الامام الخامنئي: الخلاف بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة ليس تكتيكياً بل جوهري
أكد آية الله العظمى الامام السيد علي الخامنئي أنه لن يحصل اي تعاون مع اميركا مادامت تدعم الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين وما دامت قواعدها العسكرية موجودة فس المنطقة، مشدداً على أن الخلاف بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية ليس تكتيكياً بل جوهريا.
واعتبر قائد الثورة الإسلامیة خلال استقباله اليوم الإثنین آلاف الطلاب والتلامیذ وجمعٍ من عوائل شهداء حرب الـ12 يوما المفروضة، في ذكرى الاستیلاء علی السفارة الأمريكية في طهران، في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 1979، کمرکز للتآمر والتخطيط ضد الثورة الإسلامية،اعتبره يوما للفخر والنصر، ويوما لكشف الهوية الحقيقية للحكومة الأمريكية المتغطرسة، مؤكدا ضرورة تسجیل هذا اليوم في الذاكرة الوطنية.
وقال سماحته إن تاريخ عداوة أمريكا تجاه الشعب الإيراني بدأ بانقلاب عام 1953 (الانقلاب الأمريكي على رئيس الوزراء المنتخب ديمقراطيا "محمد مصدق" في العام 1953) ويستمر حتى يومنا هذا.
وأكد أن الخلاف بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة هو خلاف جوهري والتعارض بین مصالح الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية الإیرانیة .
و صرح قائد الثورة أنه سيتم النظر في طلب الأمريكيين للتعاون مع إيران ليس في المستقبل القريب، ولكن في وقت لاحق إذا أوقفت الولايات المتحدة دعمها للکیان الصهيوني اللعين، تماما وسحبت قواعدها العسكرية من المنطقة، ولم تتدخل في شؤونها الإقليمية.
وأكد قائد الثورة الإسلامية أن معالجة العديد من المشاكل وتوفير الحصانة للبلاد لا يمكن أن تتم إلا بتعزيز وتقوية القوى الإدارية والعلمية والعسكرية والتحفيزية، وعلى الحكومة أن تؤدي مهامها بقوة في قطاعاتها ذات الصلة".
وأشار سماحته إلى تاريخ العداوة الأميركية تجاه الشعب الإيراني، وكذلك الجوانب المختلفة للحادثة التاريخية المتمثلة في الاستيلاء على السفارة الأميركية في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 1979، وقال: يمكن النظر إلى استيلاء الشباب على السفارة الأميركية من منظورين: "التاريخي" و"الهوية".
ومن المنظور التاريخي اعتبر قائد الثورة الإسلامیة أن يوم 4 نوفمبر 1979 والعمل الشجاع الذي قام به الطلاب في الاستيلاء على السفارة الأميركية هو يوم فخر وانتصار للشعب الإيراني، وقال: في تاريخ إيران هناك أيام النصر وأيام الضعف والتراجع، ويجب حفظ و تسجیل كلیهما في الذاكرة الوطنية.
هذا ووصف قائد الثورة الإسلامية قرار مجلس الشيوخ الأمريكي المعادي كأول مواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة والثورة الإسلامية، وأشار إلى أن غضب الشعب الإيراني العام اندلع حينها نتيجة السماح لمحمود رضا بهلوي باللجوء إلى أمريكا.
وأضاف سماحته:"شعر الشعب الإيراني أن الأمريكان، باستضافتهم لمحمد رضا بهلوي، كانوا يخططون لتكرار انقلاب عام 1953 (الانقلاب المدبر من قبل أمريكا وبريطانيا والذي أطاح بحكومة الرئيس محمد مصدق) والتمهيد لإعادته إلى إيران، فخرجوا غاضبين إلى الشوارع، وكان جزء من هذه المسيرات الشعبية، بمشاركة الطلاب، هو اقتحام السفارة الأمريكية."
وأوضح آية الله العظمى الخامنئي أن نية الطلاب الأصلية كانت "البقاء في السفارة لبضعة أيام فقط، بهدف التعبير عن غضب الشعب الإيراني وإيصال صوته إلى العالم"، لكنهم "عثروا داخل السفارة على وثائق كشفت أن القضية أعمق بكثير مما كانوا يتصورون، وأن السفارة الأمريكية كانت وكرا للتآمر وتدبير مؤامرات تهدف إلى إجهاض الثورة الإسلامية."
