قال نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب في خطبة الجمعة: نحن في ما نعيشه الآن ذهبنا إلى الخطر الكبير، إلى المكوّنات الطائفية وإلى المكونات المذهبية التي نرى آثارها المدمرة اليوم على العالم العربي وعلى العالم الإسلامي وعلى شعوب المنطقة وعلى الوطن الواحد كما هو حاصل في لبنان، في القضايا الكبرى التي يتعرض لها لبنان.
اليوم هناك خطر وجود على هذا الوطن، خطر البقاء الذي يتعرض له لبنان. للأسف ان المكونات الداخلية اللبنانية لا تتعاطى مع هذه الاخطار على أنها خطر على الجميع، بل البعض يرى بأن هذه الاخطار التي يتصور أنها على مكون واحد أنه بمنأى عنها، بل يحاول دفعها إلى الأمام والاستفادة منها لما يعتبره أنها فرصة للاستفادة التاريخية لتحقيق مشاريع وضيعة ومشاريع طائفية أو مذهبية، وهو لا يرى، مثل الإنسان الذي لديه بستان حوله عشب يابس ينظر إلى أن هذا العشب يابس يجب أن يتخلص منه دون أن يلتفت إلى جيرانه فيشعل النار لكي يتخلص من العشب (قياس مع الفارق) فيرى أن هذا العشب يضره فيشعل فيه النار فيتعدى من جاره إليه وإلى داره".
نحن اليوم هكذا. أيها الإخوة، نحن رأينا على مدى فترات زمنية متتابعة ومتوالية سلسلة من الأحداث والتداعيات التي يجرّ بعضها بعضاً. ما حصل في العراق وما حصل في لبنان وما حصل ويحصل في سوريا وما يحصل في بقية العالم العربي والعالم الإسلامي، الشيء الخطير الذي يجد كل مكوّن من هذه المكونات نفسه مشغولاً بالمكون الآخر، والمستفيد الوحيد من كل ما يجري هو المشروع الأمريكي الصهيوني الذي تمهد له هذه الأحداث الداخلية في العالم العربي والعالم الإسلامي بتحقيق الأرضية اللازمة لتحقيق مشروعه دون أن يدفع ثمناً، كما هو المشروع الامريكي الذي بدأ في العراق واعترف الامريكي فيه بخلق "داعش". وان الولايات المتحدة الامريكية بعد سلسلة الإخفاقات عند احتلالها لأفغانستان واحتلالها للعراق، اخترعت هذه الوسيلة الخبيثة كي لا تخسر شيئا وان لا تخوض هذه الحرب بنفسها وان لا تدفع الاثمان من خزينتها ومن ابنائها ولتدمر المنطقة بعضها بعضاً".
وأكمل الخطيب :" اليوم ما يحصل في سوريا ليس عملا منفصلا عما حدث، هو نتيجة، يقولون في المنطق "النتائج تتبع أخس المقدمات"، الفساد، الأحداث، النظرة هي التي أدت إلى ما يحدث في سوريا، انطلاق النزعات المذهبية والطائفية التي عمل عليها الغرب ووقعت فيها بعض دول المنطقة ، وصارت فيها إما خوفا وإما مالا وإما طمعا. هي التي أوصلت سوريا إلى ما وصلت اليه، ما يحدث في سوريا خطير جدا واختيار سوريا لهذا المشروع لإشعال هذه النار في سوريا وسوف لن يبقى في سوريا، لن يبقى في سوريا إذا لم تتدارك الأمور، لم تتداركها الدول العربية الكبرى المسؤولة، إذا لم تتعاون الدول العربية والإسلامية في ما بينها، وهو ما أطلقناه سابقاً على التعاون بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية وتركيا".
وسأل :" هل ما يحصل في سوريا هو لصالح أي منها؟ ليس لصالح أحد، الآن التنازع على سوريا اوصلنا الى الاحداث الاخيرة التي تحدث للأسف، والى تشجع المكونات الطائفية والمذهبية على بعضها البعض واشعال النار في جنوب سوريا الذي تستفيد منه اسرائيل ، تخسر فيه تركيا كما خسرت فيه ايران، كما خسرت فيه الدول العربية جميعاً. ما يحصل اليوم في جنوب سوريا او ما حصل في الساحل السوري او ما يحصل في شمال سوريا هو لصالح من؟ اذا كان بعض البلاد العربية والاسلامية يرى في ما يحدث انه لصالحه فهو مخطئ. انه ليس لصالح احد على الاطلاق وانما لصالح المشروع الغربي والمشروع الامريكي لمواجهة الاتجاه والنهج المقاوم لشعوب المنطقة الذي يحتاج إلى كل مكوناتها لدفع الخطر عن هذه الأمة".
