البناء: بري لجلسة الانتخاب الثلاثاء… ورئيساً بـ 60 صوتاً… وغموض نيابة رئاسة المجلس
نصرالله للبدء بالحوار حول حماية النفط والغاز… ودور السلاح خارج المنطقة لم يعُد ضرورة
الدولار يسارع نحو عتبة الـ 40 ألفاً… بانتظار وعد أكثرية جعجع… وهيل يبشّر بالشلل
كتبت صحيفة "البناء" تقول: بانتظار ما ستقوله تطورات القدس يوم الأحد، ومسيرة الأعلام الصهيونية، في ظل تهديدات المقاومة في غزة، وتحذير الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من انفجار على مستوى المنطقة إذا ارتكب الصهاينة حماقة التعرّض للمقدسات، يأتي كلام معاون وزير الخارجية السابق ديفيد هيل المكرّر بين مقالة نشرها في الصحافة الأميركية وحديث تلفزيونيّ، يتوقع فيه الشلل السياسي في لبنان لمدة طويلة متوقعاً “مبادرة فرنسية شجاعة” لإخراج لبنان من الشلل، مشيراً الى فشل الرهان على إضعاف المقاومة في بيئتها واستحالة تجاوز تمثيلها النيابي في أية مقاربة سياسية لملفي الحكومة المقبلة والاستحقاق الرئاسي.
الغموض والشلل تظهرهما المقاربات القاصرة التي تطغى على مواقف العديد من القوى السياسية. فالقوات اللبنانية التي نالت قرابة 20 مقعداً نيابياً، وتشكل القوة الرئيسية في حلف سقفه 40 نائباً يضم حزب الكتائب وعدداً من النواب المستقلين ومسيحيي 14 آذار ونواباً من جماعات “التغيير” والنائب أشرف ريفي، سارع بالتحدث عن تشكيل أغلبية تتيح التحكم باستحقاقات المجلس النيابي، خصوصاً ما يتصل بالحكومة الجديدة، فيما تبدو الأكثرية المزعومة مزحة يصعب تحويلها الى واقع، كما سارع من قبل لربط مستقبل سعر الدولار بنتيجة الانتخابات واعداً بانخفاض سعر الدولار في اليوم التالي لفوزه مع حلفائه بالأكثرية، ما دعا لامتلاء وسائل التواصل الاجتماعي بتعليقات التندر على كلام جعجع واستذكاره مع بلوغ سعر الصرف 36 ألف ليرة للدولار الواحد، ومسارعته نحو عتبة الـ 40 ألفاً.
سياسياً، جاء كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في عيد المقاومة والتحرير، تفنيداً وتشريحاً للخطاب المناوئ للمقاومة، والمتربصين بسلاحها، لكنه تضمن إطلاق مبادرة عنوانها تبسيط الدعوة للتلاقي والحوار، بإعلان يتيح ملاقاة أصحاب الدعوات الصادقة للحوار حول استراتيجية وطنية للدفاع، بسحب مبرر مطالبة المقاومة بحصر دور المقاومة وسلاحها بحماية لبنان، عبر الإعلان عن نهاية دور سلاح المقاومة في المنطقة باعتبار ملفاتها قد حُسمت وتبلورت، طارحاً على الطاولة بدء الحوار حول كيفية حماية ثروات النفط والغاز واستثمارها باعتبارها كنز لبنان المدفون في البحر، والانطلاق من التفاهم حوله نحو البحث بالاستراتيجية الدفاعية، ومناقشة دور سلاح المقاومة في إطار هذه الاستراتيجية كخطوة ثانية، إذا كان الهدف هو بصدق كيف نحمي لبنان وثرواته ونصدّ عنه الاعتداء والأطماع.
