الديار: كيف عاد تأليف الحكومة الى المربّع الاول ولماذا فشلت المحاولة الاخيرة ؟
ميقاتي لا يقبل ثنائية المشاركة مع حجب الثقة ويرفض البصم على اسماء وزراء
هوكشتاين في بيروت الاربعاء لتوقيع اتفاق الترسيم وتسليم الوثائق في الناقورة
كتبت صحيفة "الديار" تقول: اصطدمت المحاولة الاخيرة للاتفاق على تشكيل الحكومة بالفيتوات المتبادلة بين الرئيس عون وصهره جبران باسيل من جهة والرئيس ميقاتي من جهة ثانية، ما جعل العملية تعود الى المربع الأول، حسب تعبير مصدر واسع الاطلاع لـ «الديار» أمس.
لكن رغم الانتكاسة الجديدة، فان الجهود مستمرة من اجل التوصل الى اتفاق لتأليف حكومة جديدة كاملة المواصفات، لا سيما ان الفراغ الرئاسي بات مرجحا بنسبة عالية جداً، في ظل تعذر انتخاب رئيس جديد خلال الاسبوع الباقي من المهلة الدستورية وانتهاء ولاية الرئيس عون.
كيف عاد التأليف الى المربع الأول ماذا جرى خلال المحاولة الأخيرة؟
يكشف المصدر عن أنه بالرغم من المساعي الناشطة والمكثفة التي سجلت في اليومين قبل الأمس، أكان على صعيد تحرك المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ام على صعيد الاتصالات والجهود التي يبذلها حزب الله بشكل مباشر، فان الخلاف استمر بين عون وباسيل من جهة وميقاتي من جهة اخرى.
وقد جرى البحث في استبدال 6 وزراء في الحكومة الحالية بوزراء جدد، منهم 3 مسيحيين ودرزي وشيعي وسني. وبالنسبة للوزير الشيعي، فهو وزير المال يوسف خليل الذي سيستبدل بالوزير والنائب السابق ياسين جابر الذي لا خلاف حوله.
اما في موضوع الوزير الدرزي، فقد ركزت الجهود على تسمية وزير بديل للوزير عصام شرف الدين يحظى بقبول من جنبلاط وارسلان على حدّ سواء.
واشار المصدر في هذا المجال الى ان المساعي احرزت تقدما ملموساً في هذا الاتجاه لكن الاسم لم يحسم بشكل نهائي، خصوصاً انه بدا الاتفاق عليه يعتمد على حل مشكلة الوزراء المسيحيين.
ووفقا للمعلومات ايضاً، فان الجهود تركزت مؤخراً على تغيير ثلاثة وزراء مسيحيين، بينهم وزيرة التنمية الادارية نجلا رياشي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب. كما اصر ميقاتي على ان يشمل التغيير وزير الطاقة وليد فياض، غير ان باسيل قابل ذلك بالمطالبة بتغيير 4 وزراء دون فياض.
واضافت المعلومات ان تقدما حصل قبل الانتكاسة لترجيح فكرة تغيير ثلاثة وزراء، لكن اصرار عون وباسيل على تسمية البدائل من دون التفاهم مع ميقاتي عقّد الامور.
اما الامر الاخر الذي زاد الطين بلّة واعاد العملية الى المربع الاول، فهو اصرار باسيل على عدم منح الثقة للحكومة حتى لو تم الاتفاق على الوزراء. وجاء رد ميقاتي متشدداً ورافضاً لهذا المنطق الذي يتعارض مع كل الموضوعية.
وحاولت الجهات الوسيطة ادارة الزوايا في هذا الموضوع على طريقة الحل الوسط بحيث يمكن ان يترك باسيل الخيار لنواب تكتل لبنان القوي في موضوع الثقة من دون ان يعلن حجب الثقة او الامتناع عن التصويت، لكن المحاولة اصطدمت برفض الطرفين.
وفي شأن وزير الاقتصاد السنّي أمين سلام، فان باسيل يعبتره من حصة التيار، وبالتالي يصر على المشاركة في تسمية البديل عنه او تغيير وزير مسيحي اضافي. أما ميقاتي فتمسك بان يجري اختيار البديل بالعودة الى موقف نواب كتلة الاعتدال الشمالية.
