المقال التالي

دولي الأمم المتحدة: ماجرى في الساحل السوري يرقى إلى جرائم حرب
14/08/2025
حزب الله الشيخ قاسم: الحكومة التي تخدم المشروع الاسرائيلي تتحمل مسؤولية أي إنفجار داخلي 

أكد الامين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم، "أن المقاومة لن تسلم السلاح ما دام العدوان الصهيوني مستمرا على لبنان وما دام الاحتلال قائما وسنخوضها معركة كربلائية وسننتصر فيها"، وفي خطاب له في ختام مسيرة ذكرى اربعين الامام الحسين عليه السلام في بعلبك،شدد الشيخ قاسم على "أن الحكومة اللبنانية بقراريها حول مايسمى حصرية السلاح وورقة براك، إنما تنفذ الامرالاميركي والاسرائيلي بإنهاء المقاومة ولو أدى ذلك الى حرب اهلية"، واتهم الحكومة بأنها "تقوم بخدمة المشروع الاسرائيلي"، وجزم الامين العام لحزب الله أنه"إذا فرضت علينا المواجهة فنحن لها"، وقال "إن الحكومة تتحمل المسؤولية لأي فتنة يمكن ان تحصل ومسؤولية أي انفجار داخلي".  

وفيما يلي النص الكامل لخطاب سماحة الشيخ قاسم :

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق، مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي القاسم محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه الأبرار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والصالحين، إلى قيام يوم الدين.

 السلام عليك يا أبا عبد الله، وعلى الأرواح التي حلّت بفنائك. عليكم مني سلام الله ما بقيت وبقي الليل والنهار، ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم.

السلام على الحسين، وعلى علي بن الحسين، وعلى أولاد الحسين، وعلى أصحاب الحسين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحيي هذه الحشود الحسينية التي أتت من كل القرى في مدينة بعلبك، وفي منطقة بعلبك - الهرمل، هذه الحشود التي أتت تعبيرًا عن إحياء ذكرى أربعين الإمام الحسين عليه السلام، لترفع الراية مجددًا، مؤيدة ومباركة وعاملة من أجل أن تكون على هذا الدرب العظيم.

وأحيي الحشود العظيمة الكبيرة المليونية التي سارت على درب الأربعين إلى كربلاء المقدسة، من أجل إحياء هذه الذكرى العظيمة.

 في هذا اللقاء، سأتحدث عن ثلاثة أمور:

الأمر الأول هو عن الذكرى، ذكرى عاشوراء، ذكرى الأربعين، أربعين الإمام الحسين سلام الله تعالى عليه.

والأمر الثاني عن انتصار تموز سنة 2006.

والأمر الثالث عن الأوضاع السياسية التي نعيشها في بلدنا.

 
أبدأ بالذكرى العظيمة التي اجتمعنا من أجلها، ذكرى الأربعين. هي إضاءات الإمام الحسين عليه السلام التي لا تتوقف عبر الزمن، بل وتزداد دائمًا كلما أحيينا هذه الذكرى، كلما اكتشفنا إمكاناتها، وإضاءاتها، وعطاءاتها، وعظمتها.

هذه الذكرى لها إضاءات، سأذكر بعضها في هذا اللقاء.

الإضاءة الأولى: أن الإمام الحسين سلام الله تعالى عليه، بحركته ونهضته وثورته في كربلاء مع أهل بيته وأصحابه، ثبت قواعد الدين الحنيف، ثبت الاستقامة، والعزة، والتمهيد لصاحب العصر والزمان، أرواحنا لتراب مقدمه الفداء. وخرج لطلب الإصلاح: "إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله". هذا الإصلاح، لإعادة الدين إلى مساره الصحيح، على المستوى العملي، وعلى المستوى السلوكي، وعلى مستوى الحكم، والقيادة، والإدارة.

إقامة الدين إنما تكون بعزة، ومعنويات عالية، وموقف قوي في مواجهة التحديات. وهذا ما فعله إمامنا الحسين سلام الله تعالى عليه مع أهل بيته وأصحابه. هي العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، الذين لا يخضعون لباطل ولا لانحراف، مهما كان، ولا يتأثرون بهذه التحديات وهذه الأعمال الشنيعة التي يقوم بها الأعداء لثني المؤمنين عن موقفهم.

