حمزة فضل الله_ناشط اعلامي
المقدمة
كيف أبدأ قصتي، وليست هي كباقي القصص، لها بداية، وليس لها نهاية؟
هل أصف السجن ؟ عدد الغرف ، عدد الزنزانات؟ طولها وعرضها، وكم تسعُ من المعتقلين؟ أساليب التعذيب والتفنن فيها؟
لقد سبقني الكثيرين من امثالي، إلى وصفها وتعدادها، وأصبحت حقائق وأرقاماً مثبتة في عقول الناس وضمائرهم، وفي سجلات العشرات من المنظمات والهيئات المحلية والدولية التي تعنى بحقوق الإنسان.
هل أصف شعور المعتقل وأحاسيسه وعواطفه عندما يُجلد ويُعذّب ويهان؟
عندما ينام ويستيقظ وحيداً في زنزانة مظلمة!
عندما يرى ما حوله ويسمع صراخ المعذبين ونحيبهم؟
عندما يأكل وكأنها آخر الوجبات؟
عندما يسمع رفيقاً له يصيح من كثرة الألم ولا علاج.. ولا دواء؟
هل أصف شعور الجلاد عندما يجلدُ ويقبض ثمن الأتعاب؟ وأصعب ما في قصتي، قصة الإنسان.
من السجن الكبير الى السجن الصغير
السجن الكبير:
هو ما سمي بالشريط الحدودي نسبة الى موقعه بالقرب من الحدود الدولية مع فلسطين المحتلة وكان يسيطر عليه الميليشيات الإسرائيلية وهي تظم في صفوفها من الطوائف المسيحية والإسلامية الشيعة والسنة والدروز .
السجن الكبير يشمل معظم المواطنين والسكان، حيث كان المواطن يشعرفيه بقلق دائم الى جانب الرعب والخوف على نفسه وعلى عائلته، وعلى شرفه ومصالحه ولقمة عيشه، وعلى مستقبله ومستقبل أولاده.
في هذا السجن ، نجح العدو إلى حد كبير، بأسلوبه القمعي والمخابراتي، تطويع المواطنين وإخضاعهم..
في هذا السجن ، يخاف الإنسان من جاره. ومن سائق التاكسي ومن السمان واللحام في الحارة. الأستاذ في المدرسة يخاف من الطالب. والطالب يخاف من الأستاذ. فالكل في خوف دائم.
أتقن الناس في هذا السجن ، فن الباطنية، يقولون شيئاً ويضمرون أشياء. مسموح لك في هذا السجن أن ترشو وترتشي.
كل شيء حلال في قاموس العملاء إلا أن تكون صاحب رأي حر، صاحب ضمير وصاحب وجدان، أو أن تعمل بالسياسة، أو أن تعارض، أو أن تنتقد "إسرائيل" من قريب أو بعيد. كل شيء مسموح ضمن جدران هذا السجن ، إلا أن تكون مواطناً شريفاً، ترى.. وتسمع.. وتتكلم. ولهذه الفئة من الناس بني النوع الثاني من السجون والمعتقلات.
في ظل هذا الوضع القائم غادر الآلاف ، من جميع الفئات وخاصة الشباب ديارهم، وانتشروا في لبنان شرقا وغربا، طلباً للسلامة والاطمئنان، وطلباً للرزق وفرص العمل ولقمة العيش النظيف، وأهم من ذلك طلباً للحرية التي افتقدها المواطنون في بلداتهم .
البداية ما قبل الاعتقال:
غادرت لبنان مع بداية الأحداث ( ما سمي بالحرب الأهلية )حتى لا اكون طرفا في حرب عبثية لا احد يعرف لماذا وكيف ومن المستفيد ومتى تنتهي . في العام 1975 بعد ان انهيت دراستي الثانوية سافرت الى دولة الكويت هروبا من الواقع المعاش وتوجهت الى العمل في التجارة وكنت احضر الى لبنان في اشهر الصيف وفي العام 1980 تسجلت في الجامعة اللبنانية ( معهد العلوم الاجتماعية الفرع الاول ) وكنت احضر قبل بداية الامتحانات بشهر على الأقل لمتابعة ما فات من الدروس. وفي العام 1983 حضرت الى لبنان لاجراء الامتحانات .وكان جنود الاحتلال الإسرائيلي يحتلون لبنان و محيط العاصمة بيروت.
قبل الانتقال إلى السجن االصغير في الشهر التاسع من عام 1983 –كنت مواطناً كباقي المواطنين أعيش في السجن الكبير( الشريط الحدودي )، أحمل هموم العائلة، وهموم الحارة، وهموم الناس ،التي تشارك بعضها بعضاً في الأحزان والمآسي، في الدعاء والأمنيات. ترى وتسمع ،ما يدور في العلن والخفاء . وتسمع عن التمييزبين الناس، وعن استغلال الطائفية، وعن القتل والتعذيب في المعتقلات وخارجها .
