هلال السلمان
تؤكد مصادر سياسية مطلعة في حديث لـ"المحور الاخباري"، "أن الكتاب المفتوح الذي وجهه حزب الله قبل يومين للرؤساء الثلاثة وأبناء الشعب اللبناني يرقى في أهميته وما تضمنه من رؤية للتعاطي مع تطورات المرحلة الراهنة الى مستوى أهمية "الرسالة المفتوحة"، التي وجهها حزب الله في 16شباط عام 1985والتي أعلن فيها حينها عن وجوده الرسمي، ورؤيته للواقع السياسي في لبنان وخياره بمقاومة الاحتلال حتى تحرير الارض بشكل كامل.
وتشدد المصادر، "على أنه عندما يختار حزب الله توجيه كتاب مفتوح، وليس بيانا عاديا او خطابا لقياداته فذلك إشارة الى كون مضمونه يشكل رؤية متكاملة واستراتيجية في مرحلة مفصلية من تاريخ لبنان".
ففي 16 شباط / فبراير من العام 1985، وبمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد شيخ شهداء المقاومة الشيخ راغب حرب، تلا الناطق الرسمي باسم حزب الله -حينها- السيد إبراهيم أمين السيد، الرسالة المفتوحة التي وجهها حزب الله إلى المستضعفين في لبنان والعالم، من حسينية الشياح في الضاحية الجنوبية. والتي اعتبرت بمثابة الإطلالة الرسمية الأولى للحزب، بعد أقل من 3 سنوات من العمل الجهادي السري، وما تخللها من عمليات نوعية واستثنائية، في تاريخ الصراع مع الكيان الاحتلال.
فالرسالة المفتوحة شكلت أول وثيقة يحدد فيها الحزب مواقفه من قضايا كثيرة، على كافة الصعد الوطنية والإقليمية والعالمية.
وقد حدّدت الرسالة أهداف حزب الله في لبنان بـ 4، وهي:
1)أن تخرج إسرائيل من لبنان كمقدمة لإزالتها من الوجود، وتحرير القدس من براثن الاحتلال.
2)أن تخرج أمريكا وفرنسا وحلفائها من لبنان، وينتهي أي نفوذ لأي دولة استعمارية في البلاد.
3)أن يرضخ الكتائبيون للحكم العادل ويُحاكَموا جميعاً على الجرائم التي ارتكبوها بحق المسلمين والمسيحيين بتشجيع من أمريكا وإسرائيل.
4)أن يُتاح لجميع أبناء شعبنا أن يُقرروا مصيرهم ويختاروا بكامل حريتهم شكل نظام الحكم الذي يريدونه، علماً أننا لا نخفي التزامنا بحكم الإسلام. وندعو الجميع إلى اختيار النظام الإسلامي الذي يكفل وحده العدل والكرامة للجميع، ويمنع وحده أي محاولة للتسلل الاستعماري إلى بلادنا من جديد.(وقد جرى تعديل هذه الفقرة في الوثيقة السياسية لعام 2009).
أما عن القوة العسكرية فقد جاء في الرسالة: "فيما يتعلق بقوتنا العسكرية، لا يستطيع أحد تصوّر أبعادها لأننا لا نملك جهازاً عسكرياً منفصلاً عن الأجزاء الأخرى من منظمتنا. كل واحد منّا هو جندي مقاتل متى استدعت الدعوة للجهاد، وكل واحد منا يتولى مهمته في المعركة وفقاً لتكليفه الشرعي في إطار العمل بولاية الفقيه القائد".
الكتاب المفتوح
وبالعودة الى الكتاب المفتوح، فإنه _بحسب المصادر _ "يعبر عن رؤية حزب الله للمرحلة الراهنة، وكيفية تعاطيه معها، سواء ما يتعلق برفضه القاطع لاي "تفاوض سياسي مباشر" مع العدو، وتأكيده حق المقاومة المشروع والمكرس بالدستور والمواثيق الدولية دفاعا عن لبنان، وتشديده على ضرورة وضع حد لتمادي العدوانية الصهيونية وخرق اتفاق وقف النار الذي وقع في 27تشرين الثاني من العام 2024والذي هو عبارة عن آلية تنفيذية للقرار 1701 اي ان نطاق تنفيذه هو منطقة جنوب نهر الليطاني، اما قضية السلاح شمال النهر فهي قضية داخلية تناقش في سياق إعداد استراتيجية امن وطني" .
