عقد المؤتمر التربوي الأول، بعنوان:" التعليم الأساسي الرسمي في لبنان، واقعه، تحدياته وشروط تطويره" في مركز باسل الأسد الثقافي في مدينة صور، بالتعاون بين المنطقة التربوية في الجنوب في وزارة التربية والتعليم العالي، والحركة الثقافية في لبنان، في حضور النائبة عناية عز الدين، ممثل النائبة بهية الحريري الأمين العام للشبكة المدرسية نبيل بواب، ورئيس اتحاد بلديات قضاء صور حسن دبوق، وبمشاركة لافتة لقيادات تربوية وتعليمية في وزارة التربية والتعليم العالي، ومديرين ومعلمي جامعات ومدارس وثانويات رسمية وخاصة، بالإضافة إلى رؤساء بلديات وباحثين تربويين ومنسقي مواد تعليمية ومدربين ومرشدين تربويين وإعلاميين وممثلين عن عدد من الجمعيات والمؤسسات التي تعنى بالشؤون الأكاديمية والبحثية والتربوية، وبتواجد حشد من المعنيين والمهتمين.
استهلت جلسة الافتتاح بالنشيد الوطني ثم نشيد الحركة الثقافية في لبنان، وقدم حفل الافتتاح أحمد نزال.
غنيمة
ألقى المربي جورج غنيمة كلمة اتحاد بلديات صور، مرحبا بالحضور الجامع من أقصى لبنان إلى أقصاه، ومنوها "بهذه الخطوة الجبارة في مدينة صور مدينة الحرف والتاريخ، متمنيا للمؤتمرين تحقيق أهداف مؤتمرهم".
جابر
استهل المنسق العام للمؤتمر الباحث التربوي ماجد جابر كلمته بالترحيب بالحضور، وبشكر المنظمين لهذه التظاهرة الوطنية، كما أطلق عليها، كبوتقة واحدة من اجل معالجة قضية وطنية، هي القضية التربوية الأساس والأهم: التعليم الأساسي الرسمي.
أضاف "قد يتساءل البعض لماذا الإصرار على عقد المؤتمر في هذه الفترة العصيبة من الوطن، الجواب بكل بساطة اننا نجد في التربية ملاذا آمنا نسعى من خلالها إلى تكريس لغة الحوار العاقل المجدي. فنتخطى الحدود الفاصلة بالحوار والتوافق والجوامع الوطنية، ونقفز فوق محاولات القفل والتعتيم بإعادة النظر الشاملة والمعمقة في نظامنا التربوي ومناهجنا التربوية وامتحاناتنا الرسمية، ونتطلع باهتمام ومحبة نحو توفير المناهج السليمة التي يمكن من خلالها بناء ملمح المواطن الذي يتمتع بالمواصفات الوطنية الجامعة".
ولفت إلى "دور المتخصصين المشاركين في هذا المؤتمر الموكل إليهم "تشريح مواطن الخلل، واستعمال مبضع النقد في محله، واقتراح العلاجات اللازمة" آملا "أن تكون توصيات هذا المؤتمر وكل ما يرشح عنه، جاهزة للخوض في ورشة نقاش حول استراتيجية متكاملة لتطوير القطاع التربوي، ولا التعليم الرسمي، تضعها وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي، بالاشتراك مع أصحاب الكفاءات والخبرات العاملين في هذا الحقل التربوي، والأجهزة التربوية المنوط بها الأمر".
واعتبر جابر "إنَّ المدرسة الرسمية هي المؤسسة الكفيلة بتعزيز قيم المواطنة والتيها وتخريج مواطنين صالحين يحملون هوية وطنية خالصة" بوصفها "المعبر الحقيقي، نحو الوطن وجسر العبور الأمثل نحو المواطنية وبناء الجمهورية، وختم كلمته بالمطالبة بإعادة بناء المدرسة الرسمية".
عباس
شدد رئيس المنطقة التربوية في الجنوب، ونائب رئيس الحركة الثقافية باسم عباس في كلمته على أن "لبنان يحتاج الى ثورة حضارية في مجالات التربية"، داعيا الى "الاقتداء بالدول التي استطاعت من خلال التربية ان تصبح في الطليعة ككوريا الجنوبية، اليابان والمانيا"، وطالب خبراء التربية ب "ابتكار مناهج تسهم في خلق حال من التكامل بين المدرسة والحياة وتعزز حس المواطنة العميق".
طربيه
وأكدت عميدة كلية التربية في "الجامعة اللبنانية" تيريز الهاشم "أن ما يجمع المؤتمرين، هو إيمانهم بالمدرسة الرسمية، وقدرتهم على تطويرها، مشيرة "أن العمل المشترك مفتاح النجاح".
أضافت "لا يمكن للجزء أن يكون أفضل من الكل، نستنتج أنه لا يمكن أن يكون حال المدرسة الرسمية أفضل من حال الإدارة العامة"، وهذا ما سمته الهاشم بالحتمية القاسية التي "يجب أن يكسرها كل منا"، ونوهت إلى أنه "لا أحد يعرف بدقة ما هي الفلسفة التربوية الحقيقية هنا، وما نقرأه يصح أن يقال في أي دولة وفي أي مكان وزمان"، وأوردت "لم يرد في الدستور كلام واضح عن مسؤولية الدولة في التربية والتعليم، وما إذا كانت ملزمة برعاية التعليم الرسمي، وإمكان ترجمة ذلك إلى سياسة تربوية شاملة".
