هلال السلمان
لم تمر مرحلة سياسية في تاريخ الحزب "التقدمي الاشتراكي" بـ"زعامة" وليد جنبلاط يجد نفسه فيها معزولا سياسيا كالمرحلة الراهنة، التي بات فيها معزولا سياسيا بكل ما للكلمة من معنى، وعلاقاته السياسية مأزومة مع جميع القوى السياسية على الساحة اللبنانية.بدءا بحلفائه التقليديين مثل حزبي "المستقبل" و"القوات"، مرورا بخصومه التقليديين كحزب الله والتيار الوطني الحر،وصولا الى البيئة الدرزية الداخلية البعيدة عن الولاء الجنبلاطي وفي مقدمة تجلياتها الحزب الديمقراطي اللبناني برئاسة النائب طلال أرسلان.
وتلخص مصادر سياسية متابعة علاقة الحزب الاشتراكي مع القوى السياسية على الشكل التالي :
اولا: في العلاقة مع حزب الله سقطت مرحلة " ربط النزاع" بين الحزب الاشتراكي وحزب الله التي بدأت في أعقاب احداث 11 ايار 2008 في الجبل، واستمرت طوال فترة الازمة السورية ، وباتت المرحلة مرحلة "نزاع" شرع بها الاشتراكي بعد زيارة وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو الى بيروت من خلال العديد من الخطوات، اولها قرار وزير الصناعة وائل ابو فاعور بإلغاء قرار خلفه حسين الحاج حسن حول معمل عين دارة، ثم موقف وليد جنبلاط الذي نفى فيه لبنانية مزارع شبعا، وصولا الى القرارات التعسفية لوزير التربية اكرم شهيب بحق اكثر من الف تلميذ حرمهم دون وجه حق من الامتحانات الرسمية.
وفي مواجهة هذا التوجه الجنبلاطي اتخذ حزب الله قراره بالقطيعة الكاملة مع الحزب الاشتراكي ، وكان أن فشل اللقاء اليتيم الذي استضافته عين التينة للتوسط بين الجانبين مع اصرار الجانب الاشتراكي على مواقفه ، ولم يتكرر هذا اللقاء بين الطرفين ، واكدت مصادر سياسية لموقع " المحور" أن حزب الله تابع على ارفع المستويات ما أقدم عليه الوزير شهيب بحق الطلاب ، وكان القرار بعدم الرضوخ لأي ابتزاز وجرى ايفاد وفد "مهني مختص" لزيارة الوزير شهيب يضم مسؤولي التعبئة التربوية، وعدم مقاربة الموضوع ببعد سياسي، مع التذكير هنا أن التواصل بين حزب الله ووزير التربية الاشتراكي السابق مروان حمادة كان يتم غالبا عبر عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض وهو ما لم يحصل حاليا.
ثانيا : في العلاقة بين الحزب الاشتراكي والتيار الوطني الحر ، يبدو واضحا ان العلاقة مأزومة ولم تصل الى مستوى استيعاب الاشتراكي أن جبل لبنان الجنوبي ليس "محمية" جنبلاطية ، وقد عاد اليها التيار الوطني الحر سياسيا بعد فوزه بمقاعد نيابية عدة في الانتخابات النيابية العام الماضي . كما أن العلاقة داخل الحكومة ليست على ما يرام بين الطرفين، اضافة الى تحالفات التيار الوطني الحر على الساحة الدرزية التي لا تريح الحزب الاشتراكي والتي سوف تنعكس في التعيينات الادارية المقبلة .
ثالثا : العلاقة بين الحزب الاشتراكي وحليفه التقليدي حزب "المستقبل" هي ليست على مايرام وبدا واضحا انها مأزومة منذ أن اختار الرئيس سعد الحريري التحالف مع التيار الوطني الحر الذي انتج "التسوية الرئاسية" وما بعدها ، وآخر تجليات الأزمة بين الطرفين كان التنازع على رئاسة بلديتي شحيم وبرجا ، حيث جرى تراشق اتهامات بين الجانبين عبر التصريحات ومواقع التواصل الاجتماعي .
رابعا: العلاقة بين الحزب الاشتراكي والقوات اللبنانية "باردة" الى درجة التجمد وكلا الطرفين لا يثق بالآخر، وإن كانت القوات في المرحلة الاخيرة بدت أقدر من الاشتراكي على المرونة والتواصل مع خصومها السياسيين على الساحة الداخلية .
خامسا: سعى الحزب الاشتراكي الى محاولة الغاء خصومه السياسيين على الساحة الدرزية دون ان ينجح في ذلك ، ينطبق ذلك على رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان الذي نجح في ان يكون له ممثل في الحكومة ، اضافة الى رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب الذي كان الاشتراكي في طليعة المحرضين على " غزوة الجاهلية" للنيل من وهاب وبيئته الشعبية في الجبل .
هذا، إضافة الى حالة العزلة والازمة التي يعيشها الحزب الاشتراكي على الساحة الداخلية كذلك فإنه كان قد احرق الجسور مع سوريا في عز الازمة وهي ترفض اعادة بنائها له بأي شكل من الاشكال حاليا .
ولم يبق أمام وليد جنبلاط من طوق الازمات التي يعيش فيها سوى شيء من "الاوكسجين الاميركي" الذي يتنفسه، عندما يزور موفد امريكي لبنان حيث يعرج للقائه في منزله المحصن بالاجراءات الامنية في كليمنصوه ببيروت .
خاص المحور