الاخبار - يحيى دبوق - السبت 31 تشرين الأول 2020
بين الحديث المتداول في تل أبيب عن هجوم سيبراني خارجي أدّى إلى قطع الكهرباء عن ثلث الأراضي الفلسطينية المحتلّة، وبين حرص شركة الكهرباء الإسرائيلية الشديد، في المقابل، على التأكيد أن لا هجوم سيبرانياً، يبدو أن الهجوم قد وقع فعلاً. وهو التقدير الأكثر معقولية، في انتظار التأكيدات التي ستَرِد لاحقاً، كما هي العادة المتّبعة لدى العدو في حالات مشابهة شهدتها المواجهة السيبرانية، على أكثر من صعيد، مع محور المقاومة.
وبدا لافتاً، منذ اللحظة الأولى لانقطاع الكهرباء، تذبذب رواية إسرائيل، بين رافض ومؤكّد ومشكّك، في أن الانقطاع جاء نتيجة خرق الدفاعات السيبرانية الإسرائيلية، ومن ثمّ التحكّم في حواسيب توزيع الكهرباء بين مناطق في الوسط والجنوب، والعمل على قطع التيار عنها. وأشار المراسل العسكري لـ"القناة 12"، نير دفوري (واللافت تصدّيه هو للتغطية الخبرية ربطاً باختصاصه)، إلى أن ثلاث محطّات توليد كهرباء انهارت الواحدة تلو الأخرى، فبات ثلث سكان إسرائيل، بعد منتصف الليل، من دون طاقة. وأضاف أنه في مقابل تأكيدات شركة الكهرباء أن حمولة زائدة أدّت إلى قطع التيار، "قال لي مصدر أمني مطّلع على التفاصيل إنه في منتصف الليل لا يوجد ضغط قُطري على شبكة الكهرباء، ولا يوجد ضغط على أيّ محطّة توليد، الأمر الذي يعني أن ثمّة احتمالاً كبيراً لكون المسألة تتعلّق بهجوم سيبراني". ووفقاً لتقارير عبرية، شمل انقطاع الكهرباء عدداً كبيراً من المدن والمستوطنات في الجنوب والوسط والشمال، ومن بينها القدس وتل أبيب وبئر السبع وبتاح تكفا وأشدود وعسقلان ونحال سوريك وريشون لتسيون ونتانيا ورعنانا ومستوطنات الجليل الأعلى.
رواية «الحمولة الزائدة» لا تتوافق مع حقيقة «الحمولة المنخفضة» في لحظة انقطاع الكهرباء
وإن كان حديث إسرائيل قد استقرّ نسبياً، منذ اللحظة الاولى لانقطاع الكهرباء، على أن "هاكر" من إيران أو من "حزب الله" خَرَق سيبرانياً شركة الكهرباء الإسرائيلية، إلا أن الأخيرة عادت صباح أمس للحديث عن أن "الحمولة الزائدة" هي السبب؛ إذ إنها تؤدي تلقائياً إلى تفعيل برنامج الحماية الذاتية لمحطّات توليد الكهرباء، وإيقافها عن العمل. على أن رواية "الحمولة الزائدة"، التي تتناقض مع تأكيدات المصدر الأمني المطّلع على التفاصيل، لا تتوافق أيضاً مع حقيقة "الحمولة المنخفضة" في لحظة انقطاع الكهرباء ما بعد منتصف الليل، علماً بأن برنامج الحماية يُفعّل نفسه لقطع توزيع الكهرباء عن جزء من المستفيدين من الطاقة لتخفيف الحمل، من دون أن ينسحب على محطاّت الإنتاج لإيقافها، الأمر الذي يقلّل من صدقية الرواية اللاحقة لشركة الكهرباء.
وكان انقطاعٌ مماثل للكهرباء وقع الشهر الماضي، وشمل كلّ المستوطنات والمدن الإسرائيلية. والسبب الذي أُعلن عنه أيضاً، آنذاك، هو "الحمولة الزائدة" التي أدّت تلقائياً إلى إيقاف محطّات الإنتاج عن العمل. وقالت الشركة في حينه إن انقطاع الطاقة استمرّ ثلاث ساعات، بينما أكّد المستوطنون في اتصالات مع وسائل الإعلام العبرية المختلفة أنهم عانوا من انقطاع الكهرباء طويلاً، بخلاف الرواية الرسمية.
يبقى التنبيه إلى أن أنجح الخروق السيبرانية، سواء في ما يتعلّق بالهجوم على قطاع الطاقة الكهربائية أم غيره، هي الخروق التي يَعتقد أو يَظنّ الطرف الآخر المتلقّي للهجمات، في أعقابها، أن السبب مجهول أو يعود إلى أعطال تقنية، ما يعني حِرفيةً عالية جدّاً لدى "الهاكرز".
صحيفة الاخبار