المقال السابق

لبنان القوات تميز بين نيترات الصلح والصقر 
20/09/2021

المقال التالي

لبنان سجال بين باسيل والفرزلي حول تهريب الاموال 
20/09/2021
لبنان رفع الجلسة النهارية لمناقشة البيان الوزاري الى الخامسة والنصف مساء

  تستأنف جلسة مناقشة البيان الوزاري والتصويت على الثقة، عند الساعة الخامسة والنصف مساء، بعد ان تمت تلاوة البيان الوزاري في جلسة قبل الظهر، في حين تحدث ثمانية نواب من مختلف الكتل النيابية تناولوا الاوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية للحكومة. وقد حجبت كتلة "القوات اللبنانية"، التي تحدثت باسمها النائبة ستريدا جعجع، الثقة عن الحكومة، فيما اشترط النائب جميل السيد تضمين البيان الوزاري اعتذارا من الضباط الاربعة لمنح الثقة للحكومة، مهاجما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. اما رئيسة كتلة المستقبل النائبة بهية الحريري فقد منحت الثقة للحكومة "لانه زمن وضع الاستراتيجيات الوطنية".

وتحدثت النائبة عناية عز الدين باسم كتلة "التنمية والتحرير" فأكدت منح الثقة للحكومة، وكذلك اعتبر النائب هادي ابو الحسن ان "نجاح الحكومة في مهامها المرتقبة فرصة اخيرة اذا لم نلتقطها سيضيع معها الوطن".

البيان الوزاري
بداية الجلسة، تلا الرئيس ميقاتي، البيان الوزاري الذي ستنال حكومته "معا للانقاذ" على أساسه الثقة، وفيه:


"دولة الرئيس، السيدات والسادة النواب،
من رحم المعاناة ومن أوجاع الناس ومن القهر الذي أرهق النفوس حتى كاد اليأس أن يصبح السمة العامة لحياة اللبنانيين وفقدان الثقة بالوطن والدولة لاسيما من قبل الشباب ذخر الوطن وصناع مستقبله، ومن قلب معاناة بيروت التي دمرها إنفجار الرابع من آب وقتل كوكبة من خيرة أبنائها وتسبب بوقوع جرحى وأضرار لا تحصى، إنبثقت حكومتنا لتضيء شمعة في هذا الظلام الدامس وتطلق شعلة الأمل بعزم وإرادة للقول إننا قادرون ... نعم قادرون بتضافر كل الجهود المخلصة في هذا الوطن الحبيب، وهذا الأمل رأيناه في عيون اللبنانيين التي توجهت نحونا كرافعة خلاص لما يعانونه.

دولة الرئيس،
تمثل حكومتنا أمامكم اليوم لنيل الثقة، في ظرف يحتم مقاربات إستثنائية للمعالجة المطلوبة. كيف لا ولبنان في خضم أزمة إقتصادية وإجتماعية ومالية ومعيشية خانقة بلغ الوطن فيها مشارف الإنهيار الكامل، ولم يشهد لها مثيلا في تاريخه الحديث. وإزاء الأزمة الحادة التي يعيشها لبنان وما رافقها من إنهيار العملة الوطنية وإرتفاع كبير في أسعار السلع، يجد غالبية اللبنانيين أنفسهم في حال غربة عن المواقف والسجالات السياسية، ولا يعنيهم سوى معالجة مشكلاتهم الطارئة وتأمين قوتهم اليومي.

دولة الرئيس،
قبل الغوص في المعالجات التي تنوي الحكومة القيام بها، لا بد من الإشارة إلى بعض الثوابت الوطنية التي ستحكم عمل حكومتنا وهي:
-التزام أحكام الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، وإحترام الشرائع والمواثيق الدولية التي وقع لبنان عليها وقرارات الشرعية الدولية كافة، والتأكيد على الإلتزام بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، وإستمرار دعم قوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان، ومطالبتها المجمتع الدولي وضع حد للإنتهاكات والتهديدات الإسرائيلية الدائمة للسيادة اللبنانية، برا وبحرا وجوا، بما يؤمن التطبيق الكامل لهذا القرار.

- التأكيد على الدعم المطلق للجيش والقوى الأمنية كافة في ضبط الأمن على الحدود وفي الداخل وحماية اللبنانيين وأرزاقهم وتعزيز سلطة الدولة وحماية المؤسسات.
" التمسك بإتفاقية الهدنة والسعي لإستكمال تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة، والدفاع عن لبنان في مواجهة أي إعتداء والتمسك بحقه في مياهه وثرواته، وذلك بشتى الوسائل المشروعة، مع التأكيد على حق المواطنين اللبنانيين في المقاومة للإحتلال الإسرائيلي ورد إعتداءاته وإسترجاع الأراضي المحتلة.

- استئناف المفاوضات من أجل حماية الحدود البحرية اللبنانية وصونها من جهاتها كافة.


- متابعة مسار المحكمة الخاصة بلبنان المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1757 والخاصة بجريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه وصولا لإحقاق الحق والعدالة تمهيدا لإقفال هذا الملف في مهلة أقصاها 30 تموز 2022.

-إيلاء الإهتمام اللازم بقضية تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه في ليبيا ودعم اللجنة الرسمية للمتابعة بهدف جلاء ملابسات هذه القضية.
- التأكيد على حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وعدم توطينهم في لبنان.
- متابعة العمل على عودة النازحين السوريين وتعزيز التواصل مع المجتمع الدولي للمساهمة في مواجهة أعباء النزوح السوري، مع الإصرار على عودة هؤلاء النازحين الآمنة إلى بلدهم ورفض أي شكل من أشكال إدماجهم أو توطينهم وتنفيذ ورقة السياسة العامة لعودة النازحين التي اقرتها الحكومة اللبنانية وإعادة النظر فيها إذا لزم الأمر.

- تعزيز علاقات لبنان مع الدول العربية الشقيقة والإصرار على التمسك بها والمحافظة عليها والحرص على تفعيل التعاون التاريخي بين بلداننا العربية، ودعوة الأشقاء العرب إلى الوقوف إلى جانب لبنان في هذه المحنة التي يرزح تحتها شأنهم دائما مشكورين.


- تعزيز علاقات لبنان الدولية وتفعيل إنخراطه مع المجتمع الدولي وشريكه الأوروبي بما يخدم المصالح العليا للبنان وتنشيط العلاقات مع الإتحاد الأوروبي وإطلاق مفاوضات أولويات الشراكة إضافة إلى تفعيل لجان العمل المشتركة بين الطرفين تمهيدا لعقد إجتماع مجلس الشراكة.

