إعتبر رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط أن "ليس هناك أي شيء يستطيع أن يوقف التدهور إلا أن تتشكل حكومة في أقرب فرصة ممكنة".
وقال في حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية عبر برنامج flashback، لمناسبة ذكرى اغتيال كمال جنبلاط: "أمام الوضع الذي ينهار في كل لحظة إنني أنصح المسؤولين السياسيين بضرورة التسوية كما رسمت، وبأن لا نضع شروطا وشروطا مضادة، وأن نخرج من الثلث المعطل، ففي النهاية البلاد كلها معطلة، لذلك وجود حكومة حازمة تتخذ اجراءات ضرورية وأولها ترشيد الدعم ووقف الدعم على البنزين الذي يذهب الى سوريا ووقف الدعم لهذه الادوية التي معظمها تذهب معظمها الى العراق، وعلى وزارة الاقتصاد بالنسبة لمراقبة الأسعار، ثم التفاوض الجدي، لأنه اذ لم نفاوض مجددا البنك الدولي وصندوق النقد ستكون شروطهم اقسى من الشروط السابقة عندما بدأنا بالتفاوض في بداية حكومة حسان دياب. لذلك علينا ان لا ننتظر لأن الشروط ستكون أقسى، وهذا يتطلب وحدة موقف على الصعيد اللبناني، وأقولها بكل صراحة أيضا في هذه الفوضى العالمية السياسية وفي أوج استفحال كورونا في كل مكان اذ ليس هناك بلد في العالم إلا وهو غارق في الكورونا، لا نتأمل من اي دولة ان تقوم بمساعدتنا، وعلينا مساعدة أنفسنا بأنفسنا. ربما يبقى بعض الشيء من المبادرة الفرنسية لكن أن ننتظر مساعدة من الخارج نخطئ بالحسابات، وعلينا أن نساعد انفسنا بالحد الأدنى من الوحدة الوطنية وعنوانها الحكومة".
وردا على سؤال حول وجود مبادرة روسية، قال جنبلاط: "لم أسمع أن هناك مبادرة روسية حتى هذه اللحظة، وكان عندي السفير الروسي، والسفراء الروس يأتون دائما في كل عام في السادس عشر من آذار الى المختارة. وهذه السنة أتى السفير الروسي الجديد الى هنا في بيروت لأن ليس هناك اي احتفال في المختارة".
وردا على سؤال، أجاب جنبلاط: "الحل داخلي ومبني على آخر المعطيات التي ذكرتها من أسبوعين عندما اتصل بي نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف وقال لي إنه عندما استقبل في موسكو وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف لم يسمع منه أن لدى إيران أي شرط في الثلث المعطل. ونعود الى كلام السيد حسن نصرالله الذي قالها بوضوح: إذا كان هناك ضرورة للثلث المعطل أن أقدم نفسي كثلث معطل عند الضرورة، لذا علينا في الداخل أن نلتقي وأن نخرج من هذه الدوامة، لأنه إن لم نلتق ونشكل حكومة سينهار كل شيء ولن ينفع شيء، وعندها لن ينفع الندم".
وتابع: "نحن على إتصال بحزب الله، على اتصال دائم بالحاج وفيق صفا والأستاذ حسين خليل من خلال الرفيق غازي (العريضي) والرفيق وائل (أبو فاعور). وربما نحن لسنا على اتصال بالتيار الوطني الحر، لكن إذا لزم الأمر إنا جاهز، فالسياسة هي فن الممكن وليست فن المستحيل، وما من أحد في هذا البلد الصغير يستطيع أن يلغي الآخر. وحده الحوار ضروري وأنا جاهز ولا مشكلة لدي".
وعن لقائه بالرئيس المكلف سعد الحريري، قال جنبلاط: "الرئيس الحريري لا يستطيع أن يذهب الى مجلس النواب وأن يحجب فريق من الناس الثقة عنه، فمن غير المنطقي أن يحكم من دون ثقة. يريد إطمئنانا، ونحن نريد إطمئنانا. لذلك لا بد من ثقة. والثقة ضرورية نتيجة كثير من الرواسب ونتيجة التباطؤ منذ أن اندلعت الأحداث في ثورة 17 تشرين. لكن ظروف الأمس كانت أفضل من اليوم، لذلك اليوم أخطر. وعندما اغتالوا كمال جنبلاط كانوا يريدون اغتيال المختارة، الحزب التقدمي الإشتراكي، والجبل، لكننا إجتزنا، وعندما أتى الإحتلال الإسرائيلي واحتلت إسرائيل لبنان وبيروت كانوا يريدون اغتيال الكيان اللبناني لكنهم فشلوا بفعل المقاومة الوطنية البنانية، والحركة الوطنية اللبنانية، والمقاومة الإسلامية. أما اليوم فهذا التباطؤ سيغتال لبنان من الداخل، لأن الجوع اليوم يستفحل في كل مكان ولا مجال لمحاربة الجوع إلا بحكومة وتضامن وبترشيد الدعم، وهذا أهم شيء، لكن ما من أحد مستعد".
