المقال السابق

لبنان لبنان القوي: نرفض القفز فوق صلاحيات رئيس الجمهورية 
02/12/2020

المقال التالي

دولي أكثر من 2500 وفاة بكورونا في الولايات المتحدة خلال 24 ساعة
02/12/2020
من الصحف السفيرة الأميركية تهدّد ‏بالانهيار الشامل في لبنان!

الأخبار : دعم السلع الحيوية: مجلس النواب يُغطي اليوم قرار "المجلس المركزي" غداً | السفيرة الأميركية تهدّد ‏بالانهيار الشامل‎!‎

كتبت صحيفة " الأخبار " تقول : وصل سوء الاحوال في لبنان إلى الذروة. هجوم أميركي شرس، إلى حد ‏التهديد بالانهيار الشامل، على لسان السفيرة دوروثي شيا. في موازاته، ‏طبقة حاكمة عاجزة عن إدارة الازمة الداخلية، ومتواطئة إلى حد تهديد ‏قدرة سكان لبنان على شراء السلع الحيوية، عبر بدء إجراءات إلغاء الدعم
لم تعد السفيرة الأميركية في بيروت، دوروثي شيا، تخفي توجهات بلادها في الشهرين الأخيرين من ولاية دونالد ‏ترامب. باتت تقول بوضوح إنها ترى ان لبنان محكوم بتحالف من "المافيا والميليشيا"، وإن كل القوى السياسية، حتى ‏تلك "الصديقة" للولايات المتحدة الاميركية، متعايشة مع هيمنة حزب الله، ولا بد من سقوط تلك القوى ليسقط حزب ‏الله. وتضيف أن أي مساعدات لن تأتي من الخارج من دون حدوث تغيير جذري. وعندما يقول بعض من يلتقون ‏السفيرة لها إن ما تقوله يعني سقوط لبنان نحو هوّة الانهيار الشامل، ترد بأن "كلفة التعايش مع حزب الله اكبر من كلفة ‏أي خيار آخر، وليست مسؤوليتنا إنقاذكم إن لم تُنقذوا انفسكم". بعض زوار السفارة يناقشون شيا بأن الضرر الذي ‏سيلحق بحزب الله نتيجة الانهيار الشامل لن يتجاوز نسبة 10 في المئة من الضرر الذي سيلحق بالآخرين، لأن ‏‏"الحزب أكثر قدرة على إدارة مناطقه" ويستطيع استيراد الادوية والنفط من سوريا وإيران. لكن شيا تعتبر أن هذا ‏الكلام مبالغ فيه‎.‎