دولة الرئيس،
تأكيدا على حسن سير العملية الديموقراطية في لبنان، وإيمانا منها بأن خطوة الإنقاذ الأساسية تبدأ في ترجمة إرادة الناخبين في إختيار ممثليهم، تؤكد الحكومة التزامها إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها كما وإجراء الانتخابات البلدية والإختيارية على أن تباشر وفور نيلها الثقة، بإتخاذ كل الإجراءات التي ينص عليها القانون الذي ينظم عملية الإنتخاب لإتمامها بكل نزاهة وشفافية وتوفير السبل كافة لنجاحها.

دولة الرئيس،
تداركا للإنهيار المالي والإقتصادي الذي يتوالى فصولا، تتعهد حكومتنا، فور نيلها الثقة، القيام بما يلي:
- إستئناف التفاوض الفوري مع صندوق النقد الدولي للوصول إلى إتفاق على خطة دعم من الصندوق، تعتمد برنامجا إنقاذيا قصير ومتوسط الأمد ينطلق من خطة التعافي بعد تحديثها مع المباشرة بتطبيق الإصلاحات في المجالات كافة والتي باتت معروفة ووفقا للأولويات الملحة وبما يحقق المصلحة العامة، والعمل على إنجاز الخطة الإقتصادية والإلتزام بتنفيذها مع مصرف لبنان بعد إقرارها من قبل الحكومة.

- وضع خطة لإصلاح القطاع المصرفي وإعادة هيكلته حيث يلزم، وتنشيط الدورة الاقتصادية بما يساهم في تمويل القطاع الخاص بفوائد مشجعة مع إعطاء الأولوية لضمان حقوق وأموال المودعين.
-السعي بالتعاون مع مجلسكم الكريم، إلى إقرار قانون حول الكابيتال كونترول كما ووضع مشروع قانون من شأنه معالجة الأوضاع المالية والمصرفية التي إستجدت بعد 17 تشرين الأول 2019 لاسيما تلك المتعلقة بتحويل الأموال إلى الخارج ومتابعة تنفيذ القانون رقم 214 تاريخ 8/4/2021 (إستعادة الأموال المتأتية عن جرائم الفساد).

- معاودة المفاوضات مع الدائنين للإتفاق على آلية لإعادة هيكلة الدين العام بما يخدم مصلحة لبنان ولا يحمل الدولة أعباء كبيرة، وإقرار أفضل طريقة لإستعمال الأموال المتأتية من حقوق السحب الخاصة بما يؤمن الاستفادة منها بشكل مستدام.

- تثمين المبادرة الفرنسية والإلتزام ببنودها كافة بكل شفافية وبتوصيات الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار (3RF)، والسير بتحديث وتطوير خطة التعافي المالية وإستكمال سياسة الإصلاح الإقتصادي التي تقدم بها لبنان إلى مؤتمر سيدر بعد إعادة دراسة لائحة مشاريع برنامج الإنفاق الإستثماري ((CIP والإستفادة من توصيات الدراسة الإقتصادية للإستشاري (ماكينزي) خاصة لجهة دعم القطاعات الإنتاجية كافة تمهيدا للتحول من الإقتصاد الريعي إلى الإقتصاد المنتج تحقيقا للعدالة الإجتماعية.

- العزم على تصحيح الرواتب والأجور في القطاع العام بمسمياته كافة في ضوء دراسة تعدها وزارة المالية تأخذ بعين الاعتبار الموارد المالية للدولة ووضعية المالية العامة. وبالتوازي تفعيل عمل لجنة المؤشر وإجراء ما يلزم بهدف تصحيح الأجور في القطاع الخاص.
" العمل على إقفال المعابر غير الشرعية وتعزيز مراقبة الشرعية منها من خلال تزويدها بأجهزة الكشف والمسح الحديثة والمتطورة.
- الحد من التهرب الضريبي وتعديل قانون المحاسبة العمومية والإسراع في إنجاز تشريع جديد للجمارك وإقرار الإستراتيجية الشاملة للإصلاحات الجمركية وبرنامجها التنفيذي، إضافة إلى إقرار قانون تحديث المعاملات العقارية.
- العمل على إنجاز الموازنة العامة للعام 2022 مع التشديد على تضمينها بنودا إصلاحية تتناول المالية العامة.
-توجيه سياسة الدعم الحالي وحصره بمستحقيه من المواطنين اللبنانيين المقيمين والإنطلاق نحو سياسة إجتماعية قادرة على سد الثغرات الإجتماعية.

دولة الرئيس،
صحيح أن التحديات الآنية المعيشية والخدماتية تفرض نفسها كأولوية في المرحلة الراهنة، غير أن المسار العام للدولة ومؤسساتها يوجب مقاربة سائر الملفات البنيوية التي تساعد في تنشيط الإقتصاد وتطوير القطاعات الإنتاجية وجذب الإستثمارات وتعزيز الثقة الداخلية والخارجية بالدولة، ويأتي في مقدمة هذه الملفات الآتي:
في القضاء وإستقلاليته، إستكمال تعيين أعضاء مجلس القضاء الأعلى وإنجاز التشكيلات والمناقلات القضائية والسعي لإقرار قانون إستقلالية السلطة القضائية والإسراع في المحاكمات لإحقاق الحق والعدالة والإهتمام بأوضاع السجون.

في مكافحة الفساد، إصدار النصوص التطبيقية للقوانين النافذة ومتابعة تنفيذ النصوص ذات الصلة لاسيما تلك المتعلقة بقانون الشراء العام فور نفاذه، إضافة إلى إكمال تعيين اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد وتفعيل عمل الهيئات الرقابية وتمكينها من ممارسة دورها وإستكمال الإجراءات الواجبة لتوقيع العقد المتعلق بالتدقيق المالي الجنائي في حسابات مصرف لبنان والمباشرة بالإجراءات اللازمة للتدقيق المالي في الوزارات والمصالح المستقلة والمجالس والصناديق والمؤسسات العامة واتخاذ التدابير اللازمة بهذا الصدد وفق ما نص عليه القانون الذي أقره مجلسكم الكريم.

في الطاقة، زيادة ساعات التغذية في مرحلة أولى وتأمين الكهرباء للمواطنين في أسرع وقت والعمل على تنويع مصادر الطاقة وصولا لإعطاء الأولوية للغاز الطبيعي والطاقة المتجددة، وإستكمال تنفيذ خطة قطاع الكهرباء والإصلاحات المتعلقة به مع تحديثها وإنشاء ما تحتاجه البلاد من معامل لتوليد الطاقة الكهربائية بمشاركة القطاع الخاص، وإستكمال مشروع إستقدام الغاز الطبيعي عبر المنصات العائمة لتخزين وتغويز الغاز الطبيعي (FSRU)، وإعطاء الاولوية لتأمين إستمرارية تغذية مختلف المناطق بمياه الشفة ومعالجة الصرف الصحي والعمل على تحضير وإقرار المراسيم التطبيقية العائدة لقانون المياه. وفي ما يتعلق بالتنقيب عن النفط، إطلاق دورة التراخيص الثانية في المياه البحرية اللبنانية المؤجلة مرحليا بفعل جائحة كورونا والعمل على متابعة عمليات الإستكشاف في المياه البحرية اللبنانية.