سياسياً ونيابياً، حسم رئيس السنّ في مجلس النواب المنتخب نبيه بري موعد جلسة انتخاب رئيس ونائب رئيس للمجلس، بتحديدها يوم الثلاثاء، فيما أظهرت الاتصالات النيابية أن التيار الوطني الحر حسم موقفه بعدم التصويت لصالح بري كمرشح لرئاسة المجلس، بينما ظهرت مواقف عدد من النواب المستقلين يتقدّمهم نواب تكتل عكار ومعهم نواب آخرون إضافة لنواب اللقاء الديمقراطي، ونواب قوى الثامن من آذار، تتبنى التصويت لصالح بري، بما يؤمن 60 صوتاً تقريباً لصالح انتخاب بري.
على مستوى نائب رئيس المجلس لا زال الغموض سيد الموقف، حيث يتردد كل من القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر بإعلان ترشيح أي من النائبين غسان حاصباني والياس بوصعب للمنصب، ولا يبدو أن “نواب التغيير يجمعون على دعم ترشيح النائب ملحم خلف، بينما بدأ النائب سجيع عطية التحرّك لتجميع الأصوات لترشيحه لموقع نائب الرئيس.
وأكد السيد نصر الله أنّ “الإنجاز الذي تحقق عام 2000 هو أعظم إنجاز في التاريخ المعاصر، وهو انتصار لا غبار عليه وقوبل بافتخار عربي وإسلامي ووطني”، ولفت الى أنّ “انتصار عام 2000 كسر صورة الجيش الذي لا يُقهر وكسر مشروع إسرائيل الكبرى وإعطاء الأمل للفلسطينيين بالتحرير”.
وأوضح الأمين العام لحزب الله في كلمة له في عيد المقاومة والتحرير أنّه “كان للكيان الصهيوني مشروع بالانسحاب وترك آلياته في الداخل اللبناني ليبقى الشريط الحدودي بيد جيش (لبنان الجنوبي)، وليتصادم مع المقاومة، ما يُعيد شرارة الحرب الأهلية ويعطيها بُعداً طائفياً، لكن سرعة المقاومة أحبطت هذا المشروع”. وشدّد على أنّ “مسار حفر خطاب بيت العنكبوت عميقاً في قادة الكيان وجيشه وهم يعيشون عقدة العقد الثامن”، مضيفاً أنّ “المقاومة لم تحتكر لا العمليات ولا الإنجازات ولا دماء الشهداء. وهذا أيضاً إنجاز أخلاقي”.
وشدّد السيد نصرالله على أنّ “هذه المقاومة أقوى مما تتوقعون وتتصورون وهي أقوى من أي زمن مضى ومعنوياتها عالية”، مشيراً إلى أنّ “الدولة ذاهبة إلى الانهيار ويجب حلّ مشاكل الدولة الاقتصادية حتى تبقى الدولة ليطلب أحدهم تسليمها السلاح”.
وأكد أنّ “موضوع استخراج الغاز من البحر ممكن جداً جداً، ويتم حلّ مشاكل لبنان لكن ذلك يحتاج جرأة في وجه الأميركيين”، لافتاً إلى أنّه “لا يحلّ مشكلة لبنان إلا النفط والغاز في المياه الإقليمية”. وبين أنّ لدى لبنان كنزاً وثروة هائلين من النفط والغاز ونقف مكتوفي الأيدي أمامهم بينما كيان العدو يُبرم عقوداً لبيع نفطه”.
وعن الأحداث الأخيرة في الأقصى، حذّر السيد نصر الله من أنّ “أي مساس بالأقصى سيؤدي إلى انفجار كبير في المنطقة”، كاشفاً أنّ “المقاومة الفلسطينية أخذت خيارها بالرد على أي مساس بالمسجد الأقصى”. ولفت إلى أن “العدو بواقع مأزوم ويعاني انقسامًا داخليًا حادًا ونسبة لأي زمانٍ مضى لم يكن بهذا الضعف والوهن لذلك على حكومة العدو أن لا تقوم بخطوة نتائجها كارثية على وجود الكيان المؤقت”. ودعا السيد نصر الله إلى “الترقب والانتباه والاستعداد لما قد يجري حولنا وله تداعيات كبيرة على المنطقة. وهذا يتوقف على حماقة العدو”، مشيرًا إلى أنه “بقي على نهاية المناورة الصهيونية 10 أيام ونحن لا زلنا على جهوزيتنا واستنفارنا”.
