اكد نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في كلمة خلال إحياء الذكرى الواحدة والأربعين لانتصار الثورة الإسلامية في إيران التي أقامها تجمع العلماء المسلمين، أن ايران دعمتنا لنسترد حقنا وكرامتنا في وجه الاحتلال.
وممّا جاء في الكلمة :عندما ننظر إلى ساحتنا، نرى أنَّ القضية الكبرى هي قضية فلسطين، وإذا راجعنا كلَّ الآلام والمرارات والحروب والصعوبات التي أحاطت بمنطقتنا، نجدُ أنَّ سببها هو الاحتلال الاسرائيلي المدعوم استكبارياً ظلماً وعدواناً. مشاكل المنطقة من إسرائيل، وإذا ظنَّ البعض أنَّ إسرائيل تحتلُّ فلسطين فهو واهن، هي في الواقع تتخذ من فلسطين منصةً لاحتلال المنطقة والعالم الاسلامي، وهي تمارس ما يثبِّت هذا الاحتلال، كلُّ حلول التسوية التي طُرحت في مراحل مختلفة كانت مقدمات لهضم الاحتلال تدريجياً ولتثبيته في منطقتنا، ولم تكن حلولاً وإنما كانت مراحل هضمٍ للأراضي الفلسطينية المحتلة من قِبل إسرائيل برعايةٍ دولية. من هنا وجدنا بالتطبيق العملي أنَّ المقاومة المسلَّحة هي الحل الوحيد، ولا أقول المقاومة بأشكالها المختلفة، وإن كانت الأشكال المختلفة مطلوبة، بكن عندما نقول بأنها الحلُّ الوحيد ليكون واضحاً أنَّ المقاومة بالسلاح هي الأساس، وأنَّ المقاومات الأخرى ترفِد مقاومة السلاح بفعالية وقوة من أجل تحرير الأرض، هذا الاستكبار العالمي لا يفهم إلا بالمواجهة لتحرير الأرض، ولا يمكن أن يعوَّل عليه ولا على أمريكا بأن يكون هناك حلٌّ سياسي في المنطقة. هنا لا بدَّ أن نسجّل للشعب الفلسطيني البطل والمجاهد والصابر والمقاوم، أنه أسقط صفقة القرن قبل أن تنعقد، ومنعها من محطتها الأولى في منتدى البحرين، إذ حاول ترامب أن يجزئ عرض الصفقة في مرحلتين، الأولى إقتصادية للجذب والإغراء والايقاع، والثانية سياسية لرسم الصورة لمنطقتنا بعد هذه الصفقة، وإذ بمنتدى البحرين يفشل لأن الفلسطينيين لم يوافقوا ولم يشاركوا، فكان حضور أمريكا مع بعض العرب وبعض العالم حضوراً هزيلاً فاشلاً أدى إلى تأخير العرض السياسي لصفقة القرن أشهراً وأسابيع، لأن المطلوب كان أن تعرض الصفقة بعد أسبوعين أو ثلاثة من منتدى البحرين لكن فشل المندى في محطته الأولى، ولأن ترامب لا يريد أن يخسر بعض النتائج الجانبية لهذه الصفقة، وأبرزها أن يقدم للشعب الأمريكي عنواناً انتخابياً يساعد على فوزه في الدورة الثانية، ولأنِّ الصفقة أفرغت من محتواها تماماً ولم يعد لها قابلية أن تنجح أو أن تتقدم أو أن تؤثر في رسم مشروع فلسطين المستقبلية، أسرع ترامب لعرض الصفقة وإعلانها على المستوى السياسي، ماذا رأينا؟
رأينا لقاءً هزيلاً يرعاه ترامب مع عددٍ قليلٍ جداً من دول العالم لأن الفلسطيني لم يشارك ولم يوافق فجرّد الصفقة من محتواها وتحولت من خارطة طريق إلى مجرد إعلان لا يسمن ولا يغني من جوع. لذا نحنُ نعتبر أنَّ الصفقة وُلدت ميتةً قبل أن ترى أيَّ أملٍ في حياتها وفي مستقبلها، صفقة القرن في إعلانها الباهت تحولت إلى هدفٍ انتخابي، ولم تعد قادرةً على أن تحقق شيئاً لأمريكا وإسرائيل، {ويمكرون ويمكر الله وهو خيرُ الماكرين}، إذا لماذا نحاول أن نواجه هذه الصفقة التي ولدت ميتة، لأنَّ المطلوب أن لا يبقى في ذهن وعقل أحد في هذا العالم أنَّ بالإمكان أن تُمرر خطوات أو أفكار أو مشاريع لا يرضى عنها الفلسطينيون، ولا تعيد فلسطين من البحر إلى النهر محررةً بالكامل، وليجربوا، وقد جرّبوا كيف انطلقت المقاومة وكيف عملت وكيف سعت، من بداية الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين حتى الآن، وهذا ما يؤكد أنَّ مواجهتنا للصفقة هي مواجهة ثقافية سياسية تربوية لأننا نعتبرها فاشلة على المستوى العملي لا قابلية لها على الأرض، ثانياً أن تتوحد الصفوف تحت شعار تحرير فلسطين متخليةً عن بعض الخلافات الجزئية البسيطة وخاصةً على المستوى الفلسطيني الفلسطيني، ثالثاً من الضروري أن نقوِّي محور المقاومة وأن نعملَ كمحورٍ لا كأجزاء لأننا بقوتنا والتحامنا وتعاوننا مع بعضنا نشكِّل قدرةً حقيقية لهزيمة المحتل ومن وراء المحتل، أمَّا بالتفرقة فسنخسر الكثير. كيف يحقُّ لهذا العالم المستكبر أن يجتمع على باطله، ويستنكرون علينا أن نجتمع على حقنا ؟ علينا أن نكون متماسكين شعوباً وأحزاباً وقيادات تحت لواء وقيادة الجمهورية الاسلامية الإيرانية، بتوجيه الإمام الولي الفقيه القائد الخامنئي (حفظه الله ورعاه) دون أن نخشى من أحدٍ من العالم أن ينعتنا بالعلاقة مع إيران، فالعلاقة معها فخرٌ وعزٌ وتحريرٌ وإباء، وقد أثبتت التجربة أنَّ من يكون مع إيران ومع المقاومة يحقق الإنجازات ويحرر الأرض ويقوِّي المقاومة لنغيِّر المعادلة، فليعلموا بعد هذا العمل الكبير والمؤثر لجبهة المقاومة لا يمكن أن نعود إلى الوراء، ولا يمكن أن نقبل بالهزائم، هذا زمن الانتصارات بوحيٍ من المقاومين المجاهدين بقيادة الولي الفقيه وبالعمل المقاوم الجاد على كلِّ الأصعدة لهزم المشروع الصهيوني الأمريكي الذي يريد أن يفرض نفسه في منطقتنا.