في الشأن الإجتماعي، السعي لتأمين شبكة أمان إقتصادي - إجتماعي - صحي لإستعادة القدرة الشرائية وتفعيل المؤسسات الإجتماعية الضامنة وتوسيع تغطية التقديمات على اختلافها وتنوعها، ووضع مشروع البطاقة التمويلية حيز التنفيذ بالتنسيق مع برنامج شبكة الأمان الإجتماعي ESSNالمخصص للعائلات الأكثر حاجة، ودعم جميع برامج الرعاية الاجتماعية للمسنين، الأطفال، ذوي الاحتياجات الإضافية والمدمنين... وتفعيل الشراكة مع المؤسسات الاجتماعية غير الحكومية بما يمكن الأسر من مواجهة رفع الدعم عن السلع المستوردة، وإعادة العمل بالقروض التي تقدمها المؤسسة العامة للإسكان، إضافة إلى السعي مع مجلسكم الكريم لإقرار قانون ضمان الشيخوخة.

في دور المرأة، تعزيز دورها كشريك أساسي وفاعل في الحياة العامة وتكريس حقها بالمساواة وإزالة جميع أشكال التمييز ضدها وتمكينها إقتصاديا.

في الصحة، متابعة الإجراءات الهادفة للحد من وباء كورونا وتكثيف الحملة الوطنية للتلقيح للوصول إلى نسبة مناعة مجتمعية عالية، كما ستكون الأولوية أيضا لمعالجة الأزمات التي طرأت على هذا القطاع من نقص في توفر الدواء والمستلزمات الطبية وهجرة الكوادر الطبية والتمريضية فضلا عن تطوير خدمات الرعاية الصحية عبر تحسين البنى التحتية في المستشفيات الحكومية ومراكز الرعاية الصحية الأولية ودعم الموارد البشرية الصحية وبناء قدراتها وزيادة الإستثمار في أنظمة المعلوماتية الصحية والعمل على توجيه الأنظمة الصحية نحو الرعاية الصحية الوقائية والأولية والحد من عدم المساواة الصحية وصولا إلى التغطية الصحية الشاملة.

في التربية، تأمين سنة دراسية وجامعية طبيعية وضمان حصول المؤسسات التربوية على مقومات صمودها وإعادة إستنهاض المدرسة الرسمية وتجهيزها وضمان جودة التعليم لاسيما في مؤسسات التعليم العالي الخاصة ومتابعة أوضاع التلامذة خصوصا المنتمين إلى العائلات الأكثر حاجة وذوي الإحتياجات الإضافية، فضلا عن متابعة الخطة الخمسية لاسيما لناحية تطوير المناهج ما يساهم في تعزيز نوعية التعليم ومخرجاته. إضافة إلى تعزيز دور الجامعة اللبنانية وتعزيز التعليم المهني والتقني وربطه بسوق العمل بهدف تأمين يد عاملة لبنانية قادرة على المساهمة في التعافي الإقتصادي.
- في الصناعة، إتخاذ إجراءات عاجلة لتطوير الإقتصاد الوطني يستند الى التخصصية في الانتاج، إضافة الى دعم المؤسسات المرتبطة بالوزارة (معهد البحوث الصناعية، المجلس اللبناني للاعتماد، مؤسسة المقاييس والمواصفات اللبنانية) بما يفعل دورها لرفع مستوى الجودة في الإنتاج الصناعي المحلي والسلع المستوردة ويؤمن التنافسية العالية للمنتجات اللبنانية، إضافة إلى تشجيع قطاع الصناعات والمنتجات اللبنانية الطبية والدوائية وكذلك تشجيع الصناعات الجديدة للمنتجات المستوردة وغير المصنعة في لبنان، والعمل على تصنيعها محليا بالجودة والأسعار والكميات الكافية.

في الزراعة، دعم القطاعات الزراعية كافة وتشجيع الإرشاد الزراعي والتعاون مع الهيئات والمنظمات والدول المانحة وتفعيل عمل التعاونيات ودعم البرامج والمشاريع الزراعية وتطوير قطاع الصيد البحري.

في الإتصالات، إعادة تأهيل وتجهيز الشبكات الثابتة والخليوية بغية تأمين إستمرارية خدمات الإتصالات (تخابر وإنترنت) ووضع رؤية إصلاحية جديدة للقطاع تأخذ في الإعتبار الشراكة مع القطاع الخاص PPP والعمل على إصدار النصوص التطبيقية للقانون رقم 431/2002 لتنظيم قطاع الإتصالات وتعيين الهيئة الناظمة للإتصالات وتفعيل شركة إتصالات لبنان Liban Telecom مع ما يترافق من إصلاحات بنيوية جذرية في القطاع. إضافة إلى العمل على توحيد الخدمات والتكامل بين مختلف القطاعات (خليوي، ثابت، إنترنت، بريد) ما يساعد في تطوير مستوى الخدمات المتاحة للمواطن وبأسعار تنافسية.

في البيئة، وضع إستراتيجية شاملة للتنمية المستدامة بمشاركة المجتمع المدني والجامعات والقطاع الخاص وحماية مصادر المياه من كل أنواع التلوث في ضوء رؤية جديدة والتأكيد على تطبيق قانون معالجة تلوث نهر الليطاني وبحيرة القرعون. إضافة إلى وضع إستراتيجية وطنية لإدارة النفايات الصلبة، وإستراتيجية متكاملة لإدارة ملف المقالع والكسارات والمرامل وتعزيز النزاهة في هذا القطاع. دعم الإقتصاد الأخضر وتعديل قانون الصيد بما يسهم في حماية التنوع البيولوجي في لبنان والاتزام بمكافحة تلوث الهواء وإتفاقية باريس للمناخ.
في الثقافة، السعي لإستعادة دور لبنان الريادي كمركز إشعاع ثقافي وحضاري على المستويين العربي والدولي.

في الإعلام، حماية حرية الإعلام والإلتزام بتطبيق القوانين والسعي إلى تحديثها لتتلاءم مع التطورات إضافة إلى إعطاء المجلس الوطني للإعلام دورا فاعلا بعد إعادة النظر في إختصاصه وطريقة تشكيله.

