كتبت صحيفة "الاخبار" تقول :
ليس واضحاً بعد، القرار النهائي الذي سيتخذه الرئيس سعد الحريري بشأن الموقف السياسي في خطابه في الذكرى العشرين لاغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط، والمُفترض أن يلقيه وسط حشد شعبي يسعى تيار «المستقبل» إلى أن يكون نوعياً. وفيما يقول متواصلون معه إنه سيؤكد على الموقف العام من المسائل الوطنية، وسيكون له موقف من التغيير في سوريا، وسيتطرق إلى الحرب الإسرائيلية على لبنان وغزة، إلا أن الموقف الأساسي الذي يجري تدارسه يتعلق بدور تياره في الحياة السياسية، خصوصاً أن البلاد مقبلة على استحقاقيْن انتخابيَّيْن، بلدي ونيابي، خلال 15 شهراً.
وعلمت «الأخبار» أن الحريري سيبعث برسالة ودّ كبيرة إلى رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، وسيعلن دعمه للحكومة الجديدة سواء شُكّلت أم لا، وهو ما سبق أن أبلغه الحريري للرئيس المكلّف نواف سلام خلال الاتصال الهاتفي الذي جرى بينهما بعد تسمية الأخير. وفيما تراقب أوساط التيار الأزرق التشكيلة الحكومية المرتقبة، نفى المتصلون بالحريري أن يكون قد طلب من سلام تسمية وزراء أو إسناد حقائب إلى أشخاص بعينهم. وقال هؤلاء إن الحريري يعرف أن سلام قد لا يكون في وارد افتعال مشكلة مع التيار، لكنه ليس في صدد منحه أي ميزات تفاضلية، خصوصاً أنه يواجه مشكلة مع الكتل النيابية السنّية، ولا سيما في بيروت والشمال.
سلام يتجنّب إرضاء تيار
المستقبل ولا يريد إغضاب
قاعدته والحريري لم يتخذ بعد قراراً بالعودة إلى السياسة
وبحسب المتابعين، فإن الحريري وفريقه في بيروت يتابعان الكلام عن أن سلام، بدعم من الرئيس فؤاد السنيورة، يحرص على «عدم إغضاب السعودية» في ما يتعلق بالحريري، سيما أن السعوديين أبلغوا فرقاء سياسيين في لبنان أخيراً بعدم تغيّر في موقف الرياض من الحريري. وقال مصدر مطّلع إن الموفدين السعوديين الذين يزورون لبنان، والمسؤولين في الرياض الذين يستقبلون زواراً لبنانيين، يحرصون على التأكيد، بوضوح، أن السعودية لم تغيّر موقفها السلبي من الحريري، وليست في وارد تغييره. ووصل الأمر إلى حدّ أن مسؤولاً سعودياً «حذّر» مسؤولاً لبنانياً من «أي تفسيرات غير دقيقة لسياسات السعودية الجديدة في لبنان، أو الاعتقاد بأنها تحتاج إلى عودة الحريري إلى المسرح السياسي في ظل التطورات في لبنان وسوريا والمنطقة».
وأشار المصدر إلى أن الرياض قرّرت سلوك طريق مختلف عن القاهرة وأبو ظبي في التعامل مع نتائج التغيير في سوريا، وأن قرار ولي العهد محمد بن سلمان التعاون مع القيادة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع خيّب آمال الإماراتيين والمصريين، إذ تتصرف أبو ظبي على أن الشرع يمثّل التيار المعادي لها في سوريا، بينما تتحدّث الجهات الأمنية العليا في مصر عن «خشية مستندة إلى معطيات، من تعاظم دور التنظيم الدولي للإخوان المسلمين بعد التغيير في سوريا، وأن قيادات بارزة في هذا التنظيم استقرت في دمشق وتتخذ منها منصة للعمل، خصوصاً ما يخصّ فرع التنظيم في مصر».
وبناءً عليه، يلفت المصدر إلى أن الحريري سيدرس موقفه بعناية، لأن قراره بالانخراط مجدداً في الحياة السياسية سيكون بمثابة «إعلان مواجهة مع السعودية، وإعلان كهذا لا يحصل من دون دفع إماراتي ورضى مصري». وأعرب المصدر عن اعتقاده بأن الحريري، على المستوى الشخصي «لا يريد الدخول في مغامرة كهذه، لكنه يحتاج إلى أجوبة على أسئلة القيادات الموالية له في بيروت، والتي تلفت انتباهه إلى أن البقاء خارج العمل السياسي المباشر، بلدياً ونيابياً ووزارياً، سيكون له أثره الكبير على قواعد التيار وحجم تمثيله في المرحلة المقبلة».
وأشار المصدر إلى أن العلاقات السياسية لتيار المستقبل داخل لبنان لا تزال على حالها، فيما هناك تواصل مستجدّ ومتزايد مع قطر التي زارها رموز مستقبليون عديدون خلال الأشهر الماضية، مرجّحاً أن الدوحة «توفّر دعماً ما لهذه القيادات في ظل انقطاع الدعم السعودي وتراجع الإمكانات المادية للحريري، وامتناع العائلة عن الاستعانة بشقيقه بهاء الذي يشترط مبايعته زعيماً مقابل توفير الدعم المالي للتيار.
ويعدّ قياديون في المستقبل مقترحات بديلة عن العمل السياسي المباشر، بما يسمح لشخصيات من التيار تتمتّع بحضور مناطقي أو وطني العمل من أجل تشكيل وضعية سياسية لا يمكن تجاوزها من قبل بقية أركان الدولة. ويتكل هؤلاء على مزاج موجود لدى القوى السياسية النافذة في البلاد، ولا سيما الثنائي أمل وحزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي، يحبّذ عودة الحريري إلى العمل السياسي نظراً إلى الفراغ الذي تعانيه الساحة السنّية من جهة، ولمواجهة محاولات «القوات اللبنانية» والشخصيات المحسوبة على السعودية استخدام الشارع السنّي من جهة أخرى.
يشار إلى أن تيار «المستقبل» يعمل الآن على إعداد برنامج خاص لذكرى 14 شباط، وتمّ رصد موازنة «كافية» لتأمين وصول عدد كبير من الأنصار للمشاركة في الاحتفال.
صحيفة الاخبار