تناول رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، في كلمة مباشرة على شاشات التلفزة، التطورات السياسية والمالية، وموقف "التيار" منها، وتمنى "للمسلمين في لبنان والعالم بداية شهر رمضاني كريم يتم عليهم بالخير، وينتهي حاملا معه السلام والاستقرار للبنان، مع الأمل بالحد من وباء كورونا والشفاء للمصابين والصحة للجميع".
وقال: "اليوم هو 26 نيسان 2020، ذكرى خروج القوات السورية من لبنان من 15 سنة. نتذكر هذا اليوم طبعا بفرح كإنجاز سيادي واستقلالي لكل اللبنانيين، اليوم يحاولون تيئيس اللبنانيين من إصلاح الوضع المالي. وتراهم يطبلون فرحا لمجرد ورود بعض الأخبار عن عدم اكتشاف غازي تجاري في البلوك الرقم 4، على الرغم من اكتشاف الغاز فيه ولو بكميات غير كبيرة حتى الآن، وعلى الرغم من أن المعدل العالمي للنجاح من المرة الأولى هو فقط 30%، وهو 1/11 في كثير من الحالات، وفي لبنان رفعناه بحسب الدراسات المقدمة، وعلى الرغم من وجود نقاط عدة للبحث فيها في بلوك 4، ووجود 10 بلوكات أخرى، ولكنهم يعتبرون، بما ان التيار الوطني الحر وراء إنجاز دخول لبنان في العالم النفطي، أنها خسارة للتيار وينسون أنها خسارة للبنان إن وقعت، وأن الربح لكل لبنان إن حصل، تماما كما الكهرباء وال 24/24 إن حصلت، تماما كما السدود يتمنون انهيارها، كأن معمل دير عمار هو لبيت ابي وسد بسري هو لبيت جدي، وأن محاربة الفساد هي باسم أمي، متناسين أن النفط والكهرباء والماء والمال العام لكل اللبنانيين".
أضاف: "هذه هي العقلية السياسية المريضة، التي لم تكتف فقط بتعطيل المشاريع المجدية للبلد، بل أكثر، نهبت البلد منذ التسعينات ووضعت سياسات نقدية مالية اقتصادية أفقرت الدولة والناس وظلت مصرة عليها الى اليوم، رافضة تغييرها وتغيير رجالاتها، وركبت نهجا سياسيا فاسدا ومنظومة من السياسيين والإعلاميين والموظفين وأصحاب النفوذ والمال، وضعت يدها على المفاصل المالية والاقتصادية في الدولة، ترفض إزاحتها وتهجم بشراسة، حتى الاغتيال السياسي والجسدي على كل من يحاول إزاحتها. وما هجمتها الشرسة المتوحشة علينا سياسيا وإعلاميا، إلا نتيجة ذلك. يطير البلد ولكن تبقى المنظومة - المنظومة أهم من البلد لأنها تنهشه. وما الشراسة المتجددة أخيرا على الحكومة والعهد إلا بسبب استشعار المنظومة مجددا أن شيئا ما سيتغير، وممنوع التغيير، لا تغيير السياسات ولا الأشخاص".
وقال: "الآن هناك مجموعة وزراء بمعظمهم أوادم وذوي اختصاص، أتوا بضغط من الناس والشارع، وكل ذنبهم أنهم يريدون العمل أولا والإصلاح ثانيا، نتيجة الإنهيار الذي حصل، كان عليهم أن يدرسوا الواقع المالي ليبدأوا بإصلاحه على أسس علمية، أولها كشف حجم الخلل والثقب المالي الكبير الموجود والمخبأ لتبدأ على قاعدة واضحة للاصلاح ولسد هذا الثقب الأسود، الذي هو نفق لا ينتهي إذا لم تسده. ولسده باشرت هذه المجموعة الاستعانة أيضا بالشركات الأجنبية ذات الصدقية وبالمؤسسات الدولية، فإذا بأمر المنظومة بدأ ينكشف للخارج وليس للداخل فقط، المعروف منا أصلا، والذي نبهنا منه أصلا. لا ننسى مؤتمر الوزير بطيش في نيسان 2019 والذي قامت عليه القيامة عندما كشف بعض الأرقام وكذلك الوزير رائد خوري. ولسده بدأت الحكومة البحث عن مصادر المال، فبدأت المنظومة بالحديث عن بيع الدولة وعقاراتها وعن هندسات عقارية للنهب بعد أن نهبوا سابقا من الهندسات المالية، وعندما رأوا أنها غير ماشية، بدأوا بالتهديد والوعيد بالحرب الأهلية إن استمر الحديث عن المس بأموالهم المنهوبة والموهوبة والمحولة، وسموا هذا انقلابا عليهم".