ولفت خبراء عسكريون واستراتيجيون عبر «البناء» الى خطورة ما أعلنه السيد نصرالله، من احتمال تدحرج المنطقة الى حرب واسعة النطاق إذا تمادى جيش الاحتلال والمستوطنين بالمساس بالمسجد الاقصى لتكريس واقع جديد يكون مقدمة لمزيد من تهجير الفلسطينيين من القدس والتمهيد لإعلان يهودية «دولة اسرائيل». محذرين من أن اندلاع حرب جديدة بين «اسرائيل» وحركات المقاومة الفلسطينية سيؤدي الى فتح جبهات عدة في المنطقة ستكون «اسرائيل» الخاسر الأكبر، اذا لن يكون باستطاعتها خوض القتال على جبهات عدة وهي التي تعثرت وانهزمت في جبهة واحدة مع غزة. فكيف بجبهات لبنان وسورية وإيران والعراق واليمن وغيرها؟
وفي سياق التخبّط الذي يعيشه العدو الإسرائيلي خلال مناوراته على الحدود، وبعدما ادعى إسقاط مسيّرة تابعة لحزب الله منذ أيام قليلة ليتبين لاحقاً أن المسيّرة تعود له، أعلنت قناة المنار عن «سقوط طائرة مسيّرة إسرائيلية معادية من نوع «سكاي لارك» بين بلدتي عيتا الشعب ورميش وحاول الجيش الإسرائيلي استعادتها على الرغم من سيطرة جنود الجيش اللبناني عليها».
في غضون ذلك، حسم الرئيس نبيه بري الجدل حول موعد جلسة انتخاب رئيس للمجلس النيابي، ودعا بري أمس، الى جلسة عامة للمجلس النيابي لانتخاب رئيسه ومطبخه التشريعي، قبل ظهر الثلاثاء المقبل في ساحة النجمة.
ولفتت أوساط نيابية لـ»البناء» الى أن «بري يهدف عبر دعوة المجلس الى جلسة عامة الى وضع المجلس والكتل النيابية أمام مسؤولياتها ودفعها لحسم خياراتها حيال الاستحقاقات المقبلة من انتخاب رئيس ونائبه وهيئة مكتب المجلس وبالتالي قطع الطريق أمام أية محاولة لأخذ المجلس نحو الفراغ والشلل وبالتالي وقوع الفراغ في مختلف المؤسسات الأخرى لا سيما الفراغ الحكومي». وأوضحت الأوساط أن بري يريد إنجاز استحقاق انتخاب الرئيس والادارة المجلسية بروح من الديموقراطية وبعيداً عن أية ضغوط وكيديات سياسية ومقايضات وصفقات، فلكل كتلة رأيها وموقفها وتعبر عنه في صندوقة الاقتراع. ويدعو بري جميع النواب والكتل الى أخذ الموضوع بعين الأهمية والمسؤولية وإنجاز هذا الاستحقاق للانصراف الى العمل وإطلاق الورشة النيابية التشريعية لمواكبة الحكومة الجديدة التي يجب الإسراع أيضاً بتأليفها لبدء مرحلة انقاذ البلد.
وحتى موعد الجلسة الثلاثاء المقبل من المتوقع أن تنشط الاتصالات والمشاورات لتأمين توافق حول انتخاب الرئيس بري بأغلبية وازنة في ظل إعلان أكثر من كتلة نيابية ونواب مستقلين دعمهم لبري، على أن ينال أصوات الكتلة التي سترسو عليها نيابة الرئيس ليرتفع عدد الأصوات التي سينالها بري الى 70 نائباً وأكثر.
وأشارت مصادر «البناء» الى وجود تباين داخل تكتل «لبنان القوي» حيال انتخاب بري، إذ يريد عدد وازن من التكتل التصويت لبري مقابل رفض أعضاء التيار الوطني الحر ذلك»، مرجحة أن تترك الحرية للأعضاء غير الحزبيين في التكتل، على أن يلتزم نواب التيار في التكتل بقرار رئيسه النائب جبران باسل عدم التصويت لبري.
