الاخبار- زكية الديراني الجمعة 29 آذار 2024
«كانت صدمة كبيرة». بهذه الكلمات اختصر أحد العاملين في صحيفة «نداء الوطن» خبر إقفال الجريدة الورقية التي أصدرت اليوم عددها الأخير الذي يحمل الرقم 1375. من دون سابق إنذار، تبلّغ موظفو «نداء الوطن» الذين يبلغ عددهم حوالي أربعين بين صحافي وإداري، خبر وقف الإصدار الورقي للصحيفة التي عاودت الصدور عام 2019، إذ لم يعقد رئيس تحريرها بشارة شربل اجتماعاً مع الموظفين لإبلاغهم بقرار الإغلاق، بل أُعلم هؤلاء بطريقة مفاجئة من مديرها الإداري رجا الراسي، على هامش تسلّمهم رواتبهم الشهرية، مبلّغاً إياهم بأنّه سيكون «المعاش الأخير»، عارضاً عليهم مواصلة العمل في الموقع الإلكتروني لشهر من دون أي مردود مالي، مع وعد بالوصول إلى علاج للأزمة المالية. كما عرضت الإدارة على مجموعة من الموظفين إصدار عدد PDF من الجريدة طوال شهر نيسان المقبل، على أن يتم خلال ذلك البحث عن مموّل للموقع الإلكتروني يُعيد إليه الحياة. ولدى سؤال الموظفين عن حقوقهم، سمعوا تلميحات بأن الإدارة تنوي إعلان إفلاسها لتتهرّب من دفع التعويضات.وكما الموظفين كانت «نقابة المحررين» آخر من يعلم بقرار الجريدة أيضاً. وأوضحت مصادر النقابة أنها تلقّت من إدارة الصحيفة التي أسّسها المدير العام لـ«شركة مكتف للصيرفة» ميشال مكتّف (توفي عام 2022)، رسالة بأن الجريدة أوقفت طبعتها الورقية وستواصل العمل في الموقع الإلكتروني ريثما يتم العثور على مموّل لسدّ عجزها. وبحسب المصدر نفسه، فإن قرار وقف الصحيفة بهذا الشكل المفاجئ ومن دون إبلاغ الموظفين قبل ثلاثة أشهر به، يُعتبر خرقاً لقانون العمل اللبناني تُحاسب عليه إدارة الجريدة، وينمّ عن استخفاف بالموظفين وحقوقهم، كما حصل مع مؤسسات عدة لم تدفع لغاية اليوم أيّ حقوق لموظفيها. وهو ما حصل سابقاً مع جريدة «البلد» التي كان شربل يرأس تحريرها أيضاً، قبل أن تقفل أبوابها عام 2018. كذلك، لقيت صحيفة «الحياة» السعودية التي كان الراسي مديراً عاماً لها المصير نفسه، إذ توقفت عن الصدور في العام نفسه، ولم تدفع حتى اليوم تعويضات موظفيها.
وأشار المصدر النقابي إلى أنّ الموظفين لم يقرروا بعد خطوتهم القانونية المقبلة، منتظرين انقضاء فترة الأعياد لتتّضح الصورة. وتتخوّف النقابة من أن يكون قرار الصحيفة بالصدور إلكترونياً لمدة شهر، بمثابة تهرّب من مسؤولياتها لدفع حقوق الموظفين. والمفاجئ أن إدارتها لم تصدر أي بيان رسمي حول أسباب توقيف عددها الورقي، ولا أي تعميم داخلي للموظفين بقرارها المستجدّ، ما يطرح علامات استفهام حول طريقة تعامل الإدارة مع الصحافيين الذين وجدوا أنفسهم فجأة من دون عمل لأسباب لا يعرفونها.
ولفتت مصادر متابعة إلى أنه رغم أنّ حزب القوات اللبنانية كان يساعد في تمويل الصحيفة التي عكست خطّه، إلا أنّه لم يعد قادراً على مواصلة الدعم في ظلّ تراجع مبيعاتها، وفشلها في تأدية المهمات السياسية المطلوبة منها في مواجهة حزب الله وحلفائه، وعدم استعداد الخليج لدعمها مفضّلاً عليها «الإعلام البديل» والمنصّات الإلكترونية. وبعدما قرّرت عائلة مكتف سحب يدها من تمويل الصحيفة نهائياً، خصوصاً أنّها ليست مهتمّة بأيّ مشروع سياسي على عكس مؤسّس الصحيفة، راحت الصحيفة تتخبّط في صراعاتها المالية، وسط كلام عن رفض الإمارات والسعودية المساهمة في التمويل. كذلك تبيّن أنْ لا صحة لما أُشيع من قبل إدارة الصحيفة سابقاً عن وجود مفاوضات مع شخصيات سياسية وإعلامية للمساعدة في إنقاذ الجريدة، وأن هذه الأخبار كانت مجرّد شائعات صادرة عن إدارة «نداء الوطن» بهدف رفع أسهمها وسط كلام عن خسارة تُقدّر بملايين الدولارات خلال السنوات الخمس من عمرها.
صحيفة الاخبار