الديار: هل يتمّ تطويق السياسيين الفاسدين من خلال المصارف؟ الخزانة الأميركية على هذه الموجة
خلاف أمل – الوطني الحرّ بين توزيع الأدوار وإيصال الرسائل والحزب على خطّ التهدئة
تطبيقات الدولار المشبوهة تفتك بالمواطن والسوق السوداء على الطاولة
كتبت صحيفة الديار تقول: لا يُمكن المرور بسطحية على الإجتماع الإفتراضي الذي عُقِد في السادس عشر من الجاري وجمع كلٌ من الجمعية العمومية لجمعية المصارف اللبنانية مع وكيل وزارة الخزانة الاميركية للإرهاب والاستخبارات المالية بريان نيلسون. ما تناولته وسائل الإعلام عن هذا الإجتماع كان محوره حزب الله وعدم التعامل معه والتشدّد في منعه من إستخدام القطاع المصرفي، إلا أن التركيز على هذه النقطة يبدو سطحيًا أمام النقاط الأخرى.
تطويق السياسيين الفاسدين
يقول مصدر مُطلع على الملف أن الإجتماع الذي عقدته الجمعية العمومية لجمعية المصارف مع وكيل وزارة الخزانة الاميركية للإرهاب والاستخبارات المالية بريان نيلسون، له عدة أهداف ومن بينها الهدف الكلاسيكي منع حزب الله من الوصول إلى القطاع المصرفي سواء مباشرة أو عبر «proxies». إلا أن الهدف الثاني وهو الأهم لبنانيًا التشجيع (أو بالأحرى يجب القول: الطلب) الذي قام به نيلسون للمصارف اللبنانية لإتخاذ تدابير أكثر فعالية لحماية النظام المالي اللبناني من الفساد، وذلك من خلال القيام بالتدقيق المالي حول حسابات الشخصيات البارزة سياسياً وتحديد مصادر أموالها، مُلوّحًا بأن المصارف التي لا تتّخذ التدابير اللازمة قد تكون عرضة للعقوبات. وهذا الأمر يعني أن كل السياسيين اللبنانيين أصبحوا مُطوّقين من قبل المصارف التي أصبحت مُلزمة عمليًا بالتحقّق من ثروات السياسيين وكيفية تكوينها على مرّ الزمان.
قد يكون لبعض المصرفيين تواطئ فعلي مع الفسادين من السياسيين وهو أمر طبيعي في عالم الأعمال، إلا أن طلب نيلسون يُشكّل فُرصة ذهبية لهؤلاء المصرفيين لتبييض صفحتهم بشكلٍ شبه كامل خصوصًا أنه وبحسب المثل اللبناني «وصل الموس إلى الذقن». من هذا المُنطلق ستشهد المرحلة المُقبلة عملية تدقيق كاملة بحسابات السياسيين (بدون إستثناء) المفتوحة لدى المصارف اللبنانية مع السؤال عن دور لجنة التحقيق الخاصة في عملية تدعيم هذه المعلومات (Consolidation) وهو ما قدّ يُشكّل المسوغ القانوني للإدارة الأميركية لفرض عقوبات على هؤلاء وحتى الضغط على القضاء اللبناني لملاحقتهم داخليًا.
ويتوقّع المصدر أن تشهد المرحلة المقبلة عملية تغيير في اللهجة المُعتمدة من قبل السياسيين خصوصًا أن التهرّب الضريبي، والذي يُعدّ من الممارسات الطبيعية في لبنان، سيكون كافيًا لوحده لحشر هؤلاء النافذين وجعلهم رهينة العقوبات الأميركية عليهم. وأضاف المصدر أن حياة بعض السياسيين قد تتحوّل إلى حياة هامشية بحكم عزلهم بالكامل عن النظام المالي المحلّي والعالمي مع منعهم من التنقل بين عواصم العالم. فهل يكون هذا التدقيق في حسابات السياسيين نقطة تحوّل في الحياة السياسية اللبنانية؟ التاريخ وحده كفيل بإخبارنا خصوصًا أننا على أبواب إنتخابات نيابية ظاهرها تغيير بنسبة لا تتخطّى الـ 20% بحسب تقديرات بعض الإحصائيين.
ما يُدعّم هذا السيناريو هو تأكيد جمعية المصارف اللبنانية على «أنها ستقف دائماً بحزم في وجه تبييض الأموال وتمويل الإرهاب من خلال الامتثال للمعايير العالمية، وهي تفتح أبوابها أمام المجتمع الدولي في محاربة كافة أنواع التمويل غير المشروع». وتأكيدها أن «النظام المصرفي اللبناني حريص على الحفاظ على سمعته وثقة الولايات المتحدة وشركائه الدوليين».
صراع أمل - البرتقالي
الوضع التعيس الذي يعيشه اللبناني تفاقم مع التلاعب بسعر دولار السوق السوداء الذي إنسحب تلاعبًا في أسعار السلع والبضائع مع غياب فاضح لحماية المستهلك في وزارة الإقتصاد والتجارة. هذا الوضع طغى عليه صراع نشب بين جمهوري حركة «أمل» و «التيار الوطني الحر» اللذين تواجها على مواقع التواصل الإجتماعي في مجازر لفظية إستباحت الكرامات وأجّجت الجوّ السياسي مع غياب أي وسيط لوقف السجال الحاصل.