والى جانب ذلك، كشف المصدر ان هناك سبباً آخر غير مباشر ربما يكون وراء تصلب باسيل ايضاً، وهو المطلب الذي قيل انه تم تجاوزه سابقا والمتمثل بمطالب مسبقة لعون والتيار الوطني الحر تتعلق بسلسلة تعيينات تقدم عليها الحكومة الجديدة، بالاضافة الى تغيير حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
واشار المصدر الى ان هذا المطلب لم يسقطه رئيس الجمهورية من الحساب بشكل نهائي رغم الرفض القاطع له من قبل الرئيس ميقاتي الذي اكد ان هذه الامور هي رهن قرار مجلس الوزراء، ولا يجوز تجاوز الاصول الدستورية والقانونية او اعطاء اي وعود او ضمانات في هذا الشأن.
محاولات جديدة هل وصلت عملية تشكيل الحكومة الى طريق مسدود؟
يقول احد المسؤولين المتابعين بشكل مباشر لهذه العملية لـ «الديار» ان الجهود لم ولن تتوقف، مشيراً الى الحركة المستمرة للواء ابراهيم رغم ان الامور بدت سلبية حتى ليل اول من امس، ولم يطرأ نهار الامس تطور ايجابي يذكر.
ويضيف انه من المتوقع اعادة تنشيط المحاولات في الساعات المقبلة، وانه يمكن ان «تقلّع» العملية الى الامام مع مطلع الاسبوع المقبل لأن الجهود لم تنكسر نهائياً رغم ان مسارها ينطبق عليها المثل العامي «اجر لقدام واجر لورا»، فمنذ اسبوع تتأرجح عملية تاليف الحكومة طلوعاً ونزولاً، ويمكن القول اننا في المحاولة الاخيرة نشهد انحدارا بدلا من الصعود.
تداعيات الخلاف حول ملء الفراغ الرئاسي
وفي ظل هذا المشهد الحكومي السلبي تبرز المخاوف من تداعيات الخلاف حول ملء الفراغ الرئاسي المتوقع، لا سيما في ظل المعلومات التي تؤكد ان رئيس الجمهورية سيلجأ الى تفسيره الدستوري ويوقع مرسوم استقالة الحكومة قبل انتهاء ولايته، ثم مرسوم تشكيل حكومة جديدة.
وعلمت «الديار» من مصادر مطلعة انه الى جانب الجهود المحلية المبذولة لتأليف حكومة بمواصفات كاملة قبل انتهاء ولاية عون، فان هناك نصائح فرنسية متكررة تركز اولا على ضرورة مقاربة جميع الاطراف للاستحقاق الرئاسي بشكل ايجابي لانتخاب الرئيس الجديد في المهلة الدستورية، كما تؤكد ايضا على اهمية الاتفاق على تأليف حكومة جديدة، وهذا الموقف الفرنسي يوازيه موقف مماثل الى حدّ ما من قبل الادارة الاميركية.
واذا كان عون يسير باتجاه ترجمة تفسيره الدستوري هذا، فان الرئيس ميقاتي يرى عكس رؤية رئيس الجمهورية لجهة اعتبار ان حكومة تصريف الاعمال مؤهلة لملء الفراغ الرئاسي، مع تأكيده انه عمل منذ اللحظة الاولى وما زال لتأليف حكومة جديدة، لكنه كان يصطدم في كل مرة بشروط ومطالب تعجيزية تتجاوز الاصول في تشكيل الحكومة.
ونقل عنه تأكيده انه لن يرضخ للضغوط ولن يتخلى عن صلاحياته او الاصول، وليس هو من يبصم على اسماء وزراء دون ان يكون له رأي فيها.
اما اوساط بعبدا فترى ان رئيس الجمهورية متمسك بصلاحياته الدستورية ليس في المشاركة في تأليف الحكومة، بل في استخدام حقه الدستوري في توقيع مراسيمها او مراسيم استقالة الحكومة حتى اللحظة الاخيرة من ولايته.
ويستند الرئيس ميقاتي في موقفه الى اكثر من دراسة قانونية، ومنها لأحد الخبراء الذي يؤكد في دراسته «انه لا يجوز لرئيس الجمهورية توقيع مرسوم قبول استقالة الحكومة الا مع تزامن هذا الامر مع توقيع مرسوم تشكيل الحكومة الجديدة»، مشيرا الى ان السوابق كانت تجري على هذا النحو.
