عقد نواب "اللقاء التشاوري" ونواب "التكتل الوطني"، اجتماعا في دارة رئيس "تيار الكرامة" النائب فيصل كرامي في طرابلس، ضم النواب: طوني فرنجية، عبدالرحيم مراد، فريد الخازن، وليد سكرية، اسطفان الدويهي، مصطفى الحسيني، فايز غصن، جهاد الصمد وعدنان طرابلسي، الوزير حسن مراد وطه ناجي. وشارك إلى كرامي شقيقه خالد وعبدالله كرامي وسعدي غندور وعثمان مجذوب وشخصيات سياسية، للوقوف إلى جانب النائب كرامي لمناسبة الأول من حزيران، ذكرى 32 لاغتيال رئيس مجلس الوزراء الرئيس رشيد كرامي.
بعد الاجتماع، قال كرامي: "من طرابلس، أحييك في عليائك يا حبيب طرابلس. مدينتك أيها الرشيد الشهيد ليست بخير، وأهل مدينتك ليسوا بخير. مدينتك يا رشيد كرامي غاضبة، حزينة، منكوبة، صابرة، مدينتك تحفظ لك في وجدانها ذكرى أيام الخير والبحبوحة والكرامة، مدينتك جرحها لم يلتئم، فهي مدركة بأنها لم تخسر فقط رشيد كرامي، بل خسرت معه وزنها وكرامتها وحضورها، واستبيحت على مدى السنوات العجاف في دماء أبنائها وأرزاقهم ولقمة عيشهم ومستقبل اولادهم كما استبيحت مكانتها على الخارطة السياسية اللبنانية بوصفها المدينة المؤسسة للاستقلال وللدولة.
طرابلس اليوم يا حبيب طرابلس، هي عاصمة لبنان الثانية بالاسم فقط، وهي أيضا عاصمة الشمال بالإسم فقط، أما بالفعل فهي عاصمة الفقر والبطالة والإنهيار المالي والإقتصادي والإجتماعي. مدينتك خربوا تراثها وتاريخها، وأجهزوا على كل الإنجازات التي عشت حياتك من أجل تحقيقها.
مدينتك تحولت إلى صناديق دماء وانتخاب ولوائح شطب، وأبناء مدينتك تجرأ عليهم القريب والبعيد، والصغير والكبير بحيث صارت تشترى أصواتهم وضمائرهم بالمال الحرام والتحريض الغرائزي وزرع الشقاق والفتن بين أبناء الوطن الواحد".
اضاف: "مدينتك، نوابها ليسوا نوابا لها، بل نواب عليها يجري تعيينهم من مرجعيات من خارج طرابلس ولا يرف لهم جفن وهم يصادقون ويحالفون قاتلك ويقدمون له الدعم المادي والمعنوي في السر والعلن.
مدينتك، تعرضت لعقاب شنيع تمثل بالإهمال والتهميش والإفقار، والوعود الكاذبة بالمشاريع الإنمائية، وكانت دائما صابرة، لكن صبرها نفذ، وها هي الأجيال الجديدة تتذكرك يا رشيد وتحن إلى زمانك وتترحم عليك وعلى أيامك. لقد اغتالوك جسدا في الأول من حزيران عام 1987، ثم لم يقصروا يوما على مدى ربع قرن في الاغتيال المعنوي لحارس النهج وحامل الأمانة عمر كرامي، لكن الإغتيالين فشلا ولله الحمد، فرشيد كرامي النهج لا يزال حيا في الضمائر والقلوب والعقول، وعمر كرامي تحمل أقصى ما يمكن أن يتحمله المرء من ظلم ولم يستسلم، ومات ولم يستسلم.
وها أنا اليوم، أحمل الإغتيالين أمانة في عنقي ونيشانا على صدري وأعلن مجددا لكما يا رشيد ويا عمر بأن كرامة طرابلس قضيتي ومشروعي ووفائي المستمر لكما مدى العمر".
وتابع: "في مثل هذا اليوم، اغتيل رشيد كرامي. لقد صدر أمر الإغتيال من اسرائيل ونفذته أدوات لبنانية، وكانت لهذا الإغتيال أهداف فورية وأخرى بعيدة المدى سرعان ما تكشفت لنا، وكان علينا ان نجهض هذه الأهداف بكل ما امتلكنا من حكمة ووطنية وصبر على الظلم، وأستطيع القول أننا نجحنا إلى حد كبير في إفشال معظم هذه الأهداف ولا نزال في مسيرة النضال للقضاء على كل تداعياتها على المستوى الوطني والقومي".
واشار كرامي الى ان "الهدف الاول والفوري لاغتيال رئيس مجلس وزراء لبنان المسلم في لحظة احتراب بين المسلمين والمسيحيين كان واضحا، وهو تسعير الفتنة والتذابح والاقتتال بين أبناء الوطن، لكن هذا الهدف قضي عليه في مهده، ولم تسقط نقطة دم واحدة كردة فعل على اغتيال كبير من لبنان، ونجحنا هنا في إفشال النوايا الخبيثة والتوقعات الأخبث للقتلة. كان الهدف الثاني من إزاحة رشيد كرامي من المشهد السياسي اللبناني هو تعزيز طروحات التقسيم والفيدرالية التي كانت في عزها، وكان معروفا بأن رجلا بوزن وحجم رشيد كرامي يشكل سدا منيعا أمام مشاريع التقسيم والفدرلة. وهنا أيضا لم يلبث هذا الهدف ان سقط إلى غير رجعة بإذن الله. الهدف الثالث الذي تكشف لنا بعد سنوات قلائل، هو أن رجلا مثل رشيد كرامي لم يكن مرغوبا به في سياق المخطط الذي يجري تحضيره للبنان وللمنطقة عبر تصفية القضية الفلسطينية وتكريس توطين الفلسطينيين كأمر واقع والذهاب إلى التطبيع مع العدو تمهيدا للصلح الذي لم يكن سوى صلح الإذعان والإستسلام".
وقال: "نحمد الله هنا أن هذا الهدف الملعون قضت عليه بنادق المقاومين الذين حرروا الأرض ودحروا العدو الصهيوني حين استسهل العدوان على لبنان، والحق أن رشيد كرامي كان من المبشرين بانبثاق فجر المقاومة ومن المؤمنين بأن سواعد المقاومين ودماءهم هي التي ستحمي لبنان وتسترجع الحقوق والمقدسات والأرض السليبة. وهنا أيضا نجحت المقاومة، ونجح معها نهج رشيد كرامي وفشل الهدف الثالث. يمكن القول أن الهدف الرابع من تغييب رشيد كرامي وجيل رشيد كرامي يكمن في إنهاء رعيل الرجالات الذين عملوا لقيام دولة القانون والمؤسسات، وآمنوا بأن السياسة هي الخدمة العامة وهي تغليب المصلحة العامة، واعتبروا بأن مد اليد إلى المال العام من المحرمات. لقد طرح رشيد كرامي تحديدا الاستقامة نهجا في العمل السياسي، وها نحن وصلنا إلى زمان صار فيه الفساد نهجا والنهب نهجا والهدر نهجا وصار المال العام في جيوب القابضين على السلطة وأتباعهم من شركات ومؤسسات ومتعهدين ومصارف. هذا الهدف هو اليوم قضيتنا، هذا الهدف لا يمكن بأن نسمح له بأن يمر وبأن يستمر، وحين يتحقق لنا ذلك يكتمل انتصار القتيل على القاتل".
وطنية