قال الامين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم : نحن ندعوكم في لبنان، لا تُساعدوا إسرائيل وأمريكا في مشاريعهم، قدموا وطنيتكم في العلاقة مع إخوانكم، نحن وإياكم نتصافى على كل شيء، نحن وإياكم نتفاهم على كل التفاصيل، ما يزعجكم نجد له حلاً، وما تستأنسون به نجد له حلاً، ولكن لا تكونوا مع الأعداء في لحظة المنعطف التي تُعتبر خطيرة وكبيرة بحق لبنان.
اليوم إسرائيل متغولة، وبالتالي أمريكا أيضًا متغولة معها، ويريدون استثمار اللحظة لقلب المعادلة في كل المنطقة على شاكلتهم.
فيما يلي الكلمة السياسية للامين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في الليلة الخامسة للمجالس العاشورائية التي يقيمها حزب الله في مجمع سيد الشهداء بالضاجية الجنوبية لبيروت :
...اليوم، عندما يناقشوننا، يقولون لماذا أنتم متمسكون بهذه الأرض إلى هذا الحد؟ نقول لهم لأن هذه الأرض حقنا. يقولون أنتم لا تستطيعون مواجهة هذه القوة الغاشمة، نقول لهم هناك طرق لمواجهتها، هناك رفض، هناك جهاد، هناك موقف. يقولون لكن أنتم لستم أقوى منهم، نحن لا نناقش إن كنا أقوى منهم أم لا. أولًا نحن لا نعتدي على أحد، لم نحتل أرض أحد، لم نقرب من أحد. اليوم، كل تاريخنا المقاوم ماذا يقول؟ نحن في موقع الدفاع، في مواجهة محتل، وفي مواجهة عدوان أمريكي-إسرائيلي. هذا حقنا، الأرض حقنا والاحتلال مصلحتهم، يعني هم ليس لديهم حق في الاحتلال، بل يقولون "مصلحتي هكذا"، يقول لك أريد أرضًا، ولا أملك أرضًا، فيقوم ويحتل الأرض الفلسطينية. يقول لا أستطيع البقاء في هذه الأرض، وهناك من يطالب بحقه، فيقتل، ويقوم بإبادة. فإذًا، كل هذا ما اسمه؟ هوى، لا توجد قواعد. حتى القانون الدولي، الذي وُضع على أساس أنه يوجد مشتركات منطقية وعقلية، يتحدث عن العدالة، يتحدث عن احترام الدول لبعضها، يتحدث عن الآراء، لكن، ما هذا القانون الدولي الذي حاميها حراميها، يعني من يحميه؟ تحميه أمريكا، تحميه الدول الكبرى المتورطة في الاستعمار والمتورطة في تأييد الكيان الإسرائيلي، ومتورطة في التغطية على الجرائم، ولا تتحرك إلا لمصالحها، وهذا هو القانون الدولي، ذهب ولم يعد له أي تأثير ولا أي اعتبار.
إذًا نحن سنعمل لأجل حقنا، وبالتالي الآخرون لا يستطيعون منعنا من حقنا تحت عنوان أن هذه هي مصلحتهم، وأن لديهم قوة يحققون بها مصلحتهم، لا يمكن ذلك.
الأرض حقنا والاحتلال مصلحتهم، نُجابههم بحقنا وتحت الاحتلال لا يبقى مستقبل للأجيال. الاستسلام مصلحتهم، نحن في موقع دفاعي، هذه إسرائيل معتدية ظالمة مجرمة، وهذه أمريكا طاغوتية، تحاول أن تدمر الحياة العزيزة في العالم. من حقنا أن نقول لهم لا، لا لأمريكا، لا لإسرائيل، من حقنا أن نقف وأن ندافع وأن نواجه. لا تقولوا لنا إننا نأخذ البلد إلى المجهول، من يأخذ البلد إلى المجهول هو من يؤيد إسرائيل وأمريكا في مشاريعهم وقراراتهم، هو من يتخلى عن الأرض تحت عنوان أنه يريد أن يعيش بعض الحياة المرفهة. الذي يأخذنا إلى المجهول هو الذي لا يقول "لا" للاحتلال، ولا يتصدى، ولا يبذل جهدًا حقيقيًا، ولا يتآلف مع مواطنيه في داخل البلد، هذا هو الذي يأخذ إلى المجهول. أما نحن، فنأخذ إلى الحق، والحق مكلف بطبيعة الحال، لكن في النهاية، عندما يثبت الحق، ونحرر الأرض، ونمنع إسرائيل وأمريكا من أن يُغصبونا على ما يريدون، نصل إلى مستقبل عزيز عظيم.
