هلال السلمان
بعدما أنجز حزب الله عبر عملية "افيفيم" النوعية، الرد الاول الموجع على العدوان الصهيوني على مركز له قرب دمشق والذي أدى الى ارتقاء شهيدين، انتقل العمل الى الرد الثاني على العدوان الذي استهدف الضاحية الجنوبية عبر مسيرتين مفخختين فشلتا في تحقيق هدفهما، وهنا الرد لن يكون لمرة واحدة، وإنما "معادلة جديدة" مفعولها متواصل ومستمر ويتمثل بإسقاط الطائرات التجسسية الاسرائيلية التي بقيت تعربد على مدى عقود في سماء لبنان، دون أن تلقى ما يواجهها ويضع حدا لإنتهاكاتها للسيادة اللبنانية .
المعادلة الجديدة لإسقاط "المسيرات" الاسرائيلية أرسى معالمها العريضة الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في ثلاث خطابات، الاول في "عيد الانتصار الثاني" في بلدة العين البقاعية في 25آب الماضي، وفيه كشف عن قرار وقف عربدة المسيرات الاسرائيلية في لبنان، والثاني في خطابه في الليلة العاشورائية الاولى في 31آب ، حيث وضع الخطوط العريضة للمعادلة، وأن هدفها الردع والحد من استباحة العدو لسماء لبنان التي استمرت لعقود، وليس استهداف كل مسيرة وإنما أعدادا منها بما يربك الاسرائيلي ويقيد انتهاكاته، والخطاب الثالث كان في الليلة العاشورائية مساء الاثنين 2ايلول، والذي اعطى فيه الضوء الاخضر لبدء العمل، وإعلانه ان معادلة ضرب "المسيرات" الاسرائيلية باتت "بيد الميدان" .
وبحسب المراقبين فإن مجرد اعلان حزب الله عن معادلة ضرب "المسيرات" الاسرائيلية في سماء لبنان، هو كشف جزئي لمعطى استراتيجي بقي العدو حائرا بشأنه وينتظر جوابا حوله على مدى سنوات طويلة، ومفاده هل يملك حزب الله منظومة دفاع جوي متطورة لإسقاط طائراته الحربية والمسيرة التي تنتهك سماء لبنان؟، وكان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يمتنع دائما عن الكشف عن هذا السلاح الاستراتيجي الذي سوف يغير المعادلات فيما إذا كان موجودا في اي حرب مقبلة .
الان مع معادلة إسقاط "المسيرات" الاسرائيلية يكون حزب الله قد كشف رسميا انه يمتلك منظومة دفاع جوي متطورة بإمكانها اسقاط طائرات التجسس الاسرائيلية في سماء لبنان. ويبقى الغموض قائما بشأن منظومة الدفاع الجوي التي باستطاعتها اسقاط الطائرات الحربية .
وعمليا فإنه بدءا من تاريخ اعلان السيد نصرالله الاثنين 2ايلول أن معادلة ضرب "المسيرات" الاسرائيلية باتت "بيد الميدان"، هذا يعني أن سلاحا جديدا لم يستعمل من قبل من جانب المقاومة الاسلامية، خرج الى ميدان العمل، وسيكون عمله مستمرا ضمن استراتيجية، يتحكم فيها حزب الله بالتوقيت الذي يضرب فيه وبنوعية الهدف، حيث تختلف نوعيات الطائرات المسيرة بين صغيرة وكبيرة ومتطورة، فإنتقاء الهدف مسألة مهمة .
وبحسب المعطيات، فإن منظومة الدفاع الجوي لدى حزب الله ليست وليدة اشهر، أو بضع سنوات، إنما هي منظومة جرى بناؤها بجهد متواصل منذ زمن طويل، وفيها الكادر الجهادي المتخصص، وقد حصلت على صواريخ متطورة مع أنظمة رادار لرصد الاهداف الجوية.
واذا لم يكن قد جرى الكشف عن امتلاك حزب الله صواريخ دفاع جوي متطورة خلال حرب تموز عام 2006، فإن وحدة الدفاع الجوي كان لها دور فعال خلال تلك الحرب من خلال الصواريخ التي كانت تملكها، والتي تضرب من على الكتف وتحديدا صواريخ سام 7 والتي لعبت دورا مهما خلال الحرب،حيث عطلت فعالية سلاح المروحيات الاسرائيلي الذي انكفأ عن ساحة المواجهة بشكل واسع خشية اسقاطه ، وعندما جرى الزج به في المعركة في الايام الاخيرة للحرب، جرى اسقاط مروحية "يسعور" في وادي مريمين والتي ادت تداعيات الخسائر البشرية التي نجمت عن اسقاطها الى تحقيق تحول في مجرى الحرب، دفعت القادة الصهاينة الى استجداء الادارة الاميركية الى المسارعة في العمل على وقف الاعمال الحربية في مجلس الامن بعد تعنت لاسابيع طويلة.
بالخلاصة، فإن معادلة اسقاط الطائرات الاسرائيلية المسيرة في سماء لبنان التي شرع بها حزب االله هي بداية انهاء حالة الغموض حول منظومة الدفاع الجوي المتطورة لدى المقاومة الاسلامية، وسيكون لها نتيجة مباشرة تؤدي الى انحسار العربدة الاسرائيلية في سماء لبنان، وبالتالي الدخول في مرحلة جديدة من معادلات الردع مع كيان العدو .
خاص المحور