رأى عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله أن "الدولة اليوم بكل مؤسساتها أمام استحقاقات مالية لها علاقة بالديون التي تراكمت على لبنان، وجاء وقت دفعها في مواعيد خلال الأشهر المقبلة في آذار وما بعده، وهذه الديون لم تقترضها هذه الحكومة الحالية، بعضها منذ عشر سنوات، وبعضها الآخر منذ عشرين سنة، وهناك نقاش في البلد حول دفع هذه الأموال أو عدم دفعها، فإذا دفعنا ما هو المسار، وإذا لم ندفع ما هو المسار، ولأن المال محدود لدى الدولة اللبنانية، والجميع يقول بأن هذه أموال المودعين، فمن سيأخذ القرار في الدولة اللبنانية؟ وصحيح أن الحكومة اللبنانية معنية، ولكن هذا قرار وطني، لأنه على أساس ما ستقرره الدولة، هناك مسارات جديدة في نظامنا المالي والاقتصادي، ستحدد الى أين سيتجه البلد".
وخلال احتفال تأبيني أقيم في حسينية بلدة كونين الجنوبية، شدد فضل الله على أنه "لا يستطيع أحد أن يقول لا دخل له في ما حصل، فالذين اقترضوا الأموال وأوصلوا البلد إلى ما هو عليه، ليسوا هؤلاء الموجودين في الحكومة، ونحن اليوم لا نريد أن نحمل المسؤوليات والتبعات لمن اتخذ القرار في السابق، فهذا له وقته، ولكننا نتحدث عن هذه اللحظة، من سيتخذ القرار، فهناك من ينفض يده من هذه المسؤولية، ولذلك نحن قلنا بأن مثل هذه القرارات الأساسية والحساسة التي تحدد مسارات الحل في المستقبل أو تحدد مسارات تعقد الأزمة، تحتاج إلى ما يشبه الإجماع، وإلى توافق وطني، ففي هكذا قضايا لا يستطيع أحد أن يدير ظهره".
وأكد أننا "نناقش هذا الموضوع داخل مؤسسات الدولة، وكجهة سياسية لنرى ما هو الخيار الأفضل للبنان، ووضعنا ضابطة أساسية، وهي مصلحة الناس، فنحن لا يعنينا الآن من هو المقترض، ومن الذي حصل على القرض، وكيف صرف هذا القرض، وإنما ما يعنينا هو أن لا يؤثر أي قرار ستأخذه الدولة على اللبنانيين وأموالهم".
وأضاف: "لم نترك سبيلا قانونيا لمعرفة مصير أموال المودعين في المصارف إلا ولجأنا إليه، بدءا من القضاء، ولجنة الرقابة على المصارف، وصولا إلى هيئة التحقيق الخاصة الموجودة في لبنان، والمصرف المركزي، ووزارة المال، وكنا نقول لهم جميعا، أين ذهبت الأموال، وطالبنا بتحقيقات، لأن هناك أمرين خطيرين حصلا، الأمر الأول هو أن أصحاب المصارف هربوا أموالهم إلى الخارج، ومعهم بعض من في السلطة وكبار المتعهدين، ولكن إذا كان القضاء ولجنة الرقابة على المصارف ومصرف لبنان غير قادرين على إجراء التحقيقات لمعرفة الأسماء والأحجام، فمن الذي يقوم بهذا الدور؟.
وتابع: أما الأمر الثاني، فتلاعب أصحاب المصارف بقضية سندات الديون الخارجية على لبنان، ولم يكتفوا بما ارتكبوه من تواطؤ على أموال المودعين، فبعضهم باع أموال الناس والدولة للخارج، لأنه يعتبر أن الجهات الخارجية تستطيع أن تحصِّل هذه الأموال، وهذا جزء من السلوك المشين لأصحاب المصارف، وبالتالي من يحاسب هؤلاء، فهل نستطيع أن نذهب نحن إلى أصحاب المصارف وللمتآمرين على مال الشعب اللبناني والطماعين والجشعين أيا كانوا ونحاسبهم، أم نلجأ إلى الخيارات القانونية، ولذلك لجأنا إلى الجهات القانونية، وهي من تتحمل المسؤولية".
وأمل أن "تضم الحكومة صوتها عندما تنال الثقة إلى صوتنا ومطالباتنا لاستعادة أموال المودعين ممن هربها وتلاعب بها وباعها".
ورأى أن "هناك إمكانا لمعالجة الأزمة المالية والاقتصادية الحادة في لبنان، وهناك فرص سانحة، وخطوات بالإمكان القيام بها، وإجراءات نستطيع سويا على المستوى الوطني أن نتخذها، وهذه الإجراءات تفتح أفقا لحلول وطنية، ولدى لبنان من الإمكانات والقرارات التي لو تم الاتفاق على اتخاذها، لجعل الآخرين يسارعون هم إلى مساعدة لبنان، لأن بعضهم هو من ورط لبنان في ما ورطه فيه على المستوى المالي والاقتصادي، ولكن نحتاج نحن في البداية الى أن نساعد أنفسنا قبل أن نطلب مساعدة الآخرين".
