أقامت بلدية الغبيري ومعهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية، في المركز الصحي الاجتماعي التابع للبلدية، حلقة نقاش عن كتاب "الحسين صوت الإنسانية الخلاق" لوزير العمل مصطفى بيرم، شارك فيها وزير الإعلام السابق جورج قرداحي والمستشار الثقافي الإيراني السيد كميل باقر، وكانت مداخلة لمؤلف الكتاب، في حضور وزير الاعلام في حكومة تصريف الاعمال زياد المكاري، وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال علي حمية، النائب فيصل كرامي ممثلا بالمستشار يوسف شاهين، الوزراء السابقين حمد حسن عماد حب الله، رئيس بلدية الغبيري معن خليل، مسؤول العلاقات الاعلامية في "حزب الله" محمد عفيف، الشيخ شفيق جرادي وحشد من الشخصيات السياسية والحزبية والاجتماعية والثقافية والاعلامية.
قدمت الاحتفال مديرة مكتب بيرم بتول الخنسا، وكان أول المناقشين قرداحي الذي قال: "كرمني الدكتور مصطفى وشرفني بهذه الدعوة وفي الحقيقة جئت الى هنا لا لأتحدث في موضوع واسع يحتاج لكثير من المعرفة والادراك، بل جئت اكثر لأستمع واستفيد ممن هم أوسع علما مني في هذا المجال. فأود بداية ان اعترف بأن الحسين صوت الانسانية الخلاق وكتاب لا يشبهه اي كتاب، هو خلطة فكرية وفلسفية وانسانية تدفعك لأن تقرأه مرة واثنين وثلاثا وعشر".
أضاف: "يأخذك في البداية الى أصل المشكلة ويبينها بعرض تاريخي صادق وبسردية واضحة ويمر بك على محطات تاريخية محددة لينقلك الى محطة الألم والشهادة ثم يدخل معك الى رحاب الأمل والرجاء.
في المقدمة يطرح المؤلف اسئلة جوهرية أولها: ما هي الأحداث التي ساهمت في حصول الحدث الكربلائي ثم يطرح السؤال الثاني والأهم: ما هي العلاقة بين الحسين والسلسلة المتصلة من الانبياء في الديانات السماوية بما تضمنته من تعاليم، ويطرح سؤالا أكبر وهو: ما هو مصير الإسلام لو لم يخرج الحسين في ثورته الاصلاحية بل ما هو مصير الاجتماع الديني والانساني عامة".
وتابع: "في هذا الكتاب الجميل ومضات رائعة يتوقف المرء عندها عندما يقول: ما ان يذكر اسم الحسين حتى تتوارد الى الذهن والوجدان عبر حس متزامن مصطلحات الفداء والتضحية والاصلاح والشهادة والعشق ورفض الذلة والهوان والحرية وسوى ذلك من قيم سامية". وفي السياق عينه وتحت عنوان ثقافة التفاؤل المستقبلي أو "النهايات المفتوحة" أعجبني قول الكاتب "ان الموجة الحسينية بقدر ما هي متصلة ببحر الأصل المحمدي فهي متجددة مستمرة ولا تتوقف إلا على شواطىء باعثة برسائل الأمل والتفاؤل بالمستقبل".
وختم: "إذا أغمضت عيني بعد قراءتي لهذا الكتاب وحاولت ان أخرج بخلاصة مختصرة من بضعة سطور حول النتيجة التي توصلت إليها يمتلكني شعور بأن الدكتور بيرم قدم لنا كتابا رائعا ومشوقا قارب فيه شهادة الحسين بطريقة واقعية وعميقة مركزا على معانيها وقت حصولها ثم بعد حصولها ثم بعد ما بعد الحاضر والمستقبل".
جرادي
أما مداخلة مدير عام معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفة الشيخ شفيق جرادي فحملت في طياتها ثناء على مجهود المؤلف، واشار الى ان "نهج الحسين هو نهج مستمر حتى يومنا هذا، ولولا الدماء الطاهرة لما وصل الاسلام الينا، وطالما ان هناك رسالة فإذا لا بد من التضحية". مؤكدا ان "الوزير بيرم أخرج الامام الحسين بكتابه هذا من التأطير الضيق والمحدودية التي يضعه فيها بعض العلماء متناسين ان الحسين لا يعني الشيعة فحسب بل يعني كل الاديان السماوية".
