المقال التالي

دولي واشنطن وبكين ستخفضان رسومهما الجمركية بـ115 نقطة مئوية
منذ 7 ساعات
من الصحف  محاولة جديدة لإسكات صحيفة الأخبار

 

الأخبار: محاولة جديدة لإسكات «الأخبار»

ابراهيم الامين 

 كتبت صحيفة "الأخبار": نشر المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية بياناً مقتضباً، قال فيه إن «الرئاسة تهيب بوسائل الإعلام عدم التطاول على أي جهة خارجية صديقة للبنان»، وأضاف: «حرية التعبير مقدّسة، لكنّ هذه الحرية لها مقتضيات ثابتة، أولها الحقيقة وثانيها الانتظام العام في مجتمع ديمقراطي».

المنشور، صدر خلال الوقت المقرّر لزيارة الرئيس عون إلى الكويت، وهو جاء من دون مقدّمات، ولم يُرفق بشروحات حول خلفيته وحول الهدف منه.

لكنّه بيان يحمل، إشارة «تنبيه» تقول إن رئاسة الجمهورية، لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء ما يجري تناوله في وسائل الإعلام ويستفزّ «الجهات الخارجية الصديقة للبنان».

طبعاً، يحصل ذلك دون أن يقال للإعلاميين، وللجمهور أيضاً، من هو المقصود بالجهات الخارجية الصديقة، وهل هي لائحة مفتوحة لا تقف عند أي اعتبار، كذلك، لم تتم إفادة الناس، حول آلية التدقيق لمعرفة ما إذا كان المنشور نقداً لهذه الجهات، هو حقيقة أم مجرّد رأي. والأهم، في المنشور، هو الإشارة الأخيرة إلى جهة «الانتظام العام في مجتمع ديمقراطي»، كونها عبارة فضفاضة تحتاج فعلياً إلى شرح.

كان يمكن للبيان أن يمر مرور الكرام. لكن ما يدفعنا في «الأخبار»، إلى التعامل مع المنشور بجدية بالغة، سببه ما يحصل معنا منذ عدة شهور، وتحديداً خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان. عندما بادرت «الجهات الخارجية الصديقة» إلى حملة عنيفة ضدنا.

وهذه الجهات، كما نعرفه - وفق معايير السلطات الرسمية في لبنان - هي نفسها الجهات التي كانت تدعم الحرب الإسرائيلية، لا بل عملت ولا تزال، في سياق معركة سياسية وإعلامية تصبّ في خدمة الآلة الإعلامية للعدو.

وهي جهات خارجية تصنّفها السلطة اللبنانية بأنها صديقة، وغالباً من يكون المقصود، هو دول الغرب وفي مقدّمتها الولايات المتحدة الأميركية، والدول العربية ولا سيما الأنظمة الحاكمة في دول الخليج العربي، علماً أن بيان الرئاسة أمس، كان يستهدف «الأخبار» بصورة مباشرة، حتى ولو لم يعلن القصر عن ذلك، وهو جاء تحت ضغط، أن الرئاسة تواجه استفسارات دول عربية قرّرت السماح لمواطنيها بالسفر إلى لبنان، لكنها تخشى عليهم جراء عمليات الهجوم الإعلامي على حكومات بلدانهم، علماً أن في السلطة عندنا، من يعتقد بأن على لبنان أن يقف على طول الشارع لتحية أقل من عشرة مواطنين إماراتيين قدموا إلى لبنان!

قد لا يكون مفيداً الآن، الحديث عن تفاصيل ما كان يدور خلال الحرب نفسها حول «الأخبار»، أو كشف المناقشات التي جرت مع الأميركيين والسعوديين والإماراتيين، وبعض الجهات اللبنانية، بشأن إيجاد الآلية المناسبة لإسكات «الأخبار».

وهي حملة انخرط فيها «كتبة التقارير» و«صبيان السفارات» و«محترفو الابتزاز المالي»، علماً أن هؤلاء، ظلوا كما هم، «كسالى»، ولا يبذلون أي جهد، حتى بتمييز ما يقوله بعضُهم عن بعض، أو ربما، يصرّ «المايسترو» على إلزامهم بنوتة موحّدة.

لكننا نجد الآن، أن علينا واجب التحدّث علناً عما يحصل، وذلك ربطاً بما يبدأ منذ عدة أسابيع، عندما انطلقت حملة دعاوى قضائية ضدنا، من قبل جهات معلومة وأخرى لا تزال مجهولة، لكنها تتعلق بملفين اثنين: الأول، يتعلق بالجامعة الأميركية في بيروت، والثاني يتعلق بالسياسات العامة والإعلامية التي تقوم بها السعودية والإمارات في لبنان.

وبينما، كنا نحن، كما بقية اللبنانيين، ننتظر من كل السلطة السياسية، وليس من رئاسة الجمهورية على وجه الخصوص، المبادرة إلى موقف وإجراء، ضد «إعلام الفتنة» الذي يتعمّد التحريض ضد المقاومة، أو يسيء بقذارة إلى رموز وطنية كبيرة، كما هو الحال في التعرّض للشهيد السيد حسن نصرالله، فقد فوجئنا بأن الاهتمام منصبّ هذه المرة أيضاً، على سبل إرضاء أطراف الوصاية الأميركية والسعودية على كل شيء في لبنان.

