المقال السابق

لبنان  ميقاتي: سنتخذ الخطوات المطلوبة لمنع النزوح السوري
07/09/2023

المقال التالي

دولي شويغو: الهجوم الأوكراني المضاد فشل على كل الجبهات
06/09/2023
خاص هذه رسالة زينب عليها السلام 

سامية فضل الله*

زينب الحوراء عليها السلام ، عقيلة بني هاشم.. زينب بطلة كربلاء، الصامدة الصابرة.. زينب راعية الأيتام، حاملة الرسالة.. زينب الخطيبة البليغة الرسالية، التي هزت عرش الطاغيه بفصيح بيانها، وقوة شخصها.. زينب حفيدة محمد وخديجة، بنت علي وفاطمة، أخت الحسن والحسين والعباس.. من مثل زينب!! من يقاربها أو يدانيها في علم أو بلاغة أو بطولة، أوحسب ونسب؟!!.
نحن نساء القرن العشرين.. نتفاخر بأننا خرجنا من القمقم، وخلعنا العباءة والبرقع.. تعلمنا ودخلنا المدارس والجامعات، وتخرجنا طبيبات ومهندسات ومحاميات.. عملنا في مختلف المجالات، ونلنا الوظائف والدرجات، وشاركنا الرجل في العمل والمسؤوليات.. وكانت منا الأديبة والشاعرة، ومنا الوزيرة والنائبة.. ولكن.. 
ولكن تبقى "السيدة زينب" النموذج، هي الأسطورة بين النساء.. متفردة في كل العصور، ببلاغتها وعلمها، وقوتها وثورتها، وصبرها وإيمانها.. إنها حالة بذاتها، لم ينجب الزمان لها مثيل. 
انظروا إليها في العام ٦١ للهجرة، أي قبل ألف وخمسمائة سنة، انظروا إليها تأبى إلا أن تخرج مع أخيها الحسين، مشاركة وداعمة له في ثورته الربانية المحمدية العلوية.. تخرج من بيت الرسالة والعزة، محاطة بأبناء وإخوة وأبناء إخوة، هم السادة من بني هاشم، تعتلي هودجها على كفي "العباس" فارس العشيرة وقمرها.. وتمضي مع الركب المبارك إلى أرض "كربلاء"..
هناك نرى زينباً أخرى، تسهر وتحمي وتدافع وتداوي.. تتحمل الجوع والعطش، لتغذي عزيمة الجيش (الصغير) بصمودها، وترويه بمواقفها.. تصبّر النساء، وترعى الأطفال، وفي ليلة المعركة تتفقد الأبناء والإخوة، وتتأكد من ولاء الأصحاب وثباتهم.. 
انتهت المعركة وسقط الحسين وأصحابه وآل بيته شهداء الحق والقضية.. وتستعرض زينب الأجساد الطاهرة، وهي مطروحة فوق الرمضاء، مرضوضة بسنابك الخيل، وترى الرؤوس الشريفة، وقد حُملت على أسنة الرماح، فهل انهارت، أو حتى ضعفت؟! ثم تُساق هي والحرائر الهاشميات وأطفال بيت النبوة، سبايا، من مِصر إلى مِصر، وقد حرّقت جلودهم الشمس، وأدمتها سياط الكفر والجور.. فهل كُسرت؟ هل انحنت؟ هل خضعت؟ حاشا وكلا، وقفت في مجلس الطاغية بشموخ الرسالة التي تحملها متحدية خطيبة.. وعندما سُئلت كيف رأيت فعل الله بأخيك، قالت: "والله ما رأيت إلا جميلا".. 
تعود زينب الي مدينة جدها، بعد كل ما عانت، فهل استسلمت؟
كلا، بل تابعت ما رأته واجبها ورسالتها بعد شهادة أخيها.. أخذت تحث أهل المدينة على الثورة وعلى الثأر وعلى خلع "يزيد" الفاسق، فجاء القرار بنفيها.. منهم من قال إلى الشام، ومنهم قائل إلى مصر.. وفي منفاها أسلمت الروح، وبقي ذلك الصوت الآتي من المدينة ومن كربلاء ومن الشام، يصدح بالحق، في كل الأمصار التي عَبَرها، يُرعب الظلّام على مر العصور.. وبقيت تلك الكلمات النبوية تجدد الذكرى، من عام إلى عام، في العقول قبل القلوب:
"فكدْ كيدك، واسْعَ سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا... وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين ".


*ناشطة اعلامية واجتماعية 

خاص المحور الاخباري

الكلمات المفتاحية

مقالات المرتبطة