البعض يرى أن هذا الصراع هو نتاج الكباش الحاصل بين الرئيسين عون وبرّي والذي ترجع أصوله إلى ما قبل وصول الرئيس عون إلى سدّة الرئاسة، وإستفحل الخلاف عدّة مرات ولعل أبرزها الخلاف الذي حصل على إثر نعت رئيس التيار الوطني الحر للرئيس برّي بكلام نابٍ تحوّل إلى مواجهات في الشارع قبل أن يقوم حزب الله بوساطة أدّت إلى إعادة العلاقة بين الطرفين إلى حدّها الأدنى.
أحداث الطيونة والإنقسام الواضح بين الحركة والبرتقالي على ملف تفجير المرفأ، جعل الإنقسام يعود إلى الواجهة وإنفجر في اليومين الماضيين بعد التحدي في عقد أو عدم عقد جلسة لمجلس الوزراء قبل حسم قضية القاضي البيطار. لكن أين حزب الله، حليف الخصمين، من هذا الصراع؟ المعلومات تُشير إلى أن حزب الله قام بالعديد من المحاولات لرأب الصدع بين الخصمين الحليفين، لكن من دون جدّوى.
ويعتقد مرجع سياسي أن خطورة الخلاف بين الحركة والتيار تتمثّل بالشلّل الذي ينتج عنه نظرًا إلى أن الرئيس عون هو رئيس البلاد وبين يديه العديد من الصلاحيات مثل عدم التوقيع على مرسوم دعوة مجلس النواب إلى عقد إستثنائي، ونظرًا إلى أن الرئيس برّي قادر على التأثير على عمل الدولة مثل شلّ إجتماعات الحكومة. وبالتالي لا مفرّ للخروج من الأزمة إلى عودة الرئيسين إلى لغة الحوار ووقف الجيوش الإلكترونية التي تتفانى في ضخ سمومها الهدّامة في هيكل الدولة المتصدّع. ويُضيف المرجع أن قرب الإنتخابات سيفرض العودة إلى لغة الحوار هذه مع توقعه بإرتفاع الضغط من قبل حزب الله على الحركة والتيار بحكم أنه يُعاني من هذا الخلاف. ويرى المرجع أن سيناريو الحلّ سيكون بزيارة يقوم بها رئيس التيار الوطني الحرّ إلى عين التينة على أن يقوم الرئيس برّي بعدها بزيارة قصر بعبدا.
إستفحال التطبيقات
لم يعد بخفي على أحد أن التطبيقات التي تُعطي سعر الدولار في السوق السوداء هي نتاج عمليات مضاربة وهمية – أي بمعنى أخر تلاعب بالأسعار خصوصًا بعد التقرير الذي بثّته قناة المنار والذي ظهر فيه شاهدٌ يقولها بعبارة واضحة أن عمليات الشراء والبيع التي تتمّ على مجموعات الواتساب هي عمليات وهمية هدفها المضاربة من تسليم فعلي للدولارات مُقابل الليرة اللبنانية.
إذًا من يــقف وراء هذه التطبيـــقات ولماذا لا يتمّ التحرّك من قبل السلطة الرسمية؟ من الواضح أن من يقوم بهذه العمليات هم أفراد محمــيون من قبل أصــحاب نفوذ خصوصًا أنهم مــعروفون من قبل الأجهــزة الأمنية وتوقيفهم هو رهن قرار سياسي تعجز حكومة الرئيس ميقاتي عن أخذه.
وتُشير مصادر أمّنية أن الأجهزة الأمنية بحاجة إلى أمر سياسي واضح من قبل الحكومة لكي تقوم بواجبها وإلا يتمّ مُحاسبتها على أنها تخطّت صلاحياتها، لذا الأمر هو في ملعب الحكومة وليس في ملعب الأجهزة الأمنية. وبحسب المعلومات التي وردت على بعض وسائل الإعلام، هناك أربع ساحات (معروفة جيدًا من قبل الأجهزة) تتحكّم بالتداول الفعلي للدولار في السوق السوداء في حين أن التداول الوهمي هو في العالم الإفتراضي الذي إستطاعت الأجهزة الأمنية إختراقه أيضًا، وبالتالي فإن أي أمرّ من قبل الحكومة يُمكن ترجمته سريعًا على الأرض.
بالتوازي، يقوم مصرف لبنان بعملية تطويق للسوق السوداء من خلال التعميم 601 والذي سيأخذ المبادرة من هذه السوق ليفرض بعده منصة صيرفة التي سيتمّ إعتمادها رسميًا في عملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي لتحرير سعر صرف الليرة.
غوتيريش اليوم في بيروت
على صعيد أخر يصل اليوم إلى بيروت الأمين العام للأمم المُتحدة أنطونيو غوتيريش في زيارة تستمر حتى نهار الأربعاء المُقبل وسيكون شعارها «التضامن مع الشعب اللبناني». وسيلتقي غوتيريش خلال زيارته كلٌ من الرئيس عون والرئيس برّي والرئيس ميقاتي بالإضافة إلى المرجعيات الروحية وممثلين عن المجتمع المدني. والمُلفت في هذه الزيارة، قيام غوتيريش بالوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء مرفأ بيروت بالإضافة إلى زيارة ميدانية إلى متضررين من هذا التفجير، كما وزيارة قوات الأمم المُتحدة في جنوب لبنان مع زيارة للخط الأزرق. وبحسب المُعطيات الصحافية، سيكون لغوتيريش لهجة صارمة مع الطبقة السياسية حيث لن يكون هناك من مساعدات مجانية بعد اليوم.
صحيفة الديار