أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب أن "الحكومة اختارت أن تحمل كرة النار، وهي تعمل على تخفيف لهيبها، كي لا تحرق التراب، بعد ان أحرقت الاخضر واليابس"، لافتا الى أن "الأيام المقبلة ستشهد حسم النقاش، لاتخاذ قرار مفصلي لهذه الحكومة، وهو قرار حساس ودقيق، ندرسه بعناية شديدة لأنه يشكل محطة هامة نحو رسم معالم لبنان المقبل".
كلام الرئيس دياب جاء خلال استقباله قبل ظهر اليوم في السرايا أعضاء السلك القنصلي الفخري في لبنان برئاسة عميد السلك جوزيف حبيس.
حبيس
استهل اللقاء بالنشيد الوطني، ثم ألقى حبيس كلمة جاء فيها: "يسرنا أن نلتقي بكم اليوم، مع أعضاء السلك القنصلي الفخري، بعد نيل حكومتكم ثقة المجلس النيابي الكريم، ومع انطلاق ورشة مواجهة التحديات التي أطلقتموها، وهي تحديات خطيرة وجسيمة تهدد لقمة عيش اللبنانيين وأمنهم الاقتصادي. لكن ثقتنا كبيرة بأنكم تدركون جيدا حجم هذه التحيات، وستسعون بكل ما أوتيتم من جهد وحكمة، بالتعاون مع جميع المسؤولين، لقيادة سفينة لبنان الى شاطىء الامان".
وتابع: "نحن لا نحمل أوهاما، بل نحمل أملا، ونشارك الشعب اللبناني ايمانه بأن زمن التغيير قد حان، ولا يمكن العودة مجددا الى الوراء. محاربة الفساد باتت هدفا وطنيا شاملا، لا بد أن يتحقق كي نحافظ على ما تبقى من مقومات الوطن، وتطلعات ابنائه الذين كفروا من هذا الدرك غير المسبوق الذي وصلت اليه البلاد. وقف الهدر، وعصرنة مؤسسات الدولة والقطاع العام، وتحديث البنى التحتية، وايجاد حل شامل وناجع لمشكلة الكهرباء المزمنة والنازفة منذ اكثر من ثلاثة عقود، والتخفيف من اعباء النازحين السوريين على كاهل الدولة والشعب... كل هذه الملفات وغيرها لم تعد تحتمل التأجيل أو التأخير أو الاستغلال".
أضاف: حملتم يا دولة الرئيس مع اعضاء حكومتكم كرة النار ومسؤولية مواجهة الانهيار. واحقاقا للعدل والانصاف حاجتكم كبيرة الى تعاون الجميع، كي لا تغرق السفينة بمن فيها. ولا بد للضمائر أن تستفيق، وللحس الوطني أن يتغلب على المصالح الفردية في هذه المرحلة الدقيقة كي نشهد نور قيامة لبنان. حماكم الله، وحمى لبنان من أزمته الوجودية الراهنة. واعلموا أننا نضع كل امكانات السلك القنصلي الفخري بتصرفكم، لاجتياز هذا النفق، وكي يعود لبنان مجددا وطن الاشعاع، والحضارة، والازدهار".
دياب
ثم القى الرئيس دياب الكلمة الآتية: "أهلا بكم في دار الحكومة، دار الدولة، التي لطالما كنا نتمنى أن يرتقي مفهومها إلى خدمة اللبنانيين، والتخطيط لمستقبل وطنهم، وإدارة شؤون الدولة والناس بمنهجية تواكب التطور الاجتماعي والحضاري. بكل أسف، الدولة اليوم في حالة ترهل وضعف إلى حدود العجز، والوطن يمر بمرحلة عصيبة جدا، واللبنانيون قلقون على حاضرهم ومستقبلهم، والخوف يتمدد من الوضع المالي إلى الأوضاع الاقتصادية والواقع الاجتماعي والظروف المعيشية، وصولا إلى الهموم الصحية الداهمة".
أضاف: "بكل صراحة، لم تعد هذه الدولة، في ظل واقعها الراهن، قادرة على حماية اللبنانيين وتأمين الحياة الكريمة لهم. وبكل شفافية، فقدت هذه الدولة ثقة اللبنانيين بها. وبواقعية، تراجع نبض العلاقة بين الناس والدولة إلى حدود التوقف الكامل. اليوم نحن أمام معضلات كبرى، بينما آليات الدولة ما تزال مكبلة بقيود طائفية صدئة، وجنازير فساد محكمة، وأثقال حسابات فئوية متعددة، وفقدان توازن في الإدارة، وانعدام رؤية في المؤسسات".
وقال: "لقد جاءت هذه الحكومة وهي تعلم أن حملها ثقيل، وأن مهمتها معقدة، لكننا مصممون على تفكيك هذه التعقيدات، وعلى الانتقال بلبنان إلى مفهوم الدولة، ومعالجة المشكلات المزمنة. هذه الحكومة اختارت أن تحمل كرة النار، وهي تعمل على تخفيف لهيبها كي لا تحرق التراب بعد أن أحرقت الأخضر واليابس. لا خيار أمامنا إلا السير على طريق الجلجلة، مهما كان الوجع، لأن الخيارات الأخرى هي أخطر بكثير".
وتابع: "إن الأيام المقبلة ستشهد حسم النقاش لاتخاذ قرار مفصلي لهذه الحكومة، وهو قرار حساس ودقيق، ندرسه بعناية شديدة، لأنه يشكل محطة هامة نحو رسم معالم لبنان المقبل. صحيح أنكم تمثلون دولا عديدة في لبنان، لكنكم لبنانيون أولا، وهذا ما يجعلنا نطمئن إلى أنكم ستساهمون في ورشة إنقاذ لبنان، كل من موقعه، سواء القنصلي أو الاقتصادي أو الشخصي، فكلنا مسؤولون عن بناء مستقبل أفضل لأجيالنا المقبلة".
وختم: "أدعوكم إلى التشمير عن سواعدكم، فلبنان يحتاج في المرحلة المقبلة لكل جهد وفكرة. لبنان يحتاج إلى كل نقطة عرق جبين، وسيكتب التاريخ عن كل الذين هدموا جدران الفساد وبنوا جسور الثقة وأعادوا الأمل إلى اللبنانيين وساهموا في ورشة الإنقاذ.
إنها ساحة الشرف... فأهلا بكل من يدخلها مصمما على العطاء فيها".
رصد المحور