المقال السابق

ثقافة و تربية وفاة الشاعر الفلسطيني مريد البرغوتي 
15/02/2021

المقال التالي

إقليمي الدفاعات السورية تتصدى لعدوان إسرائيلي بالصواريخ على محيط  دمشق 
15/02/2021
من الصحف عون والحريري: إلى القطيعة مجدّداً

الأخبار : غطاء أميركي فرنسي لحكومة بلا حزب الله ولا ثلث فيها للرئيس | عون والحريري: إلى القطيعة مجدّداً

 كتبت صحيفة " الأخبار " تقول : في ذكرى اغتيال والده، أعاد الرئيس سعد الحريري تأكيد ما أدلى به في ‏قصر بعبدا. بعد عبارة "الفرصة الذهبية" للخروج من المأزق، استخدم ‏البارحة "كبسة زر" تحمل المؤدّى نفسه. كلتاهما تبدوان مغريتين لرئيس ‏الجمهورية كي يقبل بما لا يُتوقّع أن يقبل به

عندما أصرّ في قصر بعبدا، بعد مقابلته الرئيس ميشال عون، على شروطه لتأليف الحكومة، وتشبّثه بحكومة ‏اختصاصيين من 18 وزيراً، رافضاً الثلث+1 لأي من الافرقاء، بمَن فيهم رئيس الجمهورية، بدا الرئيس المكلف سعد ‏الحريري لا يشبه نفسه. هذا الإصرار - والبعض عدّه عناداً - ليس مألوفاً في سلوكه، هو الذي اعتاد إبقاء الابواب ‏مفتوحة، والتسليم بالأمر الواقع، والتنازل والانحناء للعاصفة حتى‎.‎

منذ كلامه الجمعة الفائت، ومغزاه أنه لن يقبل سوى بما يطرحه هو، وعلى الآخرين الانصياع هذه المرة، قطع الطريق ‏على اي حوار خارج ما يريده وخارج ما يرفضه. ليست تلك حاله المعروفة منذ اولى حكوماته عام 2009، عندما وهب ‏المعارضة الثلث+1، وفي حكومتي 2016 و2019 عندما سلّم بما أصرّ عليه رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر. ‏في ما يجري الآن، بلا نبرة تصعيدية وبمخاطبة محترمة لرئيس الجمهورية على انه الشريك لا الخصم - وذلك ما طبع ‏كلامه في بيت الوسط امس - اظهار الحريري تحليه بالصبر وعدم الاستعجال، جازماً بأنه لن يتخلى عن تكليفه اياً تكن ‏وطأة الضغوط وعامل الزمن. لذا لم يُضف كلام بيت الوسط الكثير على كلام قصر بعبدا، ما خلا الاسهاب والولوج في ‏تفاصيل تفاوضه مع عون تحت السقف الذي رسمه، وهو انه هو الذي يؤلف الحكومة. ذلك فحوى استخدامه في قصر ‏بعبدا عبارة "الفرصة الذهبية"، وفي بيت الوسط عبارة "كبسة زر"، كأن على رئيس الجمهورية أن لا يفوّتهما، وأن ‏يسلّم بهما. يلعب الرئيس المكلف الآن اللعبة المعتادة، معكوسة لما اعتاده هو: عوض أن ينحني، يطلب من رئيس ‏الجمهورية في الثلث الثالث من ولايته الانحناء‎.

حينما قال الجمعة في قصر بعبدا أن ثمة "فرصة ذهبية" يقتضي أن لا تُهدر، محمّلاً المعنيين - والمقصود حصراً ‏رئيس الدولة - المسؤولية، دار همس عمّا توخاه من العبارة غداة عودته من باريس، بعد اجتماع بالرئيس الفرنسي ‏ايمانويل ماكرون أحاط به الالتباس والغموض من كل جانب، بروتوكولياً واعلامياً وسياسياً، فضلاً عن الوجداني، إذا ‏كان لا بد من الاخذ في الاعتبار حرارة العلاقة الطويلة بين الإليزيه وآل الحريري، المدلَّعين على أدراجه وداخله ومع ‏صاحب البيت‎.
ليست عبارة "فرصة ذهبية" ابنة اللحظة المرتجلة للرئيس المكلف بعد مقابلة عون، بل تمثّل - تبعاً لما يدور داخل ‏جدران بيت الوسط - عصارة تحرّكه الاخير، بدءاً من الامارات العربية المتحدة وانتهاءً بباريس. بالتأكيد ما خلا زيارة ‏تركيا المقصورة على شأن خاص بالرجل‎.

وفق ما يُروى من وراء هذه الجدران، سعى عندما بدأ جولته هذه - وكانت لها اهتمامات شخصية اخرى ايضاً - الى ‏موقف عربي ودولي يدعم مساعيه لتأليف حكومة جديدة، نواته الحصول على تأييد الامارات ومصر بداية، من اجل ‏إحداث خرق في علاقته المقطوعة بالسعودية، ومن ثم فرنسا ودورها الموازي مع واشنطن‎.

