المقال التالي

حزب الله الشيخ دعموش: انتظار الخارج لإنتخاب رئيس رهان على سراب 
06/01/2023
رأي  راية الحق بين الخذلان والطاعة 

مقالة بقلم جمال الدين محمد

من خلال كلمة لامير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام ، (الخطبة ٢٠٨)من نهج البلاغة قال عليه السلام :

أَيُّهَا اَلنَّاسُ 

إِنَّهُ لَمْ يَزَلْ أَمْرِي مَعَكُمْ عَلَى مَا أُحِبُّ حَتَّى نَهِكَتْكُمُ اَلْحَرْبُ وَقَدْ وَاَللَّهِ أَخَذَتْ مِنْكُمْ وَتَرَكَتْ، وَهِيَ لِعَدُوِّكُمْ أَنْهَكُ .
لَقَدْ كُنْتُ أَمْسِ أَمِيراً فَأَصْبَحْتُ اَلْيَوْمَ مَأْمُوراً وَكُنْتُ أَمْسِ نَاهِياً فَأَصْبَحْتُ اَلْيَوْمَ مَنْهِيّاً وَقَدْ أَحْبَبْتُمُ اَلْبَقَاءَ وَلَيْسَ لِي أَنْ أَحْمِلَكُمْ عَلَى مَا تَكْرَهُونَ ..

انها لمأساة من جملة ما واجه امير المؤمنين من مآسي في تاريخه ..

في حرب صفين
التي حدثت سنة ٣٦ للهجرة، أي بعد رحيل رسول الله صلى الله عليه وآله بخمسة وعشرين سنة .. وبعد ان صارت الغلبة الساحقة لجانب امير المؤمنين .. لجأ عمرو بن العاص بمكره للدعوة الى تحكيم المصاحف وكان قد اعد تلك المكيدة من قبل نشوب الحرب وهيأ لها اسبابها .. وما كان معاوية ليجرؤ على مواجهة امير المؤمنين لولا استكانته لدهاء ابن العاص ومكره ومعرفته بزرع الفتن في الناس حين تُفتقد البصيرة ..

أطلق عمرو مكيدته وكما كان المتوقع فقد استجاب عدد كبير من جيش امير المؤمنين من تلك الجموع التي خرجت معه وكان الكثير منهم يتصفون بالجمود العقلي والتيبس الفكري .. من ذاتهم العقيمة ومن جراء تلك السنين الخمس والعشرين التي حرفت الحق وحرفت مسار المسلمين عن سبيل تكاملهم وارتقائهم ..

حذرهم امير المؤمنين
وذكرهم ووعظهم وصاح بهم .. ولكن - وما اكثر ما تفسده اللواكن - جرت المقادير بما لا تقر العيون .. 
وزيادة عن فعلتهم الشنيعة بمعصية امير المؤمنين وفرض قبول التحكيم عليه أو يقاتلونه ، فقد اصر أهل الجمود والتيبس أن يتولى التحكيم ابو موسى الاشعري رغم تحذير علي عليه السلام  لهم وتنبيههم واقتراحه عليهم قامات لا يطالها ابن العاص رغم مكره، من أمثال 
ابن عباس،
فإنه من أحبار الأمة واعلامها .. 
ومالك الاشتر،
فانه الجبل الفند والديك الذي لا يقف له الثعلب ولا الذئب .. 

اصروا على فرض ابي موسى - رغم عدم لياقته لهذا الامر - على علي مقابل الداهية الماكر عمرو بن العاص من طرف معاوية .. وكما المتوقع والمفترض فقد خُدع ابو موسى باهون سبب .. وحدث اثر ذلك هرج ومرج  .. وضاعت الموازين وانقلبت الأحوال..

ثم عاد المتمردون - وكانوا بضعة آلاف - يفرضون على امير المؤمنين الحرب .. وانى تقوم للحرب قائمة وقد طاشت العقول واضطربت الافئدة وأُسقط في ايدي المجاهدين الذين كانوا من النصر المبين قاب قوسين او ادنى .. 

وخرجت تلك الطائفة من طاعته عليه السلام وليتها لم تكن دخلت .. اذاً لطوينا صفحة معاوية يومها وبقينا على قدر مما احدثه الزمن السابق .. ولعله كان من الممكن معالجته في بضع عقود من السنين ..

مرقت تلك الطائفة وخرجت من جوهر الدين وراحت الى ظاهره حيث لا روح ولا معدن أصيل.. فسميت الخوارج وهم القاسطون المارقون من الدين في وصف رسول الله لهم رغم شدة تعبدهم بتلاوة القرآن وطول سجودهم وكثرة صلاتهم .. 

خرجت غير مأسوف عليها .. ولكنها تركت يومها شرخا كبيرا في تاريخ الأمة وفسادا عظيما .. أدى بعدها إلى سقوط مصر بيد عمرو بن العاص التي وعده بها معاوية كجائزة لو تمكن من إخراجه سليما من حرب علي .. 