أضاف :" الخطر هو المشروع الصهيوني الذي وصلت يده إلى أن يضرب إيران وأن تكون عبر بعض البلاد العربية وأن تشارك بعض البلاد العربية في إسقاط الصواريخ الإيرانية التي تتجه نحو فلسطين، أين نحن الآن؟ لذلك نحن نناشد الإخوة في سوريا والمكوّنات، لو كان أحد يفكر بالانتصار على الآخر فإنه خاسر. المشروع أن لا تبقى سوريا دولة واحدة، لقد حصل هذا في لبنان واستطاع اللبنانيون في الماضي أن يقفوا في وجه تقسيم لبنان وأن نصل إلى اتفاق الطائف، ولكن أين هو اتفاق الطائف؟ لماذا لم يستكمل تطبيق اتفاق الطائف؟ من الذي منع تطبيق اتفاق الطائف؟".
وتوجه العلامة الخطيب الى اللبنانيين :" إن سلامة لبنان ووحدته امام ما يجري في المنطقة اليوم مصيرها مصير خطير، لأن ما يجري في سوريا يحتاج الى الكثير من الجهد ومن الوعي لمنع ان تحصل له ترددات في لبنان، والا ننجرّ في لبنان لسبب او لآخر الى الوقوع في هذا الفخ.
أنا اقول ان ما يجري في سوريا ليس المقصود فيه سوريا فقط، وانما المقصود فيه المنطقة العربية كلها ولبنان بالخصوص. لقد حاول الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الامريكية أن يضرب المقاومة في لبنان، ولكنه لم يستطع، ثم الآن يحاول بطريقة اخرى أن ينهي المقاومة ويسحب قوة لبنان من يدي هذه المقاومة، ولكنه حتى الآن لم يستطع، وان ما اطلقه المبعوث الامريكي اخيراُ لم يكن بريئًا. ما يحدث في جنوب سوريا ليس بعيداً عن التخطيط الأمريكي، وإذا كان يرى بأن اللبنانيين ليسوا سائرين في المشروع الذي يريده وهو دفعهم الى التقاتل الداخلي لإجبار المقاومة على نزع سلاحها، فهو اليوم يأتينا من هذا الباب.
انتبهوا أيها اللبنانيون.. يأتينا من هذا الباب التقاتل الطائفي في جنوب سوريا لأنه يريد ان تكون تداعياته في لبنان بسبب التداخل الديمغرافي بين لبنان وبين سوريا، وبالتالي المشروع هو محاصرة المقاومة في لبنان وإجبارها على استخدام سلاحها في صراعات داخلية وفي الداخل اللبناني.
انتبهوا أيها اللبنانيون.. أنا أدعو فخامة رئيس الجمهورية وبقية المسؤولين إلى الدعوة إلى مؤتمر حوار وطني داخلي لتحصين الداخل اللبناني من تداعيات ما يجري في سوريا. إذا كنا غير قادرين على أن نؤثر في الساحة السورية فعلينا أن نُحصّن واقعنا، الواقع اللبناني، الوحدة الداخلية اللبنانية التي لا سمح الله إن اشتعلت النار فيها سوف لن تبقى للبنان أثراً ولا وجوداً ولجميع مكوناته ،حفظاً للبنان حفظاً لمكونات لبنان الطائفية والمذهبية، نحن مصيرنا جميعاً مصير واحد، نحن نركب في سفينة واحدة، نحن موجودون في غابة واحدة إذا اشتعلت النيران فيها فلن يبقَ فيها بيت سالم".
وختم الخطيب :" أسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ لبنان وأن يحفظ الشعب اللبناني وأن يكون اللبنانيون أكثر وعياً في هذه اللحظات المصيرية".
رصد المحور الاخباري