في النقل، السعي لإنجاز خطة شاملة للنقل وإعتماد آلية الشراكة بين القطاعين العام والخاص ومواكبة التطورات التقنية والإدارية والمالية وإتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة الإشغال غير القانوني للأملاك البحرية. إضافة إلى إعادة ترتيب أوضاع مرفأ بيروت وتأهيله وإصلاح ما تضرر فيه ليستعيد دوره كاملا ويساهم من جديد في نمو الإقتصاد اللبناني.

في السياحة، تحديث التشريعات السياحية وتشجيع السياحة الداخلية والخارجية وإنشاء لجان مشتركة بين الوزارات لتنظيم القطاع السياحي وإعادة تكوين المجلس الوطني للترويج السياحي من أجل تفعيل الإستثمار وتمويل الحملات التسويقية والوصول إلى أسواق جديدة وناشئة إضافة إلى تجهيز وتطوير مكتب الإستعلامات السياحية في مطار الشهيد رفيق الحريري الدولي بالتعاون مع الإدارات المعنية إضافة إلى إعادة تفعيل المجلس الوطني لإنماء السياحة.
في الشأن الوظيفي، ملء الشغور من خلال تعيينات تعتمد الكفاءة والنزاهة بعيدا عن المحسوبيات والعمل على إقرار قانون تقييم آداء الموظفين في القطاع العام وإنجاز المسح الشامل والتوصيف الوظيفي.

في ملف المهجرين، السعي لإنهاء هذا الملف في أسرع وقت ودراسة إمكانية تحويل الوزارة إلى وزارة للتنمية الريفية لما في ذلك من أهمية في تثبيت أبناء القرى في قراهم.

في الشراكة والخصخصة، تفعيل دور المجلس الأعلى للخصخصة والشراكة وتعزيز قدراته المالية والبشرية، وتعديل قانون الخصخصة والشراكة لتلبية متطلبات المستثمرين وجذبهم بما يحفظ حقوق الدولة والعمل على تطوير دور المؤسسة العامة لتشجيع الإستثمارات في لبنان وإقتراح التشريعات الآيلة إلى إرساء مناخ محفز ومشجع لإستقطاب المستثمرين في القطاعات كافة.

في الحكومة الإلكترونية، إنجاز إستراتيجية التحول الرقمي مع خطتها التنفيذية بصيغتها النهائية والعمل على إقرار قانون الحكومة الإلكترونية وإعتماد رقم وطني موحد لكل مواطن تزامنا مع العمل على تأمين تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني.

في الإغتراب، إستعادة ثقة المغترب بمستقبل لبنان ووضع برنامج لتتبع الهجرة بهدف تمتين التواصل وإجتذاب الرساميل والطاقات اللبنانية والإستفادة من هذه الثروة العلمية والفكرية والإقتصادية وحثهم على المشاركة في العملية الإنتخابية.

في اللامركزية الإدارية، السعي مع مجلسكم الكريم لإقرار مشروع قانون اللامركزية الإدارية بالإستناد إلى التقرير الذي اعدته اللجنة المشكلة لهذه الغاية والمتضمن مسودة مشروع القانون الذي أنجزته.

دولة الرئيس
صحيح أن حكومتنا تشكلت تحت عناوين إقتصادية ومالية وإجتماعية إنقاذية وطارئة، إلا أنها تؤكد أن هدفها أيضا حماية جميع اللبنانيين، على إختلاف تطلعاتهم، لاسيما منهم الذين إنتفضوا في الساحات منذ السابع عشر من تشرين الاول 2019 مطالبين بالحياة الحرة والكريمة وبعناوين إصلاحية بات تنفيذها حاجة أساسية لإنقاذ لبنان.

وترى حكومتنا أنه من الواجب سماع أصوات هؤلاء الشبان والشابات والإصغاء إلى مطالبهم والعمل لتحقيق الممكن منها إنطلاقا من كون هذه الحكومة إنقاذية في مرحلة إستثنائية ومصيرية وخطيرة توجب إجراءات غير مسبوقة وغير تقليدية تلاقي طموحات المنتفضين وثقتهم في سبيل غد أفضل. كما تشدد تمسكها بحرية الرأي والتعبير بالطرق الديموقراطية وبعيدا عن الممارسات التي تتنافى والقيم الأخلاقية التي قام عليها لبنان. وستعمل على تنفيذ وثيقة السياسة الشبابية التي اقرت في العام 2012 في سبيل مواجهة التحديات الراهنة والإستجابة لتطلعات وطموحات الشباب.

دولة الرئيس،
فيما يتعلق بكارثة إنفجار مرفأ بيروت، تؤكد الحكومة حرصها على إستكمال كل التحقيقات لتحديد أسباب هذه الكارثة وكشف الحقيقة كاملة ومعاقبة جميع المرتكبين. كما تعتزم العمل مع مجلسكم الكريم لإجراء كل ما يلزم بشأن الحصانات والإمتيازات وصولا إلى تذليل كل العقبات التي تحول دون إحقاق الحق وإرساء العدالة.

كذلك تلتزم حكومتنا الإسراع في إستكمال مساعدة المتضررين وتأمين التعويضات اللازمة لهم ووضع خطة لإعادة إعمار هذا الجزء الغالي من عاصمتنا الحبيبة الذي دمر أو تضرر بفعل الإنفجار الكارثي.


دولة الرئيس،
من قلب معاناة لبنان واللبنانيين، تشكلت حكومتنا "حكومة معا للإنقاذ" بمهمة إنقاذية، ونحن نتطلع إلى التعاون الدائم والبناء مع مجلسكم الكريم لترجمة أهدافنا المشتركة في إنقاذ لبنان وحماية اللبنانيين وحفظ كرامتهم وإنهاء معاناتهم اليومية ووقف نزيف الهجرة الذي يدمي قلوب جميع اللبنانيين، وإستعادة الثقة الداخلية والخارجية بالمؤسسات اللبنانية ووقف الإنهيار وبدء عملية التعافي والنهوض.

طموحنا تحقيق ثلاثية يلتقي حولها اللبنانيون ومرتكزاتها الأمان والإستقرار والنهوض، فيجتمع شمل العائلات اللبنانية مجددا على أرض الوطن، ونعيد معا بناء ما تهدم وتعوض ما فات لبنان واللبنانيين.


دولة الرئيس، السيدات والسادة النواب، ومن خلالكم نخاطب الناس،
الألم عميق، الأمل كبير والحمل ثقيل، ولكن "ما لا يدرك كله، لا يترك جله"
ولنجاح برنامج الحكومة، تدعو الحكومة إلى تضافر جهود كل القوى لضمان صفاء الجو السياسي وسيادة الإيجابية والأمل بما يحفز الاستثمارات الجديدة وتوفير إمكانيات النهوض الاقتصادي والتعافي كي يعود لبنان بلدا تحلو الحياة فيه.