وأشار قائد الثورة إلى أن "عمل السفارات في العالم عادةً يتمحور حول جمع المعلومات ونقلها لبلدانها"، لكنه لفت إلى أن "السفارة الأمريكية في طهران لم تكن تجمع معلومات فحسب، بل كانت تُشكل غرفة عمليات لتآمر منظم ضد الثورة، تعمل على تجميع فلول النظام السابق، وبعض الأشخاص من الجيش وغيرهم، للقيام بتحركات معادية للثورة. ولدى إدراك الطلاب لهذه الحقيقة، قرروا الحفاظ على سيطرتهم على السفارة."
وأكد سماحته أن تفسير الاستيلاء على السفارة باعتبارها "أصل المشاكل بين إيران وأمريكا" ليس دقيقا، موضحا:"مشكلتنا مع أمريكا بدأت منذ انقلاب 15 آب /اغسطس عام 1953 (28 مرداد 1332) وليس منذ 4 تشرين الثاني/نوفمبر 1979(13 آبان 1358). بل إن اقتحام السفارة ساعد على كشف مؤامرة كبرى كانت تُدبر ضد الثورة، وتمكن الطلاب من خلال جمع الوثائق وترتيبها من فضح طبيعة هذه المؤامرة."
ووصف سماحة آية الله الخامنئي السبب الرئيسي لمعاداة أمريكا والمؤامرات المحيطة بالثورة الإسلامية بأنه "فقدان أمريكا للقمة الطيبة بعدما وصلت فمها "، أي خروج إيران من دائرة الهيمنة الأمريكية وقطع سيطرتها على موارد البلاد.
وتابع :لم يكونوا مستعدين للتخلي عن إيران بسهولة، ولذلك بدؤوا من اللحظة الأولى بتحريضات لا تستهدف الجمهورية الإسلامية فحسب، بل الشعب الإيراني بأكمله."
وأضاف سماحته أن العداء المستمر لأمريكا تجاه الشعب الإيراني طوال العقود التي تلت الثورة هو "دليل على صدق مقولة الإمام الخميني العظيم (رض):" علينا أن نصرخ بكل ما في وسعنا بوجه أمريكا".
وأكد أن "عداء أمريكا لم يكن مجرد كلام، بل تجسّد في كل ما استطاعت فعله: من فرض العقوبات، وتدبير المؤامرات، ودعم أعداء الجمهورية الإسلامية، وتحريض صدام حسين على شنّ الحرب ضد إيران، وتقديم كل أنواع الدعم له، وإسقاط طائرة الركاب الإيرانية التي كانت تقل 290 مسافرا، وشنّ حرب إعلامية، وتنفيذ هجمات عسكرية مباشرة لضرب مصالح الشعب الإيراني."
وبيّن سماحته أن "طبيعة أمريكا الاستكبارية لا تتوافق مع طبيعة الثورة الإسلامية الاستقلالية، وبالتالي فإن الخلاف بين أمريكا والجمهورية الإسلامية ليس خلافا تكتيكيا أو ظرفيا، بل هو خلاف جوهري."
ووصف سماحته من يزعمون أن هتاف "الموت لأمريكا" هو سبب عداء أمريكا للشعب الإيراني بأنهم "يقلبون الوقائع التاريخية رأسا على عقب"، قائلا:"هذا الهتاف ليس السبب الذي جعل أمريكا تعارض شعبنا بهذه القوة. فالمشكلة الحقيقية تكمن في التناقض الجوهرّي والتعارض في المصالح بين أمريكا والجمهورية الإسلامية."
وفي معرض رده على سؤال بعض الأشخاص؛ ومفاده "لم نستسلم لأمريكا، لكن هل سنظل بلاعلاقات معها الى الأبد؟"، قال سماحته:أولا، إن الطبيعة الاستكبارية والمتغطرسة لأمريكا لا تقبل سوى الاستسلام المطلق. وقد أراد جميع رؤساء أمريكا هذا، لكنهم لم يصرّحوا به صراحة، أما الرئيس الحالي فقد نطق به جهارا، وكشف بذلك طبيعة أمريكا الحقيقية."
واعتبر سماحته أنه من غير المجدي توقع استسلام الشعب الإيراني، الذي يتمتع بهذه الدرجة من القدرة والثروة والعمق الفكري والمعرفي، وامتلاك جيلٍ من الشباب الواعي والمبادر والمتحمس.
