حرمنا من أرضنا وقرانا وبيوتنا وحقول قمحنا وزيتوننا.. وعودتنا كانت في ظل الرايات الصفر.. عشرون عاماَ، والصهيوني جاثم فوق صدورنا، يحصي علينا أنفسنا.. وقبل ذلك بكثير كان يجتاح جنوبنا مخرباَ مدمر وقاتلاَ وحارقاَ، بدون اي رادع.. وعندما أتى من يردع، ومن يحرر، ومن يقف أمام الصهيوني وقفة الند القوي القادر، خرجت خفافيش الظلام لتملأ النفوس الضعيفة حقداَ وغلاَ وأكاذيب..
رددوا على مسامعنا مئات آلاف المرات "قوة لبنان في ضعفه"، وللأسف الشديد، كان هناك من يصدق.. رغم كل الانتهاكات للبر والبحر والجو.. رغم الغارات الخاطفة، وما كان يتبعها من شهداء وجرحى ودمار وحرائق.. رغم الاجتياح والاحتلال وسنوات القهر، كنا نصدق.. وعندما جاءنا من يصحح المقولة، ويدلنا على القوة الحقيقية.. القوة الرادعة والناجعة، خرجت الأفاعي من جحورها، وبدأت تتلوى وتتلون.. علت الأصوات المحلية والاقليمية والدولية، وعقدت المؤتمرات والجلسات، وفرضت العقوبات.. ليس لهم إلا مطلب واحد، وهم وحيد، أمن إسرائيل، وحزب الله وسلاحه..
من قال اننا لا نريد الدولة؟ انها مطلبنا، وبشدة.. ولكن ليست اية دولة.. نريدها قوية، فتية، صالحة، ذات سيادة واستقلالية.. نريدها فاعلة، عاملة، عادلة.. نحن نعلم، وحزب الله يعلم ويقر في كل مناسبة، إنه لم ولن يكون بديلاَ عن الدولة ومؤسساتها وجيشها.. هو جانحها القوي والمواجه والرادع.. اجل له حساباته وظروفه الخاصة، له مصالحه وتحالفاته، .. لكنه لم يكن يوماَ قاتلاَ لشعبه وناسه، أو سارقا ناهبا لمالهم ورزقهم، لم يكن هو ذلك الإرهابي الذي فجر منازلهم، وحرق ارزاقهم وقتل احبابهم، وهدد أعراضهم، ورموزهم الدينية.
الكل يعلم بأن حزب الله تلقى الصفعة تلو الأخرى، من القريب والبعيد.. خون وكذب، وحمل مالا يحتمل، من الداخل والخارج.. ورغم قوته وسلاحه، لم يردها حرباَ داخلية.. صبر على الضيم والاتهامات، لتبقى البوصلة في الاتجاه الصحيح، العدو الاسرائيلي، ولا أحد سواه..
أعود لأكرر.. لو لم يكن لحزب الله أي انجاز، سوى انه حرر الأرض ودحر المحتل في أيار/ ٢٠٠٠، فأنا سأبقى أردد شكرا لمن أعاد لنا الأرض والكرامة.. شكرا لمن حررنا من خوفنا، قبل أن يحررنا من عدونا.. شكرا لمن جعلنا نعيش الفرح الحقيقي، بعد سنوات من القهر.. شكرا وألف شكر لوجودكم بيننا، أبناء واخوة واصدقاء وشركاء.. شاء من شاء، وأبى من أبى.
بريد المحور