رفع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل التحدّي مجدداً يوم أمس في وجه الولايات المتحدة، معلناً استعداده لترك الحياة السياسية إذا ثبتت عليه أي تهمة فساد، سائلاً كيف لدولة كبيرة مثل أميركا "التي تمسك بكل حوالة مال في العالم، ألا تستطيع أن تكشف كل شيء؟ علماً بأني أول من كشف حساباته للرأي العام اللبناني". ولفت باسيل خلال مقابلة على قناة "العربية ـ الحدث" السعودية أنه كان "محتاطاً لاحتمال نشر محاضر اللقاءات بينه وبين الأميركيين، وكلما كان يتكلم كان يفكر بويكيليكس". واعتبر قول السفيرة الأميركية أنه وعد بفك التحالف مع حزب الله بشروط، "محاولة فاشلة لدق اسفين... فإذا أردنا فك التحالف نفعل ذلك بإرادتنا ووفق المصلحة اللبنانية وليس بإرادة خارجية تكون نتيجتها العبث بالسلم الأهلي. وعلى افتراض أننا نريد فك التحالف، نخبر صاحب العلاقة ونبحث معه قبل ذلك معالجة الموضوع، وعندما نيأس من ذلك نقوم بالأمر... أما ما هو معتاد لدى البعض من خيانة وغدر ومسّ بثوابت وطنية خدمة لأغراض لا نعرفها، فهذا غير مقبول عندنا". وأكد أن لبنان استفاد من العلاقة بين التيار الوطني وحزب الله، مشيراً الى أن "التاريخ علّمنا أن عزل أي طائفة يؤدي الى انفجار، وهنا نتحدث عن مكوّن بكامله وليس فقط حزب الله". ورداً على طروحات فك التحالف مع الحزب قال: "أقول للأميركي بصوت عال، أعطني ما يحفظ أمن لبنان واستقراره وقوته وعدم الاعتداء عليه، فأذهب على رأس السطح وليس عالسكت وأقول لحزب الله ذلك بالمباشر، ثم أخبر اللبنانيين أن هذا ما يأتي للبنان ثمناً لقطع العلاقة. أعطونا التزاماً أميركياً ودولياً بتقوية لبنان وإعادة أرضه وإعادة النازحين، وأن يصبح لدينا دولة قادرة ــــ بالتوازن العسكري الاستراتيجي ــــ أن تواجِه، فهذا أمر أضعه على طاولة التفاوض مع حزب الله والداخل اللبناني... أي برنامج فعلي وليس فقط وعود".
من جهة أخرى، تحدث باسيل عن نجاح الحصار "اقتصادياً ومالياً، فبات الوضع سيئاً. لكن لم نصل الى الفتنة والانفجار"، مضيفاً: "هل من الصدفة التزامن بين صفقة القرن والحصار الاقتصادي والمالي على لبنان؟ أم هو تقاطع مقصود؟". ولفت الى أنه "مع مفهوم الدولة، ووثيقة التفاهم مع حزب الله لا تتحدث إلا عن هذا الأمر. وعبارة "استراتيجية دفاعية" أول ما وردت فيها، فالوثيقة لا تتحدث إلا عن الدولة وسياسة الدولة. وأنا لا أدافع عن وضع قائم غير مقتنع به. أما كيفية الخروج منه فتكون بالعمل السياسي". وأضاف: "نحن كتيار، وأنا كوزير خارجية، لم نوافق على ذلك (تدخل حزب الله في الخارج). لكن نحن نفرّق بين الدفاع عن المنزل الذي يستوجب أحياناً أن تتجاوز السور قبل أن يصل الخطر إليه، وبين أن تذهب إلى خلف البحار. ولماذا مسموح لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أن يقول إن سلاح حزب الله مسألة إقليمية تحلّ في هذا الإطار، بينما لا يسمح لنا ذلك؟". وأعاد باسيل التركيز على أنه لا يريد إلا الدولة، "وهذا ما بدأه العماد عون عام 1988 وأيّده الناس، والتيار ليس في محور إلا المحور اللبناني. نحن مع العلاقة الطيبة مع الجميع، وبالنسبة إلينا الوحدة الوطنية تأتي قبل أي دولة في الخارج، وأنا مع الدول العربية قبل أي دولة غير عربية، لكن هناك امتدادات لبعض الدول في لبنان يجب التعاطي معها بما يحفظ لبنان". وكان صارماً بتأكيده عدم تأييده تدخّل أي دولة في شؤون أي دولة عربية، كما لا يؤيد أي "تدخل لبناني في الخارج. فنحن نعاني من التدخلات الخارجية بشؤوننا، وأرخص شيء هو العقوبات إذا كان السبب رفض التوطين والمطالبة بعودة النازحين".
في سياق آخر، كشف باسيل خلال حديثه عن معارك تحرير الجرود، أنه "بما يعنينا على الأرض اللبنانية وعند الجار السوري، قمنا بمعركة كلبنانيين عندما لم يقم الجيش باللازم، بقرار سياسي كان مقصراً، خلال حكومة تمام سلام. وعندما اتخذ القرار السياسي في عهد العماد ميشال عون حررنا الأرض وهُزم الإرهابيون".
في مسألة 17 تشرين، رأى باسيل أن الشعارات التي رُفعت ضده من المتظاهرين تتماهى مع الخارج، مشيراً الى أن المتظاهرين في "17 تشرين" حاولوا اغتياله سياسياً. أما في الموضوع الحكومي، فقد أشار الى أن اتهامه بعرقلة تأليف الحكومة "نغمة قديمة، ونحن حتى الساعة لم نضع شرطاً ولا مطلباً، وطالبنا فقط بوحدة المعايير في التأليف".
وكشف بأن هناك "وعوداً حكومية معطاة للداخل لا تتناسب مع المعطاة للخارج، وعند جمعهما بهذا الشكل لا يركب "البازل"، وإذا احترمت الوعود تتألف الحكومة في 24 ساعة". وأكد من جهة أخرى أن لا مانع لديه بألّا يتمثّل أحد من القوى السياسية في الحكومة، "لكن لا أحد يستطيع الاستقواء علينا عبر الخارج، ونحن نأخذ قرار أن لا نكون في الحكومة، ولا يمكن فرض ذلك علينا". من جهة أخرى، قال باسيل: "ليس هناك زعيم مسيحي أوحد في لبنان، وأنا لا أتشبّه بأحد. وطالما أن الوكالة الشعبية معي من التيار والناس أمارسها، وإلّا أذهب الى بيتي".