المرحلة الاولى :
في يوم الخميس الموافق في 7-9-1983 وبينما كنت متجها من بيروت باتجاه بلدتي عيناثا برفقة احد الأشخاص من البلدة. وبعد ان اجتزنا كافة الحواجز الإسرائيلية توقفنا امام حاجز اسرائيلي بالقرب من معمل الجية الحراري وبعد ان قام جنود الاحتلال بالتفتيش الروتيني تابعنا سيرنا وشاهدت على بعد امتار قليلة من الحاجز الإسرائيلي على جانب الطريق سيارة عسكرية متوقفة عليها عدد من المسلحين . وما ان وصلنا الى أمام أفران الرميلة ( على الطريق البحري )بالقرب من مدينة صيدا شاهدنا السيارة التي شاهدناها بالقرب من الحاجز الاسرائيلي تلاحقنا وتوقفت امامنا وخرج منها شبان مسلحون ببنادق رشاشة أمرونا بالنزول من السيارة ورفع أيدينا الى رؤوسنا فما كان منا الا الامتثال ، وما هي الا دقائق معدودة ،وجدنا انفسنا داخل سيارة الجيب وأعيننا مغمضة بقطعة من القماش وايدينا مكبلة الى الخلف . وفي هذه اللحظة سمعت قائد الدورية يأمر زملائه بالتوجه في السيارةالتي كانت معنا بما تحمله الى بلدة لبعا ( بلدة شرق صيدا اغلبية سكانها من المسيحيين ) ووضعها في مكان امن وهدد بعدم المس بها ( هنا لا بد من الإشارة ان الأهداف المبينة من وراء الخطف هي سرقة السيارة وما فيها ) السيارة من نوع بي ، ام ، دبلوو، موديل 1983 ويوجد بها تلفزيون ملون وكامرا تلفزيونية وكاميرا حديثة جدا ) وانطلقت سيارة الجيب بنا الى جهة مجهولة وبعد دقائق معدودة انزلونا م وقادونا الى غرفة كبيرة ( عرفنا فيما بعد انه احدى ثكانات القوات اللبنانية يقع في احدى ببنايات داوود العلي وهو مشروع من عدة بنايات بالقرب من بلدة الرميلة في غابة من اشجار الصنوبر .
والسجن عبارة عن غرفة ( كراج ) تحت احد الابنية الذي تتخذه القوات مقرا لها كانت قد احتلته بعد ان هجر اصحابه خوفا من الظلم الذي سيلحق بهم اذا ما بقوا فيه ، غرفة طولها حوالي الستة أمتار وعرضها حوالي الثلاثة أمتار وارتفاعها ثلاثة امتار لا ترى فيها الا لون الدماء المتناثرة على الجدران وفي الارض تشهد على همجية المعتقلِين. وفي احد الزوايا يوجد فراش تفوح منه رائحة الدم والروائح الكريهة وفي زاوية اخرى عثرت على بضعة قطع من الجبنة مع كسرات من الخبز اليابس ، و قنينة من الماء ، وفي زاوية اخرة يوجد اسلاك من الحديد التي كانت تستعمل في جلد المعتقلين .
في هذه اللحظات استذكرت الماضي المقيت ومر شريط الحرب امامي بسرعة ، واستذكرت المخطوفين والجثث المرمية هنا وهناك ،وحادثت نفسي قائلا الموت اصبح قاب قوصين او ادنى لكن اتنمنى ان تعرف جثتي وتدفن في مقبرة البلدة مسقط رأسي ،واخذنا انا وزميلي نستكر الماضي وما مر من احداث معنا ايام الدرسة وتحدثت كثيرا عن السفر وعملي في دولة الكويت ،استذكرت الوالد والوالدة والاشقاء وصرت اتخيل ما يفعلون بعد ان علموا بخطفي شريط من التخيلات والذكريات يمر سريعا دون ان يكون لدي حل .في هذا الجو المشحون بالتوتر يلجأ المرأ الى عالم الغيب والى اللة .
مع غروب شمس اليوم الثالث فتح الباب وإذا باثنين من المسلحين بالرشاشات،-( خيّل إليّ ولثوانٍ معدودات- أن هناك تنفيذ لحكم الاعدام ، وأن المسلحين جاؤوا للتنفيذ، لكن لم تكن هذه هي الحالة.
نادى احد المسلحين زميلي بالاسم وجره الى خارج الغرفة ، بعد ان ربط يديه الى الخلف ووضع عصبة سوداء على عينيه (من جملة الممنوعات أن يرى الإنسان طريقه، لأن ذلك تهديد للسجانين
وكانت هذا الخروج الاول من اجل التحقيق ، وبعد ساعة اعيد زميلي وجاء دوري الى غرفة التحقيق وهي تقع في الطابق الاول من المبنى . وامام المحقق ولمدة تزيد او تقل عن الساعة تخللها طرح اسئلة على سبيل المثال :
من أين أتيت؟
إلى أين أنت ذاهب؟
ما هي مهنتك؟
من تعرف من المنتمين الى الاحزاب ؟
هل معك شيء؟
ولا تنتهي سلسلة الاسئلة ومع كل توقف عن الاجابة يذكرك الجلاد القابع خلفك بركلة من قدمه او بضربة كف من يده .
