خاص المحور
لم يكن القراران اللذان اتخذتهما حكومة فؤاد السنيورة في الخامس من أيار عام 2008 وليدا الساعة التي صدرا فيها، بل جرى التمهيد لهما بحملة سياسية قاسية من قبل فريق 14 آذار ضد سلاح المقاومة على مدى أشهر عدة، وترافق ذلك مع اجراءات كانت تقوم بها الوزارات المحسوبة على هذا الفريق بالتقصي عن شبكة الاتصالات التي مددها الحزب في بعض المناطق التي لها علاقة بعمل المقاومة ضد العدو وقامت هذه الوزارات بإعداد الخرائط المفصلة عن الشبكة وإبلاغ فحواها الى الاميركيين وحلفاء فريق 14 آذار الاقليميين ، وهو ما تكشفه وثائق ويكيليكس الصادرة عن السفارة الاميركية في بيروت والتي نشرت صحيفة "الاخبار" جزءا منها بتاريخ 10 ايار 2011 .
وبحسب الوثيقة ، فقد ، فوجئ وزير الاتصالات مروان حمادة بأن وزارة الدفاع لم تقم بواجبها تجاه شبكة اتصالات حزب الله ، وفي البرقيات الصادرة عن السفارة الأميركية في بيروت ، ظهر أول ذكر لشبكة الاتصالات الخاصة بحزب الله في شهر آب 2007، أي قبل 8 أشهر من صدور قرار مجلس الوزراء. في البرقية التي تحمل الرقم(07BEIRUT1301 (24 آب2007) يجري الحديث عن لجنة وزارية ألّفتها الحكومة اللبنانية للبحث في شأن شبكة اتصالات خاصة بحزب الله في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت. وزير الاتصالات في تلك الأيام، مروان حمادة، يخبر نائب رئيس البعثة الأميركية في بيروت، وأحد موظفي السفارة، أن وزارتي الاتصالات والداخلية قدّمتا تقريريهما عن شبكة حزب الله، معلناً أنه فوجئ بأن وزارة الدفاع لم «تؤدِّ واجبها».
وبحسب تقرير حمادة، فإن إسرائيل دمّرت الشبكة عام 2006، فاستبدلها الحزب بتمديدات تحت الأرض. يضيف حمادة أن من زوّدوا وزارة الاتصالات بمعلومات خائفون من انتقام حزب الله. وقرأ حمادة على مسامع ضيفيه الأميركيين أجزاءً من التقرير الذي أعدّته وزارته، والذي يتحدث عن أن الشبكة السلكية تربط عشر قرى في الجنوب. وعبّر الوزير عن اعتقاده بأن المنظمة الإيرانية التي تشارك في عمليات إعادة الإعمار في جنوب لبنان تقوم بعمليات تمديد الشبكة. وزيادة في الإفادة، قال حمادة للدبلوماسيين الأميركيين إن ثمة رابطاً بين قرى الجنوب ومنطقة البقاع الجنوبي. كذلك شرح الوزير اللبناني كيف أن الحكومة اللبنانية لا تستطيع التحقق من هذه الشبكة في الضاحية الجنوبية لبيروت. ولفت حمادة إلى وجود كابل اتصالات يمر بمحاذاة سور السفارة الفرنسية، وآخر يصل إلى مخيّم اعتصام المعارضة في وسط بيروت. وقد قلّل كاتب البرقية الأميركية من جدية المعلومات التي تتحدث عن مرور كابل اتصالات خاص بحزب الله قرب السفارة الفرنسية في بيروت، التي تخضع لرقابة دقيقة من السفارة.
وبحسب البرقية ذاتها، فإن السفارة الأميركية سعت إلى مقاطعة معلومات حمادة مع مصادر أخرى، بينها موظفون في السفارة، وعاملون في منظمات غير حكومية في الجنوب، وموظفون في وزارة الاتصالات. هذه المصادر أكدت معلومات الوزير، بل إن بعضها أضفى على الشبكة أبعاداً اقتصادية، كما فعل جيلبير نجار، رئيس هيئة مالكي شبكتي الخلوي في لبنان. فالبرقية ذاتها تنقل عن نجار قوله إن وزارة الاتصالات اشتبهت في وجود نشاط غير شرعي نتيجة لسببين: أوّلهما انخفاض عدد المشتركين الجدد في شبكة الهاتف الثابت في بعض مناطق الجنوب. وثانيهما حصول تشويش على الترددات في الجنوب. لكن اكتشاف أن التشويش يأتي من الغرب، أقفل التحقيقات في هذه القضية.
جنبلاط يشكو لسيسون
بعد ذلك، اختفت شبكة اتصالات حزب الله من البرقيات الصادرة عن السفارة الأميركية في بيروت، إلى أن عادت وظهرت يوم 8 نيسان 2008 (08BEIRUT490 ). في تلك البرقية، شكا النائب وليد جنبلاط إلى القائمة بالأعمال الأميركية، ميشيل سيسون، رئيسَ الحكومة فؤاد السنيورة، بسبب عدم ممارسته الضغوط الكافية للحصول على التقرير الرسمي الذي أعدّته وزارة الاتصالات «برعاية وزير الاتصالات مروان حمادة». وقال جنبلاط إن مدير استخبارات الجيش العميد جورج خوري والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي كانا على اتصال مع رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا للتباحث بشأن التقرير. وبحسب جنبلاط، فإن صفا حذّر من اتخاذ أي خطوة ضد شبكة الاتصالات الخاصة بحزب الله، لأنها ستعدّ «إعلان حرب». وزوّد جنبلاط سيسون بنسخة عن الخريطة التي تظهر أماكن انتشار الشبكة. وشرح جنبلاط أن تحويل تقرير وزارة الاتصالات إلى تقرير رسمي تمهيداً لتقديمه إلى الحكومة يحتاج إلى أن تستكمل المؤسسات الأمنية عملها عليه. وبحسب البرقية الأميركية، فإن وزير الدفاع الياس المر كان يلوم مدير استخبارات الجيش على التأخير في إنجاز التقرير.
المحور