وإذا كان الطرفان، قد أنفقا خلال العقدين الماضيين، ولا يزالان الكثير من الأموال على وسائل إعلامية عربية ولبنانية، وعلى إعلاميين في لبنان والمنطقة، من أجل خوض حرب تحريض مفتوحة ضد المقاومة وضد مناصريها، فإن فشل هؤلاء في تحقيق النتائج المرجوّة، عاد ليدفعهم من جديد، إلى التحريض على الأصوات التي تواجه ما يقومون به، وتفضح ما يقومون به. والمؤسف، أن في لبنان، وفي مؤسسات الدولة على وجه التحديد، من يتصرف وفق رغبات الأوصياء إياهم.

يعرف أهل السلطة، كما أهل الإعلام، أن نضالات طويلة خيضت لأجل عدم إخضاع الإعلاميين لغير محكمة المطبوعات، وصولاً إلى ما يشبه العرف لدى العاملين في الحقل الإعلامي، بأن لا يمتثلوا أمام أي مسؤول قضائي خارج إطار محكمة المطبوعات.

صحيح أن القوانين الموجودة، تتيح للنيابة العامة التمييزية فتح تحقيق في أي دعوى تصلها، كما لديها الحق في تقدير نوعية الملاحقة.

وصحيح أيضاً، أنه سبق للنيابة العامة أن استمعت إلى اعلاميين في مقابلة أولى، ثم أحالتهم على محكمة المطبوعات، وكان للأمر أن يسير بشكل طبيعي، وعلى هذا النحو، لولا أن الحملات القائمة، لا تهدف إلى مقاضاة عادية تحصل بين مؤسسة إعلامية ومتضررين من نشرها لأخبار تخصّهم، بل هناك ما هو أبعد من ذلك، وأكثر خطورة. وهذا ما يوجب موقفاً أكثر وضوحاً:

لقد حصل أن تلقّت إدارة الجريدة، وزملاء فيها، اتصالات من المباحث المركزية لأجل الإبلاغ عن مواعيد لجلسات تحقيق. كما حصل أن قام أفراد من هذه الوحدة، بزيارة منازل بعض الزملاء لتأكيد التبليغ وفق ما يُعرف بالأصول المتّبعة، ولكن، يبدو أن الطريقة التي تمّت فيها الاتصالات، واللغة التي استُخدمت من قبل العناصر المكلّفين بالتبليغ، لم تكونا لطيفتين على الإطلاق، بل إن في أغلب الأحيان، تحدّث المتصلون بطريقة تذكّر بكل الحكايات عن عمل عَسس أجهزة الاستخبارات في دولة تحكمها عصابة أو سلطة انقلابية، أو مجموعة اختارها المستعمر الأجنبي.

وقد أجرت «الأخبار» اتصالات مع جهات معنية بهذا الجانب، وكنّا ندرس طريقة للتعاون مع السلطات القضائية، انطلاقاً من رغبتنا في كشف أن ما يجري لا يتعدّى إطار الضغط والترهيب، وكوننا نقدّر عالياً موقف قضاة كبار، ليسوا من الذين يتورّطون في أجندة الجهات التي تقف خلف هذه الادّعاءات، لكن، تبيّن لنا أن ما يجري هو محاولة جديدة لتطويعنا، وترهيبنا، ودفعنا إلى خطوات تهدف في النهاية إلى القبول بصفقات وتسويات جوهرها كمّ الأفواه، خصوصاً بعدما تبيّن أن الطرف الآخر، لم يجد سوى إجراءات ساذجة ومهينة بحق من يقف خلفها، وهو ما بدا واضحاً عندما طلبت إدارة الجامعة الأميركية من الجسم الأكاديمي فيها مقاطعة «الأخبار»، في إجراء لم يعد معمولاً به في أي بلد يحكمه مستبدّون.

لذلك، نجد لزاماً علينا قول الآتي:

أولاً: نجدّد رفضنا المثول أمام أي سلطة قضائية خارج محكمة المطبوعات، مع كامل احترامنا لجميع العاملين في سلك القضاء.

ثانياً: نعلن تمسّكنا بحقنا في إبداء الرأي حول كل أمر يتعلق بالشأن العام، ونحن لا نميّز بين مواطن لبناني أو مسؤول لبناني أو مقيم على الأراضي اللبنانية، ولن نتعامل مع أي جهة خارجية وفق حسابات ومصالح تقررها السلطة السياسية.

ثالثاً: إن ما يحصل في الحقل الإعلامي، من عملية استيلاء شاملة، لن يفيد في تغيير موقف من يرفض الوصاية، وإن الاستنسابية في تعريف الحرية، ليست سوى أداة قمع لن نقبل بها، وسوف نواجهها بكل ما يتيح لنا القانون من جهة، وبكل ما يفترض أن نقوم به، مهما كانت الأكلاف.

رابعاً: إن الواقعية تقتضي منا عدم مخاطبة وزارة الإعلام، أو أي جهة نقابية أو إطار يخصّ مؤسسات الإنتاج الإعلامي، كوننا نعرف طبيعة تركيبتها، والمناخ الذي تشكّلت فيه، كما نعرف أن فيها جهات وشخصيات تتمنّى هي قبل الآخرين، إسكاتنا.

لذلك، اقتضى التوضيح!

صحيفة الاخبار

الكلمات المفتاحية

مقالات المرتبطة