المقال السابق

دولي ابن سلمان يرغب بعزل والده قبل هزيمة ترامب المحتملة
02/10/2019

المقال التالي

من الصحف عون: العهد مستهدف من الخارج والداخـــل
02/10/2019
من الصحف 800 "وثيقة اتصال" سُحبت من ملفّات عملاء لإسرائيل!

النهار - سركيس نعوم

صارت وثيقة الاتصال 303 قضيّة لأسباب كثيرة ولا سيّما بعدما صار عددها بالآلاف. ففي البقاع يبلغ عدد المطلوبين للقضاء عشرات الآلاف بسبب زراعة المخدّرات والاتجار فيها في الداخل ومع الخارج، وبسبب السرقات المنظّمة للسيارات على أنواعها، وبسبب عمليّات التشليح والقتل ثمّ الخطف من أجل الحصول على فدية لقاء العودة إلى الحريّة. وفي الشمال وبيروت والجبل والجنوب كبر كثيراً حجم المطلوبين للقضاء ولا سيّما بعد بدء "الربيع السوري" السلمي ثم تحوّله ثورة مسلّحة فحرباً أهليّة صادرتها التنظيمات الإسلاميّة السُنيّة البالغة التطرّف بمساعدة واضحة من النظام وحلفائه في المنطقة، كما من أعدائه العرب وغير العرب. والدافع إلى كبر الحجم المُشار إليه أعلاه كان تعاطف "شعوب" لبنانيّة معيّنة مع "الربيع" أبرزها وأكثرها "تورّطاً" في مساعدته السُنّة. وكان أيضاً بدء تنامي التعاطف في بعض المجتمعات السُنيّة مع التيّارات المُتشدّدة، علماً أنّه كان موجوداً أساساً داخلها، ليس حبّاً بها بل كرهاً للنظام ورغبة في إنهائه. وكان ثالثاً تحوّل التعاطف إشتراكاً وإن غير واسع في القتال من لبنانيّين وفي إيواء الثائرين المقاتلين وفي توفير أماكن التدريب لهم والتدرّب معهم. وكان رابعاً نجاح التنظيمات المُتشدّدة في إقامة بنى تحتيّة ومرتكزات لها في لبنان وتنسيق عملاني بين أعضائها من لبنانيّين وغير لبنانيّين وبدئهم تنفيذ عمليّات إرهابيّة في لبنان، معتبرين أنّهم بذلك يردّون على "حزب الله" الذي يقاتلهم في سوريا حماية للأسد، ويُصفّون حسابات مع الشيعة وإيران داعمتهم وحليفة النظام السوري. علماً أنّهم يعرفون أو كان يجب أن يعرفوا أن "حركة أمل" لم تشترك في القتال مع "الحزب" رغم كونها شريكة في "الثنائيّة" التي تضمّها وإيّاه، ورغم موقفها الرافض للتشدّد الإسلامي "التكفيري" وتغطيتها مكافحته بكل الوسائل اللازمة داخل الأراضي اللبنانيّة. وكان الدافع أخيراً لتضخّم عدد وثائق الاتصال 303 مخالفات اللبنانيّين على تنوّع شعوبهم وتناقضها في مخالفة القوانين والتهرّب من تنفيذها، فارتفع عدد الجرائم بسبب ضعف الدولة وتردّدها وارتباط القضاء بالسلطة والسلطات القويّة داخل الدولة وخارجها وربّما خارج البلاد وعدم تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة. لكن وثيقة الاتصال 303 أقِرّت أيّام حكومة الرئيس تمّام سلام يجيب المُتابعون من قرب أنفسهم لحركة "حزب الله" ولأوضاع الداخل والإقليم. والسبب المباشر كان الاختلاف السياسي الداخلي بين "الشعوب" على الحرب السوريّة وعلى اشتراك قسم مهمّ من شعب لبناني فيها، والاحتجاج على استهداف كثيرين من شعب آخر مشترك عملانيّاً جزئيّاً في الحرب ومُتعاطف كليّاً مع "الثوّار"، ومتُعاطف بعضه مع الإسلاميّين الذين نفّذوا عمليّات إرهابيّة في لبنان، ورافض كلّ ما اعتبره