لقد حقق هذا المحور، محور المقاومة الانتصارات لسبيين، الأول وجود القيادة، والثاني وجود المقاومة، وبغير هذين العنوانين يصعب أن نحقق شيئاً، أنتم تعلمون بأنَّ انتصار الجمهورية الإسلامية المباركة في إقامة هذه الدولة العظيمة الفتيَّة في سنة 1979 كان سبباً لمتغيراتٍ جوهرية على مستوى المنطقة والعالم، في سنة 1978، قبل سنة كان كامب دايفيد وكانت المؤشرات تدلُّ أن الأمور ذاهبة إلى إنهاء القضية الفلسطينية، وكان اجتياح إسرائيل إلى لبنان سنة 1982، ونقل الفلسطينيين المقاتلين إلى تونس ختام مرحلة العمل المقاوم حسب اعتبارهم، لكن في هذا الزمن كان نور الإسلام يشعُّ، وانطلقت المقاومة مجدداً وأعلنَ حزب الله عن حضوره ووجوده، ودعمت إيران حركات المقاومة في فلسطين وفي المنطقة، وإذ بالمسار العام في المنطقة يتغير تماماً، إيران لم تُعطنا لنكون أقوياء، بل أعطتنا لنسترد حقنا وكرامتنا ووجودنا، إيران لم تطلب منا لنكون أتباعاً لنا فهي ليست بحاجة إلى الأتباع، بل أعطتنا لنشكِّل معاً مسار التعبير الإنساني الإسلامي الصلب في منطقتنا، إذ من حقِّ شعوبنا ومن حقِّ منطقتنا أن يعيشوا أحراراً يختاروا منهجهم وخياراتهم ولا يكونوا خاضعين للاستكبار الأمريكي ولا لإسرائيل، هذا المسار المقاوم دعّمه الشهداء والمجاهدون، وكلّما ارتقى شهيدٌ من الشهداء، كلما تأصّلت وتجذرت مسيرتنا أكثر فأكثر، لاحظوا معي في مسارات شهادة الشيخ راغب والسيد عباس والحاج عماد وكلُّ الشهداء الأبطال وكلُّ المجاهدين من الذين قدّموا أنفسهم قربةً إلى الله تعالى، وكذلك شهداء فلسطين وقادة فلسطين في مواقعهم المختلفة التي قدَّموا من خلالها الكثير الكثير، ماذا كانت النتيجة؟ النتيجة هي المزيد من الحصانة والقوّة واسقاط المشاريع الاستكبارية، ولأننا نشكِّل محوراً واحداً، ولأنَّ الشهيد القائد الحاج قاسم سليماني هو رمزٌ من رموز هذا المحور، فكّرت أمريكا أنَّ اغتياليه واغتيال الشهيد المجاهد أبو مهدي المهندس سيؤدي إلى الإضرار بمحور المقاومة، وسيؤدي إلى إضعاف محور المقاومة، ماذا كانت النتيجة، كانت المظاهرات المليونية في إيران والعراق تذكِّرنا بإحياء الثورة من جديد، وإعلان البيعة من جديد لهذا الخط المقاوم، لقد أخرست هذه التظاهرات المليةنية كل ادعاءات أمريكا وإسرائيل والغرب بأنَّ منطقتنا تعيشُ حالةً لا تستقر معها ولا تستطيع أن تحدد خياراتها، لقد حددت منطقتها خيارها بشكلٍ واضح، نحن مع المقاومة، مع محور المقاومة، مع المجاهدين والشهداء، مع أن تستقل منطقتنا، ومع أن تعود فلسطين من البحر إلى النهر، والعبرة بالنتائج ونفسنا كويل وجهادنا مستمر، ونحن عشاق الشهادة فبما تهددوننا حتى نتوقف؟ لا شيء يوقفنا على الأرض مادام فينا روحٌ يصرخ بالحق ويعمل تحت لواء الإسلام، وسننتصر بإذن الله تعالى، وكان حقاً علينا نصر المؤمنين.
العلاقات الاعلامية