كلام السفيرة يعبّر عن رأي إدارة راحلة قريباً. لكن احداً لا يستطيع ضمان تغيير جوهري في توجهات الإدارة ‏المقبلة. ومن الإشارات السلبية أيضاً، تلك الآتية من باريس. فصحيح أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لا ‏يزال متمسكاً بمبادرته تجاه لبنان إلى حد إصراره على الحضور إلى بيروت قبل نهاية العام الجاري، إلا أن ‏المؤتمر الذي سينظمه تحت عنوان دعم لبنان، على مستوى رئاسي، سيكون مخصصاً حصراً "لتثبيت المساعدات ‏التي أعلِن عنها بعد انفجار المرفأ"، ولن يتضمّن أي إعلان عن مساعدات جديدة، بحسب ما تشير مصادر ‏دبلوماسية متابعة‎.
هذه الاجواء الدولية "القاتمة"، تقابلها أجواء داخلية أشد قتامة، نتيحة عجز الطبقة الحاكمة عن إدارة الانهيار، ‏وصولاً إلى دخول مرحلة إلغاء الدعم عن السلع الحيوية‎.
عادة ما يهتز وضع البلد الاقتصادي، أي بلد، تدريجيا وعلى مراحل ربما تمتد لسنوات. الا أن الانهيار اللبناني ‏الشامل دخل سريعا مرحلته الأخيرة في غضون بضعة أشهر. فبعد حجب الدولة كل الخدمات المرتبطة بالاقتصاد ‏وبالحاجات اليومية للمواطن، كان الدعم بمثابة القشة التي يتمسك بها أكثر من نصف الشعب اللبناني للاستمرار ‏بالعيش، برغم الوضع المالي الهش وفقدان الودائع وهبوط قيمة الليرة. لكن من الواضح أن الدعم بصيغته القديمة ‏انتهى أو على وشك الانتهاء، لتبدأ مرحلة جديدة تبشر بفوضى اجتماعية شاملة. يجري الحديث عن رفع الدعم ‏مقابل بطاقات اجتماعية تغطي نحو 600 ألف عائلة لبنانية، تُستعمل لشراء المواد المدعومة. وقُدّرت الكلفة ‏الإجمالية لهذا المشروع بنحو مليار و300 مليون دولار في السنة، الا أن خلافا وقع حول هوية الممول له، الدولة ‏أم مصرف لبنان. فحاكم البنك المركزي رياض سلامة يريد رفع هذا "الهمّ" عن كاهله معتبرا أن مسؤوليته تقع ‏على عاتق الحكومة. وقد بشر اللبنانيين مساء أمس، خلال مقابلته على قناة "العربية - الحدث" أن بامكانه "الابقاء ‏على الدعم لمدة شهرين فقط"، معوّلاً على "ما ستخرج به جلسة اللجان النيابية التي دعا اليها رئيس مجلس النواب ‏نبيه بري اليوم"، أكان ذلك عبر اقتراح "بطاقة اجتماعية أو تأمين موارد أخرى"، كما قال. ولأن سلامة يعتقد أن ‏الأموال المودعة في مصرف لبنان بمثابة خزنته الخاصة، شكا رمي كل التمويل من كهرباء الى ماء الى بنزين ‏وقمح وغيره على المصرف سائلا: "هل فقط هناك مصرف لبنان، سؤال ينبغي طرحه على المسؤولين بالبلد". ‏كلام الحاكم يتقاطع مع ما أبلغه لرئيس الجمهورية ميشال عون عن قدرته على التصرف بنحو مليار ونصف مليار ‏دولار فقط، وبعدها ينفض يديه من الأزمة التي أوجدها بنفسه. وهو في هذا السياق متفائل بزيادة المصارف ‏لرساميلها مع بداية العام الجديد طبقا للتعاميم التي سبق له اصدارها في آب الماضي والتي منحت المصارف مهلة ‏‏6 أشهر لزيادة رساميلها‎.‎


وسط ذلك كله، جرى تأجيل اجتماع المجلس المركزي لمصرف لبنان الذي كان مقررا اليوم للبحث في آليات الدعم ‏خلال الفترة المقبلة، ومن المرجح أن يكون السبب انتظار ما ستؤول اليه جلسة اللجان النيابية المشتركة اليوم لنيل ‏الغطاء اللازم قبل اتخاذ أي قرار مصيري. على أن آراء نائبي الحاكم سليم شاهين وبشير يقظان تؤيد إلغاء الدعم ‏وتحرير سعر صرف الليرة بذريعة ان "السوق ستصحح نفسها بنفسها لاحقاً؟"! اما زميلهما في نيابة الحاكم ‏ألكسندر موراديان فلا رأي له ليقدمه، فيما يؤثر النائب الاول وسيم منصوري الابقاء على موقفه ضبابيا مع ‏انحياز لصالح رفع الدعم وسحب فتيل القنبلة من المصرف لرميها عند الحكومة على اعتبار أن هذه المسألة ليست ‏من مسؤولية البنك المركزي أصلا. علما أن قانون النقد والتسليف حدد للمصرف دورا واضحاً في ادارة التضخم ‏وحماية النقد والاقتصاد. غير أن ما يجري حاليا لا يعدو كونه مخططاً احتيالياً جديداً لحماية أموال كبار المودعين ‏على حساب كل الناس، ويجري تغليفه بمظهر "انساني" يتعلق بعدم امكانية التصرف بالاحتياطي الالزامي الذي ‏يتكون من أموال المودعين، في حين تمّ تبديد أكثر من 100 مليار دولار من هذه الأموال من دون أن يرف جفن ‏للحاكم أو أي مسؤول. يتذرّع مؤيدو رفع الدعم بأموال المودعين، من دون ان يكترثوا لمعيشة أكثر من 50 في المئة ‏من السكان المصنفين فقراء، بشهادة دولية، عبر رفع الدعم عن الدواء والقمح والمحروقات من دون توفير أي بديل ‏جدّي وعادل لهم. فحتى الساعة، كل حديث عن بطاقة اجتماعية لا يصرف في بلد عجز عن تحديد العائلات الأكثر ‏فقرا غداة الاغلاق الأول لجائحة "كورونا‎".