شاهدوا اليوم ساحاتنا الموجودة، شاهدوا الإحياءات العاشورائية، شاهدوا هذه البيئة العظيمة، وكل الحلفاء الذين معنا، أليسوا يعيشون عزة بسبب هذا الصمود الكبير الذي استمر لعشرات السنين، واستمر أيضًا في مواجهة إسرائيل في معركة "أُولي البأس"؟ هذا كله يُعتبر عزة، له تكلفة؟ نعم، لكن ألسنا على الحق؟ إذن لا نبالي أن نموت محقين، هذا حقنا الذي يجب أن نعمل عليه ونؤديه.
نحن ندعوكم في لبنان، لا تُساعدوا إسرائيل وأمريكا في مشاريعهم، قدموا وطنيتكم في العلاقة مع إخوانكم، نحن وإياكم نتصافى على كل شيء، نحن وإياكم نتفاهم على كل التفاصيل، ما يزعجكم نجد له حلاً، وما تستأنسون به نجد له حلاً، ولكن لا تكونوا مع الأعداء في لحظة المنعطف التي تُعتبر خطيرة وكبيرة بحق لبنان.
اليوم إسرائيل متغولة، وبالتالي أمريكا أيضًا متغولة معها، ويريدون استثمار اللحظة لقلب المعادلة في كل المنطقة على شاكلتهم.
هنا يظهر أولئك الذين يسيرون مع الحق. نحن سنكون مع الحق، ولن ندع هذا الاحتلال يستقر، وليعلم العالم بأننا جماعة تربينا على درب الحسين، "هيهات منّا الذلة".
سأطرح لكم معادلة، اليوم العالم واضح، بأنه لكي يعيش أحد في بلده عزيزًا كريمًا، يجب أن يكون قويًا يحمي ساحته، لا يمكن لأحد أن يحمي ساحته وهو ضعيف. نحن، عندما عملنا على أن نُعزّز وضعنا كمقاومة، كان من أجل أن نحمي ساحتنا، من أجل أن نحمي حقنا، لا نريد شيئًا من الآخر، نريد حقوقنا، نريد إبطال الاحتلال الذي ينعكس علينا سلبًا في لبنان وفي المنطقة ويؤثر على لبنان.
اليوم، القوة لها سرّين: هناك سرّ للقوة يرتبط بالإيمان بالله تعالى والتعبئة على هذا المنهج الذي يُعطي الإنسان عزيمة وإرادة وقوة وشجاعة وصبرًا وصمودًا وثباتًا، حتى ولو كانت الإمكانات قليلة. هذا منهج، سر القوة بالإيمان.
الكفار والأعداء، سر القوة عندهم القدرة المادية والعسكرية. يعني عادةً يقيسون وضع الدول من يسيطر على من، ومن يؤثر على من، بحسب القوة المادية الموجودة لديهم. سرّ قوتنا الأصلي هو الإيمان بالله تعالى، سرّ قوتهم الأصلي هو الإمكانات العسكرية. نحن لا نستطيع أن ننافسهم بسرّ قوتهم، أي بالإمكانات العسكرية، يمكننا الحصول على بعض الإمكانات، لكن لا يمكننا تحقيق توازن في الإمكانات. ولكن، هم لا يستطيعون منافستنا بسرّ قوتنا، لأنهم لا دين لهم ولا إيمان، وهم ظلمة يعبثون في الأرض.
إذا واجهناهم بسرّ قوتنا الإيمان ومع بعض الإمكانات، سنفوز عليهم بسرّ قوتهم الإمكانات.
لكن، من يقول لنا تعالوا اجمعوا إمكانات بمقدارهم، أي هو يقول لنا أبطلوا سرّ قوتكم الإيمانية، وبالتالي اعملوا إلى ما شاء الله ولن تصلوا إلى نتيجة، لأنهم لن يسمحوا لنا، سيقتلوننا، سيسجنوننا، وسيقومون بكل إجرام ممكن حتى لا نرفع رأسنا.
هم يستطيعون تعطيل قدرتنا المادية، لكن لا يستطيعون تعطيل قدرتنا الإيمانية. لذلك، نحن دائمًا نقول قوتنا بإيماننا أولًا، ونعدّ العدة اللازمة، لكننا نعمل على أساس الحق، ونعمل على أساس الاستقامة. هذه هي المنهجية التي يجب أن تكون مرجعية لنا. هذه الدعامة الأولى.
الدعامة الثانية: العبادة. لماذا العبادة؟ العبادة لكي تُربي الإنسان وتُؤصّل الإنسان بشكل خاص في علاقته مع الله عز وجل.
