الديار: «فرملة» أميركيّة ــ سعوديّة للإستحقاق الرئاسي ... نجاح الإختبار السياسي في العراق أولاً!
مُشاورات داخليّة «عقيمة»... وبري لحزب الله: «اقنعوا باسيل بفرنجية واتركوا جنبلاط عليي» ؟
«الكابيتال كونترول» يتعثر مُجدّداً... قلق من خطوات تصعيديّة لليمين المتطرّف في «إسرائيل»
كتبت صحيفة "الديار" تقول: تحول «الفراغ» الرئاسي وشبه «الفراغ» الحكومي الى «عقم» سياسي وتشريعي، تجلت «اسوأ صوره» في تكرار الفشل في التوافق على قانون «الكابيتال كونترول» في ساحة النجمة. هذا التعثر غير المفاجىء يصاحبه تكرار لدعوات خارجية بضرورة تطبيق اصلاحات باتت «شماعة» يعلق عليه الفشل بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، والفشل ايضا في تسييل الاتفاق مع الاردن ومصر لاستجرار الكهرباء والغاز من الاردن ومصر، فيما يدرك الجميع ان «الطبخة» الاقليمية والدولية لم تنضج بعد للافراج عن الاستحقاقات السياسية والاقتصادية على الساحة اللبنانية.
وهكذا يتلهى المسؤولون اللبنانيون بلقاءات تشاورية «لن تسمن ولن تغني عن جوع»، البعض يناور بمرشح «للحرق»، وفريق آخر «يناور» بالورقة البيضاء، وفريق ثالث يحاول التمايز مع العودة الى «احلام» اليقظة الرئاسية، فيما «يفرمل» الخارج اي تحرك جدي بانتظار تبلور نجاح «الطبخة» العراقية من عدمها، وهو امر سيؤجل البت يالاستحقاق الرئاسي الى العام المقبل على اقل تقدير. فيما «العين» تبقى على الحكومة «الاسرائيلية» الجديدة، وما ستقوم به من خطوات قد تؤدي الى «حريق» كبير في المنطقة.
اختبار العراق اولا!
اذا، لا جديد يوحي بأن جلسة انتخاب الرئيس الخميس المقبل ستشهد مفاجأة من خارج السياق، فالانتظار لا يزال سيد الموقف، حتى تنضج الظروف الاقليمية والدولية في ظل عجز داخلي عن احداث اي خرق يسمح بوصول رئيس تسوية الى بعبدا، حيث يرجح الكثيرون استمرار «المراوحة» حتى العام المقبل، على اقل تقدير. وفي هذا السياق، لفتت مصادر ديبلوماسية معنية بالشأن اللبناني الى ان العراق سيكون «مختبرا» واقعيا لما ستؤول اليه الامور في لبنان، فاذا نجحت التجربة العراقية في ايصال البلاد الى بر الامان، ستكون الخطوة الاقليمية والدولية التالية ايجاد تسوية مقبولة تراعي توازنات القوى الحالية على الساحة اللبنانية.
صعوبة المشهد اللبناني
ووفقا لتقدير الاوساط ذاتها، لن تخاطر القوى الاقليمية النافذة بخطوة مستعجلة في لبنان قبل اختبار نجاح او فشل التسوية في العراق، وبعدها سيكون لكل «حادث حديث» في ما يتعلق بالملف اللبناني، الذي لا يريد اي من الاطراف تقديم هدايا مجانية للطرف الآخر، مع العلم ان الدولتين تتنافسان على لقب الدولة الأكثر فساداً في العالم، حسب تعبير تلك المصادر، التي تشير الى ان تشكيل حكومة متفق عليها وتعيين رئيس للعراق لا يعتبر ضمانة للاستقرار السياسي وإعادة ترميم الاقتصاد. فقد تم تشكيل الحكومة العراقية في «لحظة» سياسية مؤاتية غداة انسحاب الكتلة الصدرية من المشهد السياسي، وهو امر غير متوقع الحصول في لبنان في ظل توازن متعادل بين القوى المؤيدة لايران والسعودية ومعه واشنطن. وبينما يحاول رئيس الحكومة في العراق اثبات أنه ليس رجل إيران في بغداد، أو رجل الولايات المتحدة كما يتهمونه، لا يوجد اي مرشح وسطي في بيروت قادر على ذلك في ظل ارتباطات المرشحين «الطبيعيين» مع القوى الخارجية.