وما استرسال البعض في شرح آلية غربلة المحتاجين عبر هيئة إدارة السير (النافعة) للكشف عن عدد السيارات ‏المستعملة في كل منزل وثمن كل منها سوى مجرد طروحات عبثية لا تستند الى أي مسوّغ علمي. وهنا، يفترض ‏طرح سؤال رئيسي عما حال دون مناقشة هذه الأفكار والمشاريع منذ أشهر مع بداية الحديث عن رفع الدعم، ‏ولماذا جرى الاستخفاف بملف يتعلق بحياة الناس وقدرتهم على العيش وتأمين المستلزمات الضرورية لأسرهم؟ ‏فتم ترحيل النقاش الى حين الدخول في حال الطوارئ ليطبخ الحل سريعا بالطريقة التي يريدها هؤلاء والتي ‏تتناسب ومصالح مصرف لبنان والمصارف والسياسيين ومن يمثلون الـ1% في البلد؟ ولماذا جرى هدر ملايين ‏الدولارات على سلة غذائية كان الهدف الظاهري منها تخفيف الفاتورة الشرائية على المواطن، فانتهت بخدمة ‏التجار والمحتكرين؟‎


ما سبق يقود الى طرح علامات استفهام كثيرة حول دور بري في ما يحصل واصراره على زجّ المجلس النيابي ‏في ما يفترض أن يكون من مهام الحكومة، الا اذا كان القصد من اجتماع اللجان فرض مشروع قانون لدعم ‏الطبقات الفقيرة والمتوسطة. أما اذا لم تأت الجلسة بتشريعات تخدم الصالح العام، فإنها تسعى باطنيا الى تغطية ‏قرار سلامة برفع الدعم أو ما تروّج له الكتل النيابية بـ"ترشيد الدعم"، لكن من دون خطة واضحة. وليس أداء ‏بري طوال الفترة الماضية منفصلا عن مسار التوأمة مع سلامة بدءا باسقاط خطة التعافي المالي الحكومية مرورا ‏باسقاط قانون الكابيتال كونترول وصولا الى توسيع دائرة التدقيق الجنائي للاطاحة به‎.‎

في هذا السياق، أتت رسالة وزير المال غازي وزني الى سلامة أمس، لتؤكد المسعى الرئيسي بدفن التدقيق عبر ‏ابتداع شروط ظاهرها "اصلاحي" وباطنها لا يخدم الا فساد سلامة والتغطية على هدر أموال المودعين والناس. ‏فقد تمنى وزني "تنفيذ قرار مجلس النواب، وإخضاع جميع حسابات الإدارات العامة للتدقيق المحاسبي الجنائي ‏وذلك وفقا للقوانين والأنظمة المرعية الإجراء، ومع حفظ حقوق الدولة لأي جهة كانت". ولم يأت الأخير على ‏ذكر الحسابات المتبادلة بين مصرف لبنان والمصارف، حاصرا المشكلة بحسابات الدولة التي أنجزت في عهد ‏الوزير علي حسن خليل والموجودة في ديوان المحاسبة، أي أنها لا تحتاج الى التدقيق فيها ولا الى قانون خاص ‏لتسليمها، بخلاف امارة سلامة التي يتعذر الدخول الى دهاليزها‎.‎

صحيفة الاخبار

الكلمات المفتاحية

مقالات المرتبطة