أحيا مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب الذكرى الـ 21 لاقفال معتقل الخيام، أمام بيت الامم المتحدة الاسكوا، في بيروت، حيث اطلق رئيس المركز محمد صفا موسوعة المعتقل القصة الكاملة، بمشاركة الممثلة الاقليمية لمفوضية حقوق الانسان في الامم المتحدة رويدا الحاج وأحزاب وهيئات وفصائل فلسطينية واسرى واسيرات ومواطنيين وحقوقيين.
عبد الحميد
بداية رحب الامين العام للمركز حسيب عبد الحميد بالحضور، وأوضح أن "اقفال معتقل الخيام وحرية الاسرى والمعتقلين ومحاكمة مرتكبي التعذيب، كان العنوان الرئيسي لكل التحركات في لبنان والوطن العربي والعالم، بدءا من تجمع معتقلي انصار، مرورا بلجنة المتابعة لدعم قضية المعتقلين، وصولا الى مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب".
واعتبر أن "تأسيس لجنة المتابعة لدعم المعتقلين يوم مفصلي في تاريخ الحركة الاسيرة وانطلاقة نوعية حققت انجازات هائلة"، مشيرا الى أنه "كان لتكريس 14 تموز يوما للاسير اللبناني و7 تشرين ثاني يوما للمعلم المعتقل صدى ايجابيا لتفعيل المناسبات، وكان الإنتصار الأول لحملة التضامن مع الإختراق التاريخي للجنة الدولية للصليب الأحمر بعد السماح لها بدخول المعتقل وتأمين الزيارات للأهالي في 31/1/1995، واعقبها عمليات افراج عن عدد من المعتقلين مع تكريس الإعتصام الأسبوعي لامهات الخميس، وازدادت الحركة الداعمة والمتضامنة مع المعتقلين في دول العالم لا سيما مع مشاركة ودعم منظمة العفو الدولية، وتوجيه الدعوات الى زيارة عدد من الدول الأوروبية وخاصة فرنسا والتي ادت الى اطلاق سراح سهى بشارة والعديد من المعتقلين".
ولفت إلى أنه "كان لنا مع الحكومات اللبنانية المتعاقبة رحلة الضغط لاحتضان الاسرى المحررين وعائلاتهم و احتضانهم وتأمين العيش الكريم فكان توظيف 75 أسيرا محررا في هيئة اوجيرو ولم تستكمل الخطة لاحقا، واستبدلت بقانون التعويضات المجحف بنضالات الاسرى وتضحياتهم".
وحيا "اهلنا في فلسطين الصابرين على الظلم والقتل والإعتقال وكل التضامن مع إنتفاضتهم المجيدة"، ودان "الإعتداءات التي تطال المدنيين و الاطفال والنساء".
ولفت إلى انه "لمناسبة اطلاق القصة الكاملة التي اعدها الرئيس الفخري للمركز الأستاذ محمد صفا لا بد لنا بل من الواجب ان نكشف النقاب عن مسيرة 38 عاما في رحاب الحركة الأسيرة اللبنانية، لا سيما معتقل الخيام ومن الفه الى يائه، وارتكابات جلاديه وبطولات مناضليه وحان الوقت لتوثيق هذه التجربة التاريخية والدور الذي لعبته حملة التضامن منذ العام 1983 ولغاية 23 ايار 2000، يوم تكسرت القيود بسواعد المعتقلين واهاليهم"، منوها "بالجهد الذي بذل من أجل ان نضع بين ايديكم وايدي المدافعين عن حقوق الانسان في العالم هذه الموسوعة التي تستحق بان تكون مرجعا تاريخيا".
الحاج
اما الحاج فأشارت إلى "استمرار الاحداث المؤسفة في فلسطين والتي تواجه أطول احتلال في العصر الحديث مع استمرارية انتهاك حقوق الإنسان و إنكار الحقوق الجماعية والفردية للشعب الفلسطيني".