وتركت هذه الاحداث جرحا بليغا داميا في قلب امير المؤمنين .. وليس لهذا الجرح الذي سرى في قلوب المؤمنين ان يندمل الا بتطهير الارض كل الارض .. بالطول والعرض .. من كل جذر للفساد ومن كل غصن ومن كل افن .. 

في تلك الساعات والايام
الشكوى لله وللنبيين وللأئمة الهداة وللبررة التقاة مما كان عليه قلب الولي الاعظم .. اذ قال تلك الكلمات..
سيدي يا امير المؤمنين
ما أعظم ما تحملته
في سبيل الله ورسالته .. 
ومثلك من يحمل ويتحمل ..

إخوة الايمان

علينا ان نكون من اهل الدين والبصيرة لكي لا تتكرر المأساة 

على أهل الدين والبصيرة
ان يعتبروا من تلك الأحداث التي حرفت الامة الى ان صارت ما هي عليه اليوم ..

على أهل الدين والبصيرة
ان يحذروا الخدع وانواع المكر من طرف أعدائهم فإنهم لا يتورعون عن الكذب والتضليل والتشويه 

على أهل الدين والبصيرة
الانصياع للحاكمين فينا بامر الله .. وان يكون قائدنا مهاب الجانب مطاع في كل الجوانب .. له منا النصيحة وله علينا الطاعة .. والا خبت كلمته وذهبنا مع الريح تتقاذفنا كيف هبت .. والعياذ بالله
على أهل الدين والبصيرة
التماسك اكثر كلما اشتدت التحديات وحمي الوطيس 
على أهل الدين والبصيرة
ان يحصنوا أنفسهم ومجتمعهم من أسباب تضعضع الروح الايمانية ..
واشد هذه الأسباب هو حب البقاء والأخلاد الى الدنيا .. 
ومن اشدها أيضا، هو التفرق عن جماعة الحق والقائد الرمز القائم بأمر الله ووليه الاعظم .. 
ومن اشدها ايضا، تفكك المجتمع المؤمن وتفاوته الكبير في المعيشة لا سيما بين القاعدة والقيادة .. لا بد من التكافل والتعاضد والمواساة قدر السعة والامكان .. لا سيما من العلماء والاعلام والعناصر الفاعلة في الامة

على أهل الدين والبصيرة
ان يجعلوا النجاة من الهلكة والخسران بما اوحته سورة العصر همّاً دائما في القلب والعقل ولا يستكينوا الى النفس التي غالبا ما تكون مسرحا ومرتعا للشيطان 

بسم الله الرحمن الرحيم

والعصر
(يقسم ربنا بالزمن قليله او كثيره عامه او خاصه .. وكله ذو قيمة لا توصف)

ان الإنسان لفي خسر
(خسران روحه وهدفه وآخرته)

الا
(النجاة من الخسران بشروط اربعة)

١. الذين آمنوا
(بجوهر الإيمان ولا يكتفون بالقشور)

٢. وعملوا الصالحات
(كما رسمها الشرع والعقل النير ومع مراعاة الضروريات والأولويات)

٣. وتواصوا بالحق 
(لا يقوم الدين بعمل فردي بل يجب النفور جماعات وبتكاتف وتماسك وتعاضد كالبنيان المرصوص والا فقد قوته وسهل كسره وسقوطه)

٤. وتواصوا بالصبر
(كثيرا ما نطلب الحق والخير .. ولكن كثيرا ما نتوقف في الطريق ونهن ونضعف .. فلا تصل الأمور إلى غايتها ومبتغاها.. والتواصي بتكاتف وباساليب الحكمة والمحبة والفعالية يفرض قوة وقدرة على الصبر ومواجهة التحديات حتى النهاية .. واذا فرغنا من تحد، عليها ان ننصب لتحد آخر وهكذا .. حتى نهاية العمر وبلوغ الأجل.. عندها يمكننا القول : امنا من الخسر .. وفزنا ورب الكعبة) 

ما نحن عليه اليوم
من التفاف حول الحق ورموزه يُسرّ قلب امير المؤمنين ويوفر له بعض البرء حيث يشرف علينا من عليائه في تلك الدار بين الدارين ..

على المتمسكين بعلي
ونهجه وروحه ومساره الصبر .. ثم الصبر .. ثم الصبر .. 
وليس الصبر جمودا .. 
انما الصبر تريث وتشخيص للعلاج وجهاد ومسار - طال او قصر - حتى النصر وبلوغ المراد .. 
ولا يكون صبر ولا نصر
الا بالالتفاف حول راية الحق .. عاموديا مع القائد وافقيا مع الانداد والاشباه .. 

ان من اركان الدين 
الحب في الله والبغض في الله
والله المستعان.

 

بريد المحور الاخباري

الكلمات المفتاحية

مقالات المرتبطة