ماذا تريد واشنطن والرياض؟
وبرأي تلك الاوساط، تريد واشنطن ومعها السعودية التأكد عمليا من ان الحكومة العراقية ليست مؤيدة لإيران أكثر من سابقتها ، بعد تجربة رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي الذي اوجد توازنا في العلاقات الخارجية، وكان يميل اكثر الى الولايات المتحدة، وبنى كذلك علاقة جيدة مع المملكة، وقبل ذلك لن يسمحوا بالافراج عن الملف اللبناني، كيلا يرتكبوا «دعسة» ناقصة يمنحوا من خلالها «هدايا» مجانية لطهران!
ما الجديد رئاسيا؟
وفيما لا يزال الفريق المناوىء لحزب الله في المجلس متمسك بترشيح «فولكلوري» غير جدي للنائب ميشال معوض، حيث ترجح مصادر هذا الفريق، بأن يحصل معوض يوم الخميس على نحو 50 صوتا، يجهد التيار «الوطني الحر» للتمايز عن «الثنائي الشيعي» عبر البحث عن التخلي عن «الورقة البيضاء» في الجلسة المقبلة. اما «الثنائي» فيستمر على موقفه، وبالنسبة الى عدم اعلان حزب الله دعمه رسميا لفرنجية حتى الآن، تلفت اوساط مقربة من الحزب الى ان الامر لا يحتاج الى اعلان رسمي، فعندما طلب الحزب من باسيل دعم رئيس «المردة»، فهذا يعني بشكل واضح لباسيل وغيره أن مرشحه الوحيد هو فرنجية.
حظوظ باسيل الرئاسية؟
ووفقا لمصادر سياسية بارزة، ثمة معطيان اساسيان برزا في الساعات القليلة الماضية، الاول قناعة مستجدة غير مسندة الى دليل محسوس، لدى النائب جبران باسيل بعودة حظوظه الرئاسية الى سابق عهدها، حيث يتحدث مع المقربين منه عن ضرورة الانتظار وعدم الاستعجال في حسم الاستحقاق، لان الايام والاسابيع المقبلة يمكن ان تحمل انباء «سارة» في هذا السياق...
هل يمون بري على جنبلاط؟
اما المعطى الثاني، فيرتبط باللقاء الاخير الذي عقده رئيس مجلس النواب نبيه بري مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، فعلى الرغم من موقفه العلني الرافض لدعم ترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، فان اجواء بري توحي بعكس ذلك، ووفقا لزوار عين التينة، فان رئيس المجلس لديه مناخات مغايرة، ونسبوا اليه القول لحزب الله «اذا نجحتم في اقناع النائب باسيل بترشيح فرنجية، اتركوا جنبلاط عليي».
في المقابل، تؤكد اوساط «الاشتراكي» على متانة العلاقة مع بري، وقالت : «هناك حلف تاريخي مع رئيس المجلس، لكن لا أحد «يمون» على الآخر في السياسة، خصوصا في انتخابات الرئاسة». تجدر الاشارة الى ان جنبلاط استقبل امس في كليمنصو، السفير الايراني الجديد في لبنان مجتبى أماني، في حضور نائب رئيس الحزب دريد ياغي، أمين السر العام ظافر ناصر ومفوض الشؤون الخارجية زاهر رعد. وكان عرض لمختلف الأوضاع العامة.
لبنان لا يتحمل «اسابيع»!
وكان بري قد اكد «ان أولى الأولويات هي لانتخاب رئيس الجمهورية، ولفت الى أنّ لبنان لا يستطيع أن يتحمّل أكثر من أسابيع ولا يمكن أن يتحمّل لبنان واللبنانيون المزيد من التدهور»، مجدّداً الدعوة إلى التوافق في هذا الاستحقاق، وأكد التزامه بالدعوة إلى عقد جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية كلّ أسبوع، كاشفاً أنّ جدول أعمال الحوار الذي كان بصدد الدعوة إليه «كان فقط التوافق على الانتخابات الرئاسية ونقطة على السطر، وكلّ المحطات الخلافية التي مرّ بها لبنان انتهت بالحوار والتوافق من الطائف إلى الدوحة إلى طاولات الحوار في الداخل، فهل نتعظ»؟
وعن اتفاق الطائف، لفت بري إلى أنّه «ليس إنشاء عربياً، الطائف هو دستور «ساوى بين اللبنانيين»، ولفت إلى أنّه «لثلاث مرات فشل في تمرير الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية وقانون انتخابات خارج القيد الطائفي وإنشاء «مجلس الشيوخ»، وجزم بري أنّ «الوضع الأمني في لبنان محصّن واللبنانيون يملكون من الوعي إلى عدم الانجرار والانزلاق في أتون الاحتراب والفتن»،وأشار إلى أن «لا خطة تعاف اقتصادية ولا إعادة هيكلة المصارف ما لم تضمن حقوق المودعين كاملة». وحول اتهامه بأنّه يقف وراء حماية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قال بري: «اسألوا من مدّد له. وأقول إذا بيي مرتكب أنا لا أغطيه».
