أكد نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم أن معادلة جديدة تكوّنت بعد الانتصار الإلهي عام 2006 هي معادلة الردع بين المقاومة والكيان الصهيوني، وهي تعني أن "إسرائيل" ليست مطلقة اليد في أن تعتدي في لبنان، وأن حزب الله معنيّ بالردّ على أي اعتداء يطال بشراً أو حجراً من دون أن يكون هذا العمل مستنكراً أو مستغرباً أو استثنائياً، كجزء لا يتجزء من واجبات المقاومة الدفاعية.
وفي حوارٍ مع "إذاعة النور" ضمن برنامج "السياسة اليوم"، أكد الشيخ قاسم أن حزب الله عقب عدوان تموز 2006 أعطى قوةً للبنان وحماه من الإعتداءات "الإسرائيلية" المتكرّرة وخلق حالة من الردع تمنع "إسرائيل" من تنفيذ عمليات عسكرية كبرى متى شاءت.
الشيخ قاسم شدّد على أنه كان لا بدّ من الردّ على "إسرائيل" عقب اعتدائها الأخير على منطقة مفتوحة جنوب لبنان، لتذكيرها بأن هذا الشكل من الاعتداء يعني خرقاً لقواعد الاشتباك، وقال: "نحن التزمنا كمقاومة بألا نقبل الاعتداء وأن نردّ عليه".
وأضاف الشيخ قاسم: "نحن منذ البداية قلنا إننا لسنا في وارد الذهاب إلى حرب ابتداءً، ولكن لن نقبل بأن يُعتدى علينا، ونعتبر أننا إذا لم نردّ على هذا العدوان الذي حصل، فإنه سيتكرر بأشكال مختلفة وأكثر تطوّراً وسيعطي للإسرائيلي إشارة خاطئة بأننا في موقع ضعف"، مشدداً على أن ردّ حزب الله جاء ليؤكد أن لا تأثير للأزمة الداخلية الاقتصادية والاجتماعية على جهوزية المقاومة، وعلى "إسرائيل" أن تفهم هذه الرسالة.
وأشار الشيخ قاسم إلى أنه بعد العملية البطولية النوعية التي نفذها مجاهدو المقاومة من منطقةٍ مفتوحة وغير سكنية، جرى اعتراض الشاحنة في شويا بعد عودة المجاهدين، ومن الطبيعي أن تمرّ هذه الشاحنة في قرىً، وهذا "حقٌ مشروع وطبيعي"، معتبراً أن الاعتداء الذي حصل من بعض الأشخاص أُعطي حجماً كبيراً على أساس أنه يعبّر عن رفض الشعب اللبناني لعمليات المقاومة، غير أن الاجتماع الذي حصل في الخيام للتهنئة بالعملية كان فيه من التنوّع ما يُثبت أن الالتفاف حول المقاومة أوسع بكثير من حادثة جزئية أريد لها أن تتضخّم لتعطي انطباعاً مخالفاً لحالة الالتفاف هذه.
وأكد الشيخ قاسم أن تقييم واقع المقاومة في لبنان لا يتمّ من خلال حادثة جزئية، إنما من خلال تصريحات ومواقف وأداء مجمل المجتمع اللبناني ومكوّناته، مضيفاً: "نحن نعتبر أن ما قمنا به مشروع تماماً وضمن ضوابط دقيقة جداً، ونحن حريصون على الناس ولا نستخدمهم كمتاريس ولا لمطية سياسية أو لمحاولة استغلالهم في مكاسب فئوية أو طائفية، نحن نعمل بدقة في العمل المقاوم والجميع يشهد بذلك، والذي بقي الآن هو الردّ الذي أوقف إسرائيل عند حدّها، أما الفتنة التي أرادوها فذهبت مع الريح واندثرت في موقعها ولا تأثير لها".
وفي ما يتعلّق بمعالجة الأزمات اللبنانية الراهنة، قال الشيخ قاسم: "نحن لا نستطيع أن نقوم مقام الدولة في تلبية احتياجات الناس، لأنهم تحت مسؤولية الدولة، يدفعون لها الضرائب، وترعى شؤونهم، وعليها واجبات تجاههم، ونحن جزءٌ من تركيبة الدولة في الحكومة والمجلس النيابي، نقوم بدورنا ضمن هذه التركيبة، وعند حصول أزمة نحن لا نستطيع أن نحلّ مكان الدولة لنعالجها إنما نستطيع أن نُخفّف منها، وهذا ما يقوم به حزب الله".