بعد الانتهاء من التحقيق سمح لنا بالطعام وهو عبارة عن عدد من حبات البطاطا المسلوقة مع رغيفين من الخبز طيلة النهار وهكذا استمر الوضع .الى ان جاء اليوم العاشر من الاعتقال ،حيث فتح الحارس الباب ليقول:
"مسموح لكم الآن أن تتنفسوا، خمس دقائق خارج الغرفة وتغسلوا وجوهكم ،لكن انتبهوا، الأوامر صارمة: ممنوع الركض، ممنوع التوقف، حتى ولو لشربة ماء، وعليكم أن تدوروا حول الساحة بهدوء تام".
وكانت هذه الدقائق القليلة اجمل ما في حياتي.. وكان الحارس (ابن حلال) فتكرم بدقيقة إضافية أو أكثر.
ويعيدنا الحارس الذي اعتدنا عليه بكل ما فيه من حسنات وسيئات الى غرفتنا لنعد الايام والليالي ، كان علينا ان نعيش اسرار جميع زوايا غرفتنا التي فرضنا عليها وفرضت علينا .
وبعد مرور 15 يوم من الاعتقال فتح الباب ودخل احد المسلحين فاذا بي اقف مذهولا وهو كذلك انه زميل الدراسة ( في ثانوية بنت جبيل ) من ال خريش من بلدة عين ابل المسيحية فلم يتمالك نفسه من التقدم نحوي والتسليم علي وسألني ما الذي قادني الى هنا ؟ فأجبت انني لا اعرف لماذا انا هنا ،فقال لي ماذا تريد ، طلبت منه اخبار اهلي بأنني لا زلت حيا فقط ، وتم ذلك كما علمت عندما خرجت من المعتقل ، وقام بادخال بعض الطعام لنا دون علم الادارة وأوصاني بأن اخبأ الطعام الذي يجلبه خوفا من العقاب . واستمر على هذا الحال طيلة فترة وجوده في الثكنة .
في اليوم الثالث والثلاثون للاعتقال حضر احد المسلحين وخاطبنا من خلف الباب قائلا ( ان محكمة العدل المسيحي حكمت عليكم بالموت ،فأختروا لطريقة المناسبة للموت ،فأجبته من الداخل ، انني ومنذ اللحظة الاولى لوجودي بينكم وانا ميت عدا جسدي فأختاروا ما يناسبكم انتم لأنني لا اخاف من الموت. فأخذ يشتم ويسب وذهب.
في الصباح الباقر فتح باب الغرفة فجأة واذا بأكثر من خمسة مسلحين يدخلون الغرفة ويأمرونا بالتوجه نحو الحائط .في هذه اللحظة ترأى الى مخيلتي الى ان لحظة الموت ازفت والتنفيذ اطلاق النار من الخلف . لكن ذلك لم يحدث تقدم منا المسلحون وكبلوا ايدنا بشريط حديدي واغمضوا اعيننا بلاصق اسود وبدأوا بعملية تدريب بأجسادنا ، ولم يتبقى مكان في اجسادنا الا وتركوا بصماتهم عليه ، ونزفنا دما ولم يرف لهم جفن ،وقادونا بعد الانتهاء من اعمالهم الاجرامية الى سيارة وحشرونا في صندوقها الخلفي، ومضت السيارة مسرعة الى جهة نجهلها ، وبعد دقائق توقفت في منطقة يكثر فيها اطلاق الرصاص .
في هذه الاثناء سمعنا المسلحين في الخارج يقولون سننفذ حكم الاعدام بهم لكن دون ان نعذبهم .
في هذه اللحظات يتوقف العقل البشري عن التفكير كليا وتمر ثواني العمر امامك في لحظة واحدة . في هذه اللحظات ليس امام الانسان سوى اللجوء الى عالم الغيب ، الى الله والتوسل به ، من خلال قراءة القران،وبعد دقائق قليلة فتح صندوق السيارة ولا اعلم كيف خرجنا من السيارة لشدة الخوف او لتعطل العقل في مثل هذه اللحظات .امرنا المسلحون بالوقوف، ونحن مغمضي الاعين . ننتظر رصاصات الرحمة تنزل على رؤوسنا ، لكن ذلك لم يحصل وبعد قليل عادوا وادخلونا الى صندوق السيارة التي انطلقت بنا الى مكان ما ، علمنا فيما بعد وبعد ان حلوا العصبة عن اعيننا اننا في مبنى مكون من ثلاث طبقات يقع في بلدة الجية وبالقرب من المعمل الحراري .