باقر
وقال باقر: "يقدم هذه المقدمات الأساسية لهذا الفهم الاستراتيجي لواقعة كربلاء ويقدم هذه الرؤية الشمولية الاستيعابية لواقعة كربلاء. الكتاب لا يضيع في الزواريب الفرعية لتحليل كربلاء وعاشوراء وإنما يرسم أمامنا مشهدا متكاملا ومسارا مستمرا من الأحداث للفهم العميق والدقيق لما حصل في كربلاء. منذ القرون الماضية قبل كربلاء وخصوصا العقود التي كانت قبل حادثة عاشوراء. ومن ثم بهذه الطريقة يقدم أو يفتح أمامنا بوابة للتطلع إلى المستقبل أيضا. وهذه نقطة مهمة في تحليل واقعة عاشوراء وإيجاد الصلة والربط بين الماضي والمستقبل. هذه النظرة الشمولية أو الاستيعابية او السردية الاستراتيجية قائمة على تسلسل مجموعة من الأحداث".
أضاف: "هذه السردية الكاملة والمتكاملة وكما يقال في علم الاعلام والتواصل السردية الاستراتيجية لا ترتبط باللحظة، الصورة مرتبطة فقط باللحظة لكن السردية الاستراتيجية مثل الفيلم وليست مثل الصورة. الفرق بين صناعة الصورة والسردية الاستراتيجية مثل الفرق بين الصورة (الفوتو) والفيلم. الفيلم متشكل من عدد كبير من الصور وهناك ربط بين كل صورة وصورة بالرغم من أن كل صورة لها خصوصية أيضا، ومن الممكن أن نشاهد هذه الصورة بشكل مستقل؛ فالصورة مستقلة عما قبلها وبعدها لكن الفن والفنان المحترف هو الذي يستطيع أن يقدم هذا التسجيل (فيديو) ومعالي الوزير في هذا الكتاب، وباحترافية تامة استطاع أن يقدم هذا التسجيل الطويل من الأحداث وسلسلة الأحداث والوقائع والمحطات التاريخية المتناثرة في بادي الرأي والنظر لكن في الحقيقة هي مرتبطة بعضها ببعض وهو استطاع أن يقدم ويربط بين كل هذه الأحداث ليصل الى هذه النقطة النهائية والمشهد الأخير في الفيلم. وهذه هي النقطة المهمة جدا في هذا الكتاب".
وتابع: "السردية الاستراتيجية تتضمن عادة مجموعة عناصر مترابطة وإن كانت مستقلة عن بعضها البعض. وصناعة الصورة هي فقط أحد العناصر في السردية الاستراتيجية وليست كلها. ربطا بين الكتاب وموضوع عنوان مرحلتنا وهو جهاد التبيين. اليوم الحرب الأساسية هي حرب لتقديم السرديات ولتشويه السرديات أي أن الحرب هي حرب الروايات والسرديات ولم تعد حرب تقديم الصورة وصناعة الصورة. وهذه مرحلة متطورة من الحرب الناعمة التي نعيش فيها اليوم. تقديم السرديات. رأيتم بالأشهر الماضية الأحداث - وأنا كإيراني بينكم - الأحداث التي حصلت في إيران والحرب الأساسية كانت عن تقديم السردية. وأنا عندما كنت أتجول في لبنان في المدن وفي القرى وفي البلدات، دائما كان الشباب يسألونني بشكل خاص ماذا سيحصل في إيران؟ وماذا يحدث في إيران؟ هم لا يريدون منك تقديم صورة، هم يريدون منك سردية متكاملة ومن مميزات سماحة الإمام الخامنئي أنه فنان ومحترف جدا في تقديم الرواية والسردية الاستراتيجية. فكره استراتيجي بالأصل فلذلك دائما يقدم هذه السردية الاستراتيجية حتى بخصوص الأحداث الأخيرة هو قدم هذه السردية: لماذا ومن أين بدأت الأحداث وإلى أين ستتجه وأين نحن الآن. كما أن سماحة الإمام الخامنئي يقدم سردية استراتيجية عن حياة أهل البيت، ككل وهذا الكتاب المعروف "الإنسان بعمر 250 سنة" هو قصة الإنسان بعمر 250 سنة وأيضا هناك كتاب آخر بنفس الموضوع وتحت عنوان "الحسين مسيرة متواصلة"، حتى عنوان الكتاب قريب جدا من فكرة كتاب معالي الوزير".