أضاف: "الحقيقة الساطعة اليوم هي أن هناك خسارة كبيرة، لن أدخل بأرقامها التي بدأت تصبح معروفة، هذا إذا لم يكن هناك من إضافات ومفاجآت أخرى غير معروفة ومخبأة، ويجب تغطية وتسكير هذه الخسارة، لذا يجب أن يكون هناك توزيع عادل لهذه الخسائر، ويتوزع الذين يتحملونها على الشكل التالي: على الفاسدين، السارقين، والمستفيدين الجشعين، والمصارف وأصحابها والمساهمين فيها، والمصرف المركزي، والدولة بسياساتها ورجالاتها وليس بأصولها وأملاكها".
ورأى أن "قاعدة التوزيع يجب أن تستند الى ثلاثة معايير: المسؤولية، الاستفادة والحجم. بمعنى ان يطال اولا من ارتكب ويتحمل مسؤولية أخطائه بالمساس بأموال منهوبة. وثانيا من استفاد وجنى أرباحا كبيرة ولو مشروعة، من أموال موهوبة أو مهربة، ومن سياسات استدانة وفوائد عالية من دون المس بحقوقه وبأصل أمواله، وثالثا أن تكون الخسارة متناسبة مع حجم الأموال ووضع سقوف لها، وهذا مفهوم عالمي متعارف عليه كالضريبة التصاعدية أو الضريبة على الثروات، مع تأكيد تحييد كامل لأصحاب الودائع الصغيرة والمتوسطة، والذين يظهر أنهم وضعوا فيها جنى عمرهم وتعبهم".
وعرض عن "الدخول في أرقام التوزيع والتفاصيل الرقمية التي يجب ان تكون موجودة في خطة الحكومة"، تحدث ب"الخطوط العريضة عن كل من هذه الفئات، بدءا من الفاسدين السارقين، لئلا يبقى الكلام عن استعادة الأموال المنهوبة شعارا"، داعيا الى "الذهاب الى الشق العملاني لكي نحشر الجميع ونفرز الأوادم من الفاسدين، ونخرج من شعار كلن يعني كلن فاسدين، الى عنوان تطبيقي لكلن يعني كلن، يكونون تحت المساءلة".
وتابع: "هناك اتجاهان، واحد من السلطة التنفيذية بتطبيق القوانين الموجودة وآخر تشريعي من مجلس النواب بإقرار قوانين جديدة. في ما يتعلق بالشق التنفيذي، أقرت الحكومة في جلستها الأخيرة مشروعا مقدما من وزيرة العدل عن ثمانية إجراءات تطبيقية للقوانين السارية لمسح ضريبي ومالي وعقاري لكل المتعاطين بالعمل العام، وهذا لا دخل لنا بها نحن النواب إلا من باب الرقابة. ونتمنى أن ينجحوا فيه ويعطي نتائج. وفي ما يتعلق بالشق التشريعي، هناك قوانين عدو مقدمة، أقر أحدها في الجلسة الأخيرة وهو المتعلق بإنشاء هيئة مكافحة الفساد، بتعاون الجميع وهذا جيد. نحن التيار والتكتل، قدمنا رزمة من خمسة قوانين لمكافحة الفساد، أولا إنشاء المحكمة الخاصة بالجرائم المالية منذ سنة 2013 وأربعة قوانين أخرى منذ أكثر من سنة وتباعا هي رفع السرية المصرفية ورفع الحصانة واستعادة الأموال المنهوبة وكشف الحسابات والاملاك، ونمارس ضغطا لإقرارها من دون نتيجة فعلية حتى الآن، ونتعرض لمزايدات بخصوصها".