وفقنا الله لتحقيق أهدافنا المشتركة آملين نيل ثقتكم وثقة اللبنانيين، والمنتشرين في أصقاع الدنيا الذين يتابعون بقلق وألم وأمل ما يجري في وطنهم الأم ويبدون كل إستعداد للدعم والمؤازرة".


فضل الله
ثم ألقى النائب حسن فضل الله الكلمة الآتية:

"تمثل الحكومة اليوم أمام المجلس النيابي لنيل الثقة على أساس بيانها الوزاري، وهذا بالشكل نص دستوري ملزم، وفي المضمون من المفترض أن يكون البيان هو برنامج عمل الحكومة الذي تحاسب أمام المجلس النيابي على حسن تطبيقه، لكن الشكل يغلب على المضمون، فالمحاسبة مغيبة لأسباب كثيرة وفي طليعتها تركيبة النظام السياسي الطائفي، وتواطؤ السلطات المتعاقبة منذ نظام ما قبل دستور الطائف، فتحول البيان الوزاري إلى جواز مرور للحكومة، وبعدها يصبح طي النسيان.

سلم كثيرون بهذا الواقع، فصارت مناقشة خطة الحكومة لنيل الثقة وكأنها ترف ومضيعة للوقت، بدل أن تكون واحدة من أهم المحطات الدستورية التي تدفع السلطة التنفيذية إلى التدقيق في كل التزام تتعهد به في البيان الوزاري، ومحل ترقب ردة فعل النواب في رقابتهم المسبقة على خطة الحكومة لتصويبها أو لتطبيقها.

إن من الشروط البديهية لنجاح أي حكومة هو وضع الخطط السليمة، ومن ثم الاجتهاد في حسن تطبيقها، وبعدها تأتي سلطة الرقابة النيابية في التقييم ومن ثم المحاسبة، إن افتقادنا في لبنان إلى تطبيق هذه الآليات، هو من أهم أسباب عدم الخوف من الحساب.
قد عدت إلى البرامج الوزارية للحكومات المتعاقبة منذ العام 1943 وقرأت أغلبها. الكثير منها وعود بمشاريع متنوعة، وبالتزام الاصلاحات في الادارة، وتطوير القوانين، وكلام وكلام أعذبه أبعده عن التطبيق.

لو طبقت نسبة ضئيلة من هذه الالتزامات لما وصلنا إلى هنا، ولو تمت محاسبة الحكومات على بياناتها الوزارية، لما كنا وصلنا إلى هنا. بل كنا اليوم دولة منتجة تصدر الكهرباء والنفط والغاز والدواء والسلع الغذائية، وتعلم الدول الأصول في إدارة الدولة، وحسن تطبيق القوانين. لكن الحكومات والوزراء على شاكلة نظامنا الطائفي، المس بهم يصبح مسا بالذات الطائفية.

فرص الحكومة للنجاح
صحيح أن عمر هذه الحكومة سيكون قصيرا، لأننا مقبلون على انتخابات نيابية نريدها في موعدها، ولا يمكن أن نحملها ما لا طاقة لها به، لأنها ورثت حملا ثقيلا، لكن يمكن لها أن تقوم بخطوات سريعة للتخفيف من حدة الانزلاق داخل الانهيار، وفي الوقت نفسه أن تقوم بإقرار خطط طويلة الأمد، ووضعها على سكة التطبيق، لتبدأ من خلالها رحلة العلاج الطويلة.

إن هذه الحكومة تملك فرصا للنجاح ونريد لها أن تنجح، وغالبية الشعب اللبناني تواقة إلى من يقدم لها الحلول والمعالجات. جميعنا كان يطالب بالاسراع في تشكيل الحكومة، لذلك المطلوب منا جميعا التعاون معها لبدء مسار الحل، وهذا يحتاج أولا إلى تحمل المسؤولية الوطنية بعيدا عن أي حسابات خاصة، وثانيا امتلاك الإرادة، وثالثا تغيير المنهجية التقليدية المعتمدة منذ عقود من الزمن، منهجية انتظار الحلول من الخارج، وكأننا شعب غير قادر على العمل وينتظر الإحسان الخارجي، فالخارج يمكن ان يقدم مساعدة، أما قرار الحل فيجب أن ينبع من إرادتنا الوطنية.

المطلوب إعادة تكوين الاقتصاد على أسسٍ جديدة الارتكاز فيها على قاعدة الانتاج، والدولة الراعية، وتنويع الخيارات غربا وشرقا، والبدء من استعادة العلاقات الرسمية الطبيعية مع سوريا، تعزيز الخطوات التي اتخذتها الحكومة السابقة بعد إسقاط فيتو الحصار الأميركي الأميركي بفعل الخطوات التي قمنا بها. يمكن لكل منا توظيف علاقاته وصداقاته لمصلحة لبنان وشعبه بهدف التخفيف من معاناة الناس، وهو ما لجأنا إليه لمساعدة اللبنانيين الذين تلقت غالبيتهم هذه المساعدة بفرح، فمن لديه صداقات في الخارج ندعوه كي يوظفها لمصلحة لبنان، ونحن سنشكره على الملأ.

إن الهم الطاغي اليوم يجب أن يكون هو هم الانقاذ، وهم وهذا المواطن البسيط الذي يفتش عن دواء أو ينتظر على محطة وقود، ولذلك عندما يلمس صدقا في تحسس ألامه، ويدا إنسانية تمتد إليه من دون مقابل وبأخلاقية عالية، لمساعدته على تثبيت سيادته على حقه بالحياة الكريمة، لا يعير بالا لأي صوت أو كلام.

توافر مبلغ مالي كبير
من بين الفرص التي تلوح أمام الحكومة، أنها تبدأ العمل وبيدها مليار 140 مليون دولار من حقوق السحب الخاصة من صندوق النقد الدولي، نحن نطالب بتوظيف هذا المبلغ الكبير في المشاريع الحيوية وأولها الكهرباء، وغيرها من مشاريع تعود بالفائدة على لبنان لحقب طويلة، لا أن يتم صرفه بطريقة عشوائية على مشاريع آنية سريعة التلف.
التفاوض مع صندوق النقد الدولي

تعول الحكومة في البيان الوزاري على استئناف التفاوض الفوري مع صندوق النقد الدولي للوصول إلى اتفاق، إن هذا النص بالنسبة إلينا، أن الاتفاق يحتاج إلى ندية طرفين متساوين في الحقوق والواجبات، وعدم القبول بالوصفة الجاهزة لدى الصندوق، وعدم الخضوع لشروط لا تتناسب مع مصلحة لبنان، وأن الحكومة ستذهب إلى التفاوض وبيدها خطة وطنية موحدة وواضحة، ولن توافق على ما يملى عليها، وعندما يبدأ هذا التفاوض وتطرح بنود الاتفاق مع الصندوق سندقق في كل بند وشرط، ونحدد موقفنا بناء على ما نراه مصلحة لبنانية.

