المقال السابق

إقليمي الصدر: الشعب هو من اختار توفيق علاوي رئيسا للحكومة 
03/02/2020

المقال التالي

ميديا ماذا في أسرار الصحف المحلية الصادرة اليوم؟ 
03/02/2020
لبنان هل اختلف البيان الوزاري لحكومة دياب عن البيانات السابقة ؟

الاخبار البيان الوزاري : الخصخصة ودعم المصارف

 كتبت صحيفة "الأخبار " تقول : بحسب المسوّدة التي سُرّبت أمس، اعتبرت حكومة الرئيس حسان دياب في ‏بيانها الوزاري أن النجاة من الانهيار في الأمن والاقتصاد وغضب الناس، ‏واستعادة الثقة، تتحققان بالأفعال وليس بالوعود. لكن الواضح أن الحكومة ‏وضعت بياناً "من كل وادي عصا" يحتاج الى نقاش جدي في شقّه المالي ‏والاقتصادي يمنع تكرار السياسات القديمة
في ظل انتشار معلومات عن أن المصارف تنوي خفض المبالغ التي ستفرج عنها شهرياً لأصحاب الحسابات ‏الجارية "الصغيرة" إلى حدود 600 دولار شهرياً، تسرّبت أمس مسودة مشروع البيان الوزاري لحكومة الرئيس ‏حسان دياب، من دون أن تكشف سوى عن مزيد من الدعم للمصارف. تتحدّث المسودة عن الحفاظ على الودائع، ‏ملمّحة إلى تشريع الإجراءات غير القانونية التي تتخذها المصارف بحق المودعين. في المقابل، تأكيد واضح لدعم ‏رسملة المصارف، ما يعني منح أصحاب البنوك المزيد من الحظوة التي لطالما استفادوا منها لتضخيم ثرواتهم، ‏وثروات كبار المودعين، على حساب المال العام. وإضافة إلى دعم المصارف، تبدو الخصخصة حلاً شبه وحيد ‏في نظر حكومة دياب. الخصخصة لخفض الدين العام، والخصخصة لخفض كلفة القطاع العام، والخصخصة ‏لخفض عجز ميزان المدفوعات‎!‎

وإضافة إلى ما تقدّم، وفي ظل الأزمة النقدية المفتوحة منذ ما قبل "17 تشرين"، لم تجد الحكومة نفسها معنية ‏بالحديث عن سعر صرف الليرة، مكتفية بالسعي إلى "سلامة النقد"! وفضلاً عن ذلك، تثبّت مسودة البيان ‏الوزاري "مؤتمر سيدر" كواحدة من المرجعيات التي ينبغي السهر على إرضائها، تماماً كخطة شركة ‏‏"ماكنزي"، والورقة الإصلاحية التي وصفها الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري بأنها تعبّر عن مطالبه هو لا ‏مطالب الناس. باختصار، في مسودة البيان الوزاري لحكومة حسان دياب الكثير من سعد الحريري... ورياض ‏سلامة وجمعية المصارف. ثمة من لا يزال يرى أن الازمات البنيوية للاقتصاد اللبناني تُعالج بالقليل من ‏‏"الإصلاح"، وفق الطريقة نفسها المعتمدة منذ تسعينيات القرن الماضي، مروراً بمؤتمرات باريس، وصولاً إلى ‏‏"سيدر‎".


بدا واضحاً من المسودة أن تحالفاً يعمل على تبرئة الفريق السياسي الاقتصادي المالي من كل ما ارتكبه على مدى ‏العقود الماضية. وهذا التحالف يجمع قوى سياسية داخل الحكومة وخارجها، ويضم كتلة أصحاب المصارف ‏وكبار المودعين والهيئات الاقتصادية ومعهم مصرف لبنان، وذلك بغية إعادة العمل بالسياسات السابقة. وهي ‏سياسات تقود حتماً الى فرض خيارات اقتصادية خاطئة أساسها التقشف والنيل من القطاع العام والذهاب نحو ‏الخصخصة. والظاهر من خلال المداولات أن وزير المالية غازي وزني يتماهى مع سياسات المصارف ‏والمصرف المركزي، ومشجعاً بقوة لخيار العمل مع صندوق النقد والبنك الدوليين بحجة أن لا خيارات أخرى ‏أمام لبنان. ويجري العمل أيضاً على "تقديس" سداد الدين في وقته، وعدم البحث في خيارات التوقف لأجل فرض ‏جدولة الدين داخلياً وخارجياً بما يتناسب والوضع القائم. الشراكة الواضحة التي يظهرها وزني مع سلامة وجمعية ‏المصارف، ستقود حتماً نحو سجال قوي داخل الحكومة حول مقترحاته لإدارة السياسات المالية العامة، وخاصة ‏أن الرضوخ لسياسات سلامة من جديد سيُصعب مهام حكومة دياب‎.