أضاف: "ومثالا على ذلك لقد قدمنا قانونا عن رفع الحصانة عن القائمين بالخدمة العامة منذ أكثر من سنة في 19 آذار 2019 وتمت إحالته (مع بقية القوانين) الى لجنة نيابية مصغرة، وقدم النائب ميشال معوض بالتنسيق والعمل معنا منذ حوالى الشهر قانونا يتعلق بحصانة الرؤساء والوزراء ويعالج مسألة التعديل الدستوري المطلوب، الا أن نائبين كريمين قدموا بآخر جلسة اقتراح قانون معجل بخصوص رفع الحصانة، ونتيجة النقاش بالمجلس النيابي، وخصوصا بالنسبة الى تعديل دستوري أولا، سقطت عنه صفة العجلة وتمت إحالته الى اللجنة المصغرة مع وعد منها بإنهائه مع غيره من القوانين خلال هذا الاسبوع لرفعه الى الهيئة العامة، بعد الجلسة انتهت القصة بمزايدات إعلامية واتهامات لنا بإسقاطه! تخيلوا اننا نحن نريد إسقاط القوانين التي نحن قدمناها ونقاتل لإقرارها. هذه القوانين كلها مفيدة وجيدة ويجب أن تمر، ولكن لنكن صريحين ولو أحرجنا الجميع! هناك قانون واحد وهو سريع وفعال، ويعرب بسرعة الفاسدين من الأوادم هو قانون كشف الحسابات المالية والأملاك؛ تعالوا نقره وهنا أرفع التحدي أمام الجميع، هذا القانون يقوم ببساطة على فكرة الطلب الى هيئة التحقيق الخاصة الموجودة أساسا في المصرف المركزي، بكشف حسابات وأملاك كل قائم بخدمة عامة منذ دخوله اليها الى حين خروجه منها، أو إلى الآن، وعليه يتم - وبسرعة كبيرة - تعريب الرؤساء والوزراء والنواب والموظفين (قضاة - عسكريون - فئة أولى - ثانية وثالثة) إلى فئتين: واحدة مِن مَن لم يظهر فرق بأمواله وأملاكه خلال هذه الفترة وهؤلاء مبدئيا بريئون من دون إعفائهم من أي ملاحقة أخرى إذا ظهر أي أمر بالقوانين الأخرى القائمة أو التي ستقر، وثانية هي التي ظهر فيها فروقات كبيرة بأموالهم وأملاكهم، هؤلاء يذهبون إلى التحقيق معهم من قبل هذه الهيئة ، إذا أثبتوا أن مصادر أموالهم من غير الدولة يوضعون على حدة مثل الفئة الأولى؛ وإذا لم يثبتوا ذلك أي أن أموالهم وأملاكهم هي من وراء تعاطيهم بالخدمة العامة والمال العام، يحالون عندها إلى محكمة خاصة لمحاكمتهم واستعادة هذه الأموال منهم؛ وهذه المحكمة مؤلفة من رئيس المجلس الأعلى رئيسا، وعضوية مدعي عام التمييز ومدعي عام الديوان ورئيس الديوان ورئيس شورى الدولة، هذا القانون إذا أقر يؤدي سريعا إلى فصل الأوادم عن غيرهم، ولأني أدرك صعوبة إقراره لأنه سيفضح فعلا الفاسدين وسيعمل المستحيل لعدم إقراره، فإني أدعو جميع القائمين بخدمة عامة في الدولة إلى القيام بهذا الأمر من تلقاء أنفسهم من دون قانون، ولا أحد يحق له التحجج بعدم قدرته على القيام بهذا، فأنا قد قمت به من تلقاء نفسي ( بالرغم من وجود صعوبات بوجهي، إلى أن نشرت حساباتي كلها بأيلول 2017، وكشفت املاكي)".
وقال: "وأنا أتحدى أن يثبت أحد أي أملاك أو أموال لي خارج ذلك في الداخل أو في الخارج، فليتفضل كل آدمي، ويظهر آدميته ويتجرأ ويفضح كل من لا يجارينا بهذا او بإقرار هذا القانون بالمجلس النيابي، هذا سيظهر فعلا عدد الناس المتورطين وحجم أموالهم وأملاكهم، وننتهي من مهزلة التكاذب الحاصلة، هذا التحدي أرفعه أمام الجميع، وتستأهل القصة ان نخلص البلد وننظفه من الفاسدين بكشف حساباتنا وأملاكنا للرأي العام بكل شفافية كما أنا فعلت، ومن لا يجرؤ في هكذا وضع يمر به البلد فهو مشبوه الى ان يتطوع بذلك تلقائيا أو بإقرار القانون" .
ثانيا: المستفيدون الجشعون (او الذين جنوا ثروات ضخمة بالاستفادة من سياسة المصرف المركزي النقدية).