في أحسن الأحوال كما صار متداولا، فإن صندوق النقد الدولي سيتعهد بثلاثة مليارات دولار كقروض مع شروط قاسية، اليوم بيد الحكومة أكثر من ثلث هذا المبلغ وهو ملك الشعب اللبناني، ويمكن البدء منه وهذا بحد ذاته سيعطي صورة إيجابية عن الجدية في العمل أمام الجهات الدولية الصادقة في مساعدة لبنان.

الكهرباء
أول مؤشر لهذه الجدية هو وضع هذه الحكومة فعليا رؤيتها لملف الكهرباء موضع التنفيذ، وإلغاء لكل الاعتبارات التي عطلت الحلول لموضوع الكهرباء، الحكومة تستطيع في اجتماعها الأول بعد نيل الثقة اتخاذ سلسلة قرارات حيوية تحدث صدمة إيجابية بدءا من الكهرباء. وعدم العودة إلى خلافات حول الخطة وآلية تطبيقها.


شركات الاحتكار
البيان الوزاري يتحدث عن ظرف يحتم مقاربات استثنائية للمعالجات المطلوبة. أول هذه المقاربات إيقاف هذا المشهد أمام محطات المحروقات، أو مشهد البحث عن الدواء، الخطوة الأولى اتخاذ الحكومة قرارا جريئا بالتدقيق المالي في حسابات هذه شركات استيراد المشتقات النفطية والأدوية والسلع الحيوية وفي حسابات شركات التوزيع وكبار التجار للكشف عن حجم الأرباح التي حققها هؤلاء بسبب الاحتكار ورفع الأسعار والتهريب، لأنهم متهمون بنهب أموال الدولة والشعب، دائما هناك حديث عن استرداد الأموال المنهوبة هذه الشركات على اختلاف مستوياتها ساهمت في نهب المال العام لأن أموال الدعم ذهبت بأغلبها إلى حساباتها، وليعتبر وزير العدل ما أقوله إخبارا علنيا على الملأ.

المقاربة الاستثنائية أن تبادر الحكومة إلى شراء الحاجيات الأساسية مباشرة، لأن اللبنانيين ليسوا شعبا عاملا عند هذه الشركات.

المصارف
في موضوع المصارف، وبمعزل عن العبارات المستخدمة في البيان عن إصلاح أو إعادة هيكلة فإن النظام المصرفي في لبنان أثبت فشله، والمصارف لم تكن مؤتمنة على ودائع اللبنانيين، فهي تمارس سرقة موصوفة لهذه الودائع، وهي تتحمل مسؤولية كبرى عما وصلنا إليه من إنهيار مالي واقتصادي، ولذلك عليها أن تعيد للمودعين أموالهم من جهة وتتحمل بقدر مسؤوليتها عن الإنهيار العبء في إعادة تصحيح المسار المالي. الحكومة في أي خطة سواء جديدة أو خطة التعافي معنية بأن تقدم وصفة وطنية لاستنقاذ مال الشعب ومنه الأموال العمومية من بين أيدي من تسبب بهذه المأساة الوطنية. لا أن تعيد تكرار تجربة هذا النظام المصرفي ليتحكم بلبنان.

القضاء
سبق لنا أن قدمنا إلى القضاء المختص مجموعة من ملفات الهدر والفساد في أموال الدولة، وسلمنا لائحة بها إلى وزيرة العدل السابقة، وقدمنا نسخة من هذه الملفات مع مستنداتها إلى لجنة الإدارة والعدل النيابية، ووضعناها أمام محكمة الرأي العام، حينما عرضنا نماذج منها في مؤتمرات صحافية ولقاءات عديدة، كما نشرتها وسائل إعلام مرئية ومكتوبة بوثائقها وأرقامها والجهات المتهمة.

بعد كل الذي جرى في لبنان من انهيار وتظاهرات وكشف ملفات في الإعلام واتهامات متبادلة بالفساد، لم تتم محاسبة أي من الفاسدين الكبار، ولم يتمكن أحد من إدخال فاسد واحد إلى السجن، فالقضاء في لبنان إلى الآن فشل في القيام بمهمته رغم ما بحوزته من آلاف الوثائق والمستندات لأنه قضاء ممسوك وتابع ولا يشعر باستقلاليته الذاتية، وبانتظار إقرار قانون استقلالية القضاء، سنظل نطرق بابه وفق الأصول عبر وزارة العدل ومباشرة لمعرفة مصير الملفات العالقة وفيها إدعاءات من القضاء نفسه على وزراء ومؤسسات رسمية كمجلس الانماء والاعمار وشركتي الخلوي وصاحب مصرف وشركات متعهدة وأفراد، فضلا عن ملف الحسابات المالية الذي يشهد تقدما كبيرا في ديوان المحاسبة من خلال إنجاز قطوعات الحساب، ولكنه لايزال عالقا في القضاء خصوصا في ظل تمنع حاكم المصرف المركزي عن تزويد القضاء بكشف حول كيفية إنفاق ثلاثة مليارات دولار من الهبات حماية للمتورطين في الهدر والفساد، والخشية أن ينسحب هذا التمنع على التدقيق الجنائي رغم الخطوات التي تمت إلى الآن وهو تدقيق نريده أن يصل إلى كل مبلغ أنفق في المصرف أو في أي إدارة من إدارات الدولة.

عندما كانت مالية الدولة مخطوفة وجرى العبث بحساباتها المالية امتنع القضاء العدلي عن محاسبة رئيس الوزراء والوزراء بذريعة أن هذه صلاحية مناطة بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وعلى ذمة من كنا نطالبه من أعضاء مجلس القضاء الأعلى، فإن غالبية أعضاء المجلس أصروا على أن لا صلاحية للقضاء العدلي بمحاسبة رئيس الوزراء والوزراء، وتم رفض طلب استدعاء وزير مالية سابق لأن هذا يستثير ردود فعل رافضة، كما جرى تطبيق عملي لهذا الرأي عندما أحيل ثلاثة وزراء اتصالات سابقين بتهمة هدر المال العام إلى المجلس الأعلى، ولم يتم التحقيق معهم أمام قضاة التحقيق.