هي العزة، وهذا الموقف من الإمام الحسين عليه السلام، هيأ الأرضية المناسبة لظهور الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، الذي ستسير معه الثلة المؤمنة الطاهرة على مستوى العالم، بعد أن يكون المؤمنون قد محصوا وغربلوا، ومروا بمراحل صعبة ومعقدة، وواجهوا التحديات، ليأتي الفرج.
نحن على خط الفرج إن شاء الله، ببركة جهاد وثورة الإمام الحسين سلام الله تعالى عليه.

 الإضاءة الثانية: أن شهادة الإمام الحسين عليه السلام، وأهل بيته، وأصحابه، هي شهادة لم تقتصر على ربح الفرد لحياته بعد شهادته. يعني في الآية الكريمة: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ﴾. هذا كسب لمن يستشهد في سبيل الله تعالى.

ولكن نحن هنا في الكسب الأعظم: "وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ".

يستبشرون بكم، أيها المؤمنون المجاهدون عبر التاريخ، الذين ستصدون بطريقة حسينية، وتقفون بطريقة كربلائية.

لقد حول الإمام الحسين عليه السلام الشهادة من الفرد إلى إحياء الجماعة. فشهادته ليست حياة له فقط، ولا لأصحابه. شهادته هي حياة للأمة، تستنهل منها وتأخذ منها لمستقبلها.

ثالثًا: كربلاء مدرسة العشق الإلهي، حيث لا معنى للجسد والدنيا، وإنما القيمة للروح والإنسان.

 هكذا وجدنا أن الإمام الحسين عليه السلام مع أهل بيته وأصحابه عشاق لله تعالى، يُصلون في اللحظة الصعبة، إقامة للواجب، وإقامة للدين، يدعون الله تعالى راجين أن يعطيهم في لحظات الشدة، والعطاءات، يقدمون دماءهم قربة إلى الله تعالى. هم عشاق الله تعالى، الذين اجتباهم واختارهم، ورفعهم إلى المقامات العليا. هذه هي كربلاء.

 رابعًا: بين اليوم والأمس، كل يوم عاشوراء، وكل أرض كربلاء، كما قال الإمام الخميني قدّس الله روحه الشريفة. وهذا مستمد من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "وأنا من حسين، حسين مني وأنا من حسين"، بالاستمرارية والعطاءات التي لا تتوقف.

اليوم نحن نبني مجتمعنا، ونبني مستقبلنا، ونبني أولادنا وأطفالنا، ونبني حياتنا على قاعدة هذه التربية الحسينية الكربلائية الزينبية، التي تذوب عشقًا لله تعالى. كل أرض عندنا كربلاء العشق، والعطاء، والعزة، والاستقامة. كل زمان عندنا هو زمان النصر، والعطاء، والتضحية، والوصول إلى الأهداف الكبرى. نحن نتربى على هذا النهج العظيم، لنكون في الموقع الإنساني الصحيح. وهيهات من الذلة.

 الإضاءة الخامسة: نحن بين خيارين، بين خيار أن نكون مع الحسين أو أن نكون مع يزيد، في كل محطة من محطات التاريخ، في هذا العصر، خيارنا أن نكون مع حسين العصر، حسين العصر الذي تجسّد وتمثل بعطاءات ومواقف الإمام الخميني قدّس الله روحه الشريفة، وتابعه الإمام الخامنئي دام ظله، وسار على نهجه الشيخ راغب، والسيد عباس، وسيد شهداء الأمة، السيد حسن رضوان الله تعالى عليه، والصفي الهاشمي، وكل هؤلاء الذين يقدمون في سبيل الله تعالى. هذا الخط يتواصل إلى الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف. نحن مع حسين العصر. نحن مع الاتجاه المقاوم. نحن مع الحق ضد الباطل. نحن مع تحرير فلسطين. نحن مع العطاءات التي تؤدي إلى أن نكون قد قمنا بواجبنا تجاه الله تعالى. وضد يزيد العصر، المتمثل بالطاغية الأمريكي، وبالطاغوت الإسرائيلي، والعدوان الإسرائيلي، وكل أولئك الذين يسيرون على هذا النهج. نحن ضد النهج كائنًا من كان من يمثله ومن يقف معه. نحن نحاول أن نقف دائمًا لنثبت الحق، مهما كلّفنا ذلك. هذه هي كربلاء.