ولفتت الى "أن النظم الاقتصادية الأكثر رأسمالية وليبرالية في العالم، هي الأكثر انفاقا على التعليم الرسمي، وقد استطاعت أن تحيده عن تجاذبات السوق، والمنفعة وحققت فعليا الزامية التعليم الأساسي الرسمي ومجانيته وجودته في آن".
أهداف المؤتمر
لخص المؤتمر أهدافه في سبع نقاط تناولت، تقويم واقع التعليم الأساسي الرسمي واستشراف معالم التحديات التي تواجهه، والإضاءة على أبرز المشكلات التي يواجهها التعليم الأساسي الرسمي، إضافة إلى التعرف الى واقع العملية التعليمية في التعليم الأساسي الرسمي، وإلى استراتيجيات إعداد وتدريب المدراء والمعلمين في التعليم الأساسي الرسمي وتنميتهم مهنيا، ناهيك عن تقويم واقع الشراكة المجتمعية بين التعليم الرسمي والمجتمع المحلي، مع الإضاءة على الدور النقابي لرابطة التعليم الأساسي في تحسين وتطوير التعليم الرسمي، والمشكلات التي تواجهها، وتقديم المقترحات العلمية والعملية التي يمكن ان تسهم في تطوير التعليم الرسمي، ومناقشة التوجهات المستقبلية لزيادة فعاليته وجودته التعليمية".
محاور المؤتمر
تضمن المؤتمر أربعة محاور أساسية، إضافة إلى جلسة للتوصيات اختصرت مضامين هذا المحاور، وشملت العديد من الأوراق البحثية والمحاضرات التي تمحورت حول:
المحور الأول، تناول التعليم الأساسي الرسمي: السياسة التربوية الرسمية، ورقابة التفتيش التربوي، وتضمن ثلاث أوراق بحثية: "رقابة التفتيش التربوي على التعليم الأساسي الرسمي بين النص والواقع" للمفيش العام التربوي في لبنان فاتن جمعة، و"التعليم الرسمي حاجة وطنية" لرئيس جمعية النهوض بالمدرسة الرسمية حسان قبيسي، و"العلاقة الجدلية بين ضعف الدولة وتراجع التعليم الرسمي" لسيمون عبد المسيح من كلية التربية في الجامعة اللبنانية، أدار الجلسة لهيثم قطب، رئيس الفرقة البحثية للعلوم التربوية في المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية في الجامعة اللبنانية.
المحور الثاني، تناول العملية التعليمية في التعليم الأساسي الرسمي: المنهج الدراسي، وطرائق وأدوات التدريس، وآليات التقويم، وتضمن خمس أوراق بحثية: "مواكبة تطبيق مناهج التعليم الأساسي: مشاريع وتحديات" لرئيس المركز التربوي للبحوث والإنماء سابقا نمر فريحة، و"نحو تغيير المناهج اللبنانية الحالية: قراءة تحليلية" فاطمة درويش من الجامعة اليسوعية، و"لكي ينجح التقييم حين يخضع للامتحان" لممثلة أساتذة كلية التربية في مجلس الجامعة اللبنانية سكارلت صراف، و"التوجهات العامة للمناهج الجديدة" لمنسقة الهيئة الأكاديمية المشتركة في المركز التربوي للبحوث والإنماء رنا عبد الله، و"التعليم الأساسي الرسمي: المنهج الدراسي والتقويم" لفوزي أيوب من كلية التربية، أدار الجلسة كلير الحلو، المديرة السابقة لكلية التربية، الفرع الثاني في الجامعة اللبنانية.
المحور الثالث: طال مديرو ومعلمو التعليم الأساسي الرسمي: الإعداد، والتدريب، والتنمية المهنية، وتضمن أربع أوراق بحثية: "مديرو ومعلمو التعليم الأساسي: آليات الاختيار والإعداد والتدريب" للمفتش التربوي جهاد عباس، و "التفكير المهني الذاتي: الاستراتيجيات والأثر" سوزان أبو رجيلي من كلية التربية في الجامعة اللبنانية، و"التدريب المستمر: مسيرة تحوّلية لبناء الكفايات" ندى جرجس من المركز التربوي للبحوث والإنماء، و"إعداد وتدريب المعلمين والمعلمات في التعليم الرسمي" لكل من هيام إسحاق وسمر الزغبي من كلية التربية في الجامعة اللبنانية، أدار الجلسة رندة النابلسي، كلية التربية في الجامعة اللبنانية.