هذا القضاء العدلي نفسه وضع اللوم على المجلس النيابي لأنه المعني بتعديل هذه الصلاحية، وطالبنا بتعديل الدستور، ليتسنى له محاسبة رئيس الوزراء والوزراء، وهو ما تكفلت به كتلة الوفاء للمقاومة بالتعاون مع كتل ونواب آخرين لاسيما كتلة التنمية والتحرير، وتقدمنا باقتراح تعديل المادتين 70 و71 من الدستور، واقتراح تعديل قانون المجلس الأعلى، بل ذهبنا أبعد من ذلك تقدمنا باقتراح قانون لمحاكمة الوزراء بمن فيهم الوزراء النواب منذ 1992 أمام القضاء العدلي. وللتذكير في هذه القاعة هنا في جلسة 22 نيسان 2020 كانت ذريعة الذين أسقطوا اقتراحاتنا، هي عدم جواز إعطاء هذه الصلاحية للقضاء العدلي. والمفارقة أن من يطالب اليوم برفع الحصانات من دون تعديل الدستور، هم أنفسهم الذين رفضوا التصويت على رفع الحصانات.

كيف يستقيم قضاء عدلي وبالاستناد إلى المواد القانونية نفسها بعضه يرفض استدعاء وزير للمساءلة لانتفاء الصلاحية، وحينما أراد الاستماع إلى رئيس وزراء سابق، لأخذ إفادته حول أسباب الخلل في مالية الدولة، وما سببه من انفجار مالي هائل في لبنان أدى إلى تدمير اقتصاد البلد وإفقار شعبه، وهو أخطر إنفجار يصيب واحدة من الدول منذ قرن من الزمان، عندما أراد بعض هذا القضاء الاستماع إلى مجرد إفادة أخذت أوسع الاحتياطات، وأحضر المستمع إليه معززا مكرما وبعيدا عن العين ومن باب خلفي، بينما البعض الآخر في هذا القضاء يستضعف رئيس حكومة ويرسل عبر ضابطة عدلية ورقة جلب.

لم يتعدل الدستور ولم يتغير القانون الذي امتنع القضاء في مكان عن محاسبة رئيس الوزراء والوزراء استنادا إلى نصه، فكيف يمكن التعاطي بهذه الازدواجية ومن يصحح الخلل في المعايير ومن يوقف الاستنسابية والتسييس".

السيد
بعد ذلك، القى النائب جميل السيد مداخلة قال فيها: "الحكومة لم تولد من اوجاع الناس وفقرهم لأنها لو كانت كذلك لوجب ان تتألف من ايام مصطفى اديب والرئيس (سعد) الحريري، وعندما اتى (الرئيس الفرنسي ايمانويل) ماكرون وموفدون عرب واجانب".

وتحدث عن الوضع الاقليمي، و"المزاحمة على المكتسبات، فكانت النتيجة ان نائب وزير الخارجية الاميركي اتصل برئيس الجمهورية والرئيس نجيب ميقاتي وقال تفضلوا ألفوا حكومة، ثم جرت اتصالات دولية لتأليفها، وهذا ما فتح الباب للاسراع في ولادة الحكومة، لا الشعب ، ولا الجوع ولا الفقر. لو سماحة السيد (الامين العام لـ"حزب الله السيد حسن نصرالله) قام مبادرة ايام سعد الحريري لكان الحريري رئيسا للحكومة".


وتوجه الى الرئيس ميقاتي قائلا: "انت محظوظ. لم تأت مرة رئيس حكومة الا بعد مصيبة. اهلا وسهلا بك ومع احترامي للوزراء اقول لهم الله يعينكم، جئتم بتسوية سياسية: اما سماكم زعيم او وضع عليكم "فيتو" زعيم، وانتم جئتم بسنة انتخابية. اليوم تطلبون الثقة، الاصول تقول ان مهمتك كوزير ادارة مصالح الدولة والسعي الى احترام القوانين والانظمة". ورأى ان "هناك خللا في البيان الوزاري لأنه يعدد المآسي ولا يتطرق الى اسبابها ومسبباتها وكأن مآسينا نتجت من فيضان او زلزال. ليست هناك كلمة واحدة عن اسباب هذه الازمة. كيف يمكن ان تعالج اذا لم تقم بالتشخيص، حكومة تنظيم التسول وادارته".

وأضاف: "اسباب الازمة البشر، يعني بشر السلطة والدولة هم من دمروا هذه الدولة، الدولة قتلت ولا يزالون يتقاتلون على جثتها". ورأى ان "لا رؤية في البيان الوزاري".

وخاطب الرئيس ميقاتي: "لو انك، يا دولة الرئيس، عددت الاسباب".

وتناول الوضع الاقتصادي والمالي، مشيرا الى ان "الفساد سبب الازمة".

ولفت الى ان "اللبنانيين انقسموا حيال النزوح السوري والحرب في سوريا".

وتوجه الى ميقاتي: "ان شاء الله تحل ازمة النزوح السوري في أيامك كما بدأت في ايامك، خصوصا ان 25 في المئة من السكان في لبنان هم نازحون سوريون، أي شركاء في كل ما يستهلك في البلد"، موضحا ان "هناك اصولا للجوء، خرقت كلها لتتحول انتهاكا للبنان". وسأل: "على ماذا نراهن؟".

وتابع: "فجأة ذهب وفد وزاري الى سوريا لأننا نريد ان نشحذ الغاز. النازحون يجب اعادتهم عودة آمنة، بالضغط على الامم المتحدة وبالتعاون مع النظام السوري". وتحدث عن التقديمات التي يفيد منها النازح السوري، سائلا: "هل انت قادر، يا دولة الرئيس، ان تعامل اللبناني هكذا؟".

وختم: "اطلب منك، يا دولة الرئيس ميقاتي، ان تقول سنضمن البيان الوزاري اعتذارا من الضباط الاربعة تكون مشكورا، وانتظر جوابك لأعطيك الثقة".

جعجع
كما ألقت النائبة ستريدا جعجع الكلمة الاتية:

"يقف لبنان اليوم أمام تحديات كبيرة وخطيرة بل أمام مفصل تاريخي، فإما يبقى لبنان الذي نريد ونحب، والذي بذلنا من أجله الغالي والنفيس، وإما ينهار انهيارا كليا ويصل إلى قعر الهاوية ويصبح مهددا في مصيره وفي هويته.

لقد سبق وحذرنا من هذا المنبر، ومن منابر أخرى وفي مناسبات عدة، من الاستهتار في معالجة أسباب الكارثة التي حلت بنا على مختلف الصعد، بدلا من معالجة العوارض الظاهرية بشكل مجتزأ وعلى طريقة الترقيع والتخدير.

لم نترك كحزب وكتكتل نيابي أي فرصة إلا والتقطناها لنحذر وننبه من المخاطر المحدقة بنا جميعا، وقدمنا الخطط والبرامج واقتراحات القوانين، لكننا ووجهنا دائما بالرفض والمكابرة والإنكار، لأن هناك من يفضل المناصب والمكاسب على حساب الوطن وأهله، لأن هناك من لا يريد الإصلاح الجديّ والشامل لأنه يخشى المحاسبة والمساءلة ، لأن هناك من لا يريد الجمهورية القوية والدولة القوية والمؤسسات القوية، كي يبقى هو مستقويا على حساب الجمهورية والدولة والمؤسسات.