وهنا أتكلم عن 3 فئات:
1 - أصحاب الودائع الكبرى والذين جنوا أرباحا كبيرة على مدى سنوات من استدانة الدولة منهم بفوائد عالية، وهؤلاء أتركهم لخطة الحكومة وما تنوي القيام به، مع العلم أن الأفكار كثيرة لعدم المس بأصل اموالهم ولا بحقوقهم (مثل تجميد أرباحهم لفترة طويلة بفوائد منخفضة جدا، أو إدخالهم بحصص بالمصارف أو بأسهم بشركات مستثمرة بخدمات وأصول الدولة).
2 - المستفيدون من الهندسات المالية: وهذه أموال ضخمة أذكر منها فقط العملية التي تمت سنة 2016 وأربحتهم حوالى 6,1 مليار دولار بضربة واحدة؛ وهؤلاء اتركهم ايضا لخطة الحكومة او لقانون الأموال المنهوبة والموهوبة.
3 - وهذا الأسهل، المستفيدون من تحويل الأموال الى الخارج وخصوصا بعد 17 تشرين ولغاية الآن، وهنا لن أكرر ما قلته سابقا عن الأرقام، انما قدمنا الإخبار الى القضاء الأسبوع الماضي عبر النائب زياد أسود، واكتشفنا أن الحاكم كان قد أجاب مدعي عام التمييز بناء لملاحقتنا بعدم وجود شبهة بالعمليات التي حصلت وبعدم القدرة على اتخاذ اي قرار بالطلب الى المصارف تزويدها بالأسماء لعدم وجود شبهات عليهم، مع الإشارة الى انه اذا تم تجاوز هذا الأمر فإنه سوف يفسر بأن الهيئة تقوم بتنفيذ قرار سياسي.
تخيلوا ايها اللبنانيون، انه مع كل ما يحدث وعدم تمكنكم من سحب أموالكم الا بمقدار بضع مئات من الدولارات بالشهر، هناك من حول بضع مئات من الملايين لا بل مليارات الى الخارج، واذا تمت المطالبة بها فإن الأمر يعتبر سياسيا!!!
وعلى هذا الاساس سنحشرهم أكثر ونتقدم باقتراح قانون في اليومين المقبلين الى المجلس النيابي يلزم جميع مساهمي المصارف وجميع الأشخاص الذين تبوؤا مراكز سياسية او ادارية او قضائية او عسكرية إعادة جميع الأموال المحولة بناء لطلب منهم الى الخارج (والتي تفوق مبلغ 50,000$) تحت طائلة بطلان عمليات التحويل والملاحقة الجزائية.
ولنرى من سيعارض تمرير هذا القانون في المجلس النيابي! وهذا تحد آخر!
3 - المصارف والمساهمون فيها: وعلى هؤلاء أن يتحملوا جزءا من الخسارة لأنهم هم طوعا اختاروا سياسة إقراض الدولة مع فوائد عالية أي مع مخاطر عالية بسبب علمهم عن عجز الدولة عن السداد؛ وهناك طرق عدة لقيامهم بذلك، لن أدخل فيها أيضا وهذه متروكة لخطة الحكومة. ولكن عليهم أن يقلعوا عن سياسة النكران وكأن شيئا لم يحصل ويدركوا ان عليهم تغيير نمطهم السابق.
ولكني في الوقت نفسه، أحذر من أي نية لتدمير القطاع المصرفي أو لوضع اليد عليه بأي خلفيات سياسية، فهذا لن نرضى به وسندافع عن بقاء القطاع المصرفي حرا وركيزة أساسية للإقتصاد اللبناني ولتحريك دورته بإقراض أصحاب الإنتاج خاصة، صحيح أننا مع إعادة هيكلة القطاع المصرفي وفق معايير دولية ولكننا ضد فرض أي سياسات إستنسابية على المصارف بغية تطويعها وإخضاعها، بل لتركها تتدبر أمورها من ضمن معايير تضعها الدولة والمصرف المركزي لتكون ملائمة لنهضة القطاع والاقتصاد.