كما يرى في الدراسة ان حكومة تصريف الاعمال تستطيع القيام بدورها في حال حصل الفراغ الدستوري في اطار تصريف الاعمال بالمعنى الضيّق.
توقيع اتفاق الترسيم
على صعيد آخر، ينتظر مجيء الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين مساء الثلاثاء او نهار الاربعاء المقبل، في اطار انجاز المرحلة النهائي للتوقيع على وثيقة اتفاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية.
ومن المتوقع ان يتم تسليم الوثيقة اللبنانية الموقعة لمسؤولين في الامم المتحدة وللجانب الاميركي في الناقورة خلال الاسبوع المقبل، على ان يقوم الجانب الاسرائيلي بخطوة مماثلة في الناقورة ايضا دون ان يجري لقاء لبناني ـ اسرائيلي مباشر، كما اكد مصدر مسؤول لـ «الديار» امس.
وعلم ايضا انه كان هناك فكرة ان يشهد قصر بعبدا حفلا رسميا لتوقيع وثيقة الاتفاق، الا انه جرى صرف النظر عنها والسير في الالية العادية بتسليم الوثيقة الموقعة في الناقورة.
وفي هذا المجال وصف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في حديث اعلامي ترسيم الحدود البحرية بالخبر الجيد. وجدد التأكيد على اجراء الاستحقاقات الدستورية في المهل الدستورية في اشارة الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وفي شأن ترسيم الحدود البحرية مع سوريا بعد الاتصال الذي اجراه الرئيس عون مع الرئيس السوري بشار الاسد لهذه الغاية، قالت مصادر مطلعة لـ «الديار» ان الاتفاق على الانطلاق في هذه العملية لا يعني انه من المتوقع ان يتم في غضون الايام القليلة الباقية من ولاية رئيس الجمهورية، لكن الخطوة الاولى ستبدأ الاسبوع المقبل تمهيداً للاجتماعات التقنية التي ستحصل بين الجانبين في اطار العمل لانجاز الاتفاق.
وكلف أمس، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، التوجه الى دمشق الاسبوع المقبل مع وفد يضم الوزيراين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب وعلي حمية حمية والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم، ومسؤولين آخرين لفتح النقاش في موضوع ترسيم الحدود البحرية مع سوريا.
ذلك، على ان يستقبل لبنان ايضا وفدا قبرصيا يناقش ملف ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.
جلسة انتخاب الرئيس
على صعيد آخر، من المتوقع ان يكون مصير جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقررة غداً كمصير سابقاتها، مع العلم ان اجواء هذا الاستحقاق ما زالت ملبدة وسط اصرار فريق على ترشيح النائب ميشال معوض الذي يعتبره الفريق الآخر انه مرشح تحد، ويصر على الحوار للتوافق على رئيس جديد.
والبارز بعد الجلسة الاخيرة السجال القوي بين تحالف القوات والتقدمي واطراف اخراى وتكتل نواب التغيير الذين فضلوا في هذه الجلسة التصويت بورقة «لبنان الجديد» الى جانب نواب كتلة الاعتدال ذات الغالبية السنيّة.
وجددت اوساط «القوات» اتهامها لنواب التغيير باضاعة فرصة توحيد المعارضة تحت لواء ترشيح معوض، واعتبرت ان ما جرى في الجلسة الأخيرة اثبت مثل هذا الدور السلبي الذي يؤديه التغييريون.
وفي المقابل رد احد نواب التغيير على هذه الاتهامات، مؤكداً لـ «الديار» ان تكتل النواب التغييريين لن يخضع للضغوط وانه مستمر على موقفه انطلاقا من المبادىء التي اعلنها بشأن الاستحقاق الرئاسي.
واوضح «اننا لا نتعامل مع الترشيح على انه ورقة مساومة او تفاوض، لان الجميع يدرك في ضوء ما حصل في جلسات الانتخاب أن النائب معوض لا يملك الاصوات التي توصله الى الرئاسة، عدا ان فيتو تطيير النصاب يفعل فعله في هذا المجال».
صحيفة الديار