لقد كان سمير جعجع أول من رفع الصوت وتحديدا في لقاء قصر بعبدا بتاريخ 2 ايلول 2019 ، ليدعو مختلف القوى السياسية بمن فيها نحن، إلى الاستقالة والإتيان بحكومة مستقلين فعلا واختصاصيين من دون مشاركة أي فريقٍ سياسي بمن فيه نحن، فلم يسمعوا، وكان ما كان في 17 تشرين، وتشكلت الحكومة السابقة بتعديل في الشكل ومراوحة في الجوهر أي وفق منطق المحاصصة وحسابات النفوذ، وفشلت فشلا ذريعا، وتخلف رئيسها حتى عن تصريف الأعمال ، وتخلى كليا عن تحمل المسؤولية .

وفي هذا السياق ، استوقفني ما كتبه الرئيس نجيب ميقاتي (في صحيفة "النهار" في رد على مقالة للأستاذ عقل العويط): عقدت العزم على خوض هذه "المغامرة الإنتحارية" كما يصفها البعض، علني أتمكن من تشكيل حكومة. عقدت العزم على خوض ورشة الإنقاذ الموعودة، مع علمي المسبق بأنني لا أملك عصا سحرية. قد يقول البعض إنها مغامرة صعبة ولكنني سأخوضها مثابرا على العمل للنجاح في المهمة. ومن أهداف الحكومة الجديدة إجراء الانتخابات النيابية التي تشكل المفصل الحقيقي لتحديد خيارات اللبنانيين إنطلاقا من الحراك الشعبي الذي يشهده لبنان منذ السابع عشر من تشرين الأول 2019.

هذا الكلام الصادر عن دولة الرئيس يستوقفني بالمعنى الإيجابي ، ويعبر عن الجرأة التي يتمتع بها، فهو يدرك تماما أن الدعم سينتهي في أواخر أيلول ، كما يعرف أن هناك بعض المسؤولين قد تهربوا من هذه المسؤولية.

ولكن، وعلى الرغم من كل ذلك، استمرت الأمور بالمنطق نفسه، منطق المحاصصة والمحسوبيات بشكل نافر أحيانا وبشكل مقنع أحيانا أخرى ، مع احترامنا لبعض الأسماء في هذه الحكومة،
كما أن المشكلة تبقى في الإصرار على الهروب من الحلول الكبيرة والجذرية، وعلى التهرب من المحاسبة.

إن قيادة البلاد إلى هذه الهوة السحيقة لا ينبغي أن تمر مرور الكرام، فعذابات الناس وآلامهم ومعاناتهم وإذلالهم ينبغي أن تشكل حافزا لوضع خط أحمر وفاصل بين مرحلة الفساد والإفساد والارتهان للحسابات الخارجية،
وبين مرحلة جديدة عنوانها الشفافية والاصلاح وإعلاء شأن الدولة أولا، بسيادتها الناجزة وقرارها ودورها في تعميم العدالة والمساواة وحماية حقوق الإنسان، لا سيما الحق بالعيش بحرية وكرامة.

ولذلك، نحن إذ نناقش البيان الوزاري، فإنني ألفت نظركم إلى أن الحكومة الحالية هي محطة موقتة، ويفترض أن يكون عمرها قصيرا نسبيا، وبالتالي لا نراهن عليها لتحقيق المعجزات بل في أفضل الأحوال لإدارة الأزمة.

فحكومة الرئيس ميقاتي هي حكومة المهمة الصعبة وحكومة الفرصة الأخيرة ، وحكومة وقف الإنهيار ومنع الإنفجار. والأبرز من كل ذلك أنها حكومة الإنتخابات، والشروع بالإصلاحات.

الهدف الأول هو الوصول الى محطة الإنتخابات كإستحقاقٍ مفصلي ، وأما الإصلاحات الجذرية والأساسية ، فتستكمل في حكومة ما بعد الإنتخابات .
ومع احترامنا لدولة رئيس الحكومة ومعرفتنا الجيدة به، ولعدد من أعضائها، فإننا سنثني على الحكومة إذا أحسنت التصرف وأصابت في أدائها، وسننتقدها ونسائلها ونحاسبها عند كل خطأ وتقصير .

نحن كتكتل الجمهورية القوية لم نبادر الى الإستقالة من المجلس النيابي لنستمر العين الساهرة من خلال القيام بدورنا التشريعي والرقابي كنواب، مع العلم أننا حاولنا جاهدين من خلال تواصلنا مع عدد من الكتل الوازنة في المجلس، لإقناعها بالإستقالة معنا كي نتمكن من الذهاب الى إنتخاباتٍ نيابية مبكرة، وهو ما لم يحصل للأسف

وفي أي حال أكثر ما يهمنا، هو الانتخابات النيابية المقبلة، التي ينبغي للحكومة الحالية أن تتولى تنظيمها ، لأنها ستمثل الفرصة الأفضل والخيار الحقيقي لتغيير الأكثرية الحالية التي أثبتت فشلها الذريع، لا بل أوصلتنا إلى سلسلة المآسي والأزمات التي نعاني منها ، ولا بد بالتالي من التغيير، وفق ما يقرره اللبنانيون من مختلف الفئات والمناطق ، وبكل حرية وجرأة ، على رغم الأمر الواقع الحالي . وحينها فليتحمل اللبنانيون مسؤولية خياراتهم.

الظروف الاستثنائية تحتاج مقاربات استثنائية، ففي ظل إفلاس الدولة وتفشي الجوع والعوز والمرض والبطالة والهجرة والفوضى والتهريب، لا يمكن الاستمرار في إضاعة الوقت والتسبب في المزيد من المصائب. فهل المطلوب انتظار كوارث إضافية، على غرار انفجار المرفأ وانفجار التليل، وهل المطلوب أن يفقد اللبنانيون آخر آمالهم وأحلامهم كي نقتنع بضرورة التغيير عبر الاحتكام إلى الشعب في أسرع وقت .
الشعب هو مصدر السلطات كلّها، ومجلس النواب هو الذي يمثل الشعب وإرادته ، ولذلك رهاننا على التغيير من خلال الاستحقاق النيابي ، وإلا فإن الوطن بأسره أمام خطر الزوال والدولة أمام خطر السقوط الكامل . إنها رسالة الضمير ورسالة اللبنانيين لنا جميعا، لذا لن نمنح هذه الحكومة الثقة بناء على موقفنا الثابت منذ نحو سنتين، والذي نركز فيه على صفة الاستقلالية والاختصاص، وعلى إبعاد المجموعة الحاكمة عن تشكيل

رصد المحور

الكلمات المفتاحية

مقالات المرتبطة