ادخلونا الى احد الغرف في الطابق الثالث . ليستقبلنا السجانون الجدد في حفلة تعذيب جديدة وانقضوا علينا وكانهم وحوش ضارية واستعملوا ،( الكرباج ، والاسلاك الكهربائية ، والركل بالاقدام ، والضرب باليدين) . وما ان انتهوا من عملهم اقفلوا باب الغرفة ، وذهبوا مرتاحي الضمير .وفي صباح اليوم الثاني قادونا الى ميناء صغير بالقرب من المعمل الحراري واصعدونا في مركب صغير الى عرض البحر، حيث تم تغير المركب بمركب اكبر ،واتجهوا بنا الى بيروت وكانت وجهتهم الحوض الخامس .
المرحلة الثانية :
دخلنا الى المرفأ وكنا اربعة معتقلين امام جيش من المسلحين ، وعلى ارض المرفأ تمت عملية التسليم والاستلام، ووقعنا على سجل "التشريفات" وهنا انتهت مهمة المجموعة الأولى، وعادت من حيث أتت لمزيد من الاصطياد.. قبل بزوغ الفجر. وقادتنا الفرقة الجديدة الى المجلس الحربي ، وطلب منا تسليم ما عندنا من أغراض خاصة وحاجيات، وكل ما يصلح للبيع بالأسواق.. بالمزاد،كالحزام ، والحذاء، ، وساعة اليد.. الساعة الثالثة صباحاً توقفت دقاتها.. وتوقف الزمان..
وقادوني مع زميلي الى شقتنا الجديدة وكانت "الزنزانة رقم 4" التي تتسع بالكاد لشخص واحد، الخالية من كل شيء، إلا من اللون الاسود . . يفتح بابها عندما تكون الزنزانة رقم 4 على جدول التحقيق والتعذيب اليومي، أو عندما يخرج المعتقل لجلب صحن صغيراً من "البلاستيك" فيه وجبة من الطعام .. حبات قليلة من البطاطا وبيضة مسلوقة او ما تيسر من اشهى المأكولات" ، ينتظره المعتقل بفارغ الصبر كحد أدنى لاستمرار الحياة.
في الأسبوع الأول، خفت أن أنام، وخفت حقاً أن أغمض عيني، خفت من هذا العدو الجديد الذي فرض عليّ وفرضت عليه.. ( انه الجرذ )
في الأسبوع الثاني، بدأت أشعر بالاطمئنان، فقد قبل عدوي الجديد هذا إقامتي المؤقتة معه، كان يخرج من مخبئه مرة كل يوم فأصبح يخرج مرتين، وتوطدت أواصر الصداقة فيما بيننا وأخذ يشاطرني أحزاني وأحلامي، وخصوصاً عندما بدأت أقص عليه قصتي.. كان يصغي متألماً مما يجري خارج الزنزانة وخارج السجن من ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، وبدوره بدأ يقص عليّ قصته متألماً كذلك كيف قضى معظم حياته مستقبلاً ومودعاً لأمثالي من المعتقلين، وبالفعل فقد ودعني بعد شهرين لاستقبال شخص آخر فرض عليه.
السجن الجديد مربع الشكل يضم 6 زنازين مساحة كل منها متر مربع ، مطلية باللون الاسود في زاوية منها سطل ( مرحاض) وعلى الحائط حدائد يسمر عليها المعتقل لعدة ساعات واحيانا لعدة ايام ، وكثيرين من المعتقلين ماتوا داخل هذه الزنازين ومنهم من اعرفه وتعرفت الى اهله بعد خروجي من المعتقل .
وفي ساحة السجن، ضجيج وحركة مستمرة، زنزانة تفتح، وأخرى تغلق. لقد أنجزت المجموعة الأولى مهمتها بنجاح تام، فقد امتلأت جميع الزنزانات.
اليوم التالي، وفي الصباح الباكر هدوء تام.. وفجأة، وبصوت عال، نودي على رقم 4، كما نودي على بقية الأرقام.. بدأت المعركة.. لجنة التحقيق جاهزة ومتشوقة.
وجاء دوري، وأخرجت من "شقتي" بقوة السلاح.. بضرب ولكمات وإهانات.
نفذ قرار الحكم قبل صدوره.
لجنة التحقيق هذه نالت شهرة كبيرة في البلاد، أعضاؤها جميعاً من الرتب العالية.. ، علماً بأنه لم يكن منهم من دخل معركة أو حتى أطلق رصاصة باتجاه الحدود على الأعداء.
وهناك في وسط الغرفة المشهورة كأصحابها، جلس رئيس اللجنة وكأنه رب العباد، وأمامه طبق مليء بأنواع الفاكهة والمأكولات ، يتلذذ بالأكل كما يتلذذ بالتعذيب والعذاب.
وبدأت المسرحية الأولى!! سؤال وضرب، وسؤال وشتم وإهانات، وسؤال يتلوه سؤال. منهم من يقف في الغرفة راقصاً، ومنهم من يصرخ غضباً من الجواب.