المقاومة اليوم هي نتاج مدرسة كربلاء. هي مؤمنة، عاشقة لله تعالى.هي الحياة للأمة. هي على درب الإمام الحسين عليه السلام. هي الراية التي ستُسلم إلى صاحب العصر والزمان، أرواحنا لتراب مقدمه الفداء. فلنقل معًا ما يؤدي إلى المساعدة بالدعاء لظهور صاحب العصر والزمان.

فلنردد معًا، وسأقول دعاء الفرج، لنقوله معًا إن شاء الله تعالى:
«اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة، وفي كل ساعة، وليًا وحافظًا، وقائدًا وناصرًا، ودليلًا وعينًا، حتى تسكنه أرضك طوعًا، وتمتعه فيها طويلاً برحمتك يا أرحم الراحمين». وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ.

 النقطة الثانية: في 14 آب سنة 2006، احتفلنا بانتصار تموز سنة 2006. خاضت المقاومة وشعبها وجيشها حربًا عدوانية كبيرة لمدة 33 يومًا، وكانت النتيجة أن حققنا النصر الكبير من خلال معركة الوعد الصادق، التي واجهنا بها هذا العدو الغاشم، إسرائيل ومن ورائها. نتيجة هذا النصر هو من بركات المدد الإلهي، المحمدي، العلوي، الحسيني، المهدوي.

نصرنا نصرٌ إلهي، لأن الله أعاننا على قلة العدد والعدة، وعلى كثرة المجتمعين ضدنا. الله أعاننا بقوة القلب، وحكمة العقل، وجرأة اليد، وشجاعة الإقدام، والاستعداد للتضحية، وعطاءات الدم، والجرح، والأسر، من أجل أن نحقق هذا النصر الكبير. وقد حققناه بحمده تعالى، واعترف الإسرائيلي بهزيمته.

هذا الانتصار في تموز هو انتصار الإرادة، هو انتصار المقاومة، هو التحرير للأرض، هو هزيمة لإسرائيل، منعها من الاحتلال والاستيطان، والتأمل بهذا الواقع اللبناني من أن يأخذوا منه ما يريدون. هو انتصار لثلاثية الجيش والشعب والمقاومة.

حقق انتصار تموز ردعاً لإسرائيل لمدة سبعة عشر عامًا، لم تتمكن إسرائيل خلال هذه الأعوام أن تقوم بعدوان، خشية من حضور المقاومة، وقوة المقاومة، وأهل المقاومة. وخلال هذه الفترة، سهّل النصر عملية الإعمار للجنوب ولبنان، وهذا كان عظيمًا. هنا نذكر دور القيادة الملهمة، لسيد شهداء الأمة، السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه، الذي قاد هذه الحرب ببأس وشجاعة وثقة بالله تعالى، واعتقاد وإيمان بالنصر المؤزر. وقد رأى الجميع مواقفه ودوره وأداءه في تحقيق هذا الإنجاز.

هذه القيادة كان معها عماد وفؤاد وكركي وعقيل وأحمد، على درب الشيخ راغب، والسيد عباس، والسيد هاشم، والشيخ نبيل، والمجاهدين، والجرحى، والأسرى، وأهلنا الشرفاء. هذه القيادة استطاعت أن تغير المعادلة.

هنا، ومن باب الوفاء، لابد أن نقول، وبالفم الملآن: شكرًا للجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي دعمتنا بالمال، والسلاح، والإمكانات، والمواقف الإعلامية والسياسية، وتحملت إلى جانبنا، وقدمت شهداء: الحاج قاسم رضوان الله تعالى عليه، وباقي الشهداء، في هذه الأرض البعيدة عن أرضهم، ولكنها القريبة من قلوبهم، ومحبتهم، وإيمانهم، ونصرتهم للحق. نشكر إيران، إيران القائد الإمام الخامنئي دام ظله، وإيران الشعب، وإيران الحرس الثوري، وكل القوى الأمنية والعسكرية، وإيران الحكومة والمسؤولين. كلهم كانوا إلى جانبنا، ولا يزالون حتى الآن، وإن شاء الله ستبقى هذه الراية، راية المقاومة، مرفوعة.

 في تموز سنة 2006، انتصرنا لفلسطين، لأنها معركة واحدة. انتصارنا انتصارهم، وعطاءات دمائنا عطاءات دمائهم.