إلا أن مصادر قناة «أو تي في» أوضحت أن «نواب التيار الوطني الحر، ما زالوا على موقفهم بأنّ لا موجب للتصويت لنبيه بري لرئاسة مجلس النواب»، واستبعدت المصادر «ترك حرية الخيار للنواب على غرار ما حصل في عام 2018»، موضحة أنّ بالنسبة لنواب المجتمع المدني، أكدوا انهم لن يصوّتوا لبري، أما القوات اللبنانية، فستصوّت بورقة بيضاء». وكشفت بأنّ «حظوظ النائب المنتخب غسان سكاف ترتفع، في الحصول على منصب نيابة رئيس مجلس النواب، خصوصًا أنه ينال دعم الحزب التقدمي الاشتراكي والثنائي الشيعي».
وتتجه الأنظار الى استحقاق تكليف رئيس لتشكيل حكومة جديدة وسط غموض يعتري هذا الاستحقاق في ظل التوازن الجديد في المجلس النيابي الذي يعقد عملية التوافق على رئيس موحّد تجتمع حوله كافة الأطراف نظراً للمرحلة السياسية الصعبة والخطيرة المقبلة على لبنان والتي تزدحم بالملفات والاستحقاقات المالية والاقتصادية والسيادية والنفطية، ما يرجح فرضية الفراغ الحكومي الذي بشّر به الأميركيون، كوسيلة ضغط خارجيّة على لبنان للتنازل في مسائل استراتيجية كسلاح المقاومة والثروة النفطية والغازية وأزمة النازحين وقضية التطبيع والتوطين. وحذّرت جهات سياسية مطلعة عبر «البناء» من «استمرار المخطط الأميركي بحصار لبنان الاقتصادي والمالي وتعميم الفراغ الحكومي ومنع اي اصلاح وانفراج اقتصادي واحداث الفوضى الاجتماعية والامنية والتوترات المتنقلة في الشارع للحؤول دون ذهاب لبنان الى خيارات سياسية واقتصادية بديلة عن الغرب لا سيما في ملف الكهرباء والنفط والغاز، وكذلك الضغط على لبنان لإجباره على التنازل في ملف ترسيم الحدود»، ورجّحت الجهات استمرار التوتر والفوضى والضغط والأزمات حتى الخريف المقبل موعد الانتخابات الرئاسية.
وفي سياق ذلك وبعد تصريحات المسؤول الاميركي السابق ديفي شينكر التي كشف فيها أن بلاده ساهمت بتسريع الانهيار في لبنان خلال السنوات الثلاث الماضية، توقع مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق ديفيد هيل، أمس، «استمراريّة الشلل السياسي في لبنان وقد تمتدّ لسنين طويلة».
وعبر هيل عن خيبة أمله من نتائج الانتخابات بقوله: «علِمتُ أن عدد مقاعد النواب المستقلين يساوي نحو 13 نائبًا وبالرغم من هذا التطوّر غير أنّ هذا وحده ليس عاملًا كافيًا لإحداث تغييرات ويبقى صوتهم مهّم بالطبع ويعتمد نجاحهم على قدرتهم في التحالف وتقديم التسويات». كلام هيل يعكس حجم التدخل الأميركي في الانتخابات والرهان على نتائجها، وفي الوقت نفسه تعكس حجم الإحباط الذي أصيبت به بلاده لكون النتائج لم تأتِ وفق ما تشتهي وتتمنى.
كما لفت هيل الى أنه «لا تزال الولايات المتحدة تعتبر «حزب الله« منظّمة إرهابيّة لها هويتها الخاصة وتقف تحديات كثيرة بسبب النهج المتّبع في السياسة الوطنيّة والدستور الذي يحرص على عدم إعطاء حق النقض لأي جانب». وتابع: «لطالما كان من الصعب تشكيل حكومة في لبنان التي غالبًا ما ينتهي بها المطاف بحكومة تصريف أعمال والفجوة الضيّقة اليوم بين الأكثريّة والأقليّة في البرلمان تطرح تحدّياً جديداً، والتحدّيات الأخرى تشمل تشكيل حكومة تمثّل كل أطياف المجتمع في لبنان بشكلٍ عادلٍ واتساع الفجوة غير المنطقيّ بين المسيحيين الفائزين المعارضين لحزب الله». ورأى هيل أن «النواب الشيعة المؤيدين لحزب الله يشكّلون عاملًا أساسيًا يصعّب تحدّي تشكيل الحكومة نظرًا إلى عدد النواب الذين يمثلون الشيعة».