الحكومة مساحة عريضة للأزمة المصيرية التي تستدعي "خطوات مؤلمة"، لمعالجتها ضمن خطّة شاملة وسلّة ‏من الإصلاحات المحددة بسقوف زمنية، ملتزمة بمكافحة الفساد في أول 100 يوم واسترداد الأموال المنهوبة في ‏أقل من سنة وتخفيض سقف التحويلات لمؤسسة كهرباء لبنان. وتدخل ضمن سلّة "الإصلاحات"، ورشة ‏‏"إصلاح" قضائي وتشريعي، ترافقها إجراءات محددة كتخفيض الفائدة على القروض والودائع، مع التزام ‏الحكومة التي "تعترف بأحقية مطالب الحراك" بتنفيذها عبر ثلاث مراحل تمتد من مئة يوم إلى ثلاث سنوات‎.‎

وتتضمن خطة المئة يوم من تاريخ نيل الحكومة الثقة الإصلاحات القضائية واستقلال القضاء، وإقرار استراتيجية ‏مكافحة الفساد وحق الوصول إلى المعلومات، بينما خطة السنة تلتزم باسترداد الأموال المنهوبة وإقرار قوانين ‏تحمي المرأة وحقوقها وإقرار قانون منح الجنسية لأولاد الأم اللبنانية، فيما تشمل الخطة التي حُددت ما بين سنة ‏وثلاث سنوات إطلاق ورشة قانونية لتحديث القوانين وتحسين السجون وتطوير قصور العدل. وفي سياق وعده ‏بتنفيذ الإصلاحات، تطرّق البيان الى مؤتمر "سيدر" الذي يشترط حصول لبنان على المساعدات بتنفيذ هذه ‏الإصلاحات، كما يتضمن البيان خطة مالية متوسطة الأجل لضبط الاختلالات المالية ووضع العجز في الناتج ‏المحلي في منحى تراجعي، من خلال تنفيذ إجراءات، منها مكافحة التهرب الضريبي وإصلاح النظام الضريبي، ‏باعتماد الضريبة التصاعدية الموحدة على مجمل المداخيل، ومكافحة التهريب من المعابر الشرعية وغير ‏الشرعية‎".


وقد التزم البيان بإعادة هيكلة القطاع العام عبر مكافحة الهدر ودمج وإلغاء عدد من المؤسسات العامة، إضافة إلى ‏ضبط الدين العام وخدمته. وفي ظل المخاوف التي يعيشها المواطنون جرّاء الإجراءات التعسفية التي تعتمدها ‏المصارف، لفت البيان الى أن الحكومة ستعمَل على "معالجة الأزمة النقدية والمصرفية، ووضع الآليات المناسبة ‏لحماية أموال المودعين، لا سيما الصغار منهم، والمحافظة على سلامة النقد واستعادة استقرار النظام المصرفي‎".


وجاء في البيان أن الخطة الإنقاذية تتضمن "خطوات مصيرية وأدوات علاج ستكون مؤلمة"، بحيث "لا يمكن ‏لأي خطة إنقاذية أن تنجح ما لم نقم بتخفيض الفائدة على القروض والودائع وذلك لإنعاش الاقتصاد وتخفيض كلفة ‏الدين". وتدعو هذه الخطة الى "التواصل مع كل المؤسسات والجهات المانحة أو الداعمة من أجل تأمين الحاجات ‏الملحة والقروض الميسرة وتغطية الحاجات التمويلية للخزينة". وفيما تتعهد الحكومة بالعمل على حلول سريعة ‏واتخاذ إجراءات ضرورية لتأمين التيار الكهربائي باستمرار وتصفير العجز وخفض الكلفة على المواطنين، ‏وأشارت إلى أنها ستعتمد خطة الكهرباء التي كانت قد أقرّت في الحكومة السابقة ونصّت عليها الورقة الإصلاحية ‏التي طرحها رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بعد أيام على بدء التحركات الشعبية، أي تعيين الهيئة الناظمة ‏لقطاع الكهرباء كجزء من إصلاح قطاع الكهرباء، كذلك الاسراع في إجراء دورة التراخيص الثانية في قطاعي ‏النفط والغاز‎.


وتطرق البيان الى تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، من خلال إشارته الى إقرار الاستراتيجية الوطنية ‏للنقل البري. وتضمن في صفحاته الـ 17 عناوين عريضة ترتبط بتحسين الحياة الاقتصادية والاجتماعية للبنانيين، ‏منها تقوية شبكات الأمان الاجتماعية عبر تأمين التعليم لكل فئات المجتمع وتعزيز التغطية الصحية وسلامة ‏الغذاء، إضافة الى تطوير الاقتصاد الوطني من اقتصاد ريعي وخدماتي إلى إنتاجي، مع تقديم تسهيلات من ‏مصرف لبنان وحثه على ضخ السيولة بالدولار لاستيراد المواد الأولية، وذلك في ظل الأزمة التي يعاني منها ‏التجار في هذا الإطار مع الإجراءات المصرفية التي تحدّ من قدرتهم على تحويل الدولار لاستيراد المواد الأولية‎.


اللجنة الوزارية التي كتبت المسودة ستضع لمساتها الأخيرة عليها اليوم، تمهيداً لإقرارها في مجلس الوزراء، قبل ‏إحالة البيان النهائي على المجلس النيابي الذي من المتوقع أن يعقد جلسة الثقة يوم الثلاثاء 11 شباط 2020. هذا ‏البيان الذي يقول مُعدّوه إن استعادة الثقة تتحقق بالأفعال لا بالوعود، أكثر من الكلام الذي لا طائل منه، كمثل إعادة ‏التمسّك بالمبادرة العربية للسلام التي تبنّتها قمة بيروت العربية عام 2002، وهي المبادرة التي سقطت بفعل ‏التعنت الاسرائيلي أولاً، وبسبب التطبيع السري والعلني الذي تمارسه دول عربية، وعلى رأسها دول في الخليج ‏العربي كالإمارات والبحرين وعُمان، وبرعاية سعودية‎.‎

صحيفة الاخبار

الكلمات المفتاحية

مقالات المرتبطة