أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "استمرار فرنسا في دعم لبنان الذي يستحق أفضل مما هو عليه الآن"، مشيرا إلى "مواصلة العمل مع الحكومة الجديدة وفق أجندة محددة".
وشدد على "أن المجتمع الدولي لن يقدم مساعدات إلى لبنان من دون القيام بالإصلاحات"، لافتا إلى أن "رئيس الحكومة اللبنانية تعهد بالتزام إجراء الإصلاحات الضرورية".
بدوره، أكد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي "أن فرنسا كانت ولا تزال الحليف الدائم والثابت للبنان"، مبديا ثقته بأن "الرئيس الفرنسي لن يسمح بأن يتعرض لبنان للاذى، بل سيكون إلى جانبه لاستعادة نموه وازدهاره".
وشدد ميقاتي على عزمه "تنفيذ الإصلاحات الضرورية والأساسية في أسرع وقت، بالتعاون مع حكومتي وبدعم من الرئيس ميشال عون والبرلمان، لاستعادة الثقة وبث نفحة أمل جديدة وتخفيف معاناة الشعب اللبناني".
موقف الرئيسين ماكرون وميقاتي جاء في لقاء صحافي مشترك عقب اجتماع العمل الذي عقداه في قصر الاليزيه، بعد ظهر اليوم .
الوصول
وكان الرئيس ميقاتي وصل إلى قصر الاليزيه، قرابة الثانية والنصف بتوقيت بيروت، حيث استقبله الرئيس ماكرون عند المدخل، وتصافحا أمام عدسات الكاميرات والتقطت لهما الصور التذكارية.
بعدها، دخل ماكرون وميقاتي القصر، وأجريا المحادثات التي استكملت إلى غداء عمل.
المؤتمر الصحافي
وفي ختام الزيارة، عقد ماكرون وميقاتي لقاء صحافيا مشتركا، استهله ماكرون بالقول: "أرحب بك حضرة الرئيس، بعد انتظار، تمكنتم من تشكيل حكومة مع جدول أعمال يتضمن إصلاحات منتظرة منذ زمن طويل. وهنا، أريد أن أعلن مجددا علنا تمنياتي لكم بالنجاح ووضع أنفسنا في خدمة اللبنانيين".
أضاف: "أؤكد للشعب اللبناني دعم فرنسا للبنان خلال هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها. لقد تبادلنا مع الرئيس ميقاتي أحاديث صريحة للغاية والنظرة إلى المستقبل. منذ انفجار الرابع من آب، توجهت مرتين إلى لبنان وعقدنا مؤتمرا دوليا لدعمه مثلما قمنا بذلك من قبل. وكذلك، قدمنا دعما خاصا للمدارس والجيش اللبناني، وباريس ستتابع هذا الدعم وستستمر بالعمل مع القوى الحية في لبنان ومن هم يضعون أنفسهم في خدمة اللبنانيين بكل إرادة لتجنب هذه النواقص التي لم تتمكن الدولة اللبنانية من تقديمها، وسنستمر بتجنيد المجتمع الدولي للاستجابة لكل الطلبات والاحتياجات الملحة".
وتابع: "نعرف أن لبنان يستحق أكثر من ذلك، خصوصا من أجل مستقبل شبابه. ولذلك، فإن مسؤوليتكم كبيرة جدا وتاريخية، وأعرف أنكم تعلمون ذلك وسنساعدكم لتنجحون. إن مفاوضات تشكيل الحكومة كانت طويلة جدا، وخلال ذلك الوقت كان وضع لبنان يتدهور. أنا بالتأكيد وعدت بمعاقبة أو إدانة المسؤولين عن ذلك التأخير في ولادة الحكومة".
وأردف: "اليوم، من خلال حضرتكم والوزراء الذين معكم، هناك فرصة للمضي قدما على طريق الاصلاحات، وهذا التعهد اتخذتموه أمام الشعب اللبناني وأمامي اليوم. وعلى هذا الأساس، نتمنى ونريد أن نساعدكم في النجاح".
وقال: "من الملح اتخاذ الاجراءات والخطوات الأولى المتمثلة بالإصلاحات الضرورية لكي يتمكن لبنان من استعادة الثقة بنفسه وأيضا تأكيد ضمان دعم يومي للمواطنين. إن المجتمع الدولي لن يتمكن من مساعدة لبنان قبل اطلاق الاصلاحات على الأقل، وأنا أفكر بالاصلاحات في قطاع الطاقة ومكافحة الفساد واصلاحات الادارة، وجميعها موجودة في ذهنكم وبحثناها معا. وبالتأكيد، أولويتكم ستكون حول موضوع البنى التحية والطاقة والتغذية ودعم الشعب اللبناني والاستجابة الى الاحتياجات القصيرة الأمد".
أضاف: "بالتأكيد، على لبنان أن يجري المفاوضات الضرورية مع صندوق النقد الدولي، وهذه المباحثات يجب أن تنطلق سريعا. كذلك، يجب أيضا التفكير في مكافحة الفساد وأيضا إضفاء شفافية أكثر للحوكمة لكي تصل المساعدة الدولية مباشرة إلى المواطنين والى نتائج حسية".