ورأت أن "موسوعة معتقل الخيام لهي خطوة اساسية ومهمة لأرشفة جرائم دولية، لا سيما جرائم الحرب التي ارتكبت خلال اعتقال واستجواب وتعذيب الاف من الرجال والنساء والاطفال خلال سنوات الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان"، معتبرة أنه "لا جدال في أن التعذيب الممنهج قد وقع في معتقل الخيام وتورط الكثيرون في المسؤولية القانونية عن الأعمال الإجرامية"، لافتة إلى تعذيب التعذيب".
وأشارت إلى أن "العدالة بشأن معتقل الخيام تكتنفها مراحل عدة، احدها هو ضمان حق الضحايا باسماع صوتهم وان كانوا يرجون من خلال هذا الصوت، ليس فقط تحدي الافلات من العقاب ومساءلة الجاني ولكن أيضا فهم ومعالجة ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بكشف حقيقتها وجبر ضرر الضحايا ورد الإعتبار لهم، وضمان عدم تكرار ممارسة الإنتهاكات - هذه مبادىء مكرسة في القانون الدولي لحقوق الانسان. ومن هنا اهمية الموسوعة لتخليد ذكرى انتهاكات جسيمة كي لا تتكرر".
وأوضحت أن "المفوضية السامية لحقوق الإنسان، في إطار منظومة الأمم المتحدة، تضطلع بدور رائد في تشجيع احترام سيادة القانون وعدم الافلات من العقاب، ولا سيما من خلال تركيزها على تعزيز المساءلة. وتشمل المجالات الرئيسية لاستراتيجية المفوضية المتعلقة بعدم الإفلات من العقاب ما يلي: دعم عمليات العدالة الانتقالية، وتعزيز ممارسة سلطة القضاء واستقلاليته، وتعزيز الآليات التي تدعم العدالة من دون تمييز وضمان أن تكون التشريعات الوطنية متوافقة مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان ووضع تعريف واضح للجرائم الدولية في التشريعات اللبنانية، كتعريف وتجريم جرائم الحرب، والجرائم ضد الانسانية و تعزيز القدرات الوطنية حول التحقيق في الجرائم الدولية".
ولفتت إلى أن المفوضية السامية للامم المتحدة لحقوق الانسان أطلقت مشروع "التعامل مع الماضي: ذاكرة من أجل الغد" حيث يتم دعم المجتمع المدني، والعائلات، والجامعات والمؤسسات الوطنية في جهودها للبحث عن الحقيقة، وتعزيز الذاكرة الجماعية. وسيدعم هذا المشروع لجنة التحقيق في مصير المفقودين والمخفيين قسرا، وتقديم الدعم لأسر المفقودين والجهات الوطنية والمدنية في لبنان في جهودها المبذولة في مجال الدعوة إلى التعامل مع الماضي. وهنا نذكر أن المصير المجهول لالاف ممن إختفوا قصرا في الحرب اللبنانية لا يزال يطارد عائلات المفقودين حيث تم تجاهل حقهم في معرفة الحقيقة لعقود"، مشيرة الى أن العمل على دعم جهود البحث عن الحقيقة والمصالحة سيشكل مساهمة فعالة ومناسبة من حيث التوقيت في سبيل توطيد السلام ومنع الارتداد إلى هوة الصراع في لبنان وذلك من خلال دعم الانخراط في مسار وطني هادف لمعرفة الحقيقة وتحقيق المصالحة. وهذا ضروري لمواجهة إنتكاسات متكررة من العنف والكراهية التي تعود بأساسها إلى الآثار السلبية للحرب الأهلية اللبنانية".
وأملت أن "تمثل الموسوعة توثيقا لما حدث في الخيام لتبقى ذاكرة حية في نفوس الاجيال كي لا تتكرر".
صفا
أما صفا فقال: "تحت شعار كي تبقى الذاكرة حية، نطلق في الذكرى ال 21 لاقفال معتقل الخيام في 23 أيار 2021 موسوعة معتقل الخيام القصة الكاملة. إحياء الذاكرة لا يعني العودة الى الماضي. الذاكرة هي التاريخ ومهما كانت قاسية ومؤلمة هي فلسفة الاجيال والحقيقة الحية التي لا يمكن لشعب ان يتطور وينهض إن فقد ذاكرته".