انتصار لفلسطين على عدو الإنسانية: إسرائيل ورعيتها أمريكا.

يجب أن يعرف الجميع أن فلسطين ستبقى البوصلة. كل ما تقوم به اليوم إسرائيل من تجويع وقتل وتدمير لأهل غزة والشعب الفلسطيني، وكل ما تقوم به أمريكا من رعاية هذا الانحراف الخطير، والعدوان اللئيم، والغاشم، والآثم، لن يثنِ الشعب الفلسطيني عن الاستمرار، وعن القوة، وعن استمرارية المقاومة. وأقول مجددًا، كما قال القادة العظماء من قبلي ومعي: ستنتصر فلسطين مع كل هذه التضحيات، لأنهم أصحاب الأرض، وأصحاب القضية، وأصحاب الإرادة، وأصحاب الدماء والعطاءات. وهذه هي سنة الحياة، أن يتحقق النصر لهم. وإن شاء الله سنبقى معا، ودائماً معا.

 قبل أن أدخل إلى النقطة الثالثة، لا بد من التعزية بشهداء الجيش اللبناني الستة، الذين قدموا في منطقة الجنوب، في منطقة زبقين، لأنهم في الواقع هم شهداء المقاومة، والجيش، والوطن. هم شهداء الواجب تجاه الإنسانية، هم شهداء الحق. إلى أرواحهم، وأرواح كل الشهداء، نهدي ثواب السورة المباركة الفاتحة، مع الصلاة على محمد وآل محمد.

 
وصلنا إلى الحديث عن النقطة الثالثة، وهي المرتبطة بوضعنا السياسي.

المقاومة هي شرف، وعزة، ووطنية، وسيادة. المقاومة تعطي الشهادة، ولا تحتاج إلى شهادات رسمية، ولا شهادات من مستكبرين، ولا شهادات من أحد. المقاومة عطاءات، تعطي نجاحاتها عبر الزمن. هذه المقاومة الإسلامية، وكل المقاومين الشرفاء، إلى أي جهة انتموا، في إطار هذه المواجهة اليوم، هي التي حرّرت الأرض جنوبًا سنة 2000، وهي التي حرّرت الأرض شرقًا في سنة 2017، في معركة الجرود، بمساندة الجيش اللبناني، الذي تصدّى لهذه المعركة، كنا معه. هي التي حرّرت خيار لبنان: السيادي المستقل. لا يمكننا أن نتحدث عن سيادة لبنانية إلا وهي مشفوعة بالمقاومة الأبية، التي وقفت. هذه المقاومة منعت إقامة المستوطنات من خلال جيش لحد وحدّاد. هذه المقاومة عطّلت قدرة إسرائيل على فرض خياراتها بالإجتياح أو بالعدوان. هذه المقاومة منعت التوطين الفلسطيني. هذه المقاومة شكلت دعامة قوة لبنان المستقبلي، وقوة لبنان في مواجهة التحديات. هي إنجازات عظيمة، إنجازات مشرفة.

يجب أن نسأل أولئك الذين لم يقاوموا: أين أنتم من احتلال الأرض؟ وأين أنتم من العدوان؟ وأين أنتم من السيادة؟

أما المقاومة فهي نورٌ وضّاء ، وشمسٌ تسطع على الجميع.

 عقدت الدولة اللبنانية اتفاق وقف العدوان الإسرائيلي في تشرين الثاني سنة 2024. وهذا يعني أن الدولة ستتصدى لحماية أرضها ومواطنيها، وتتكفل بطرد العدوان، إنسجامًا مع الاتفاق من ناحية، ومع وظيفتها التي تبنت أن تأخذها على عاتقها.

المقاومة أعانت الدولة لتمسك زمام المبادرة، من خلال تسهيل انتشار الجيش في جنوب لبنان، وثمانية أشهر من الصبر، ونحن مستهدفون كمقاومين، وبيئة مقاومة، بالتحديد، من بين كل الواقع اللبناني. ومع ذلك، صبرنا وتحملنا، لأننا آمنّا بأن مستلزمات بناء الدولة، وتصدي الدولة، والمساعدة في نهضة لبنان، تتطلب صبرًا في هذه المرحلة.

