الاخبار : «الجزيرة»...عودة «الإخونجي» إلى صباه
كتبت صحيفة الاخبار :
إنّها «حرب شاشات» على حد تعبير أستاذة العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية ليلى نقولا في تغريدة وصفت الحرب الدائرة في سوريا. وبالفعل، فإنّ رحى هذه الحرب تدور بشكل أساسي على الساحة الإعلامية. بعدما نجحت غزّة في توحيد الصفوف الإعلامية بنسب مختلفة، ها هي الحرب على سوريا تقسمها مجدداً في مشهد رأيناه سابقاً، وها هو يتكرّر اليوم. انسحب هذا الأمر بشكل أساسي على قناة «الجزيرة» التي يبدو أنّها عادت إلى قواعدها سالمةً! فقد بات معلوماً أنّ الحرب التي شهدتها سوريا في بداية عام 2011 كانت مدعومة من «الجزيرة»، وقامت على الفبركة والتضليل الإعلاميين والتحريض ضدّ الدولة السورية وليس فقط النظام. وبسبب ذلك، خسرت المحطة التي تأسّست عام 1996، جزءاً كبيراً من مشاهديها العرب بسبب دعمها للحرب الأهلية في سوريا. لم تصوّب «الجزيرة» بوصلتها من جديد إلا مع انطلاق معركة «طوفان الاقصى»، فقامت بعملية إعادة تموضع، رافعةً لواء حركات المقاومة في غزة ولبنان، ولو أنّ تعاطيها مع الساحة اللبنانية اختلف عن مقاربتها للمقاومة الفلسطينية. في كل الأحوال، لطالما كانت الازدواجية ديدن «الجزيرة»، فهي تدعم حركات المقاومة بطريقة استنسابية من جهة، وتستضيف الصهاينة على شاشتها من جهة أخرى بحجة «الرأي والرأي الآخر». وهذه السياسة تعتمدها أيضاً في الحرب الدائرة في سوريا بعدما تعلّمت درساً من تغطيتها السابقة لها، معتصمةً بهذا المبدأ في انتظار اتّضاح نتائج الحرب، وتكشّف السياسة الأميركية الجديدة مع تسلّم دونالد ترامب مقاليد الحكم في العشرين من كانون الثاني (يناير) المقبل.
تخشى المحطّة القطرية خسارة جمهورها الذي استعادته إبّان «طوفان الأقصى»
في هذا السياق، تلفت المعلومات لنا إلى أنّ «الجزيرة» تخشى خسارة جمهورها الذي استعادته إبّان «طوفان الأقصى»، فأدخلت أخيراً مصطلحات جديدة تحاول ترسيخها في أذهان المشاهدين. فقد أطلقت على الجيش السوري تسمية قوات وزارة الدفاع وعلى الجماعات التكفيرية تسمية «فصائل المعارضة» في عملية rebranding أو إسباغ هوية جديدة مقبولة على الجماعات الإرهابية، مع إعطاء مساحة أكبر لها في التغطية ودعمها ومرافقتها في المدن السورية التي تدخلها. وفتحت الشبكة الهواء مباشرة لاستقبال المحللين من سوريا وتركيا، الذين يتوقّفون عند أهمية سقوط المدن في يد «المعارضة المسلّحة» التي أعلنت عن تقدّمها في عدد من المناطق.
في المقابل، تشير المعلومات إلى أنّ سياسة القناة «الإخونجية» تتماهى مع السياسة القطرية التي تتبنى خطاب المعارضة، مع العلم أنّ الدول الخليجية الأخرى، تقف هذه المرة على الحياد، متخوّفة من انفجار سوريا من جديد، وخصوصاً في ظلّ استئناف العلاقات بين دمشق والرياض وإعادة فتح السفارتين في البلدين. ويمكن وصف أداء «الجزيرة» الحالي بالحذر، لكنّ مراسلي القناة في سوريا يسترسلون في مداخلاتهم في الهجوم على النظام السوري، في محاولة من المحطة للتحايل ونفض يدها من تبنّي خطاب حادّ ضد النظام بشكل مباشر. وتشير المصادر إلى أنّ «الجزيرة» خصّصت صفحاتها على السوشال ميديا لبث أخبار التكفيريين وتصويرها على أنها «انتصارات»، لاعبة على العامل النفسي في نشر الفيديوهات التي تصوّر تقدّم هؤلاء. وتلفت المصادر إلى أن تغطية «الجزيرة» تعمل على تمزيق سوريا، وتعزيز جبهة «النصرة» والجماعات التكفيرية إعلامياً، نزولاً عند الإملاءات الأميركية والإسرائيلية، على اعتبار أنّ سوريا تعتبر سند المقاومة، والحرب عليها تخدم إسرائيل وأميركا، إذ تحول دون إدخال السلاح إلى لبنان.
ولم تكتف قطر بسياسة «الجزيرة» التحريرية فقط، بل إنّ تغطية «التلفزيون العربي» أيضاً تخدم سياسة تلميع صورة الجماعات التكفيرية في سوريا. منذ انطلاقته عام 2015 لم يحقق «التلفزيون العربي» أي أصداء على الساحة الإعلامية، فقُلِّصت ميزانيته. لكنّ القائمين عليه قرروا أخيراً تعويمه مالياً وتوجيهه نحو الحرب في سوريا. وقد رافقت كاميرا التلفزيون المقاتلين على الجبهات السورية في بثّ مباشر، ليصوّر تقدّم التكفيريين في مدينة حلب وجوارها. كما يشن التلفزيون الذي يديره عزمي بشارة، حملات تشويه ضد روسيا وسوريا، في محاولة لقلب المشهد الإعلامي لمصلحة التكفيريين.
صحيفة الاخبار