في حصيلة الجولة خلص الى المعطيات الآتية‎:

‎1 - ‎نال وعداً من الامارات ومصر بدعمه كرئيس للحكومة اللبنانية، وتقديم مساعدات للبنان في المرحلة المقبلة، شرط ‏إنجازه حكومة وفق المواصفات التي حددها هو: مصغّرة من 18 وزيراً اختصاصياً، ليس فيها حزبيون وخصوصاً مَن ‏يمثّل من قريب أو بعيد "حزب الله" والتيار الوطني الحر، عدم امتلاك رئيس الجمهورية المحسوب حليفاً قوياً ‏لـ"حزب الله" على النصاب الذي يمكّنه من تعطيل الحكومة أو فرض استقالتها. لم يمانع الاماراتيون والمصريون في ‏حكومة اختصاصيين لا تُغضب الاحزاب والكتل الرئيسية، لكن وزراءها لا ينبثقون منها. ما طلبه منهما ايضاً اعادة ‏تطبيع علاقته المقطوعة مع السعودية. لا يملك الحريري - وإن في ظل القطيعة الناشبة معها في السنوات الاخيرة - ‏دخول السرايا من دون موافقة الرياض. ما بات معروفاً أن أي تحوّل سعودي مستجد حياله يلي تأليف الحكومة هذه ولا ‏يسبقها. وهي اشارتها الواضحة، المرسلة الى الاماراتيين والمصريين، انها تنتظر مقاربة الرئيس المكلف علاقته ‏برئيس الجمهورية و"حزب الله" في المرحلة المقبلة‎.‎

‎2 - ‎حمل الرئيس المكلف هذا الوعد الى الرئيس الفرنسي في عشاء 10 شباط، مطلعاً إياه على تعويله عليه، وعلى ‏دعم الاماراتيين والمصريين لخطته. تعقيب ماكرون أن نصح ضيفه بالعودة الى بيروت والاجتماع برئيس ‏الجمهورية، وتأكيد مواصفاته للحكومة الجديدة على انها تعبّر عما تنادي به المبادرة الفرنسية، وخصوصاً توزير ‏اختصاصيين لا يمتون بصلة الى الاحزاب والكتل. ترك له هامشاً مقبولاً يمكّنه من القول لرئيس الجمهورية ما ‏يسعه فعله وما لا يسعه. سلّم الزائر بالنصيحة، واجتمع بعون في الساعات التالية لعودته من باريس، مصرّاً على ‏المسودة التي سبق أن قدمها له في 23 كانون الاول ورفضها الرئيس. أعاد تأكيد حصة رئيس الجمهورية ستة ‏وزراء بينهم الارمني، ما يحول دون حصوله على الثلث+1، فضلاً عن قصر عدد الوزراء على 18. في ما قاله ‏الحريري لرئيس الجمهورية أنه يحمل موافقة صاحب المبادرة، الرئيس الفرنسي، على المواصفات التي طرحها ‏دون سواها. كان من الطبيعي أن يأتي رد عون رفض المسودة، المرفوضة في الاصل منذ 23 كانون الاول‎.


‎3 - ‎في مضمون الوعد الذي بات متقاطعاً ما بين الامارات ومصر وفرنسا، الحصول على تأييد اميركي للمهمة ‏المنوطة بالحريري وفق الشروط تلك: حكومة لا وجود فيها لـ"حزب الله" ولا نصاب فعلياً لعون، مقترنة بشرط ‏ألحّ عليه الاميركيون وهو أن لا يؤثر تأليفها، إذا وقع، على المفاوضات الاميركية - الايرانية، ولا يكون أحد ‏عناصرها. ما رامه الاميركيون ان لا يعني تأليف حكومة كهذه تنازلاً إيرانياً يدخل في عداد أوراق التفاوض بين ‏واشنطن وطهران. ما قاله الاميركيون أن لتفاوضهم مع الايرانيين روزنامة لا يدخل لبنان في مراحلها الاولى، ولا ‏يقتضي ان يكون بنداً متقدماً فيها، أو يُفرض عليهم في الوقت الحاضر‎.


‎"‎الفرصة الذهبية" في حسبان الرئيس المكلف، ليست كذلك بالنسبة الى رئيس الجمهورية الذي يقارب تأليف ‏الحكومة على نحو مختلف تماماً. لذا كان من الطبيعي فشل الاجتماع الخامس عشر الذي سيقودهما مجدداً، ما لم ‏يطرأ ما ينقض إرادتيهما، الى قطيعة مكمّلة لما كان بين 23 كانون الاول و12 شباط‎.‎

صحيفة الاخبار

الكلمات المفتاحية

مقالات المرتبطة