ميقاتي خلال اطلاق الاستراتيجية الوطنية للقطاع الصحي: في صدد اعداد الملف التربوي تمهيدا للدعوة الى جلسة حكومية الظرف الراهن لا يسمح بترف التساجل او التخاصم
الأبيض: نهدف لنظام صحي يضمن حصول الجميع على الرعاية
أكد رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي " اننا في صدد إعداد الملف التربوي المتعلق بإضراب المدارس الرسمية وملف الجامعة اللبنانية، وتسلم الاقتراحات المطلوبة من معالي وزير التربية تمهيدا للدعوة الى جلسة حكومية ثالثة هذا الاسبوع او مطلع الاسبوع المقبل بأقصى حد. كما ستناقش الجلسة أيضاً العديد من الملفات الطارئة التي تشكل أولوية ملحة ولا إمكان لبتها خارج مجلس الوزراء".
وشدد على "أننا وضعنا في الجلستين الحكوميتين اللتين عقدناهما الحلول الخاصة بالقطاع الصحي وملف الكهرباء على سكة المعالجة، رغم كل الاعتراضات غير المنطقية التي سمعناها، والتي حاولت ادخال ملفات الناس الملحة في البازارات السياسية والمناكفات والمزايدات التي ارتدى بعضها، وللأسف، طابعاً طائفياً مقيتاً".
وقال: "ندائي الى الجميع مراراً وتكراراً، الظرف الراهن لا يسمح بترف التساجل أو التخاصم. فلنرحم الوطن والعباد من نقاش عقيم، لا يمت الى الدستور وروحيته بصلة، بل يندرج في سياق مناكفات سياسية يهواها البعض"، مضيفا "نحن نعمل وفق الواجب والدستور بانتظار أن يتم انتخاب رئيس جديد للبلاد، إيذاناً ببدء مرحلة جديدة دستورياً وسياسياً، وسنستمر في العمل براحة ضمير وأولويتنا مصلحة الناس وانتظام عمل المؤسسات ولا شيء سوى ذلك".
كلام الرئيس ميقاتي جاء، في خلال رعايته حفل إطلاق وزارة الصحة العامة من السرايا "الاستراتيجية الوطنية للقطاع الصحي - رؤية 2030".
حضر الحفل وزير الصحة العامة فراس الأبيض، رئيس بعثة الإتحاد الأوروبي في لبنان السفير رالف طراف، ممثل منظمة الصحة العالمية في لبنان الدكتور عبد الناصر أبو بكر وحشد من الشخصيات الديبلوماسية والنيابية والنقابية وممثلي الوكالات الدولية والمنظمات التابعة للأمم المتحدة والمنظمات غير المانحة المحلية والدولية وكبار الموظفين المعنيين بالقطاع الصحي.
كلمة ميقاتي
وقال الرئيس ميقاتي في كلمته: "قد يستغرب البعض وجودنا هنا اليوم لاطلاق "الاستراتيجية الوطنية للقطاع الصحي - رؤية 2030"، فيما الوطن يعيش كماً من الأزمات، لا سيما على الصعيد الصحي، وتواجهنا صعوبة كبيرة في تأمين المستلزمات الطبية والصحية الأساسية.وفي هذه الحالة يكون السؤال مشروعاً عن كيفية اعداد رؤية للعام 2030، فيما نحن في حالة تأزم يصعب معها استشراف امكانات الحل القصير المدى. يجب أن نعترف في هذا المجال بأمر أساسي، وهو أننا منذ عقود، ولا سيما على مدى السنوات الماضية، ركزنا اهتمامنا على أولويات اساسية طبعاً، ولكننا أهملنا وضع رؤية بعيدة المدى لقطاعات أساسية، ومنها القطاع الصحي، الذي يطال جميع اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم وإمكاناتهم".