يريدون أسماء، مجرد أسماء، حتى ولو لم يكن لها أصحاب في الوجود أو قيد النفوس، وكلما كثرت الأسماء حققت اللجنة نجاحها وأثبتت الولاء وزادت .
وبعد ساعة أو أكثر ينطق رئيس اللجنة بكلمته المفضلة والمحببة إلى نفسه: "خذوه" أي إلى الزنزانة. وهناك تبدأ مسرحية المسرحيات، تراجيديا إنسانية حقيقية. الجلادون من جهة، و "الإنسان المعتقل" من جهة ثانية، فمنهم من يُجلد، ومنهم من يضرب ويُرفس، ومنهم من يصب الماء البارد، ومنهم من يربط الأسلاك أو الحبال على الأعناق، وبينهم "الإنسان المعتقل" يصرخ ألماً يشكو ويشتكي، يذرف الدموع وينزف الدماء.
أعود إلى غرفة التحقيق.. وبعد فترة أسمع الكلمة المفضلة ذاتها: "خذوه" وهكذا إلى أن ينتهي الفصل الأول.. فأحمل ما تبقى مني إلى زنزانتي الجميلة رقم 4 أنتظر بداية الفصل الثاني، أفتش عن ذاتي وأكلّم نفسي، ليس المطلوب "أنا" المطلوب هو "الانسان" ، وحدته، حريته، عروبته ودينه.
وهكذا أمضيت هذه المرحلة من اعتقالي متنقلاً بين الزنزانة رقم 4 وغرفة التحقيق.
مرحلة صعبة وقاسية، وأصعب ما فيها هذا الانتقال السريع والمفاجئ من القرن العشرين إلى العصر الحجري.
الزنزانة رقم 6:
نُقلت بعد ثلاثة شهر إلى مرتبة ارقى الى الزنزانة رقم 6 في سجن اخر في نفس المنطقة .
من اليوم الاول ، بدأت أتعوّد على الزنزانة رقم 6 عبارة عن غرفة 2م بعرض 1 متر ، فيها فراش من الاسفنج فقط وتعتبر حسب تصنيف الفنادق 4 نجوم يدخلها الضوء من ساحة السجن التي تبقى دائما منارة ، هذه الزنزانة أرى جدرانها وأسمع صوتها وأنينها، وأقرأ ما حفر عليها من قصائد شعر وقصص صغيرة ورسائل موقعة من أصحابها المعتقلين السابقين إلى رفاقهم وإخوانهم أو إلى ذويهم فقي الخارج –أسماء معروفة وأسماء غير معروفة- منهم الضابط، والمواطن، ومنهم من وقع اسم بلده من من بيروت، من طرابلس، من عكار، من بغداد، مختلف المدن والعواصم العربية، لقد أراد السجانون أن يحققوا الوحدة العربية فزجّ بمن يحمل شعارها في السجون والزنزانات.
بدأت في هذه المرحلة أحفر رسالتي الأولى على الجدار* وأن أحفظها عن ظهر قلب قصد نقلها على الورق الأبيض إن تيسر ذلك مستقبلاً. وتركت بجانبها مكاناً لعل من يأتي بعدي أن يحفر اسمه ورسالته الأولى أو ربما الثانية..
لقد ترددت أكثر من مرة أن أمسك المسمار القلم، وأن أحفر كتابة على الجدار، بعضَ أفكاري وتجاربي ليتسنى للأجيال القادمة في بلدي أن تقرأ وتحس ما عانيته خلال فترة اعتقالي الطويلة، ولتشاركني التجارب المرة التي عشتها، والتي لا يزال يعيشها كل معتقل داخل معتقلات ..... التي أصبحت رمزاً للاضطهاد والتعذيب والقهر والمعاناة والحرمان.
لا أعلم إن كان هذا القلم (المسمار) الذي أمسكه بيدي قادراً على أن يرسم الصورة بكل ما فيها من سواد وأشواك ودماء، فمتى كان القلم، بل متى كانت الكلمات قادرة على أن تخرج من القلوب كل المآسي والمعاناة؟ بل متى كانت الكلمة في بلدي قادرة على أن ترسم حبل مشنقة ويد جلاد، أو قادرة على أن تنقل أحاسيس إنسان مذبوح ينزف الدماء وبجانبه سكينة حمراء تشكو من التعب والإرهاق؟
وتوالت الأيام، وتناوب الجلادون، فكان النهار أشد ظلاماً من الليل، وكان الليل أشد ظلماً من النهار، وكم كنت أتمنى أن أنام وكم كتبت على الجدار..... وكنت أترك مكاناً لعل من يأتي بعدي أن يكتب اسمه مع بقيةالأسماء..
وجاءني من يطلب مزيداً من المعلومات، ووضعت للمرة الثالثة امام المحقق والجلاد الذي لا يرحم ، والجلاد لا يؤمن بالله ولا بالإنسان.. وهناك وجدت صديقاً لي معلقاً بين الأرض والسماء ينزف دماً من أنفه ورأسه وجانبيه..
