وقع الوزير السابق عدنان منصور كتابه "ايران: الدولة والثورة وآيات الله" في قاعة "جمعية التخصص والتوجيه العلمي"، في حضور نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي، والنواب: ياسين جابر، علي عمار، محمد خواجة، الوزير السابق كريم بقرادوني، النواب السابقين: نجاح واكيم، صلاح الحركة، وطلال الساحلي، القائم بأعمال السفارة الايرانية السيد حسيني، سفراء ومديرين عامين، رئيس الجامعة الثقافية في العالم رمزي حيدر وفعاليات سياسية.
الفرزلي
بداية النشيد الوطني، ثم القى الفرزلي كلمة اشار فيها الى انه "بعدما زودني بعض بنود هذا الكتاب، رأيت ان من المناسب ان اقارب الموضوع من الجانب السياسي".
ولفت الى "ان لديه اقتناعا بأنه في كل الصراعات الدولية في التاريخ منذ القرن الماضي ان الصهيونية العالمية كانت المستفيد الاول، والدليل الاشارات التالية: ان الحرب العالمية الاولى انتجت وعد بلفور، والحرب العالمية الثانية انتجت زرع الكيان الصهيوني، والحرب العالمية الثالثة الصراع بين الشرق والغرب "الحرب الباردة" انتجت توسع الكيان والاعتراف به".
ولفت الى "انه عندما غزت اميركا العراق طلبت واشنطن من تل ابيب الوقوف جانبا كي لا تتأثر نظرا الى حساسية الموضوع في العالم العربي. واسرائيل عملت على ابتكار صراع حضارات حيث الصراع بين الشرق الاسلامي والغرب المسيحي". واعتبر ان "رهان اسرائيل على الدور المتقدم في الولايات المتحدة مفهوم بعدما اصبحت اوروبا عاجزة بعد الحرب العالمية".
بقرادوني
ثم القى بقرادوني كلمة قال فيها: "كتاب الوزير منصور يخلص الى انه بعد مرور 40 عاما على الثورة الاسلامية ظلت هذه الثورة محافظة على هويتها الوطنية والقومية على رغم ما واجهته من تحديات وحروب واضطرابات. ولم يمنع الحصار والعقوبات من ان تنطلق ايران في مجالات التنمية معتمدة على قدراتها الذاتية من ثروات طبيعية وبشرية وبخاصة علماؤها وخبراؤها الذين تعرضوا للاغتيالات والذين هيأوا ايران لتحتل مكانها بين الدول المتقدمة ولا سيما في مجال الطب، من علم الوراثة الى زرع الاعضاء وتصنيع الادوية للامراض المستعصية، وفي المجال العسكري من تصنيع الصواريخ البالستية والغواصات والمدمرات والطائرات العسكرية من دون طيار والمروحيات والاقمار الاصطناعية، وقد ترسل ايران في المستقبل المنظور اول رائد ايراني الى الفضاء الخارجي".
وأضاف: "صحيح ان ايران تجاوزت العديد من التحديات والازمات وسارت في برنامجها النووي، الا انها بقيت في دائرة الاستهداف الدولي وبخاصة من الولايات المتحدة الاميركية، وفي دائرة الاستهداف الاقليمي وخصوصا من اسرائيل والسعودية. وتواجه ايران تحديات داخلية على الاصعدة الاقتصادية والاجتماعية الضاغطة اذ بلغت البطالة نحو 12,7 في المئة من لاسكان، وبلغ الفقر 18% ويعيش 16,5 % من الايرانيين تحت خط الفقر، واكبر التحديات يتمثل في مدى قدرة الثورة الاسلامية على مواكبة المتغيرات في العالم، وعلى استيعاب التطلعات التي تحلم بها الاجيال الايرانية الشابة لجهة الحريات السياسية وابداء الرأي والنقد والتظاهر والمراقبة والمحاسبة. وينهي الوزير منصور كتابه بنصيحة من ذهب عندما نقرأ ما حرفيته:" ليس كل من يطالب بحقوقه وتحسين ظروف معيشته وضمان مستقبله هو خارج عن السلطة والثورة والقانون، وليس كل من ينتقد النظام هو عميل مشبوه، وليس كل من يرفع صوته ليقول الحقيقة هو مرتهن للخارج، وليس كل من يلقي الضوء على مراكز النفوذ والفساد والمفسدين هو عدو للثورة والنظام".
الى هذه النصيحة الذهبية، اضاف المؤلف ثابتة ذهبية فقال: "انه قدر ايران. ولا خيار امامها سوى الصمود بثورتها والتمسك بأهدافها والدفاع عن مكتسباتها وانجازاتها".
وختم: "اني أشارك منصور في نصائحه واضيف بدوري جملة واحدة: ان الثورة تبقى ثورة اذا عرفت ان تصحح ذاتها بثورة داخل الثورة".