وقال: "الحسين مسيرة متواصلة"، هذه السردية المتكاملة والمترابطة والاستراتيجية والنظرة الاستيعابية لحياة أهل البيت عليهم السلام. وهذه النظرية أستطيع أن اختصرها بهذه الجملة، بأن سماحة الإمام الخامنئي يقدم كل الأئمة كأنهم إنسان واحد عاش لمدة 250 عاما إلى موضوع غيبة الإمام الحجة أرواحنا فداه. حياة أهل البيت وكأنهم شخص واحد وليس هناك أشخاص متعددون، وإنما شخص واحد. يجب ان ننظر الى حياة أهل البيت بهذه السردية الاستراتيجية وهناك ارتباط بين إمام وإمام، بين موقف هذا الإمام وهذا الإمام. بين موقف الإمام الحسن عليه السلام وموقف الإمام الحسين عليه السلام. ايضا نقرأ في هذا الكتاب وهو يشرح لنا منذ انطلاقة الإسلام نفهم طريقة حياة أو سيرة الرسول الأعظم صلىالله عليه وآله وسلم ثم نفهم الربط بين سيرة الرسول وسيرة أمير المؤمنين ومن ثم نفهم الربط بين سيرة أمير المؤمنين عليه السلام وسيرة الإمام الحسن عليه السلام وثم نفهم الربط بين سيرة الإمام الحسن عليه السلام والإمام الحسين عليه السلام وكأنه هناك شخص واحد منذ بداية القصة إلى استشهاد الإمام الحسين".
وختم: "للقصة تتمة وبقية بعد الإمام الحسين عليه السلام والإمام الخامنئي يسرد لنا هذه القصة حتى النهاية".
بيرم
في الختام تحدث وزير العمل، فأسهب في الكلام عن "العلاقة بين الله والانسان منذ آدم مرورا بقايين وهابيل وصولا إلى الامام الحسين". ثم تناول مسألة "حرية الإرادة والعدل والمعرفة والعشق التي هي مدرسة الإسلام بالمنظور المحمدي الذي عبر عنه الامام الحسين عليه السلام، تجمع بين المعرفة والعشق لماذا؟ لأن العقل ينفي كل ما هو غير معقول، والعشق ينفي كل ما هو سوى المعشوق، والإمام الحسين اجتمع فيه المعقول والمعشوق فعرف ليس بمعرفة جلالية استدلالية فقط بل بمعرفة جمالية عشقية".
وقال: "هذا العشق لم يأت من تعصب ولا من مجرد عاطفة تخفق، بل جاء من معرفة ولعل المدرسة القرآنية دمجت دمجا رائعا ذكيا بين العاطفة وآليات العقل عندما قال الله : وترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق . فربط بين الدمعة والحق".
أضاف: "أول عقد كرس في الأرض هو عقد عقد الأخوة ، لذلك قال الإمام علي عليه السلام: الناس صنفان ، إما اخ لك بالدين، أو نظير لك في الخلق...وقال الله تعالى: من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا. فأصبحت بذلك قيمة الفرد تساوي قيمة الإنسانية. من عقائدنا من أنكر نبيا كأنه أنكر الأنبياء جميعا، وبما أن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم خاتم الأنبياء جاء بكتاب يصدق ما قبله ، لأن سلسلة تعاليم الأنبياء هي ذاتها إنما الشرائع تتغير ان في الإسلام أو المسيحية أو اليهوديه".
وتحدث "كيف ان يزيد أراد أن يحكم بظلم ولكن بتغطية دينية، كقصة ابليس ، حيث أراد من مبايعة الإمام الحسين له ضرب المنظومة الدينية، ليس في الإسلام وحسب بل في سلسلة النبوات...فكان هناك صراع الإرادات ، فجاء رد الإمام الحسين عليه السلام بموقف ترقبته ملائكة الله ورجال الله منذ آدم إلى خاتم النبيين فقال الإمام الحسين: يزيد فاسق فاجر قاتل للنفس المحترمة، ومثلي لا يبايع مثله لأني اذا انا بايعت مثله ، فعلى أمة جدي السلام وبذلك تم إنقاذ المشروع الكوني، عبر حماية منظومة تعاليم الانبياء من سرقتها وبإسم الدين لكن كان الثمن كبيرا بأن قطع رأس الإمام الحسين من أجل القيمة الإنسانية فقد حفظ المنظومة الدينية وانتصر المشروع الإلهي".
رصد المحور الاخباري