وردا على سؤال عن الجهة المستفيدة من الإنهيار، قال: "ما من جهة تستفيد من هذه الفوضى. بالعكس، هذه الفوضى قد تهدد الجميع، لكن هناك إجراء داخلي مطلوب، والأولويات اليوم وفق ما وضعها الحزب التقدمي الإشتراكي ونادى بها، هي ترشيد الدعم، أي ضرورة وقف الدعم عن بعض السلع لأن البنك المركزي يستنزف إلى آخر قطرة من الدولارات لصالح تجار ومهربين، فإلى متى سنبقى في هذه الدوامة؟ والجوع لن يقف عند أبواب أحد، فهو يطال الجميع وأي حزب كابر أو جهة سياسية كابرت، فالجوع لن يرحم، لذلك التسوية مطلوبة".
أضاف جنبلاط: "أريد أن أسأل الوزير جبران باسيل: هل الجوع آت من وجود النازح؟ النازح يملك بطاقة تموينية من المؤسسات الدولية يستفيد منها. والآن المؤسسات الدولية تفكر بإنشاء بطاقة مماثلة للبناني... "ليك وين كنا ووين صرنا". ثم هل هناك ظروف مؤاتية لعودة اللاجئ السوري الى سوريا؟ لا أعتقد، وهل هناك ظروف مؤاتية لعودة اللاجئ الفلسطيني الى فلسطين، فهذا مستحيل. لنفكر نحن بمشاكلنا. العناوين التي طرحها جبران جميلة جدا... وبموضوع الإستراتيجية الدفاعية، فنحن وضعناها سويا تقريبا مع الرئيس ميشال سليمان، ونحن جاهزون، ولكن ليست في الوقت الحاضر أولوية".
وشدد جنبلاط على أن "الأولوية اليوم هي بكيفية مواجهة الإنهيار الإقتصادي ووضع برنامج لمحاربة الجوع". وأشار الى أنه "ليس هناك حل سوى بالتسوية، فهذه التسوية ضرورية من أجل معالجة المشكل الأساسي اليوم أي إنهيار الليرة اللبنانية. ومنع إنهيار الليرة يكون بوقف النزف من المصرف المركزي الذي يذهب الى جيوب التجار الكبار من بنزين وأدوية وصولا الى ما شهدناه من أطعمة ومواد غذائية مدعومة في أسواق أفريقيا وصولا الى تركيا"، لافتا إلى أن "الخلافات السياسية حول السلاح والاستراتيجية الدفاعية أصبحت ثانوية".
وبشأن الطروحات الحكومية، قال: "أنا متماش ومنسجم مع طرح الرئيس الحريري، ولكن الأحداث نتيجة "الفلتان" تتجاوز كل شيء، لذلك أقول بالتسوية، والتسوية التي يرضاها أرضاها، وليس لدي أي شروط".
وبشأن اللقاء مع النائب طلال أرسلان، قال جنبلاط: "كان عنوانه إستمرار ومضاعفة الجهود التي انطلقت عند الرئيس نبيه بري منذ أشهر من أجل الوصول الى تسوية ذيول حادثتي الشويفات والبساتين، وكلفت الرفيق غازي العريضي بالمتابعة، وأنا موجود وجاهز، وبالمناسبة إتصل بي الأمير طلال إرسلان اليوم في ذكرى إستشهاد كمال جنبلاط متضامنا".
وردا على سؤال عما إذا كان متخوفا من خضة أمنية، قال جنبلاط: "عندما لا يكون هناك أي مرجعية سياسية تحكم البلاد من خلال حكومة، وعندما يرى المواطن أن ما من أحد مهتم بشؤونه، فهناك المواطن العادي والموظف والعسكري وبالأمس ماذا قال قائد الجيش العماد جوزيف عون؟ هو أيضا خائف على المؤسسة العسكرية لأن راتب الجندي الذي كان منذ سنتين 500 دولار أصبح اليوم 80 دولارا، وقد ينهار أكثر. وهذا حال الجندي، فكيف حال الموظف وغير الموظف".
ودعا الى "التخلص من أي عقدة نفسية كانت أو سياسية أو أي عقدة أخرى"، قائلا: "لنتلاقى، ولا بد من حكومة فعالة. بالتكنوقراط أو غير تكنوقراط أدخلنا أنفسنا بتصنيف لا قيمة له، وأي تكنوقراط سيأتي يجب أن يلم بالجوانب الداخلية للإدارة، وعليه أن يعرف ما هي الإدارة، وبالوزارة الحالية الرئيس حسان دياب قرر أن لا يفعل شيئا، علما أنه مكلف أن يقوم بشيء، يحبنا أم لا يحبنا، نحبه أم لا نحبه قصة أخرى، لكن هذه حكومة تصريف أعمال وعليه أن يصرف الأعمال، لكنه لا يريد. هناك وزير واحد يعمل وربما هناك غيره، وهو وزير الصحة الذي يعمل مشكورا، ونجح من خلال الدعم الدولي ومن خلال دعم المجتمع المحلي والهيئات الخيرية ونجح في الحد من "كورونا" وإن شاء الله باللقاحات الآتية، على أمل أن يفتحوا المجال للقطاع الخاص لتهدئة موجة الفيروس لأنها تتفاقم".