منصور
وفي الختام، شكر منصور في مستهل كلمته "دولة رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري وقد مثله دولة الرئيس ايلي الفرزلي، ومعالي الوزير الاستاذ كريم بقرادوني، واصحاب المعالي والسعادة، والسيدات والسادة الذين شرفونا اليوم بحضورهم الذي نقدر عاليا ونحترم"، وقال: "منذ انتصار ثورتها عام 1979، وهي مالئة الشرق وصانعة الاحداث، وشاغلة العالم، ومناصرة للشعوب الحرة، ذنبها ان شعبها اراد ان ينفض عن كاهله استبداد الحكام وطغيانهم واستغلالهم، ويضع حدا لهيمنة الدول الغربية الكبرى التي جثمت على صدر ايران، لاكثر من قرنين من الزمن. دول استغلت وهيمنت وسيطرت على ثرواتها ونهبت خيراتها، وتحكمت بقرارات حكامها الصوريين، جاعلة الشعب الايراني يغرق في مستنقع التخلف والامية والفقر والجهل. حالة مزرية ارادتها له قوى الهيمنة والتسلط في ذلك الوقت، وعلى رأسها بريطانيا وروسيا القيصرية، وفي ما بعد الولايات المتحدة. وهي حالة حرص عليها، وبكل وقاحة، غور اوسلي، اول سفير لبريطانيا في ايران بين عامي 1810 و1814، عندما كتب الى وزارة الخارجية البريطانية في ما كتب: "فليبق الشعب الايراني على حالته من التوحش والبربرية".
وأضاف: "ثورة ايران كانت حافزا وعبرة للعالم وشعوبه الحرة، لتقول إن الاوطان لا يصونها الا ابناؤها، وإن الامن والاستقرار لا يأتيان من الخارج وان الرهان على القوى الكبرى هو رهان الضعفاء والعبيد، وهو خطأ وخطيئة يدفع بالمراهنين الى العمالة والذل والتبعية.
هنا، كان خيار ايران: إما الرضوخ لسياسات الاستبداد والقهر والتخلف التي مورسة عليها منذ عهد القاجار، مرورا بالثورة الدستورية، وصولا الى الشاهنشاهية، والتأقلم معها، وإما البحث عن الذات والتغيير والتحرر. فكان لها ما اراده شعبها، ليبدأ بتسطير تاريخ جديد، يليق به وبحضارة أمة وشعب، يغوص في عمق التاريخ لاكثر من 7 آلاف سنة ليطيح عرش الطاووس، بعد اشهر قليلة من وصف الرئيس الاميركي كارتر لايران، بـ"أنها جزيرة من الاستقرار".
وتابع: "تحديات كثيرة واجهتها الثورة منذ انتصارها ولا تزال محليا واقليميا ودوليا. فهي تبقى في دائرة الاستهداف، حيث لا يروق مطلقا لقوى الاستبداد الخارجية الطامعة بثروات المنطقة، ولا لدول اقليمية آثرت ان تدور في فلك من انشأها، رابطة مصيرها به، ولا لدولة الارهاب الاسرائيلية التي عمدت الى خلخلة وجود شعوب المنطقة برمتها ونسيجها واستقرارها وامنها، والتي رأت جميعها، ان الثورة الايرانية تشكل تهديدا مباشرا لنفوذها ومصالحها وامتيازاتها، ما جعلها تبحث عن كل الوسائل لاطاحة الثورة وتقويض النظام".
وقال: "لقد ظلمت ايران الثورة كثيرا ولم تنصف، إما عمدا او جهلا او كيدا او كراهية او تعصبا او حقدا، لان قوى السيطرة لا تريدها ان تمسك بقرارها السياسي والاقتصادي والعسكري المستقل، وان تقول لا لبيت الطاعة الاميركي.
وعلى رغم كل الحصار والعقوبات الجائرة في حقها، انجازات كبيرة تحققت على الارض، وفي كل الميادين العلمية والثقافية والصناعية والخدماتية والبنى التحتية، والاكتفاء الذاتي، مرورا بعلوم الفضاء والتكنولوجيا النووية والصناعات العسكرية. ليبقى قرار ايران في يد الايرانيين. كتاب "ايران: الدولة والثورة وآيات الله"، اردت منه ان يرافقني القارئ العزيز الحر، في رحاب ايران، لتسجيل الحدث معا بموضوعية وشفافية، والوقوف على الفعل ورد الفعل بتجرد، من دون اصطفاف او انحياز الى معرفة حقيقة ما جرى، مدى قرنين وحتى اليوم، كانت دافعا لشعبها ان يشق فجره بثورته وصموده، ويحرص على مستقبل واعد وان كلفه ذلك الكثير الكثير.
وختم: "لا يسعني اخيرا الا ان اشكر دولة الرئيس الصديق ايلي الفرزلي، ومعالي الوزير الصديق كريم بقرادوني، على مداخلتهما القيمتين، اللتين، ولا شك، تشكلان قيمة اضافية للكتاب، هي ثمرة فكر نير وخلفية ثقافية عميقة".
وطنية