استهداف لكل أصحاب المظاهر المتديّنة المتطرّفة وإن لم يكونوا كلّهم مشاركين في أي عمل مخلّ بالقوانين. وطبيعي أن يستفيد من ذلك أبناء "شعوب" لبنانيّة أخرى، وإن بأعداد أقل. والقرار الذي اتّخذه بعد ذلك مجلس وزراء حكومة سلام كان إلغاء الكثير من الوثائق وخصوصاً التي منها ضعيفة السند والدليل و"الجرم" أو بالأحرى الإخلال بالقانون، وتمَّ تنفيذه. لكن الشيء الذي يعرفه الكثيرون هو أن "المجلس" المذكور وافق بكل أعضائه ومنهم "حزب الله" على إزالة الكثير من وثائق الاتصال أو سحبها. لكن ما لا يعرفه اللبنانيّون أنّ القرار استثنى المتعاملين مع إسرائيل من الإفادة من القرار. وقد سأل "الحزب" الوزير محمد فنيش ولا سيّما بعد استفادة العميل عامر الفاخوري منه عن هذا الأمر فكان جوابه تأكيد استثناء العملاء لإسرائيل. لكن ما حصل أن الأمين العام لمجلس الوزراء في حينه حذف الاستثناء من القرار عندما دوّنه في المحضر ولاحقاً عند وضع نصّ القرار الواجب التطبيق. وهذا أمر مخالف للقانون، وربّما يكون من الضروريّ التحقيق في هذا الأمر. فالـ"حذف" من قرارات مجلس الوزراء لم يحصل للمرّة الأولى في لبنان. ولذلك لا بُدّ من وضع حدّ نهائي له.
هل استفاد "المُبعدون" إلى إسرائيل كما يُسمّيهم رئيس "التيّار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل من إلغاء الآلاف من وثيقة الاتصال 303؟ لم يهتمّ أحد لذلك في البداية. لكن "إعادة" الفاخوري إلى لبنان قبل أسابيع قليلة كشفت أموراً كثيرة استناداً إلى المُتابعين أنفسهم. الأوّل أن الضابط الرفيع الرتبة الذي استقبله هو ابن خالته وأنّه سأل حيث يجب في عمله إذا كان يستطيع الذهاب لمواكبة عودته فلم يجبه أحد بـ"لا". وعندما وصل العائد إلى الأمن العام في المطار لم يجد عليه شيئاً، لكنّ الضابط المُدقِّق بالملف وجد أن وثيقة اتصال 303 كانت في الملف لكنّها سُحبت منه وفيها تعامل مع اسرائيل. فاتّصل بمدير عام الأمن العام اللواء عباس ابرهيم وكان جوابه "أبقوه واحتجزوا جواز سفره (الأميركي)". طبعاً أخلوا سبيله لاحقاً لكنّهم عادوا واستدعوه بعد أيّام وحُقّق معه وأُحيل إلى القضاء الذي أصدر مذكّرة بتوقيفه. وهو يُحاكم الآن بتهمة "التمادي في العمالة لإسرائيل" بسبب حيازته جواز سفر إسرائيليّاً. علماً أن كثيرين انزعجوا من تصرّف ابرهيم. طبعاً لا يعرف أحد النهاية. فهو مواطن أميركي وربّما تُمارس ضغوط فيُرحَّل. لكن "حزب الله" فوجئ عندما أثارت الزميلة "الأخبار" هذا الموضوع ثمّ وسائل التواصل الاجتماعي فتحرّك إعلاميّاً بوسائله المتنوّعة وجعل قضيّة الفاخوري قضيّة رأي عام يستحيل التغطية عليها. لكن من الضروري معرفة البداية أي من الذي أوعز بسحب وثيقة الفاخوري؟ وهل سُحِبت وثائق مُطابقة لها لآخرين من قبل؟ وما هو عددها؟ والأجوبة التي يعطيها المُتابعون أنفسهم عن هذه الأسئلة كلّها تفيد أن 800 وثيقة اتصال لعملاء لإسرائيل سحبت من ملفاتهم، وأن ثلاثيّاً مؤلّفاً من "عماد" تسيَّس ومن عماد متقاعد ومدير مخابراته رتّبوا هذه العمليّة في ذلك الحين.

صحيفة النهار

الكلمات المفتاحية

مقالات المرتبطة