وتحمل تصريحات هيل رسائل مشفرة لقوى المجتمع المدني والمستقلين وتوجيهات تحدد سياستهم في المجلس النيابي، لا سيما مواجهة حزب الله، ودعوة للمشاركة في الحكومة المقبلة.
وعلى وقع التأزيم السياسي تتفاقم الأزمات مع تسجيل سعر صرف الدولار رقماً قياسياً منذ العام 2017، إذ تجاوز أمس عتبة الـ36 ألف ليرة، ما ينذر بخطر الانفجار الاجتماعي الكبير في الشارع، بعدما انعكس سعر الصرف على مختلف السلع الاستهلاكية الحيوية والمواد الغذائية والمحروقات، وصدر جدول أسعار جديد للمحروقات أمس وسجّل ارتفاعاً بـ9000 ليرة للبنزين 95 و98 أوكتان. وجاءت الأسعار على الشكل الآتي: بنزين 95 أوكتان: 597000 ل.ل. بنزين 98 أوكتان: 608000 ل.ل. المازوت: 732000 ليرة بزيادة 51 ألف ليرة. الغاز: 447000 ليرة بزيادة 31 ألف ليرة.
ويعدّد خبراء اقتصاديون أسباباً عدة لارتفاع سعر صرف الدولار، أهمها التخبط السياسي الداخلي وغموض الاستحقاقات، ويلفت الخبراء لـ»البناء» الى علاقة الأمر بالضغط الدولي على لبنان بموضوع ترسيم الحدود، ويشيرون الى دور المصارف في أزمة الدولار، حيث تحوّلت إلى شريك مضارب في “سوق الصرف السوداء” كأداة للضغط على الحكومة بسبب معارضتها خطة التعافي المالي التي أقرّتها الحكومة، إذ ترفض المصارف أن يتحمل رؤساء مجالس إداراتها أية مسؤولية في عملية توزيع الخسائر.
ويشير الخبراء أيضاً الى دور حاكم مصرف لبنان في تفاقم الازمة، وعدم شفافية الحاكم بالكشف عن حجم الاحتياط والموجودات والحسابات في “البنك المركزي”، بموازاة رفضه التدقيق الجنائي وخطة التعافي وتوزيع الخسائر بشكل عادل. فضلا عن استخدام “الحاكم” “الدولار” كسلاح لمواجهة القضاء الذي يلاحقه بملفات فساد. لكن الخبراء يرون بأن قدرة مصرف لبنان بالتأثير بسوق الصرف تتقلص في ظل غياب أية إصلاحات مالية اقتصادية جدية تقوم بها الدولة عبر مجلسي النواب والوزراء، ما يعني أن “المركزي” سيستمر باستنزاف رصيد أموال المودعين.
وعادت الاحتجاجات الشعبية ومسلسل قطع الطرقات الى الشارع اعتراضاً على تردي الاوضاع المعيشية، وقطع محتجون عدداً من الطرقات في البقاع وبيروت، ما أدى الى اصطدام مع الجيش اللبناني.
وأوضحت قيادة الجيش، في بيان تعليقاً على تجمع لعدد من المواطنين وسط بيروت احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية، بأن «قوى من الجيش تدخلت بعدما حاول عدد من المواطنين التعرّض لإحدى السيارات في المنطقة». وأكدت «حق المواطنين في التعبير السلمي عن آرائهم»، وشددت على «وجوب عدم التعرض للأملاك العامة والخاصة».