حسناً، اليوم إذا بدنا نحن نعرف موقع المقاومة من الشعب اللبناني، نذهب إلى استطلاع الرأي الذي أجراه المركز الاستشاري للدراسات. وهذا الاستطلاع منذ أيام، في شهر آب سنة 2025، ماذا يقول؟ 72 بالمئة من المستطلعين يقولون: لا يستطيع الجيش بمفرده التصدي لأي عدوان. 76بالمئة يقولون بأنهم لا يثقون بالدور الدبلوماسي وحده. 58 بالمئة عارضوا سحب السلاح من دون استراتيجية دفاعية.73 بالمئة يقولون: ما يجري في سوريا خطر وجودي على لبنان.

إذا أردتم معرفة رأي اللبنانيين بالمقاومة وسلاحها، والهواجس الموجودة، وكيفية التصدي والحفاظ على القوة، ونقاش الاستراتيجية الدفاعية، فهذا هو الرأي الغالب، الذي يقول بأنه مع المقاومة ومع استمرارية المقاومة.

جاء قرار الحكومة اللبنانية في 5 آب. هذا القرار يجرد المقاومة وشعب المقاومة ولبنان من السلاح الدفاعي أثناء العدوان. هذا القرار الحكومي يعني تسهيل قتل المقاومين وأهلهم، وطردهم من أرضهم وبيوتهم. كان على الحكومة أن تبسط سلطتها بطرد إسرائيل أولًا. كان على الحكومة أن تعمل على حصرية السلاح بمنع الإسرائيلي أن يكون متواجدًا أو أن يكون سلاحه متواجدًا على الأرض. لكن هذه الحكومة تنفذ الأمر الأمريكي الإسرائيلي بإنهاء المقاومة، ولو أدى ذلك إلى حرب أهلية وفتنة داخلية. الحكومة تقوم بخدمة المشروع الإسرائيلي، أكانت تدري أم لا تدري؟

لاحظوا فرح الكيان الإسرائيلي. لاحظوا تعبيرات نتنياهو وغيره. اعتبر نتنياهو أنه ساعد الحكومة على أن تصل إلى هذا المستوى. هل أنتم في هذا الوارد؟ هل سركم أن يشيد بكم نتنياهو؟ قلنا مرارًا وتكرارًا: أوقفوا العدوان، وأخرجوا إسرائيل من لبنان، ولكم منا كل التسهيلات والإيجابية أثناء مناقشة الأمن الوطني، واستراتيجية الأمن الوطني، والاستراتيجية الدفاعية، ما هي حجة المشاركين في الحكومة في هذا القرار الخطيئة؟ ما هي حجتهم؟ قالوا: إنهم مضغوطين خارجيًا.

سأسألكم سؤالًا: لو جاء مهاجم إلى بيتك وقال لك: "إما أن تقتل ولدك، أو أن نقتلك"، هل تقتل ولدك؟ لو جاءك من يهجم على بيتك، وأغراك بأن يعطيك القصور والأموال مقابل أن تقتل ولدك، هل تقبل بأموال الدنيا مقابل هذا الولد؟ ستجيبه بشكل طبيعي: "اقتل وافعل ما تشاء، هذا ولدي، لن أقبل بأن أقتله أو أن أضحي به، ولو كانت أموال الدنيا معه".

هذا هو الموقف النبيل، هذا هو الموقف الصحيح. كيف تقبلون في الحكومة تسهيل قتل شركائكم في الوطن، لتعيشوا حياتكم كما وعدوكم؟ عجيب أمركم والله، أنا أقول لكم: لا تخافوا، لا تخافوا منهم، هم جبناء، هم غير قادرين، هم يعلمون أنهم سيخسرون كل شيء إذا أطاحوا بلبنان. توقفوا أن تعيشوا حالة التهويل، وتقولوا أنكم تحاولون تحافظوا على لبنان؟ لا، أنتم لا تحاولون أن تحافظوا على لبنان، أنتم تحاولون أن تعملوا لتحافظوا على حياتكم وعلى حالكم، حتى ولو قضي على شركائكم في الوطن. هل هذه شراكة؟ هل هذه وطنية؟

أنا سأسألكم سؤالًا: هل يبقى لبنان أو يستقر إذا اعتدى بعض شركاء الوطن على بعضهم الآخر؟ يا جماعة، لبنان لا يبقى، لأنه ليس معقولًا أن تأتي فئة أو فئات، يعتدوا على فئة أو فئات، وبالتالي يقدروا أن يعمروا بلداً في حال من التنازع على الأرض، التي هي حق للجميع.