وأكد الشيخ قاسم أن هناك حاجة إلى سلطةٍ ومحاسبة، ولكن السلطة تتمثّل بالدولة اللبنانية، وحزب الله لا يستطيع أن يكون بديلاً عن القوى الأمنية، التي من واجبها ضبط الاحتكار، ولا يمكن أن يكون إدارة ذاتية.
وأضاف في السياق نفسه: "نحن متصدّون للمساعدة بأعلى قدر من الإمكانات المتوفّرة، لكننا لا نستطيع أن نحلّ أزمة بلد، لسنا مسؤولين عمّا حصل في البلد بل نحن جزء من المسؤولين، نتحمل مسؤولية ذاتية كحزب بأقصى ما نستطيع، لكن لا يمكن تحميلنا الأزمة اللبنانية بكاملها لنحلّها وحدنا بعيداً عن الدولة".
ورأى الشيخ قاسم أن حاكم مصرف لبنان يتحمّل مسؤولية كبيرة وخطيرة في ما آلت إليه الأوضاع في البلد ويجب أن يُحاسب، متسائلاً كيف يمكن أن يُحاسب إذا لم يتم السير بالتدقيق الجنائي، مؤكداً أن المسؤولية تقع أولاً وأخيراً على الحكومة التي يجب أن تتشكّل وتأخذ دورها وتقرر بقاء الحاكم من عدمه. وشدد الشيخ قاسم على أنه يتوجب على حكومة تصريف الأعمال أن تُجري القواعد التنفيذية للبطاقة التمويلية وأن ترشّد الدعم كي يتدرّج بما ينسجم مع حاجات الناس وطاقتهم.
وفي ملف التأليف الحكومي، أكد الشيخ قاسم أن ما يُظهره الرئيسان ميشال عون ونجيب ميقاتي حتى الآن هو ضخّ أجواء إيجابية في المحادثات واللقاءات التي تجري، وأن المعطيات تتحدث عن حوار وتجاوب في النقاش، وقال في هذا الإطار: "نأمل في الإسراع بتشكيل الحكومة، ونطلب من الرئيسين الكريمين تقديم التنازلات المناسبة لبعضهما، لأن ربح تشكيل الحكومة أعلى بكثير من أي ربحٍ آخر مع عدم تشكيلها".
ولفت الشيخ قاسم إلى أن عدم تشكيل الحكومة له علاقة بنقاشات ومؤثرات داخلية، وحصراً بين الرئيسين، اللذيْن بإمكانهما حلّ العقد، موضحاً أن المؤشرات المتعلقّة بالتشكيل الحكومي من عدمه داخلية بامتياز، ومن الواضح أن لا وجود لمؤثر خارجي يمنع الآن عملية التشكيل.
وفي ما يخصّ قضية تفجير مرفأ بيروت، قال الشيخ قاسم: "نحن مقتنعون بأن التحقيق في مسائل المرفأ يجب أن يتمّ ويصل إلى نتيجة، ومن غير الجائز أن يبقى عملٌ كارثيٌ بهذا المستوى بلا تحقيق ومن دون تحديد المسؤوليات"، مؤكداً أن حزب الله مع التحقيق وعَمِل لتسهيل مساره من أجل الوصول إلى نتيجة.
وعن كمين خلدة، أكد الشيخ قاسم أنه مُدبّر وقامت به عصابة لا علاقة لها لا بعرب خلدة ولا بطائفة أو جماعة، لأن من يرتكب جُرماً هو من يتحمّل المسؤولية، مشيراً إلى متابعة هذا الملف مع الأجهزة الأمنية لاستكشاف الخلفيات ومحاسبة المعنيين.
وفي سياق حديثه عن زيارته الأخيرة إلى إيران، لفت الشيخ قاسم إلى أن الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي يعتبر أن المقاومة تشكّل نموذجاً إستثنائياً في لبنان والمنطقة ويؤكد أن إيران ستبقى إلى جانبها دائماً بكل إمكاناتها.
وأشار الشيخ قاسم إلى أن الاتفاق النووي الإيراني، لو حصل، هو منفصل تماماً ليس فقط عن لبنان بل عن كل قضايا المنطقة.
اذاعة النور