ورأى أن "الذاكرة هي العقل والقلب وحكايات الشعوب. إنطلاقا من هذه الرؤية للذاكرة نقدم ونطلق لشعبنا ولشعوب العالم ولكل المؤسسات الحقوقية والثقافية وإلانسانية العربية والدولية موسوعة معتقل الخيام منذ انشائه بعد اغلاق معتقل أنصار بتاريخ 3 نيسان 1985 وحتى إقفاله في 23 أيار العام 2000".
وأوضح أن "هذه الموسوعة ليست تحقيقا صحافيا ولا بحثا عن نشأة الحركة الاسيرة ولا توثيقا لانشطة اللجنة والتجمع من تقارير وبيانات وإعتصامات، وقال: موسوعة معتقل الخيام هي سفر تجربة نضالية تاريخية عمرها 38 عاما حققت انجازات هائلة على صعيد قضية المعتقلين والمحررين وعائلاتهم، فكنا أول ملصق وبيان ووثيقة وإعتصام واستطعنا ان نحول قضية المعتقلين من قضية منسية الى قضية رسمية إنسانية عالمية، فكان الانتصار التاريخي الاول في فتح ابواب المعتقل في العام 1995 أمام الاهالي والصليب الاحمر الدولي بعد عشر سنوات من ابقائه معزولا عن العالم وفي الافراج عن دفعات متتالية من المعتقلين من معتقل الخيام وسجون الداخل تحت ضغط الحملة التضامنية. موسوعة معتقل الخيام هي المقاومة الحقوقية والاعلامية والديبلوماسية والاجتماعية التي اسسناها بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان العام 1982 في تجمع معتقلي أنصار ولجنة المتابعة ومركز الخيام، هذه المقاومة المكملة لمقاومة الاحتلال نعتز بها ونفتخر بتأسيسها وإنجازاتها تتحول اليوم الى موسوعة تاريخية لتكون شاهدا على الاجرام الاسرائيلي وتبقى حية في الذاكرة ذاكرة الاجيال والاحفاد والازمان".
وأشار الى ان الموسوعة تتألف من ثمانية عشر فصلا، وجزء من "ارشيفنا التاريخي وكل فصل منها يمكن أن يكون كتابا ولكني حاولت الايجاز والاختصار. وهي لن تقتصر على معتقل الخيام بل ستليها سلسلة كتب عن المعتقلين اللبنانيين في سجون الداخل ودورات لجنة حقوق الانسان والمفقودين أمهات يكسرن الصمت، المعتقلون الفلسطينيون والعرب في سجون الاحتلال وقضية الاسرى المحررين ومحاور أخرى في سياق مشروع إحياء الذاكرة وعدم نسيانها".
ودعا "الباحثين وطلاب وطالبات الجامعات في لبنان والعالم العربي الى دراسة هذه التجربة التاريخية والاطلاع على أساليب عملها وفلسفتها في التنظيم والنضال وكل وثائقنا في تصرف الراغبين في إعداد الدراسات والابحاث".
وقال: "نطلق الموسوعة من أمام بيت الامم المتحدة، حيث نظمنا عشرات الإعتصامات وأقمنا خيم الحرية للمعتقلين وللمفقودين ومناهضة للتعذيب وحقوق الانسان".
أضاف: "نطلق الموسوعة، رحلة الحرية للمعتقلين تروي كفاح 38 عاما من الكد والنحت والرسم، نطلقها ليس للذاكرة فقط بل لتكون الاعلان عن انطلاقة جديدة في رحلة نضالنا الحقوقي والانساني وتقييم تجربتنا السابقة لتحويلها الى مركز عالمي للدراسات والذاكرة. ونطلقها ثانيا دعوة لاعادة فتح ملف معتقل الخيام والتأكيد بأن إقفاله وتدميره لا يعني نسيانه بل إبقاء ملف هذا المعتقل مفتوحا لان التعذيب جريمة متمادية لا تسقط بالتقادم".
وناشد "كل محامي لبنان والعالم العربي والعالم، إعادة فتح ملف التعذيب في معتقلات الخيام وأنصار وسجون الداخل والانتهاكات والمجازر الوحشية التي نفذتها اسرائيل في حق الشعب اللبناني والفلسطيني والعربي، وما زالت تنفذها حتى اللحظة".
رصد المحور