المحور الرابع: تطرق إلى الدور النقابي، ومجالس الأهل، والعلاقة مع البلديات والمجتمع المحلي في التعليم الأساسي الرسمي، وتضمن خمس محاضرات وأوراق بحثية: "رابطة التعليم الأساسي الرسمي: الدور النقابي بين الواقع والمرتجى" لرئيس رابطة التعليم الأساسي الرسمي في لبنان حسين جواد، و"التعليم الأساسي الرسمي والتأسيس لاقتصاد المعرفة: دور التعليم في التغير الاجتماعي" يوسف طباجة من كلية التربية في الجامعة اللبنانية، و "دور البلديات في دعم التعليم الرسمي: الواقع والتحدّيات" لرئيس بلدية الصرفند علي حيدر خليفة، و "دور اليونيفيل في دعم المدرسة الرسمية في جنوب لبنان" لكل من قائد الكتيبة الإيطالية في مركز المنصوري الكولونيل جوزيبي كاتشاغويرا، وباقر آدم مدير مكتب الشؤون المدنية في اليونيفيل، أما "الواقع والمأمول في دور مجالس الأهل في النهوض بالمدرسة الرسمية" فتحدث عنه ممثل لجان الأهل علي خليل، أدارت الجلسة المدربة والمدرسة في مكتب اللغات في الجامعة اللبنانية ريما يونس.
توصيات المؤتمر
أنهى المؤتمر أعماله بجلسة توصيات، لخصت المقترحات التي تضمنها محاور المؤتمر، وضمت اللجنة كل من سكارلت صراف، وماريز يونس، وليلى شمس الدين، وجهاد عباس.
ترأست الجلسة منسق عام اللغة العربية في مكتب تنسيق تدريس اللغات في كليتي التربية والآداب في الجامعة اللبنانية سارة كنج، وخلصت الجلسة إلى النقاط التالية:
مشروع توأمة مع كلية التربية في الجامعة اللبنانية لتدريب الخريجين من الاختصاصات كافة، قبل دخول ميدان التعليم.
توصية للأخذ بتوصيات تقارير التفتيش التربوي، مع الأخذ بعين الاعتبار رفع أسباب عدم تنفيذ التوصيات الصادرة عن عمل رقابة التفتيش التربوي.
تفعيل العمل الرقابي للتفتيش التربوي (وليس التفتيش المركزي) لإخضاع المدارس الخاصة المجانية لرقابة مستمرة.
تحديث المناهج وإعادة النظر في النصوص والمقررات بما يتلاءم مع قيم العصر، والثورة العلمية المعرفية والتواصلية، بما يتناسب مع التقويم من أجل التعليم.
الأخذ بعين الاعتبار آراء الطلاب بخصوص تغيير المناهج.
إكساب التلامذة كفايات القرن ال 21 المرتكز على التحليل بغية تمكينهم من اتخاذ القرارات، مع التركيز على الجودة في عملية التعلّم والتعليم.
اعتماد التقويم من أجل التعلم، أي ما يسمى التقويم الأصيل، وليس التقويم للحصول على علامة.
تعزيز التعليم وفق أسس التفكير الناقد، دمج المعرفة مع الإبداع.
اللجوء إلى تقويم المهم، واعتماد الأرقام كمؤشرات لتحسين عملية التعلم والتعليم، للعمل على جودة التعليم بغض النظر عن فتح المدارس وتكافؤ الفرص للتعلّم.
إخضاع المدراء لدورات إلزامية في كلّية التربية.
وضع آلية واضحة للجنة اختيار المرشّحين للتعليم في المدرسة الرسمية، وفق اختبار للأهلية، وعدم استثناء التفتيش التربوي لمواكبة هذه العملية.
إعطاء الأساتذة "رخصة تعليم" محددة بمدة زمنية معينة، ويرتبط تجديدها بآليات واضحة تراعي التطور المستمر للمعلم.
الحث على متابعة وتقييم الدورات التدريبية المتعلقة بالمنهج ضمن سياسة تربوية هادفة تحاكي إلزامات الإعداد والأداء العصريين.
التأكيد على خضوع جميع الأساتذة، متفرغين ومتعاقدين، إلى التدريب المستمر، مع قوننة إلزامية الحضور.
اختيار المدربين وفق معايير أكثر دقة.
ربط المشاركة بالدورات التدريبية بالدرجات الاستثنائية.
الأخذ بعين الاعتبار حاجات الأساتذة أثناء عملية الإعداد للدورات التدريبية.
التأسيس لبنية اقتصادية تقوم على المعرفة في لبنان.
وضع مناهج ترتكز على تنمية قدرة المتعلّم على ابتكار وتحليل البنية الإنتاجية للمعلومات.
ضرورة ارتكاز المناهج التعليمية على البحث العلمي والتكنولوجيا.
وضع مناهج تعليمية ترتكز على تحديد ماهية الرأسمال البشري المطلوب تكوينه في لبنان.
إقرار استراتيجية وطنية واضحة للتعليم في لبنان.
العمل على دخول العصر الرقمي للنظام التعليمي في لبنان، وربطه باقتصاد المعرفة.
تعزيز آلية الرقابة على أداء المدارس عبر قوننة هذا المسار.
زيادة أعداد المفتشين التربويين في لبنان.
إيجاد آلية واضحة ومتينة ما بين التفتيش التربوي والإرشاد، لتفعيل دور كل منهما.
رصد المحور