«وهم» سعودي؟
في هذا الوقت، استغربت مصادر مقربة من حزب الله» الضجة» المثارة حول المؤتمر الذي نظمته السفارة السعودية في بيروت حول الطائف، ولفتت الى ان السعوديين ارادوا القول انهم موجودون على الساحة اللبنانية. فما الجديد بذلك؟ سبق وتدخلوا مؤخرا في الانتخابات النيابية، ويعملون ليل نهار عبر سفيرهم في بيروت للقول اننا ما نزال هنا. هم ارادوا الرد على مؤتمر السفارة السويسرية، فعقدوا ندوة سياسية عادية واقل من عادية، ولن تكون لها نتائج سياسية على ارض الواقع. ولهذا كل الكلام على ان اللقاء شكل استفزازا لحزب الله مختلق وغير واقعي ، ومحاولة اعطاء ما حصل اكثر من حجمه، فالحزب لم يتوقف قط عند ما جرى في اليونيسكو، ويعتبر انه كأنه لم يكن بالنسبة اليه. من جهة هو غير معني به، ومن جهة اخرى هو لا «يقدم او يؤخر» في شيء. ويبدو ان الرياض تخترع «عدوا وهميا لتقاتله وتقول انها انتصرت عليه».
حزب الله «والطائف»؟
وفي هذا السياق، نفى نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، أن يكون الحزب قد طرح خلال هذه الفترة تعديل أو تغيير النظام السياسي المرتبط بالطائف «نظراً للحساسيات الموجودة في لبنان»، ورأى انّ «المشكلة ليست أساساً في التعديل أو عدمه، وإنما فلنطبق أولاً ما ورد في الطائف، وبعد ذلك نرى إذا كان المطلوب إجراء تعديلات أم لا». وقال: «نحن منفتحون إذا أراد أيّ فريق أن يطرح تعديلات معيّنة في الطائف وفق الآليات الدستورية المعروفة، والتي تمرُّ عبر مجلس النواب، وتحتاج إلى موافقة الثلثين عند أي تعديل، عندئذ نبدي رأينا في التعديل المطروح». وأضاف: «نحن كحزب الله ليس لدينا مشروع تعديل الطائف، وليس لدينا مشروع نظام سياسي جديد. نحن ندعو إلى حسن التطبيق للطائف، ووضع حدّ للفساد وللتدخلات الأجنبية ولتصرفات أميركا في لبنان، هذا ما نعتقد أنّه يتناسب مع هذه المرحلة».
العين على «اسرائيل»؟
في هذا الوقت، عاد «الملف الاسرائيلي» مجددا الى صدارة المشهد، من زاوية اهتمام المقاومة بتداعيات فوز «اليمين الاسرائيلي» المتطرف في الانتخابات التشريعية، وما سيترتب عنه من نتائج على كافة المستويات سياسيا وامنيا. وفي هذا السياق، تلفت مصادر معنية بالملف الى ان الامر تتم متابعته من خلال زاويتين شديدتي الخطورة: الاولى تتعلق بكيفية تعامل بنيامين نتانياهو مع اتفاقية الترسيم، في ضوء سوء علاقته مع الادارة الاميركية من جهة، وقدرته التي ستتنامى على «التمرد» اذا ما اخفق الرئيس جو بايدن وحزبه في الانتخابات النصفية. اما الزاوية الثانية فتبقى الملف النووي الايراني حيث ستعمد «الحكومة الاسرائيلية» الى التصعيد في هذا الملف، لتخريب اي جهد يعيد احياء الاتفاق النووي. واي خطوة «اسرائيلية» سلبية في هذين الملفين ستكون لها انعكاسات سلبية كبيرة على الساحة اللبنانية.
ضرب ايران؟
وفي هذا الاطار، رجّح وزير «الاستيطان الإسرائيلي» السابق تساحي هنغبي، وهو من حزب «الليكود»، إقدام الحكومة الجديدة على شنّ هجوم على إيران ، وقال:» لقد نسينا المفاوضات التي جرت بين إيران والقوى الكبرى بعدما توقفت فعليًا، وفي حال لم تنته هذه المفاوضات باتفاق ولم تتحرك الولايات المتحدة الأميركيّة بشكلٍ مستقلٍ، فإنّ نتنياهو سيعمل على تدمير المنشآت النووية في إيران»، مُشيرًا في الوقت ذاته إلى أنّه «في حال لم يقم نتنياهو بذلك فإنّ إسرائيل ستُواجِه تهديدًا وجوديًا».
