عملية نوعية قد تكون الأضخم في تاريخ العمليات الحدودية بين السعودية واليمن، نفذتها قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية مطلع الشهر الجاري في مديرية كتاف في محافظة صعدة، وتمكنت خلالها من استعادة معظم ما خسرته في هذه الجبهة منذ عام 2016، وإيقاع أكثر من 2300 أسير في صفوف القوات الموالية لـ«التحالف». تمكنت قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية، خلال الأسبوعين الماضيين، من تنفيذ عملية عسكرية واسعة في مديرية كتاف شرقي محافظة صعدة قبالة نجران السعودية، استعادت فيها قرابة 500 كيلومتر من الأراضي المحاذية للحدود. العملية، التي فقدت فيها القوات الموالية لـ«التحالف» جميع مكاسبها التي تحقّقت منذ فتح جبهة كتاف أواخر عام 2016، ترفض حكومة الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي الاعتراف بها؛ كون القوات التي خاضتها تابعة مباشرة لغرفة عمليات «التحالف»، إلا أن قائد محور كتاف المُعيّن من قِبَل هادي، العميد السلفي رداد الهاشمي، اعترف بفقدان «لواء الفتح» المكوّن من 3000 فرد مدجّجين بمختلف أنواع الأسلحة الحديثة بكامل قوته البشرية ومعدّاته، عازياً ذلك إلى «أخطاء في تنفيذ المهمة العسكرية».مصادر في محور كتاف، موالية لـ«التحالف»، أكدت سقوط أكثر من 400 قتيل ومئات الجرحى من أفراد «لواء الفتح» السلفي الذي كان قد كُلّف بمهمة التقدم في كتاف، فضلاً عن أكثر من 2300 أسير سلّموا أنفسهم لرجال الجيش واللجان مطلع أيلول/ سبتمبر الجاري. ووفقاً للمصادر نفسها، فإن «لواء الفتح» حاول التواصل مع غرفة عمليات «التحالف» لإنقاذ أفراده بعدما وقعوا في كمّاشة قوات صنعاء، إلا أنه لم تتم الاستجابة لنداءاته، بل وأثناء قيام مقاتليه بتسليم أنفسهم باغتهم طيران «التحالف» بسلسلة غارات لتصفيتهم، في وقت عمدت فيه القوات السعودية في نجران إلى دهس بعض الفارّين بإطارات الآليات العسكرية. أحد الناجين من «محرقة كتاف» اتهم «التحالف» بـ«بيع الآلاف من المقاتلين، والزجّ بهم في معركة موت حقيقية في وادي أبو جبارة». وأشار، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن قوات الجيش واللجان كانت قد تمكنت، أواخر الشهر الماضي، من إسقاط مناطق السلمات من يد «لواء الوحدة» الموالي لـ«التحالف» (سقط من هذا اللواء قرابة ألف أسير حينها، نُقل بعضهم إلى سجن في محافظة ذمار استهدفه الطيران السعودي مطلع أيلول/ سبتمبر)، قبل أن تتمكن أوائل الشهر الجاري من قطع كل الإمدادات على التشكيلات التابعة للسعودية، والبالغ عديدها قرابة 5000 فرد وضابط. وكشف المصدر نفسه عن قيام «التحالف» بإغراء الضحايا من منتسبي محور كتاف بمبالغ مالية ضخمة تعادل ثلاثة رواتب لكل جندي، مقابل تنفيذ العملية والتقدم نحو وادي أبو جبارة والسيطرة عليه، تمهيداً للوصول إلى منطقة دماج التي كانت مركز السلفيين قبل عام 2013. وأضاف إنه تم إيهام الآلاف من الجنود، الذين استُقطبوا من مناطق ريفية شرقي محافظة تعز ومن مناطق جنوبية عبر سماسرة وتجار حروب، بأن هناك تقدماً كبيراً لقوات «لواء الوحدة»، وأن الأخير أصبح على مشارف مركز دماج السلفي سابقاً.
مصدر عسكري في قوات الجيش واللجان أكد، لـ«الأخبار»، أن تلك القوات تقدّمت بأكثر من 500 كيلومتر في عملية عسكرية نوعية وواسعة نُفذت خلال الفترة القليلة الماضية في مناطق الفرع ووادي أبو جبارة. وتحدث عن وقوع أكثر من 2700 أسير من التشكيلات التابعة لـ«التحالف» جراء هذه العملية، مشيراً إلى أن قوات صنعاء غنمت العشرات من المدرعات الحديثة ومن مختلف الأسلحة المتوسطة والخفيفة والآليات العسكرية، والتي سيُكشف عنها في الأيام المقبلة بشكل تفصيلي. وأفادت مصادر قبلية في كتاف، من جهتها، بمشاركة قبائل كتاف مع الجيش واللجان في العملية التي انتهت بالسيطرة على كل المناطق التي سبق أن تقدمت فيها القوات الموالية لـ«التحالف» على مدى السنوات الماضية. وأوضحت أن قوات صنعاء استعادت سلسلة المرتفعات الجبلية والمساحات الصحراوية المحاذية للحدود مع نجران السعودية، توازياً مع بسطها سيطرتها الكاملة على عزلة الفرع ووادي الفحلوين ووادي أبو جبارة الذي يقع فيه مركز دماج السلفي.وفي الوقت الذي لا تزال فيه العملية العسكرية في المناطق الحدودية مع نجران مستمرة، بعد تأمين مديرية كتاف ومناطق أخرى باتجاه اليتمة في محافظة الجوف ومناطق قريبة من منفذ البقع الحدودي في نجران، مثّل سقوط جبهة كتاف، التي تعمّد العدوان السعودي فتحها مع جبهة البقع في تشرين الأول/ أكتوبر 2016 لتخفيف الضغط العسكري على قواته في نجران، دافعاً للتصعيد باتجاه منطقة الطوال ومديرية حرض الواقعة في نطاق محافظة حجة قبالة جيزان. إلا أن هذا التصعيد، الذي حٌشدت له سبعة ألوية عسكرية موالية لهادي بهدف السيطرة على مدينة حرض، انتهى بالفشل، بعدما تصدّت له قوات الجيش واللجان، وتمكّنت من إجبار المهاجمين على الفرار، على وقع غارات الطيران السعودي الذي استهدف المئات من منتسبي تلك الألوية أثناء تراجعها.سقوط «لواء الفتح»، الموالي لـ«التحالف»، في وادي أبو جبارة، وتهرّب حكومة هادي من المسؤولية، دفع بأسر الضحايا في أرياف محافظة تعز وغيرها، إلى اتهام حكومة هادي ببيع أبنائهم والزجّ بهم في منطقة محظور فيها القتال، وفق اتفاق ملزم بين السعودية وقبائل آل أبو جبارة في كتاف. وطالب مشائخ مديريات الحجرية شرقي تعز، والذين عقدوا لقاءً موسعاً الأسبوع الماضي، بفتح تحقيق شامل، ومحاكمة المتسبّيين والمقصّرين من حكومة هادي. وجراء تملّص «التحالف» والحكومة الموالية له من المسؤولية، انسحب المئات من العناصر الموالية لـ«التحالف» من جبهة نجران خلال الأيام الماضية، ووصلوا إلى محافظة مأرب وعدد من المحافظات.
صحيفة الاخبار