وأكد أننا "لا نمانع في أن تكون هناك مساعدات من الخارج، ولكن ليس على حساب سيادتنا وقرارنا الوطني وخياراتنا السياسية، وعندما نقول على حساب سيادتنا الوطنية، فنحن نتحدث عما يتعلق بالإجراءات المالية والاقتصادية، وليس فقط عن الموقف السياسي للدولة اللبنانية، لأن هناك مؤسسات مالية دولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي لديهم شروط لها علاقة بسعر الدولار والضرائب والوظيفة العامة والخصخصة، وهي ليست قضية سياسية ترتبط بفريق، وإنما ترتبط بكل النظام المالي والاقتصادي في البلد".
ولفت إلى أنه "في لبنان هناك جهات أو أفراد سلبيون لا يريدون أن يكون في البلد حكومة، وهناك من يدعو إلى تعطيل الحكومة وعرقلتها وهي تستعد لنيل ثقة المجلس النيابي"، متسائلا: "إذا لم يكن هناك حكومة ماذا سيحصل في البلد، فهل تحل الأزمة، ومن سيتخذ القرارات التنفيذية، وعليه، فإن وجود الحكومة هو في ذاته فرصة، ولكن هذا لا يكفي، وإنما يحتاج إلى أمرين متلازمين، الأمر الأول يكمن في أن تضع الحكومة برنامجا إصلاحيا حقيقيا قابلا للتطبيق مستوحى من بيانها الوزاري، لأن البيانات الوزارية عادة، ترسم السياسة العامة للحكومات، والإجراءات تكون في الخطط العملية، أما الأمر الآخر فهو التعاون مع الحكومة، وعدم السعي إلى تعطيل دورها أو إفشالها أو الرهان على وضع العقبات في طريقها، أو محاولة تحميلها المسؤوليات المتراكمة منذ عشرات السنين، لأنه إذا لم تنجح هذه الحكومة بسبب ممارسة البعض لهذه الأفعال، فستلقى التبعات على كل الناس".
وشدد فضل الله على أن "تعطيل الحكومة لحسابات سياسية ضيقة وتحقيق مكاسب فئوية وتسجيل النقاط، هو تعطيل على البلد، فعندما نرى أن هناك أخطاء ارتكبتها هذه الحكومة، يمكن أن نعارضها، ولكن من غير الصحيح أن نعارضها ونمنعها من العمل قبل أن تنال الثقة، وعليه، فإذا لم يتم دعم هذه الحكومة والتعاون معها ليس كيفما كان، وإنما على أساس خطوات عملية ستقوم بها، فإن البلد سيواجه صعوبات في النهوض من مشكلته القائمة، وهذا يتطلب تحمل مسؤولية وطنية من الجميع، لا سيما وأن الوضع في لبنان اليوم يطاول جميع اللبنانيين، إلا قلة قليلة ممن هربت أموالها إلى الخارج".
وقال: "إن الشعور بالمسؤولية الوطنية يتطلب وضع اليد باليد من أجل الحل، لا سيما وأن كثيرين شاركوا في الوصول إلى الأزمة التي يعيشها لبنان، وعليهم أن يتحملوا المسؤوليات في المعالجة".
وأشار إلى أننا "دعونا كل القوى ممن نتفق معها أو ممن نختلف معها، إلى أن نضع الآن الخلافات السياسية جانبا، وأن نفكر وطنيا لحل مشكلة الناس، فمن يدعي أنه يمثل الناس ويريد مصالحهم ويسعى لأجلهم، عليه أن يكون حاملا لهم المسؤولية، وأن يفكر على المستوى الوطني وليس على المستوى المناطقي أو الحزبي أو الطائفي".
وختم فضل الله: "إننا نعاني في لبنان من قوى وشخصيات وجهات لا تفكر إلا على مستواها الشخصي والفئوي، ومستعدة لتخرب كل شيء من أجل أن تحقق مكسبا لها، وهي لا تبالي لما يحصل في لبنان ولا لما يعانيه على المستوى المالي والاقتصادي، فهم لا يعانون على مستواهم الشخصي، لأنهم عندما يريدون أن يذهبوا إلى المستشفى يسافرون إلى الخارج ويستوردون طعامهم، وهم هربوا أموالهم إلى الخارج، ولا يعيشون مع الناس، ولذلك يتصرفون ويتخذون القرارات والخيارات ويتحدثون بلغة وكأنه لا يوجد مشكلة في البلد، ونحن نسمع هؤلاء ونراهم ونناقشهم ونقول لهم بأن البلد في وضع خطير، ولكن لا حياة لمن تنادي".
رصد المحور