وتابع ميقاتي: "يمر لبنان بواحدة من أشد الأزمات تعقيدًا في تاريخه الحديث، والتي نجمت عن تداخل الاضطرابات السياسية والانهيار الاقتصادي والاجتماعي. وقد كشفت الأزمات المتتالية التي عانى منها وطننا عن ثغرات في النظام الصحي، منها إعطاء الرعاية المتخصصة الأولوية، على حساب الرعاية الوقائية والأولية، ضعف إمكانات المؤسسات الصحية العامة، تعددية الجهات الضامنة وتعدد تعريفاتها، وتحفيز الطلب الناجم عن العرض، مع وعود غير واقعية وغير مستدامة لتأمين الخدمات الصحية للأفراد. كل ذلك أدى الى أن نظاماً صحياً لطالما تميز بمرونته قد أضحى على شفير الانهيار. نتيجة لذلك، ضعفت القدرة على الاستجابة للاحتياجات الصحية المتزايدة للسكان، وبخاصة للفئات المستضعفة. مع تزايد التحديات وتضاؤل الموارد، برزت أكثر من أي وقت مضى أهمية وضع استراتيجية تسلط الضوء على الأولويات، وتحدد الاتجاه لتجاوز أوجه القصور والبناء على نقاط القوة".
وقال: "اننا على ثقة أن هذه الاستراتيجية، التي تتولاها وزارة الصحة العامة، ستساهم في إعادة هيكلة النظام الصحي ليصبح أكثر إنصافًا وتكاملًا وفعالية، مما يضمن الوصول الشامل إلى رعاية عالية الجودة مرتكزة على الأفراد. وبالتوازي، فإننا في اجتماعات متواصلة مع معالي الوزير، لمتابعة المشكلات والتحديات الآنية وتأمين استمرارية القطاع الصحي والاستشفائي، والتعاون مع المستشفيات الخاصة لتذليل العقبات الطارئة".
وزير الصحة
وقال وزير الصحة في كلمته: "ان وزارة الصحة العامة، وبالتشاور مع جميع الأفرقاء المعنيين المحليين والدوليين، قادت عملية وضع الإستراتيجية الوطنية للقطاع الصحي التي تهدف إلى نظام صحي يضمن حصول الجميع على رعاية صحية ذات قيمة وجودة عالية وتتمحور بشكل أساسي حول حاجات الأفراد".
أضاف: "ان هذه الإستراتيجية تركز على الحاجة إلى استراتيجية للتمويل الصحي تكون الأساس لإصلاح حال التجزئة والضعف التي يسببها تعدد الصناديق الضامنة وتؤدي إلى تمويل صحي مستدام بعيدًا عن الإعتماد على التمويل الخارجي".
ولفت الابيض إلى "وضع الرعاية الصحية الأولية كحجر الزاوية لتقديم خدمات أساسية عالية الجودة وخصوصا للشريحة الأكثر هشاشة في المجتمع"، مؤكدا أن "الإستثمار في الرعاية الصحية الأولية سيؤدي إلى وفر مادي يمكن إعادة استثماره في الصحة وهذا يمهد الطريق لخفض الإعتماد على المساعدات الخارجية في المستقبل".
وشدد على "ضرورة الإستثمار في خدمات أساسية مثل المختبر المركزي ومركز عمليات الطوارئ الصحية وبرنامج مراقبة مقاومة المضادات الحيوية للميكروبات وغيرها من المشاريع، إضافة إلى معالجة الأسباب الجذرية لاستنزاف العاملين الصحيين من خلال تحسين ظروف العمل".
وأكد "أهمية الإعتماد على التحول الرقمي في الإستراتيجية الوطنية للقطاع الصحي كإجراء أساسي لتعزيز الشفافية والمساءلة والمساهمة في استعادة الثقة في المؤسسات العامة"، لافتًا إلى "السعي لإعداد خطة رئيسية لإنشاء نظام المعلوماتية الصحي الوطني".
طراف
من جهته، اعتبر رئيس بعثة الإتحاد الأوروبي في لبنان كلمته أنه قد "آن الأوان لمعالجة أسباب الأزمة وإصلاح النظام ووضع لبنان على سكة التعافي فيتم التحكم تدريجًا بالوضع من خلال المخصصات في الميزانية".
وقال: "ان الاستراتيجية الوطنية للقطاع الصحي مثال على ما يمكن تقديمه للبنان، فهي تحقق الرؤيا للمستقبل القريب حيث يمكن تأمين التغطية الصحية الشاملة للجميع".