وقد اعتبر المحلل الأمنيّ في صحيفة «هآرتس الاسرائيلية»عاموس هارئيل، أنّ ما أدلى به هنغبي يكشف ما يدور في الغرف المغلقة التي يقوم فيها نتنياهو بإحاطة مقرّبيه وتزويدهم بالرسائل التي يجِب تكرارها في وسائل الإعلام العبريّة.
ايران «والقنبلة النووية»
ونقل هارئيل عن مصادر أمنيّة رفيعة المستوى في «تل أبيب» تأكيدها إنّه بحسب تقدير «المخابرات الإسرائيليّة»، فإنّ إيران اليوم تقترب أكثر من أيّ وقتٍ مضى من إنتاج القنبلة النوويّة، لافتةً إلى أنّ مساهمة نتنياهو في بلوغ طهران هذه المرحلة كانت كبيرةً جدًا، بعدما أقنع الرئيس الأميركيّ السابق دونالد ترامب في العام 2018 بالانسحاب من الاتفاق النوويّ، لكن الأمور سارت بما لا تشتهي سفن نتنياهو، إذْ انّ الضغط الاقتصاديّ الذي فرضته واشنطن على طهران بواسطة العقوبات لم يؤدِ إلى خضوعها، بل على العكس دفعها إلى خرق الاتفاق نفسه، واليوم توجد على بُعد عدّة أسابيعٍ فقط من إنتاج كمية اليورانيوم المطلوبة لإنتاج قنبلةٍ نوويّةٍ واحدةٍ، رغم أنّ الإيرانيين بحاجةٍ إلى سنتيْن على الأقّل لتجهيز القنبلة لتكون حاضرةً وتحميلها على رأس نوويٍّ لصاروخٍ باليستي، حسب زعم «الاستخبارات الاسرائيلية».
عدم الجهوزية للحرب
لكن مسؤول شكاوى الجنود السابِق في جيش الاحتلال الجنرال احتياط يتسحاق بريك، عاد وكرر عدم جاهزية «الجيش الاسرائيلي»، وهو امر لا يشمل فقط سلاح البر، بل يشمل أيضًا سلاح الجوّ «الإسرائيليّ»، وعدم استعداده وعجزه في مواجهة أطلاق صليّات المقذوفات والصواريخ، والتي سيتّم إطلاقها يوميًا باتجاه القواعد العسكريّة التابعة له. فضلا عن عدم استعداد الجبهة الداخليّة لمواجهة الحرب المتعددة الجبهات.
«الكابيتال كونترول» يتعثر مجدداً
في هذا الوقت، اخفقت اللجان المشتركة مجددا في اقرار قانون «الكابيتال كونترول» ورفعه الى الجلسة العامة، وسيكون يوم الاثنين المقبل امتحانا جديدا، ويرجح ان يكون الفشل عنوان الجلسة. و في هذا السياق، طلب نائب رئيس مجلس النواب النائب الياس بو صعب، الذي ترأس جلسة اللجان، من نائب حاكم مصرف لبنان ألكسندر ماراديان، مغادرة الجلسة قائلاً له : «طلبنا حضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لا حضورك، فرجاءً غادر الجلسة، وبلّغ سلامة أننا نريده أن يحضر شخصياً جلسة الكابيتال كونترول لا أن يوفد ممثلاً عنه، فخرج ماراديان من الجلسة وغادر البرلمان».
اثر الجلسة، اوضح بو صعب انه سيتم استكمال النقاش افساحا في المجال امام الزملاء للاطلاع على خطة التعافي الحكومية. اضاف: احتراما للمجلس النيابي، وبعد التغيب المتكرر لسلامة طلبنا من نائبه بكل احترام مغادرة الجلسة على ان يحضر سلامة شخصيا.
تساؤلات باسيل؟
من جهته، اكد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وجود ارادة سياسية بعدم اقرار قانون الكابيتال كونترول، وقال: «القانون مضت عليه ثلاث سنوات وشهر، وكان يجب ان يقر منذ ذلك الحين ولم يقر! فماذا نريد برهانا اكثر من ذلك؟ ثانيا، ليس صحيحا ان الغاية من اقراره لم تعد موجودة، وانا اعيد التأكيد ان هناك عددا من المصارف لا يزال يحوّل اموالا للخارج باستنسابية واعتباطية ولاصحاب نفوذ، وبما ان هذا الامر كلنا نعرفه فمن الضروري اقرار القانون».
صحيفة الديار