أنا أقول لكم: إذا كنتم تحسون بعجز، وأنتم كذلك، اتركوا العدو في مواجهتنا، ولا تتصدوا نيابة عنّا. لا نريد أن تتصدوا، ولا نريد أن تؤيدوا، ولا نريد أن ترفعوا شعار التحرير، ولا نريد أن ترفعوا شعار التصدي. اسكتوا فقط، اجلسوا جانباً، واتركونا نحن. كما فشلت حروب إسرائيل المتكررة على لبنان، ستفشل هذه المرة أيضًا. قولوا لهم: عندما يقولون لكم يجب أن تعملوا كذلك ويصدرون الأوامر. قولوا لهم: لا نستطيع خوفًا على البلد. قولوا لهم: لا نريد، لأننا نريد بناء بلدنا مع شركائنا. قولوا لهم: لن نعتدي على مواطنين وأهلنا. فلتجتمع الحكومة للتخطيط لمواجهة العدوان. هذه هي وظيفتها: لتأمين الاستقرار، وإعمار لبنان، لا لتسليم البلد إلى متغول إسرائيلي لا يشبع، ولا طاغية أمريكي لا حدود لطمعه.

لا أعرف إذا تشاهدون تلفزيونًا أو وسائل اتصال، أو تسمعون أو تشاهدون، لا أعرف. هل سمعتم ورأيتم رئيس الأركان الإسرائيلي يجول على أرض الجنوب المحتلة، ويبارك لجنوده هذا الاحتلال، ويعدهم بالمزيد من أجل إسرائيل؟ ما هو جوابكم؟ يا أصحاب السيادة؟ يا أصحاب حصرية السلاح؟ ماذا تفعلون بهذا العمل؟

سأسأل سؤالًا آخر: هل سمعتم نتنياهو أنه يريد "إسرائيل الكبرى"؟ إسرائيل الكبرى تعني كل فلسطين، وأجزاء من مصر، والأردن، وسوريا، ولبنان. وهو يقولها الآن في نشوة الانتصار التي يعيشها، وفي الدعم الطاغي الأمريكي لهذه الطاغية. ما تعليقكم؟ معقول أنكم تسمعون هذا كله وترونه على الأرض كيف يتوسع وكيف يعمل؟

قال، صدرت بيانات إدانة؟ حط  قد ما بدك بيانات الإدانة. لو تجيب كل عشرة كيلو بيانات إدانة، هذه جيدة للاستحمام، يعني ما بيعملوا شي. قل لي على الأرض ماذا تعمل؟ صار عندنا تمنّي من بعض الدول العربية: ليس أن يدينوا، بل أن يسكتوا، يا أخي، بس ما يدعموا إسرائيل بالخفاء، من خلال الاعتداء على المقاومين، والمساهمة في ضرب المقاومين.

 على كل، الحكومة اتخذت قرارًا خطيرًا جدًا، خالفت فيه ميثاق العيش المشترك، وهي تعرض البلد لأزمة كبيرة.

 أين سقف الدستور؟ بالفقرة "ي"، يقول: "لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك". أنتم ناقضتموها الآن؟ بالبيان الوزاري لهذه الحكومة، يقول: "إن الدفاع عن لبنان يستدعي إقرار استراتيجية أمن وطني على المستويات العسكرية والديبلوماسية والاقتصادية". أين هذه الاستراتيجية؟ مع من تناقشوها؟ ضربتم الاستراتيجية، ضربتم الأمن الوطني، رفضتم كل شيء. أنتم الآن تريدون نزع الشرعية عن المقاومة من خلال اجتماع الحكومة وهذه القرارات؟.

أولًا: الطائف، والبيان الوزاري، وكل المسار، لا يعطيكم هذا الحق، ولا تستطيعون نزع الشرعية.

والأمر الثاني: الشرعية للمقاومة تأخذها من الدماء، والتحرير، والحق، والأرض، ولا تأخذها منكم، ولا تحتاجها منكم. اذهبوا استغفروا الله عز وجل، اذهبوا عملوا ما يساعد على أن تعطوا تعبيرًا لشركائكم أنكم شركاء يمكن الوثوق بهم لبناء لبنان معاً.

لا تزجوا الجيش في الفتنة الداخلية. الجيش الوطني سجله ناصع، وقيادته وإدارته اليوم لا تريد أن تدخل في هذا المسار. لا تحشروه، ولا تحشروا البلد في هذا الأمر.