ويواصل المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم زيارته الى الولايات المتحدة، في زيارة هي الأولى منذ تولي الرئيس جو بايدن منصبه. وأكد في حديث تلفزيوني أنّ لبنان بعيد عن الترددات الأمنية المحيطة به، كاشفًا عن أنّ لبنان بصدد الردّ الخطّيّ على طرح الولايات المتحدة بما خصّ ترسيم الحدود. وأضاف «أنّ عمليات التهريب التي شهدها لبنان سابقًا خفّت بشكل واضح ورغم التخوّف من تردّي الأوضاع الاقتصادية ولكن ليس إلى حدود الشغب، التعويل الحالي هو على الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد للحصول على المساعدات الدولية». وأبرز عناوين نقاشاته مع المسؤولين الأميركيين هي الاتفاق على ضرورة إحداث تقدّم بقضية الرهائن الاميركيين في سورية وإيران البالغ عددهم 6، 2 في سورية و4 في إيران، في مقدّمهم أوستن تايس، الصحافي في واشنطن بوست، المحتجَز في دمشق منذ العام 2012.
على صعيد آخر، سجل ملف ملاحقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجا سلامة تطورات لافتة تؤشر الى توجه قضائي – سياسي لـ»تنييم» الملف ووضعه في ادراج قصر العدل وكف يد النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون عن الملف.
وأفادت مصادر قضائية بحسب قناة «أو تي في» أن «القاضية عون حُوّلت إلى المجلس التأديبي لمخالفتها موجب التحفظ».
وكان رئيس هيئة التفتيش القضائي، القاضي بركان سعد، قد أحال القاضية عون الى المجلس التأديبي، بسبب خرقها لسرية التحقيق، عبر تصريحات أدلت بها من باريس بملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجا سلامة.
وفي وقت سابق، اتهمت القاضية عون، رئيس الهيئة الاتهامية القاضي بيار فرنسيس، بـ”الخوف” لتنحيه عن البتّ بقرار قاضي التحقيق نقولا منصور تخفيض الغرامة المالية لإخلاء سبيل رجا سلامة.
وردت عون، في تصريح تلفزيوني، مشيرة الى أن «توقيت إحالتي الى المجلس التأديبي يأتي خوفاً من استمراري بمتابعة ملفات مالية دقيقة ممكن أن تصل الى نتيجة بموضوع محاربة الفساد والبرهان أن المدعي العام التمييزي يتخطّى كل القوانين ولا أحد يطاله». وتابعت، «لم أبلّغ عن موضوع الشكوى ضدي ولم يجرِ استدعائي أمام هيئة التفتيش اولا التي هي من المفترض بالعادة أن تستمع الى القاضي قبل إحالته على المجلس التأديبي وهي لم تفعل وأرجح أن يكون الموضوع مرتبطاً بمخالفات مزعومة لا أساس لها من الصحة وقد جرى استيضاحي بشأنها»، مشيرة إلى أنه «للأسف بدلاً من أن تتكاتف كل الاجهزة القضائية، يتم محاربة القاضية في هذا الميدان».
وأكدّت عون، في تصريح آخر «أنني لا أخاف ومستمر بملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وأخشى أن يكون تحويلي إلى هيئة التأديب يهدف إلى سحب الملفات من يدي».
وفي قرار يؤكد «لفلفة» ملف الحاكم وشقيقه، أصدرت المحامية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية آرليت تابت، قراراً بتأجيل جلسة الاستماع لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة بتهمة الاختلاس، الى شهر كانون الأول من هذا العام. واللافت هو توقيت التأجيل، وما اذا كان مرتبطا بانتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون وانتخاب رئيس جديد، ما يفضح رهان البعض على نهاية العهد الحالي لإسقاط الملفات القضائية وانتهاء زمن مكافحة الفساد ولاحقة الفاسدين.
على صعيد قضائي آخر، أفادت قناة «أو تي في» بأن «المدير العام للجمارك بدري ضاهر تقدّم بواسطة وكيلته المحامية ريما سليمان، بادعاء بوجه القاضي طارق البيطار، طلباً للتعويض عن المسؤولية التقصيرية لعمله كمحقق عدلي في انفجار مرفأ بيروت«.
صحيفة البناء