فقد وجه حزب الله كتابا مفتوحا الى الرؤساء الثلاثة والى ابناء الشعب اللبناني - الخميس 06-11-2025
15 جمادى الأولى 1447 هـ جاء فيه :
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب مفتوح من حزب الله:
إلى فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون المحترم،
دولة رئيس مجلس النواب اللبناني الأستاذ نبيه بري المحترم،
دولة رئيس مجلس الوزراء اللبناني السيد نواف سلام المحترم،
أبناء شعبنا الأبي في لبنان،
تحية طيبة وبعد،
حرصًا من حزب الله على التفاهم الوطني وحماية السيادة وحفظ الأمن والاستقرار في لبنان، وإسهاماً منه في تقوية ودعم الموقف اللبناني الموحّد ضد العدوان الصهيوني وانتهاكاته وخرقه المتواصل لإعلان وقف إطلاق النار الذي انتهت إليه مساعي الموفد الأميركي هوكشتاين إثر تفاوض غير مباشر بين دولة لبنان وبين الكيان الصهيوني، وقطعاً للطريق أمام محاولات جرّ الدولة اللبنانية إلى جولات تفاوضية جديدة لمآرب تخدم فقط أهداف ومصالح العدو الصهيوني وقوى التسلّط المعادية للحق والعدل، فإننا نعرب لكم أيها السادة الرؤساء ونطرح عبركم إلى كل شعبنا العزيز في لبنان، رؤيتنا إزاء الوضع والموقف الوطني المطلوب الذي نلتزمه ونعتبره السبيل المجدي لحفظ مصالح لبنان في هذه المرحلة التي تمر فيها منطقتنا والعالم.
إن إعلان وقف إطلاق النار في 27/11/2024 الذي تمّ الاتفاق عليه لوقف العدوان الصهيوني على لبنان، شكّل بحسب أطراف الاتفاق منفردين ومجتمعين آلية تنفيذية للقرار الدولي رقم 1701 الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي في العام 2006 م، والذي تحددت فيه منطقة العمل وكانت حصراً في جنوب نهر الليطاني من لبنان، وقضى مضمونه ونصه بإخلاء هذه المنطقة من السلاح والمسلحين وأن ينسحب العدو الإسرائيلي إلى ما وراء الخط الأزرق المعلوم.
وإذ أشار الإعلان في مقدمته إلى أن بنوده هي خطوات لتنفيذ القرار 1701، نص البند الأول من هذا الإعلان على ما يلي:
ستنفذ إسرائيل ولبنان وقف الأعمال العدائية اعتباراً من الساعة الرابعة فجر الأربعاء 27/11/2024 وفقاً للالتزامات المفصلة أدناه.
كما نصّ البند الثاني من الإعلان على ما يلي:
اعتباراً من الساعة الرابعة فجر الأربعاء 27/11/2024 فصاعداً، ستمنع حكومة لبنان حزب الله وجميع الجماعات المسلحة الأخرى في الأراضي اللبنانية من تنفيذ أي عمليات ضد إسرائيل، وإسرائيل لن تقوم بأي عمليات عسكرية هجومية ضد الأراضي اللبنانية، بما في ذلك الأهداف المدنية أو العسكرية أو غيرها من الأهداف التابعة للدولة، عن طريق البر أو الجو أو البحر.
وتتابعت البنود حتى البند الرقم 13.