وتابع: "لقد تعهدتم أيضا الالتزام وفق الجدول الموضوع بإجراء الانتخابات النيابية المقبلة في عام 2022، وينبغي عند ذلك أن يتمكن اللبنانيون من الإعراب عن إرادتهم من خلال انتخابات ديموقراطية. ونحن سنبقى واعيين للغاية خلال هذه العملية إلى جانب شركائنا الأوروبيين".
وأوضح أنه "تم التطرق إلى التحقيقات بانفجار 4 آب، وفرنسا ستستمر في مساندة العمل القضائي لأن الشعب اللبناني يستحق الحقيقة وله الحق في الوصول إلى أجوبة عما حصل"، وقال: "لنبقى واعين أيضا، فالطريق ستكون صعبة، ولكن أبعد من هذه المواضيع، نعرف أن الاصلاحات الكبيرة ضرورية في القطاع المصرفي والمالي وأيضا في قطاع الحوكمة، ونعرف أننا سويا ندرك صعوبة هذه الأمور وصعوبة هذه الاصلاحات. وكما قلتم الآن، فإن هذه الطريق ليست مستحيلة أولا لأنها منتظرة ويريدها الشعب اللبناني، وأيضا لأنكم تعهدتم والتزمتم بإصرار كبير للوصول إلى ذلك".
وأردف: "أخيرا، إننا سنفعل ما في وسعنا لكي يقف المجتمع الدولي إلى جانبكم في هذه الطريق، طريق الطموح والإصرار. إنه طموح تتشاركونه مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري وكل القادة السياسيين اللبنانيين".
وختم: "قلت ذلك في بيروت، وأكررها هنا اليوم إلى جانبكم: لن أترك لبنان ولن أخذل لبنان. وفرنسا لم تترك ولم تخذل لبنان، لكن الطريق طويلة وصعبة، والمهمة صعبة. سنكون هنا إلى جانبكم وإلى جانب الشعب اللبناني وحاجاته وطموحاته وكل من يدافع عن حياته اليومية ومستقبله، وأريد أن يعرف لبنان أنه يستطيع الاعتماد على فرنسا".
الرئيس ميقاتي
بدوره، قال الرئيس ميقاتي: "السيد رئيس الجمهورية،
سيداتي وسادتي، كان لي الشرف والسرور بلقاء الرئيس ماكرون الى غداء عمل عرضنا خلاله العديد من القضايا ذات الأهمية الكبرى لبلدينا. في الواقع، كانت فرنسا ولا تزال الحليف الدائم والثابت للبنان. في الفترة الأخيرة، تعرض لبنان لسلسلة من الكوارث التي أغرقته في واحدة من أخطر الأزمات في تاريخه. في هذه المحنة، حضرة الرئيس، كنت دائما إلى جانبنا، في فترة انفجار مرفأ بيروت عندما قمت بزيارتنا وعبرت عن تضامنك مع معاناة الشعب اللبناني. كما كنت الى جانبنا، عندما تم تنظيم ثلاثة مؤتمرات دولية لمساعدة لبنان برعاية فرنسا. وهذا الدعم له أهمية خاصة لأن فرنسا تمثل قلب المجتمع الدولي المكون من اشقائنا العرب وأصدقائنا في العالم. وفي هذا المجال، أود أن أعبر عن امتناني وامتنان الشعب اللبناني لكم".
أضاف: "خلال لقائنا، أكدت للرئيس ماكرون عزمي على تنفيذ الإصلاحات الضرورية والاساسية في اسرع وقت، بالتعاون مع حكومتي وبدعم من الرئيس ميشال عون والبرلمان، لاستعادة الثقة وبث نفحة أمل جديدة وتخفيف معاناة الشعب اللبناني. ستكون هذه الإجراءات حاسمة في إنعاش الاقتصاد وفي متابعة المفاوضات الواعدة مع صندوق النقد الدولي والبدء بإنهاء الأزمة. وانني واثق بأنه يمكننا الاعتماد على دعم فرنسا في هذه المفاوضات".
وتابع: "كذلك، أكدت للرئيس ماكرون تصميم الحكومة على إجراء الانتخابات النيابية في الربيع المقبل، والتي ستسمح بتجديد الحياة السياسية التي يتوق إليها الشعب اللبناني الذي يعاني على الصعد كافة. لقد قال الجنرال ديغول ذات يوم: طالما أنني في موقع المسؤولية، فلن أسمح بالحاق أي أذى بلبنان".
وختم: "حضرة الرئيس، كل ما تقومون به هو جزء من استمرارية العمل بهذا الوعد، وأنا على يقين أنك لن تسمح، من صميم قلبك، بأن يتعرض لبنان للاذى، بل ستكون إلى جانبه لاستعادة نموه وازدهاره. ومن هذا المنطلق، كانت زيارتي اليوم لباريس. أشكرك، حضرة الرئيس على استقبالك والتزامك تجاه بلدي. عاشت الصداقة الفرنسية - اللبنانية".
بعد ذلك، ودع الرئيس ماكرون الرئيس ميقاتي الذي غادر قصر الاليزيه، مختتما أيضا زيارته لفرنسا.
رصد المحور