4- المصرف المركزي:
طبعا إن المصرف المركزي يتحمل مسؤولية كبيرة بالخسائر الواقعة عليه، وبعدم شفافية أرقامه، وبطمأنته المتمادية للشعب اللبناني مع إدراكه لفظاعة الأمور وخطورتها، ولعدم تعاونه مع السلطة التنفيذية ولاستفراده بسياسات انتقائية في الاقتصاد والإقراض والدعم دون الانضباط بسياسات الحكومة بل بوضعه بنفسه لنفسه سياسات خاصة به متعلقة بسياسات الدولة والاقتصاد، ولكن من غير المعقول القول إن المصرف المركزي هو وحده المسؤول، بل إن المجلس النيابي والحكومة هما المسؤولان عن تركه بالتمادي في هذه الأخطاء دون التصحيح اللازم من جانبهم. لكن إذا قامت الحكومة الآن بتحمل مسؤولياتها فهذا لا يعني أنها تقوم بانقلاب على النظام المالي الحر ولا على استقلالية المصرف المركزي، بل هي التي تبقى المسؤولة عن تحديد السياسات الكبرى وعلى المصرف المركزي الإنسجام والتعاون مع هذه السياسات لتفادي الاعظم. وأي محاولة لتجنب هذا التعاون والالتزام المنصوص عنه في قانون النقد والتسليف، تحت مسميات انقلابية وطائفية، إنما هو إخلال بواجبات الوظيفة، وينبغي التعاطي معه على هذا الأساس......
وتابع: "من غير المعقول القول إن المصرف المركزي وحده المسؤول، بل المجلس النيابي والحكومة هما المسؤولان عن تركه يتمادى بهذه الأخطاء من دون التصحيح اللازم من جانبهم. لكن إذا قامت الحكومة الآن بتحمل مسؤولياتها فهذا لا يعني أنها تقوم بانقلاب على النظام المالي الحر ولا على استقلالية المصرف المركزي، بل هي التي تبقى المسؤولة عن تحديد السياسات الكبرى، وعلى المصرف المركزي الانسجام والتعاون مع هذه السياسات لتفادي الأعظم، وأي محاولة لتجنب هذا التعاون والالتزام المنصوص عنه في قانون النقد والتسليف، تحت مسميات انقلابية وطائفية، إنما هو إخلال بواجبات الوظيفة، وينبغي التعاطي معه على هذا الأساس. وهنا وقبل أن أدخل إلى الشق الخامس وهو الدولة، أريد أن أقول أن لكل أزمة منافعها وفرجها، وقد تكون إحدى أهم الفرص لهذه الأزمة هي إسقاط الحمايات الطائفية عن المرتكبين والفاسدين. صحيح أن الفساد لا طائفة له، ولكن الواقع أن الفاسدين محميين بطوائفهم، وحذار أن تفوت المرجعيات الدينية العليا، مسيحية واسلامية، أن تفوت على اللبنانيين هذه الفرصة وتسعى إلى تأمين الحماية بإسم الطائفة للمرتكبين، في الوقت الذي تطالب به هذه المرجعيات، وأقول مجددا المسيحية والاسلامية، بالاستماع إلى صوت الشعب، فالشعب يرفض هذه الحمايات".
وقال: "خامسا الدولة، وهي المسؤولة أولا وأخيرا عما وصل اليه الوضع، ولا يحق لها اتهام المصارف أو المركزي أو المستفيدين والنأي بنفسها وكأن لا دخل لها، فهي التي سمحت بهذه السياسات الفاسدة، ولكن الدولة مسؤولة برجالاتها وبالأشخاص الذين استلموا المسؤوليات فيها، وليس بأملاكها التي تعود للناس وليس لرجالاتها. فقصاص الدولة أو حصتها تكون برجالاتها، وليس بفقدانها أملاكها وأصولها، وبالتالي يقع القصاص مجددا على الناس، ويتم إعفاء الفاسدين لا بل مكافأتهم بوضع يدهم هذه المرة ليس فقط على أموال الدولة والناس، بل على أملاك الدولة والناس، وهذا جرم مضاعف ولن نسمح به".
أضاف: "نحن منذ فترة طويلة، وفي ورقة قدمناها في ايلول 2019، وكررناها أخيرا، طرحنا أن تؤسس شركة قابضة أو صندوق ائتماني سيادي، من دون الدخول الآن في التفاصيل التقنية)، يدخل فيه، بالأسهم، المصارف والمودعون الكبار كوسيلة للحفاظ على أي حقوق لهم مع إمكان تحقيق أرباح بسيطة لهم، ويدخل فيه المستثمرون الراغبون مع إعطاء الأولوية للمنتشرين اللبنانيين، على أن يمتلك هذا الصندوق أصولا وأملاكا عائدة للدولة وقابلة للتصرف بها، مع إنشاء أملاك إضافية كردم البحر، واستثمار هذه الأصول، من دون خسارة الدولة الحق السيادي عليها ولا خسارتها الألاكثرية اللازمة لحفظ هذا الحق، استثمارها بشكل يؤمن: المداخيل والسيولة اللازمة للدولة، الخدمة الجيدة للمواطنين والعدالة والمساواة بين المناطق والناس، على ألا تتم أي عملية تسييل أو مشاركة موقتة إلا بما يتلاءم مع مصلحة الدولة والأسعار الرائجة عالميا. بهذا الشكل تساهم الدولة بالخسارة وتحافظ في الوقت عينه على حقوق الناس وتوفر فرص الاستثمار والتعويض لهم".