وحدث ما حدث، وجاءني بعدها طبيب السجن ليعالج الجراح، وسألني عن اسمي ورقمي وعن الأسباب، وخرج كما دخل خوفاً من السجان..
ونودي عليّ للمرة.. لا أذكر بالتمام، فقد اختلطت عليّ الأمور بعد يوم أو يومين، فقد سمعت الحارس يصرخ رقم شقتي عفواً زنزانتي التي كنت محجوزاً فيها في الطابق السفلي، والذي كان مخزنا للزجاج يملكه احمد ناجي فارس في الكرنتينا .
وشاء القدر في هذه اللحظة أن يلعب دوره فقد انشغل السجان عني والجلاد، نظرت من ثقب صغير في الباب فإذا بقافلة جديدة نازحة تصل لمستقر لها، مطمشة العينين، ومقيدة اليدين، تضم الشيوخ والعجّز والأطفال، يجرها رجال شبه رجال.. وأشير إليها بدخول الساحة، وما أدراك ما الساحة؟ المكان المخصص لحفلات الاستقبال. ودخلت هذه القافلة وخرجت بعد ساعة أو ساعتين.. وقد تغيرت ملامحها وأشكالها بل والألوان.
الزنزانات مليئة والدهاليز والساحات تعجّ بالمئات، أزمة سكن في كل مكان اقتيدت هذه المجموعة إلى الحمام، وهناك يقف الإنسان عارياً لمدة يوم أو أكثر ريثما تدبر له زنزانة دائمة أو مكان..
توالت الأيام ببطء، فالدقائق كانت كالساعات، وأصبحنا وأمسينا على التعذيب والعذاب، ونقلت أكثر من مرة من زنزانة إلى أخرى، وفق أهواء السجان، رأيت ما تقشعرّ له الأبدان.
يد متورمة، ورجل استخدم عليها تيار الكهرباء حتى باتت مشلولة لا وجود لها في جسم الإنسان، وآخر فقد عقله فأصبح يناجي ربه بلغة غير لغة الإنسان، وآخر تذكر زوجته وابنته، وطلب من ربه أن تصبرا على الحرمان، وأجسام هنا.. وأجساد هناك وكلها بلا حراك ولا أرواح..
من يتصور أن يصدق أن انسان متحضر يمارس هذه الممارسات على اخوانه في الانسانية ، ما هي الجريمة! نعم ما هي الجريمة؟ السؤال كبير ولا جواب، ولكن أليست هي الجريمة قتل إنسان بريء بدون محاكمة أو تهمة لمجرد أنه يؤمن بهذا المبدأ أو ذاك.
الساحة جعلتني أعيش حالتي وأعيش حالة الآخرين.. فصول مسرحيتي وفصول مسرحيات الآخرين من المعتقلين زمن مختلف الاتجاهات والمبادئ.. وقد تعلمت الكثير..
أرى وأسمع الجلاد نفسه والسوط وصوته، والسلم الخشبي ومن عليه، والدولاب ومن فيه، أحزن على أحزانهم وأبكي على بكائهم.
تنتعش نفسي وترتفع معنوياتي على سماع كلمة تحد للجلاد وسوطه، وكم هي راحة للإنسان كبيرة عندما يشارك الآخرين ولو بالشعور والإحساس، وهو أقل الإيمان.
الآن، وقد مضى عليّ حوالي ستة أشهر، جدول الأعمال اليومي لم يتغيّر.. من الزنزانة رقم 4، الى الزنزانة رقم 6، إلى غرفة التحقيق، إلى ساحة السجن، سوى أنني بدأت أرى جيداً حتى في الظلام.. وبدأت أحب شقتي خوفاً من غرفة التحقيق وكرهاً بساحة السجن، هذا المسلخ الذي لا ينام، ويعمل في الليل كما يعمل في النهار.
في هذه المرحلة، يأكل الإنسان القليل ويشرب القليل، الحد الأدنى للحياة.
عندما كنت أعطش.. كنت أكتب على الجدار أبيات شعر استذكرتها من كتب الادب، وأحياناً كنت أنظم بعض الأبيات، فقد صيرتني الزنزانة شاعراً.
الطلب كبير على الزنزانات الخارجية والداخلية في الطابق السفلي، لكونها قريبة بمعظمها من غرفة التحقيق ، وتسهيل مهمة المحققين والجلادين، إلا أنه وبسبب الكثافة السكانية فيها واستمرارية النزوح من السجن الكبير، تضطر إدارة السجن (دائرة التخطيط) من وقت لآخر إلى إجراء تنقلات فيما بينها وبين الزنزانات في الطابق الثاني من البناء، أو بينها وبين الغرف الكبيرة وأحياناً بينها وبين زنزانات السجون الأخرى، تنسيق جميل بين السجون، وقد أتقنت الإدارة عملية تبادل السكان..