يمكن أن يسأل البعض: حسناً، بعد ما أخذت الحكومة هذا القرار اللا ميثاقي، لماذا لم تنزلوا على الشارع؟ لماذا لم تعملوا تظاهرات ضخمة؟ وردني أنه بقلب السفارة الأمريكية، متعجبين: كيف ما نزل الشيعة والمقاومين ليعملوا تظاهرات ضخمة؟ ماذا تريدين يا سعادة السفيرة؟ يبدو عندك شيء ما بيركب إلا إذا نزلنا بالتظاهرات.

أنا سأقول لكم من الآخر، لأنه كان يوجد بعض الأفكار تتحدث عن ضرورة الاعتراض في الشارع.

اتفق حزب الله وحركة أمل أن يؤجلوا فكرة أن يكون هناك تظاهرات في الشارع، على قاعدة أنه يوجد مجال لفرصة، يوجد مجال لنقاش، يوجد مجال لإجراء تعديلات قبل أن نصل إلى المواجهة التي لا يريدها أحد. ولكن إذا فُرضت علينا نحن لها، ونحن مستعدون لها، ولا خيار أمامنا، حينها تحصل تظاهرة بالشوارع، تعم لبنان، تذهب على السفارة الأمريكية، تقوم بأعمال لها علاقة بنصرة الحق  وإبراز الحضور والوجود. هذا يصبح أمرًا آخر، لوقته هو بالحسبان.

ولكن هذا ليس هو الوقت.

حتى بقاءنا في قلب الحكومة، كان باتفاق على قاعدة أننا نعتبر الجلستين، خمسة وسبعة آب ، غير ميثاقيتين، وكأنهما لم يكونا في حياة لبنان ولا في الوضع القانوني، ونستمر، حتى لا نتركهم وحدهم، وحتى نحاول أن نأتي بهم إلى طريق الصواب.

تريدون أن تعرفوا موقف حزب الله. يبدو أنه تنتظرونه منذ زمن، مع العلم أننا كررناه بأوقات مختلفة، لكن اليوم سوف أقوله بصريح العبارة:

 لن تسلم المقاومة سلاحها والعدوان مستمر والاحتلال قائم، وسنخوضها معركة كربلائية إذا لزم الأمر، في مواجهة هذا المشروع الإسرائيلي الأمريكي مهما كلفنا ونحن واثقون أننا سننتصر في هذه المعركة. وهيهات منا الذلة.

تتحمل الحكومة اللبنانية كامل المسؤولية لأي فتنة يمكن أن تحصل، نحن لا نريدها، ولكن هناك من يعمل لها. تتحمل الحكومة اللبنانية مسؤولية أي انفجار داخلي، وأي خراب للبنان. تتحمل الحكومة اللبنانية مسؤولية في تخليها عن واجبها في الدفاع عن أرض لبنان وعن مواطنيها. لستم معذورين إذا تصديتم بهذه الطريقة، وأخذتم هذه القرارات، وأديتم إلى خراب البلد.

قوموا بوظيفتكم في تأمين الاستقرار والدفاع عن لبنان، وحماية لبنان، وليس المشاركة في العدوان على مكون بأكمله، وعلى كل المؤيدين للمقاومة من مختلف الجهات والطوائف والمناطق.

فلنكن معاً في بناء البلد، لنربح جميعاً. لا يُبنى البلد لمكون دون آخر. هذه أرضنا معاً، هذا وطننا معاً، نحيا بعزة معاً، ونبني سيادته معاً. أو لا حياة للبنان إذا كنتم ستقفون في المقلب الآخر، وتحاولون مواجهتنا والقضاء علينا، لا يمكن أن يُبنى لبنان إلا بكل مقوماته. إما أن يبقى ونبقى معاً، وإما على الدنيا السلام. وأنتم تتحملون المسؤولية، وعلى الله الاتكال.

وأكرر القول: ما تركتك يا حسين.

عظم الله أجوركم وأجورنا في مصاب أبي عبد الله الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

العلاقات الاعلامية في حزب الله

الجمعة :15-8- 2025

 21 - صفر- 1447 هـ

المحور الاخباري /العلاقات الاعلامية في حزب الله

الكلمات المفتاحية

مقالات المرتبطة