لاحظ العبادة ما هي؟ الصلاة، الصوم، الحج، الخمس، الزكاة... يعني العبادة هي علاقة مع الله تعالى، أنت تصلي لله، تصوم لله عز وجل، يعني الصلاة لا يحصل مع ناس آخرين، الصوم لا يحصل مع ناس آخرين، لا، أنت بينك وبين الله، أنا أصلي حتى أشعر برقابة الله عز وجل، حتى أعيش معه، حتى أطلب منه. أصلي خمس صلوات في اليوم، لماذا؟ حتى تشمل كل اليوم، من الصباح، الظهر، العشاء، قبل النوم، على أي قاعدة؟ على قاعدة أن هذه الصلاة تربطني دائمًا بمحطات الاستيقاظ (بداية النهار)، محطات العمل (وسط النهار)، محطات النهاية (آخر النهار). وبالتالي، هذه العبادة تقربني من الله. أنا أصلي، أتحدث مع الله عز وجل، أقرأ الأدعية الموجودة، أقرأ في صلاتي الأمور القائمة، القراءة، الدعاء،
التسبيحات، إلخ... وبالتالي، هذه العلاقة مع الله عز وجل تُذكرني دائمًا بأنني يجب أن أسير على منهجه.
الصوم يدربني لمدة شهر على أن أغير عاداتي وتقاليدي.
الحج مرة في السنة، من أجل أن أتزود بعناوين التاريخ ومواجهة الشيطان والسعي إلى الله تعالى والطواف حول الكعبة الشريفة.
تلاحظون أن كل العبادات تركز على ماذا؟ على العلاقة مع الله عز وجل. لأنه كلما قويت علاقة الإنسان بالله عز وجل، كلما أصبح قويًا. الضعيف مع القوي يقوى، والجاهل مع العالم يتعلم، والعاجز مع القادر تصبح له قدرة، قدرة من قدرة الله: "وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ"، الله يُعطينا إياها.
فلذلك، نحن نهتم بالعبادة، نعتبرها ركنًا أساسيًا، من أجل التأصيل، من أجل العلاقة مع الله تعالى، من أجل أن ندرب الإرادة لدينا حتى نواجه، من أجل أن نُؤسس لنمط يعمل على الحق.
فإذًا، الدعامة الثانية هي العبادة.
صلوا على محمد وآل محمد.
الدعامة الثالثة: السلوك. يعني عندما أعمل، ويكون لدي المنهج الذي يضع لي القواعد الصحيحة، وعندي العبادة التي تربطني بالله عز وجل، وتُدرّبني على التأصيل، حتى أصبح بمستوى :" الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"، فأتمكن من أن أدخل إلى السلوك.
الدعامة الثالثة هي السلوك، يعني التطبيق العملي، يجب أن أطبق، الحلال حلال، والحرام حرام، عليَّ واجبات لا بد أن أقوم بها. ما هو الصحيح وما هو الخطأ في كل شيء، في الأكل، في الشرب، في التصرفات، في العلاقات الاجتماعية، في الأخلاق، في السياسة، كل شيء فيه صح وخطأ.
أنا، عندما يكون لدي المنهج الصحيح، وتدرّبت عباديًا على العلاقة مع الله عز وجل، تصبح خياراتي خيارات صحيحة، وتكون لدي إرادة صحيحة.
مرات أرى أنه إذا أخذت الموقف الثاني، آنياً أربح أكثر، لكن هذا فاسد، هذا محرم. من يردعني؟ إسلامي يردعني، إيماني يردعني، الله يردعني.
الآن تلاحظون أنه تقريبًا في مختلف أنحاء العالم، كثير من مسؤولي السلطة يكونون فاسدين، كثير من الذين يُسلَّمون أموالًا عامة يكونون فاسدين، لماذا؟ لأنه لا توجد عليهم رقابة، رقابتهم ممن؟ من أنفسهم، وبالتالي هناك مكتسبات لهم. بينما المؤمن لا، عنده رقابة من الله عز وجل، هذه الرقابة من
الله هي التي تحجبه، هي التي تمنعه، هي التي تجعله لا يرتكب الفساد.
وبالتالي، مكارم الأخلاق التي يدعونا إليها الإسلام، يجب أن نطبقها في حياتنا العملية، وإلا إذا لم نطبق مكارم الأخلاق، لا نكون منسجمين مع هذه الرؤية العظيمة.