وأضاف: "لا يمكن التكهن بالمستقبل البعيد، لكن يجب على الجميع أن يدرك الآن أن الحلّ لكثير من مشاكلنا يكمن في تقوية أنفسنا وتعزيزها."
وشدّد قائد الثورة على ضرورة "بناء قوة الدولة"، وقال:"على الحكومة أن تنجز مهامها بجدّ في المجالات المختلفة، وعلى القوات المسلحة أن تُواصل التقدّم في الشؤون العسكرية، وعلى الشباب أن يُكثفوا جهودهم في الدراسة والبحث العلمي.
ومضى في القول، عندما يصبح البلد قويا، ويشعر العدو أنه لن يجني سوى الخسارة لا المصلحة من مواجهة هذا الشعب القوي، عندها سيضمن البلد أمنه واستقراره. لذلك، هناك حاجة ماسّة إلى القوة العسكرية والعلمية والإدارية، ولا سيما القوة الروحية والمعنوية لدى الشباب.
وفيما يخص التصريحات الأمريكية المتكررة عن "الرغبة في التعاون مع إيران"، أكد سماحته:"التعاون مع إيران لا يتوافق مع دعم أمريكا المستمر للكيان الصهيوني الملعون."
ووصف سماحته استمرار الدعم الأمريكي للكيان الصهيوني، رغم وضوح جرائمه وإدانته في الرأي العام العالمي، ودعوته في الوقت نفسه إلى التعاون مع إيران، بأنه "أمرٌ غير منطقي وغير مقبول".
وأضاف: "لو تخلت أمريكا جذريا عن دعم الكيان الصهيوني، وسحبت قواعدها العسكرية من المنطقة، وكفّت عن التدخل في شؤوننا، فحينها يمكن النظر في هذا الأمر، لكن هذا لا ينطبق على الوضع الحالي ولا على المستقبل القريب."
وفي ختام كلمته، نصح سماحته الشباب "بتنمية المعرفة الإسلامية، والتعمّق في القضايا السياسية الأساسية للبلاد ،اليوم وأمس وغدا من خلال تشكيل حلقات المعرفة ودراسة الأحداث المرة والحلوة على حدٍ سواء".
وقال: "يجب أن يتقدم العلم في بلادنا. ففي السنوات الماضية كان تقدمنا العلمي جيدا جدا، لكنه تراجع بعض الشيء، ولا ينبغي للمسؤولين الجامعيين والباحثين والطلاب أن يسمحوا بتراجع سرعة التقدم العلمي في البلاد."
وشدّد سماحته على أهمية "القوة العسكرية"، وقال: "بفضل الله، يعمل جهازنا العسكري ليلا ونهارا على التقدم، وسوف يمضي أبعد من ذلك، ليُظهر للعالم أن الشعب الإيراني شعب قوي لا يمكن لأي قوة أن تُذله أو تركعه."
كما أوصى سماحته الشباب في هذا اللقاء الذي تزامن مع الذكر الطاهرلاسمي السيدة الزهراء (ع) والسيدة زينب (ع)، بـ"الاقتداء العملي بهاتين القمّتين المضيئتين"، وقال:"شجّعوا من حولكم على الالتفات إلى سيرة هاتين العظيمتين والاقتداء بهما."
واعتبر سماحة آية الله الخامنئي "أداء الصلاة كما يحبها عباد الله الصالحون، واحترام الحجاب باعتباره مسألة دينية ترتبط بنهج فاطمة الزهراء (ع) وزينب الحوراء (ع)، والتألف مع القرآن وقراءته يوميا، والحفاظ على العلاقة مع الروحانيات"، اعتبرها أمورا ضرورية للشباب.
وأضاف أنه في هذه الأوقات العصيبة، لا يستطيع شبابنا أن يقولوا حرفيا "الموت لأمريكا" ويقفوا بثبات ضد استكبار وطغيان فراعنة العصر إلا إذا كانوا أقوياء في جوانبهم الداخلية والدينية، وإذا كانوا يؤمنون بالقوة الإلهية ويعتمدون عليها.
وخلص قائد الثورة الإسلامية أن استمرار الارتباط القلبي للشباب بالله سببا حقيقيا لاستمرار تقدم البلاد وتعزيز قدرتها على مواجهة الأعداء.
رصد المحور الاخباري