الاخبار : الحريري حردان من لو دريان: هل يعتذر؟
كتبت صحيفة " الاخبار " تقول : سعد الحريري حردان. هذه المرة حرده ليس من الرئيس ميشال عون ولا من النائب جبران باسيل، بل من راعيه الدولي. منذ مدة طويلة، لم يعد للحريري من معين في العالم سوى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وإدارته. لكن وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، سيزور بيروت اليوم، من دون أن يكون قد طلب موعداً للقاء الحريري، ما تسبّب بحرد الأخير. فريق الرئيس المكلّف تأليف الحكومة بات يشيع منذ صباح أمس أنه يفكّر بالاعتذار عن عدم الاستمرار في مهمته. الرسائل السعودية تنهمر عليه، رفضاً لتولّيه رئاسة الحكومة. وفيما كان الحريري لا يزال يعوّل على مصر عربياً، وعلى فرنسا دولياً، يأتي لو دريان، طالباً لقاء الرئيسين عون ونبيه بري، من دون طلب موعد للقاء رئيس المستقبل. الأخير، بحسب مقرّبين منه، يرى في تجاهل لو دريان له، تثبيتاً للمساواة بينه وبين باسيل، وانتصاراً لرئيس تكتل لبنان القوي الذي كان يُنقل عنه قوله: «إما أنا وسعد في الحكومة، وإما أنا وسعد خارجها».
الرئيس المكلَّف كان يشيع بأن تهديده بعقوبات أوروبية سيدفعه إلى الاعتذار. لكن يبدو أن ما هو أدنى من معاقبته جعله يلوّح بالهروب من المسؤولية. وبحسب شخصيات دائمة الصلة بدوائر صنع القرار في باريس، أخطأ الحريري يوم رفض مبادرة إيمانويل ماكرون، الذي دعاه إلى لقاء مصالحة مع باسيل في العاصمة الفرنسية. ماكرون ليس الحاضن الدولي الأخير للحريري وحسب، بل هو مَن قاد الاتصالات الدولية للإفراج عن رئيس الحكومة اللبنانية يوم كان مختطفاً في الرياض.
الاتصالات اللبنانية بالجانب الفرنسي لم تتوقف أمس، سعياً إلى نيل موعد من لو دريان لزيارة وادي أبو جميل. لو دريان، الذي لم يكفّ عن «بهدلة» المسؤولين السياسيين في بيروت، وتحميلهم مسؤولية الانهيار و«عرقلة العملية السياسية» وتهديدهم بالعقوبات، لا يزال المنتظر من قبل السياسيين أنفسهم، من أجل تحديد المسار الذي ستسلكه الأزمة السياسية المتمحورة حول الفشل في تأليف حكومة، كما حول الانهيار الاقتصادي والنقدي والمالي المتفاقم يوماً بعد آخر.
المصارف تهدّد القضاء: «التعرّض لنا ليس السبيل الأجدى للحصول على الودائع»!
في هذا الوقت، بدأ التباحث في بدائل الحريري، ويجري التداول بثلاثة احتمالات:
- نجيب ميقاتي مع مشروع حكومة من 24 وزيراً، بينهم 6 سياسيين و18 «اختصاصياً»
- فؤاد مخزومي الذي يفضّله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والذي سأل عنه وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، ديفيد هيل، في زيارته الأخيرة لبيروت أكثر من شخص التقاه.
- شخصية يختارها الحريري، وترضى عنها السعودية.
في شتى الأحوال، الأسئلة الرئيسيّة المطروحة حالياً هي الآتية:
- هل الحريري جادّ في الاعتذار، أم أنه يناور لدفع شركائه إلى تقديم تنازلات له، كما لتقطيع الوقت، بهدف التخلص من عبء قرار إلغاء الدعم عن السلع الأساسية الذي سيفتح باب الانهيار الكبير؟
- في حال اعتذاره، هل سيخرج الحريري إلى «المعارضة»، أم أنه سيسعى إلى تسوية عبر المشاركة في تسمية بديل له؟
- في حال تخلّي الحريري عن رئاسة الحكومة، هل ستعود فرنسا، ومن خلفها السعودية والولايات المتحدة الأميركية إلى محاولة فرض مرشحهم الأول، السفير السابق نوّاف سلام؟ وكيف سيكون موقف القوى المعارضة لهذا الخيار، وخصوصاً أنهم أقلّية (النائب جبران باسيل مستعد لدعم وصول نواف سلام إلى السرايا)؟
المصارف تهدّد القضاء
على صعيد آخر، وبعد القرارات القضائية التي لم تصبّ لمصلحتها، وآخرها قرار قاضية التحقيق الأولى في البقاع، أماني سلامة، بالحجز على أملاكها وأملاك أصحابها، أصدرت جمعية المصارف بياناً أمس وجّهت فيه تهديداً إلى القضاء، ومن خلفه جميع اللبنانيين، من خلال القول إن إصدار قرارات قضائية لا تسير وفق مشيئتها «قد يتسبّب بمضاعفات سلبية، ليس على هذا القطاع فحسب وإنما على الاقتصاد اللبناني ككل، واستطراداً على الشعب اللبناني والمصلحة الوطنية العليا».
المصارف التي نفّذت ما وصفته صحيفة «لو موند» الفرنسية بسرقة العصر، عبر تبديد عشرات مليارات الدولارات من الودائع التي صبّ جزء منها في جيوب أصحاب البنوك، تحدّثت عن الثقة الدولية بها، رغم أنها أضحت، مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، «مضرب مثل» في العالم لعمليات الغش والاحتيال المصرفية. وهذه المصارف التي تهيمن على الغالبية الساحقة من وسائل الإعلام، وتدعمها معظم الكتل النيابية والأحزاب والقوى السياسية، اشتكت في بيانها من «حملات منظّمة من التجنّي والتشهير»، متحدّثة عن «اتهامها جزافاً بممارسات مرفوضة ومدانة، محلياً ودولياً، كمثل تهريب المال وتبييضه، فمن شأن ذلك أن يشوّه سمعة لبنان ونظامه المصرفي»... المصارف التي ترفض تقديم أيّ تنازل للاعتراف بجزء يسير من مسؤوليّتها عن الخراب الذي لحق بالاقتصاد والسكان، لم تنس تذكير اللبنانيين بأن «أي خطة للنهوض بلبنان من محنته الراهنة لا بد من أن تمر حُكْماً عبر هذا النظام» المصرفي.
وفي كلام يحمل تهديداً بالتمرّد على الأحكام والقرارات القضائية، وجّهت المصارف رسالة مباشرة إلى «أركان الجسم القضائي»، قائلة إن «التعرّض الدائم للمصارف والمصرفيّين ليس السبيل الأجدى للحصول على الودائع»!
صحيفة الاخبار