فالسلوك يشمل: القيام بالواجبات، الامتناع عن المحرمات. أنا أريد أن آكل، آكل حلالًا لا آكل حرامًا. أنا أريد أن أشرب، أشرب حلالًا لا أشرب خمرًا. أنا أريد أن أتنزه، أتنزه في أماكن فيها شيء من الطاعة لله تعالى، أي بمعنى أماكن مفتوحة متاحة، لا أذهب إلى أماكن مغصوبة.
أنا أريد أن أختلط بمجتمع معين، إذا كان هذا المجتمع فاسدًا، لا أختلط به حتى لا أُؤخذ منه، بل أحاول أن أُنشئ مجتمعي، أحاول أن أختلط بالمجتمع الإيجابي الذي أستطيع أن أتعاون معه.
وإلا، كل شيء في الحياة نستطيع أن نقوم به، نمارس الرياضة، نقوم بنزهة، نقيم كشافة، زواج، ننجب أولاد، تجارة... كل هذا يمكن أن يفعله الإنسان، لكن بسلوك ضمن ضوابط محكومة بمكارم الأخلاق. هذا هو التطبيق العملي.
وهنا دور الأهل مهم، ودور المراقبة مهم. في الحقيقة، نحن نواجه أعداءنا بهذا السلوك.
أحيانًا يقولون أنتم غير، بالطبع نحن غير، لأنه نحن عندنا سلوك معين منسجم مع قواعد وضوابط، وأنتم عندكم سلوك آخر له قواعده وضوابطه، أنتم أحرار في ما تختارونه، علاقتكم مع الله ليست معنا، نحن لسنا في موقع أن نحاكم أحدًا، نحن في موقع أن نربي أنفسنا، ونربي أولادنا، وأن نتمكن من العمل بطريقة صحيحة، ونبشّر العالم، ونبلّغ العالم، ونقول لهم الحقائق، الآن الذي يتأثر الحمد لله تعالى هذا كسب، والذي لا يتأثر مسؤوليته على نفسه، نحن نؤدي ما علينا، نأمر بالمعروف، ننهى عن المنكر، لكن لا نتدخل في خصوصيات الناس ولا في خياراتهم.
واحدة من السلوكيات هي الجهاد في سبيل الله تعالى، فهذا كله منظومة متكاملة. لماذا الجهاد في سبيل الله تعالى؟ قال حتى تحرر أرضك وتحميها، حتى تحمي قناعاتك وخياراتك. لكن، اليوم يتدخل الغرب، الأمريكيون وغيرهم، حتى في طريقة التفكير يتدخلون فيها، حتى في المناهج يتدخلون فيها، حتى في كيفية تربية الأولاد يتدخلون فيها، لماذا تفرضون علينا خياراتكم؟ اتركوا لنا خياراتنا، كيف ندافع نحن عن خياراتنا؟ ندافع إذا كنا متماسكين، إذا كنا أقوياء. واحدة من وسائل الدفاع عن خياراتنا أن نجاهد في سبيل الله تعالى، هذا حقنا، هذا جزء من السلوك، وإلا كيف نواجه المعتدي؟ بالنقاش؟ لن يرد علينا. كل الطواغيت يعملون بطريقة تريد أن تؤثر علينا بطريقة سلبية. أما نحن، فلا خيار لدينا إلا أن نمشي على الاستقامة، وأن تكون لدينا قوتنا لندافع عن أنفسنا.
شاهد ما أروع التوجيه الذي أعطاه لقمان الحكيم لابنه من خلال القرآن الكريم، ماذا قال له؟ قال له: "يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ." انظروا كيف جمع الكل معًا: أقم الصلاة (العبادة)، وأمر بالمعروف (سلوك)، الأمر بالمعروف على أي أساس؟ على أساس الضوابط الشرعية، على أساس المنهج، وانهَ عن المنكر كذلك، سيكون هناك نتيجة؟ واصبر على ما أصابك، إذا افترضنا أنك واجهت عقبات وصعوبات، فعليك أن تصبر.
نحن معنيون أن نربي. الحمد لله، المجالس الحسينية عامرة جدًا في كل المناطق، ترونها أنتم على الشاشات، وتتابعونها، تأتيني بعض التقارير تُظهر كم هناك اهتمام. مجالس عاشوراء مجالس تربوية بحق، على أساس الدعائم الثلاث: المنهج، والعبادة، والسلوك.
وأنتم، كونوا مطمئنين، ستبقون دائمًا في الطليعة، ورؤوسكم مرفوعة، المهم أن تبقوا على الحق، ألسنا على الحق؟ إذًا لا نبالي أن نموت محقين. والسلام عليكم.
رصد المحور الاخباري / العلاقات الاعلامية