الجمهورية- عماد مرمل
كان الموقف المتقدم الذي اتخذه رئيس الجمهورية ميشال عون، بعد الاعتداء الاسرائيلي الاخير على الضاحية الجنوبية، ينسجم أساساً مع مساره السياسي وخياراته الاستراتيجية، فإنّ ما استرعى الانتباه هو الخطاب السياسي الذي استخدمه رئيس الحكومة سعد الحريري رداً على تصعيد تل ابيب، لِما انطوى عليه من تقاطع غير مألوف في مثل هذه الحالات مع الاتجاه العام لـ»حزب الله». فما قصة «الرسائل المسيّرة» من الحريري الى الضاحية؟لعل أهم ما في موقف الحريري انه سمح الى حد كبير بتحصين الجبهة الداخلية وتمتين «خط الدفاع» الرسمي إزاء المخاطر الاسرائيلية، الأمر الذي صعّب على تل ابيب هذه المرة مهمة استغلال التناقضات اللبنانية واللعب عليها، كما كانت تفعل في الماضي(..)وترك موقف الحريري، المُتمايز عن حلفاء مفترضين له، أصداء ايجابية لدى قيادة «حزب الله» التي لم تتردد في الإشادة به، معتبرة انه يستحق التنويه. ولعلها من المرّات القليلة التي يتناغم فيها الطرفان نسبياً حيال نمط المقاربة لإحدى محطات الصراع مع اسرائيل، علماً انّ طريقة إدارة هذا الملف هي من المواد الخلافية التي كانت ولا تزال تسبب انقساماً داخلياً.ربما يجد البعض انّ ما ذهب إليه الرجل في رد فعله على استهداف الطائرتين المسيّرتين للضاحية هو الحد الادنى الذي تفرضه عليه مسؤوليته كرئيس للحكومة، وبالتالي لا يجب تحميل طروحاته أكثر مما تتحمّل، لكنّ «حزب الله» ينطلق في تقديره لسلوك الحريري من معرفته بأنّ شريكه في «ربط النزاع» مقيّد بتوازنات داخلية واقليمية دقيقة، وانه لا يستطيع تجاهل الحسابات الاميركية والسعودية، ومع ذلك كان واضحاً وحاسماً في تَموضعه ضد الاعتداء الاسرائيلي، وصولاً الى إعطائه إشارات حول شرعية اعتماد خيار الرد العسكري على هذا الاعتداء(...)
صحيفة الجمهورية