المرحلة الثالثة :
جاءت التعليمات، وحضر رئيس الحرس، ورافقني إلى الغرفة رقم 2 .
غرف جميلة صغيرة مساحتها 4 امتار بعرض ثلاثة امتار ، أجمل ما فيها شباك صغير مستدير في اعلى جدارها، تدخل منه أشعة الشمس والهواء، وخلعت ما تبقى من قميصي الداخلي الدامي الملون ما أعظمها شمس بلادي.. فقد أعطتني الدفء وحرارة الإيمان.
وجلست أرتب مكاني داخل الغرفة بمساعدة ( الشاوييش )ه شخص معتقل من الجنسية السورية كان يعمل بائع كاز متزوج من فتاة من ال الخطيب ، كان ثقة السجانين ينقل اليهم ما يدور من احاديث بين المساجين وكان حشريا عندما يدخل أي قادم جديد يأفي استنطاقه .الغرفة الجديدة تتسع لعشرين معتقل اذا اصطفوا كما تصطف الاسماك في علبة ( السردين) وتتعرف في هذه الغرفة على مختلف انواع البشر ومن مختلف المناطق والاديان والمذاهب .وتضم الغرفة ، معظم شرائح المجتمع.
وفي الأسبوع الثاني أو الثالث، لا أدري تماماً، فقد دخلت عليّ الغرفة فراشة من الشبّاك، اعتقدت، وللوهلة الأولى بأنها أضاعت طريقها وفرض عليها اتجاه الريح دخول المعتقلات،ـ فمن طبيعة الفراشات أن تفتش عن وردة تنقل إليها ومنها رسائل الحب والحياة. وحارت في أمرها، وتجولت في جو الغرفة كما تشاء، ساعة ربما أو أكثر، وحطت على الأرض بعد مشاق. وتعبت وماتت.. ونزلت دمعتي حزناً عليها.. الفراشة كالإنسان تنهي حياتها لتعطي الحياة.
"قانون السجن" هو قانون الغاب.
يمر الزمان بدون علمنا، وتستمر الإدارة في تطوير أساليبها، محاولات يومية لقهر النفوس واستعبادها، ومن حين الى اخر تنزل بنود اضافية ، على جدول اختصاصها... تفتيش عام أو نفير عام، يشمل السجن كله.
يخرج الإنسان المعتقل حاملاً (فرشته) على ظهره إلى الساحة العامة ويعود إلى غرفته لينقل حاجياته الخاصة أو ليساعد من لا يستطيع حمل فرشته أو نقل أغراضه.
وفي الساحة، تتوزع الأدوار على الحراس والمفتشين والجلادين بطريقة محكمة.. فمنهم من يمزّق الفرشة ليتأكد من تفاصيل محتوياتها . والجلاد وعصاه، على استعداد لتوجيه الضربات لكل من يرفض أو يتردد، أو توجيه الإهانات لمن يتأفف.
وكلما زاد المعتقلون عدداً.. حققت القوات نصرا ، ويقضي الإنسان المعتقل ما تبقى من حياته، متنقلاً في أرجاء السجن، مكتشفاً زواياه الخفية.
من زنزانة إلى أخرى، ومن غرفة إلى آخرى، ليأخذ دوره ومكان إقامته من جديد .
أما عن الطعام فحدّث ولا حرج، مجاعة قاتلة وظمأ كافر.
جهل تام بهذه الاتفاقيات أم تجاهل؟!!
وما علاقة حقوق الإنسان بالطعام والشراب؟
رأسمال الإدارة.. السجن والإنسان المعتقل واجتهادها.. تجارة رائجة.
وتابعت الحياة السجينة نمطها، وتعود الإنسان المعتقل على أن يتنفس دون أن يعيش، وأن يعيش دون أن يتنفس.
وكان غذاؤنا اليومي قضيتنا والأمل.
ننتظر بشوق كبير للقاء الأهل ، فقد انقطعت عنا أخبارهم، وانقطعت عنهم أخبارنا، فنحن بعرف الإدارة مجهولو العناوين والإقامة، والاتصالات والمواصلات ممنوعة ومعدومة.
ما حلّ بهم؟.. وماذا جرى لهم؟
وشهور تلحقها شهور.
كيف يبتسم الإنسان؟
كيف يخفي حزنه وألمه؟
كيف يخفي غضبه؟
كيف يخفي جرحه العميق وما تغير من ملامح وجهه.
وتضيع عبر القضبان ابتسامة الأطفال والكلمة، وتختلط الأسئلة بالأجوبة.
ولا سامع ولا مجيب!!! والحارس وسلاحه.
ومرت سنة بعد سنة، متجاهلة وجودنا، فنحن خارج عصرنا وزماننا، نعيش ظلام الليل وظلم النهار الزنزانة، ، الجلاد ، الإدارة وجدول أعمالها،.. منا من استشهد باكراً، ومنا من كان ينتظر أوانه..
نستقبل نازحاً من السجن.. ونودع عائداً إلى السجن ذاته.
