مجلة بقية الله - الشيخ علي معروف حجازي
(فتاوى وفق فقه الولي الامام السيد علي خامنئي حفظه الله )
لأنّ الطبيعة، بكلّ ما فيها، خُلقت لخدمتنا، فقد وجبت العناية بها ورعايتها حقّ الرعاية. كيف ذلك؟ هذا ما سنعرفه في العناوين الآتية:
* قطف الورود والنباتات لتزيين المجالس
إنّ أصل العمل لا إشكال فيه، بشرط أن يكون الورد ملكاً خاصّاً، وإن لم يكن كذلك، فيجب الحصول على إذن مالكه.
* المرور في البساتين
- يجب اجتناب الدخول إلى أراضي الآخرين، التي فيها محاصيل، دون إذن أصحابها أو إحراز رضاهم، حتّى إن لم تكن مسوّرة، ويجب عدم إلحاق الضرر بالأرض ومحاصيلها؛ لأنّ هذا العمل حرام.
- أمّا الأراضي الواسعة غير المزروعة التي ليس لها سور، فيجوز عبورها، أو الصلاة أو الجلوس فيها دون حاجة إلى إذن أصحابها، بشرط عدم إلحاق الضرر بها.
* الأكل من البساتين
أمّا الأكل من ثمار الأشجار، فثمّة حكم كلّيّ ورد في الفقه تحت عنوان "حقّ المارّة"، ومفاده أنّه يمكن للمارّين أن يأكلوا من ثمار الأشجار المزروعة على طريقهم، ضمن شروط:
1- ألّا يكونوا قد قصدوا هذا الطريق لأجل الأكل من هذه الثمار.
2- ألّا يلحقوا الضرر بالأشجار أو بالأرض أو بالمحاصيل الزراعيّة.
3- أن يقتصروا على الأكل في المكان نفسه فقط، فلا يحملوا منها شيئاً معهم.
4- احتمالهم رضى المالك، فلو كانوا على يقينٍ من عدم رضاه، لم يجز ذلك، علی الأحوط وجوباً.
5- ألّا يدخلوا ملك أحدهم، كالبستان مثلاً، بل الاكتفاء بما تدلّى إلى الطريق، حيث لا يجوز أكل الثمار من الطرق غير المعلوم صدق حقّ المارّة عليها، كالعبور من الطرق الخاصّة التي ينشئها بعضهم لنفسه.
* المشي على المروج الخضراء
عموماً، يحرم إلحاق الضرر بالأرض المزروعة أو إتلافها، سواء أكانت مزروعة بالنباتات للأكل أو للزينة، قليلةً كانت أو كثيرة، مُلكاً خاصّاً للآخرين أو عامّاً، مثل مساحات العشب الخضراء في الشوارع أو الحدائق والبساتين. ولا فرق في ذلك بين أن يكون لهذه المساحات سورٌ يحميها أو لا؛ لأنّ التكليف الشرعيّ يقضي بعدم جواز الضرر بملك الآخرين مطلقاً.
* اقتلاع النباتات
إذا لم تكن النباتات -سواء التي تؤكل أو التي تُستخدم لأغراض طبّيّة- مزروعةً في أراضٍ هي ملك شخصيّ، فلا إشكال في اقتلاعها.
* رمي النفايات
إنّ رمي النفايات في الأماكن العامّة وتلويث البيئة من الأعمال المنكرة المنهيّ عنها.
ولا بدّ هنا من الإشارة إلى أنّ المقصود من المنكر من الناحية الفقهيّة هو كلّ عمل غير مَرْضيّ، والذي قد يكون حراماً أو مكروهاً. ونهي الآخرين عن ارتكاب المحرّم واجب، وأمّا نهيهم عن المكروه، فهو مستحبّ.
في بعض الموارد، يكون رمي النفايات في الأماكن العامّة محرّماً، كما إذا سبّب الأذى والضرر للناس.
كذلك، إذا كان رمي النفايات في الشوارع، وعلى قارعة الطرقات وضفاف الأنهار... يُسبّب ضرراً وأذىً للناس، أو يوقع في شُبهة الإسراف المحرّم، فهو حرام.
* رمي قشور الفواكه والنفايات في الطبيعة
إذا كان رمي قشور الفواكه، أو النفايات التي تتحلّل في الجبال والبراري والطبيعة يُلحق ضرراً، أو يؤثّر في صحّة الناس وسلامتهم، فهو حرام.
* صرف أموال الخُمس والزكاة في مكافحة التصحّر
لا إشكال في صرف الزكاة في هذه الموارد؛ لأنّ أحد وجوه صرفها هو عنوان "في سبيل الله"؛ أي الأعمال ذات النفع العامّ واللازمة والضروريّة. ولذا، عندما يتسبّب اتّساع رقعة الصحراء في عواصف رمليّة، تؤدّي إلى تلوّث الهواء والأذى والضرر على الناس، فحينئذٍ لا بدّ من مكافحة ظاهرة التصحّر لدفع هذا الضرر.
أمّا الخمس، فله مصارف مُحَدّدة شرعاً، وإذا أُريدَ صرفه في الموارد المذكورة، فيجب تحصيل الإجازة في ذلك، وإلّا فلا يجوز.
وهكذا، فالطبيعة ثروة لا تعوّض، أودعها الله بين أيدينا كأمانة ثمينة، وجب على كلّ واحد فينا حفظها واستغلالها بالشكل الأمثل.
مجلة بقية الله