وعن الخطة الاقتصادية قال: "ما قدمته هو تحديد للخسائر وتوزيعها، وكأنها تشخيص للمرض وكل علاج يبدأ بالتشخيص، أي تحديد المسببات المرضية والمسببين. حق الشعب المتألم ان نصارحه ولكن واجبنا ان نجد الحلول، ونحن أوجدناها بالحكومات السابقة وحاربنا لإدخالها بالموازنات وبتصحيح السياسات وكنا نواجه بالرفض دوما، من دون وجود الأكثرية اللازمة لنا، إلا أن هذا لم يمنعنا من تقديم الحلول دائما، وقدمنا أفكارنا هذه المرة ايضا وأول ورقة رفعناها في زمن هذه الحكومة في 19/2/2020، وطورناها أخيرا، ومستعدون للتحدث عنها عندما يلزم، ولكن نترك الأمر للحكومة لكونها هي المسؤولة، ونحن جاهزون لأي مساعدة عندما تطلب وجاهزون لأي انتقاد عندما يلزم".
وطالب بثلاثة أمور: "أولا نطالب بالاسراع في إقرار خطة الحكومة ويجب ألا يتعدى الأمر هذا الأسبوع كما وعدت، والتوجه بعدها الى المؤسسات الدولية وبخاصة صندوق النقد الدولي لمفاوضته قبل ألا يعود لنا دور مع طحشة كورونا العالمية، نفاوضه للحصول على الشروط التي تناسبنا وفي الوقت عينه تقيدنا لتنفيذ الإصلاحات اللازمة لنا. ثانيا وجوب اعتماد سياسة إنقاذية متكاملة فيها النقدي والمالي والاقتصادي والاجتماعي ومقدرات الدولة وطاقاتها وثرواتها. لن ادخل الآن في التفاصيل ولكن أقول إن فيها Capital control الذي هو واجب لوقف التسرب المالي، وفيها حماية كل المودعين وبخاصة الصغار، وفيها إعادة هيكلة الدين وتخفيض كلفته، وفيها تصغير العجز في الموازنة وصولا لتصفيره من خلال وقف الهدر وضبط المداخيل وإقفال المؤسسات غير المنتجة، والتضخم في القطاع العام وحل مشكلة الكهرباء، وفيها تحويل الاقتصاد الى منتج من خلال مشاريع محددة في الزراعة والصناعة والسياحة واقتصاد المعرفة والخدمات، تؤدي الى تخفيض العجز التجاري، وفيها توفير شبكات الحماية الاجتماعية وتأمين رزم المساعدات للفقراء وخلق برامج المساعدة الاقتصادية، وفيها التشركة لمؤسسات الدولة وإشراكها مع القطاع الخاص لتصبح أكثر إنتاجا وفعالية وخدمة سوية".
وختم باسيل: "ثالثا وأخيرا، نطالب الحكومة بأن تقدم ولا تتراجع، فما يعانيه الوطن والشعب إنما يعانيه كل الوطن وكل الشعب، ولا طائفية ولا استهداف ولا انقلاب بالفقر، بل هي حجج واهية للهجمة على الحكومة لأنها بدأت بالتشخيص والاجراءات، فاجتمع عليها المتضررون من المساءلة. نحن نعاني واقعا مؤلما وعلينا القتال من دون مهادنة لإخراج شعبنا منه، من دون اي حساب بل بمحاربة من يعيق عملية الإنقاذ هذه. نحن التيار نعمل لصالح شعبنا وليس لشعبيتنا، ودفعنا ثمن ذلك ومستعدون لأكثر شرط الخلاص، والخلاص ممكن وهو آت. الخلاص آت ان اعتمدت هذه الخطة الكاملة، والهلاك حتمي ان منعوا تنفيذها وعلى اللبنانيين الخيار بين الخلاص والهلاك".
رصد المحور