وتنتهي فصول في السجن الصغير.
النهاية:
في 21 -11-1985 لاحت في الافق بوادر الخروج الى الحرية ، حضر السجان بعد احضار الطعام وقبل الغروب تقريبا ، واستدعاني الى خارج الغرفة ، وكان يحمل في يده كيسا ، نوالني اياه ، وامرني كما العادة بالاستحمام ،وارتداء ما بداخل الكيس من ثياب ، واستدعى الحلاق (احد السجناء) وامره بقص شعري ، وكل ذلك تم بدقائق قليلة ، واعادني الى الغرفة ، ولم ينبس بشفة ، فبدأت عجلة العقل بالحركة السريعة ، وبدأت اسأل نفسي لماذا ؟ وكيف ؟ ومتى؟ والى اين ؟ اسئلة كثيرة ، لكن لا اجوبة محددة . وبدء الزمن ينطوي امامي بسرعة فائقة ، الى ان حل الظلام في الخارج ، وبدأ اليأس يتسرب الى نفسي ، وانا على هذا الحال فتح الباب ونادى المنادي ( 570) هذا هو اسمي طيلة فترة الاعتقال ، وخرجت من الغرفة تاركا خلفي ،اخوة لي ،كل واحد منهم حملني امانة التبليغ والسلام الى من يعنيهم الامر . وهذا ما فعلته في الايام الاول من حياتي الثانية. وصعدت الى الطابق الاول ، حيث مكتب مدير السجن ( ابونا ) لقب لرجل الدين لكن المضمون بعيد كل البعد عن الدين ، وجلست للمرة الاولى امامه وجها لوجه شاب اربعيني مفتول العضلات طويل القامة ابيض البشرة عيناه تميل الى الاخضرار ، سألني ما اذا كان احد ضربني او عذبني ، فلم اجب ، واخبرني انه سوف يفرج عني ،وسأعود الى اهلي ، وامر احدهم ، بتقديم كباية ( شاي ) لي فلم ارفض ،في هذه الاثناء ،جرت اتصالات بين امر السجن، ومسؤول اللجنة الامنية في القوات اللبنانية ( عبدو )، الذي حضر الى السجن، واصطحبني معه في سيارته. "لاول مرة انتقل دون ان اكون مكبل اليدين" .وسارت بنا السيارة باتجاه منطقة المتحف حيث كانت تتم عمليات التبادل بين المخطوفين . ودخلت السيارة الى ميدان سباق الخيل حيث مقر السفارة الفرنسية ، ودخلنا هناك الى غرفة كبيرة ،فاذا بمسؤول اللجنة الامنية عن حركة امل وبرفقته احد الاشخاص يدل شكله على انه كان معتقلا مثلي . وبعد ان سلم الرجلان على بعضهما البعض ، استلمني مسؤول اللجنة الامنية لحركة امل ، واصطحبني بسيارته الى منزل سماحة السيد محمد حسين فضل الله في بئر العبد . وهنا انتهت مهمته ،وما ان رأيت السيد واقفا امامي حتى تيقنت انني لست في حلم ، بل انها الحقيقة ، حقيقة الانبعاث الثاني ، والولادة الثانية من جديد ، فلم اتمالك نفسي تقدمت الى سماحة مقبلا يده شاكرا اياه ،اتصل سماحته بأخي الذي حضر فورا برفقة عمي فلم اكن اقوى على السير والرؤية كثيرا ،فذهبت معهم الى المنزل حيث كان اخوتي بالانتظار . وفي اليوم التالي ادخلت الى مستشفى الجامعة الامريكية واجريت لي عملية جراحية ، وبعد ايام خرجت الى عالم الحرية من جديد .
علمت فيما بعد ان عملية التبادل اخذت وقتا طويلا من المفاوضات بين المتحاربين على الساحة ،كوني لا انتمي الى أي طرف من الاطراف المتحاربة ، سوى اني من اقارب سماحة السيد فضل الله الذي كان من ابرز الشخصيات الاسلامية على الساحة .
انفتح باب، وأغلقت أبواب..
أيقنت أن الزنزانة ستبقى معي مدى الحياة.
حملت حذائي العتيق الذي رافقني سنوات القهر والظلم، أفتش عن مكان آخر أرتاح إليه.
السجن مدرسة، يعلم فيها الإنسان ويتعلم، بدون كتاب أو قلم، يكتشف فيها ذاته، يكتشف فيها قوته وضعفه، فإما أن ينجح ويتخرج وينال شهادة دكتوراه شرف، ويتابع طريقه، طريق الحياة، وإما أن يفشل حتى بالابتدائية ويخرج من الصفوف ويعيش على هامش الحياة..
ولكن السجن في النهاية ليس هو الحل..
الحل هو وحدة المجتمع والدولة، وحدة الشعب والقيادة التي تحمي وحدة الشعب وحريته وكرامته وتحقق طموحاته وأهدافه في الوطن..
بريد المحور الاخباري