وفيما أكدت الوقائع التزام لبنان وحزب الله ضمناً بشكل صارم مضمون إعلان وقف إطلاق النار منذ لحظة صدوره وحتى يومنا هذا، إلا أنّ العدو الصهيوني واصل خروقاته وانتهاكاته للإعلان براً وبحراً وجواً، ولا يزال كذلك حتى الآن، غير آبه لكل الدعوات له إلى الكف عن تلك الممارسات العدائية، لا بل عمد العدو مقابل تلك الدعوات الى ابتزاز لبنان ووضع الشروط والمطالب تهرباً من وقف أعماله العدائية، وإصراراً منه على إكمال مشروعه الرامي إلى إخضاع لبنان وإذلال دولته وشعبه وجيشه، واستدراجه إلى اتفاق سياسي ينتزع فيه إقراراً لبنانياً بمصالح العدو في بلدنا والمنطقة، فضلاً عن الاعتراف بشرعية احتلاله لأرض الغير بالقوة في فلسطين.
وعلى الرغم من أن القرار المتسرع للحكومة حول حصرية السلاح، حاول البعض تقديمه للعدو وحماته على أنه عربون حسن نية لبنانية تجاهه، إلا أن العدو استثمر هذه الخطيئة الحكومية ليفرض موضوع نزع سلاح المقاومة من كل لبنان كشرط لوقف الأعمال العدائية وهو ما لم ينص عليه إعلان وقف إطلاق النار ولا يمكن قبوله ولا فرضه.
إن موضوع حصرية السلاح لا يبحث استجابة لطلب أجنبي أو ابتزاز إسرائيلي وإنما يناقش في إطار وطني يتم التوافق فيه على استراتيجية شاملة للأمن والدفاع وحماية السيادة الوطنية. وليكن معلوماً لكل اللبنانيين أن العدو الإسرائيلي لا يستهدف حزب الله وحده، وإنما يستهدف لبنان بكل مكوناته، كما يستهدف انتزاع كل قدرة للبنان على رفض المطالب الابتزازية للكيان الصهيوني، وفرض الإذعان لسياساته ومصالحه في لبنان والمنطقة. وهو ما يتطلب وقفة وطنية موحدة وعزيزة تفرض احترام بلدنا وشعبنا وتحمي سيادة لبنان وكرامته.
أما التورط والانزلاق إلى أفخاخ تفاوضية مطروحة، ففي ذلك المزيد من المكتسبات لمصلحة العدو الإسرائيلي الذي يأخذ دائماً ولا يلتزم بما عليه، بل لا يعطي شيئاً. ومع هذا العدو المتوحش والمدعوم من الطاغوت الأميركي لا تستقيم معه مناورة أو تشاطر. إن لبنان معني راهناً بوقف العدوان بموجب نص إعلان وقف النار والضغط على العدو الصهيوني للالتزام بتنفيذه، وليس معنياً على الإطلاق بالخضوع للابتزاز العدواني والاستدارج نحو تفاوض سياسي مع العدو الصهيوني على الإطلاق، فذلك ما لا مصلحة وطنية فيه وينطوي على مخاطر وجودية تهدد الكيان اللبناني وسيادته.
ختاماً، بصفتنا مكون مؤسس للبنان الذي التزمناه وطناً نهائياً لجميع أبنائه، نؤكد حقنا المشروع في مقاومة الاحتلال والعدوان والوقوف إلى جانب جيشنا وشعبنا لحماية سيادة بلدنا، ولا يندرج الدفاع المشروع تحت عنوان قرار السلم أو قرار الحرب، بل نمارس حقنا في الدفاع ضد عدو يفرض الحرب على بلدنا ولا يوقف اعتداءاته بل يريد إخضاع دولتنا.
استناداً إلى هذه الرؤية نتعاطى مع التطورات مؤكدين للجميع أن الوقت الراهن هو لتوحيد الجهود من أجل وقف الانتهاكات والعدوان والتمادي الصهيوني ضد بلدنا ودفع المخاطر الأمنية والوجودية عنه، مثمنين عالياً صبر شعبنا المقاوم والأبي الذي يتحمل معنا الظلم والعدوان أملاً في حفظ السيادة والكرامة الوطنية. وعهدنا له أن نكون في موقع العزة والكرامة والحق لحماية أرضنا وشعبنا وتحقيق آمال أجيالنا ومستقبلهم.
خاص المحور الاخباري