ولفت إلى "أن صياغة الإستراتيجية قد تمت بهدف إيجاد الحلول المستدامة والخروج من الإتكال على الرعاية الثانوية والثالثية، وأنها تعنى بحوكمة وهيكلة القطاع الصحي وتحدد إطار التعاون للوزارات المعنية فضلا عن وضع التشريعات والقوانين المناسبة".
وإذ توجه بالشكر للوزير الأبيض، رأى "أننا نخطو اليوم خطوة حاسمة في السبيل نحو إصلاح القطاع الصحي".
أبو بكر
من جهته، وصف ممثل منظمة الصحة العالمية إطلاق الإستراتيجية بـ"الخطوة الحاسمة نحو ضمان الصّحة للناس في لبنان في ظلّ التّحديات الرّاهنة التي تمرّ بها البلاد"، وقال: "ان الاستراتيجية تعزّز الشّراكة لدعم الصّحة وتقترح الإطار الذي تعمل بموجبه كلّ مؤسّسات الدّولة والقطاع الخاص والشّركاء".
اضاف: "إن الاستراتيجية نتاج ثمانية عشر شهرًا من الجهد الدؤوب والعمل اللامتناهي بقيادة معالي وزير الصّحة العامة الدكتور فراس الأبيض والفريق التقني من الخبراء الوطنيين والدوليين الذين كانوا يُسابقون السّياق المُتسارع للأحداث على الصعيد الوطني والاحتياجات الصّحية المتطورة".
وأوضح أن "المرحلة التالية ستكون وضع خطة عمل مفصّلة تتضمن في جوهرها إصلاحات أساسية للنظام الصّحي وبرامج تطويرية لتلبية توقعات الناس"، لافتًا إلى أن "لبنان لا يزال يواجه سلسلة من التّحديات الاستثنائية والأزمات الخطيرة والمضاعفة، ولا بدّ من التركيز على الحفاظ على الرّعاية الصّحية لجميع الأشخاص الذين يجب ألا يفوتهم الوصول للرعاية الصّحية أو أن يخسروا حياتهم جرّاء أمراض يمكن الشفاء أو الوقاية منها".
الاستراتيجية الوطنية للقطاع الصحي
وتنص الإستراتيجية على "إقرار تدابير عاجلة وواضحة لضمان استدامة الإجراءات والمساهمة في تحقيق النتائج المرجوة على المدى القصير والمتوسط والطويل. اما بالنسبة لتمويل القطاع، فتشير إلى إمكان تأمينه من مصادر ووكالات متعددة، بما في ذلك المساعدات الدولية ودعم القروض الميسرة كجسر للانتقال من الدعم الإنساني والطارئ إلى التمويل المستدام.
ضرورة الرقمنة
تحدد الاستراتيجية خمس اتجاهات لتعافي القطاع الصحي هي كالتالي:
1- تمكين وزارة الصحة العامة من تنظيم وضمان وظائف الصحة العامة الأساسية
2- ضمان نظام تمويل وحزم خدمات بهدف الوصول الى تغطية صحية شاملة وإنشاء خريطة طريق لتوحيد صناديق الصحة العامة تحت سلطة صحية واحدة مستقلة
3- تحويل نظام تقديم الخدمات الصحية إلى نظام يرتكز على الأفراد في إطار التغطية الصحية الشاملة من خلال توسيع نطاق شبكة الرعاية الصحية الأولية الوطنية وتحديد المستفيدين من مراكز الرعاية
4- تعزيز الصحة والوقاية من الأمراض، من خلال محاربة الأمراض المعدية وتنفيذ برامج تستهدف الأمراض غير المعدية إضافة إلى تطبيق استراتيجية التغذية الوطنية
5- تعزيز مرونة النظام الصحي وقدرته على التكيف من خلال تقوية اللبنات الأساسية له وتنمية القوى العاملة الصحية والاحتفاظ بها.
وتشدد الإستراتيجية على ضرورة الإستثمار في نظام المعلومات الصحية، باعتبار أن الرقمنة تؤدي الى اتخاذ قرارات مبنية على الأدلة والبراهين وتساعد على تجنب الازدواجية في التغطية والاستفادة من الخدمات، كما تسهم في استهداف الفئات المستضعفة، وتشمل المؤشرات ومراقبة سلامة المرضى، والأهم من ذلك كله أنها تضمن الشفافية وتفسح المجال للمساءلة.
رصد المحور الاخباري