عقدت كتلة الوفاء للمقاومة اجتماعها الدوري بمقرها في حارة حريك، وذلك بعد ظهر اليوم الخميس تاريخ 21-5-2020 برئاسة النائب محمد رعد ومشاركة أعضائها.
واصدرت البيان التالي :
حين تختلط هذا العام مناسبات العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، مع محطات وذكريات النصف الثاني من شهر أيّار، يصبح المرء مدفوعاً باهتمام للتأمّل فيما مضى ليقرّر خطواته في الزمن القادم.
فَمِنْ شهادة أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب عليه السلام يوم الواحد والعشرين من شهر رمضان، وما أحدثته من صَدعٍ أصاب الأمّة ونحا بها نحو جملة تحولات طبعت تاريخنا الحضاري بألوانٍ من التجارب وأشكال الحكم المتفاوتة في نسبة انسجامها مع قواعد وأحكام الشريعة الغرّاء.
إلى زمننا الراهن، حيث انتصرت ثورة الإسلام المباركة في إيران وأتاحت لبقع الضوء في تاريخنا فُرَصَ توهّجها مجدداً وأعادت للقيم الانسانية حيويتها وللحكم روحيّته المنفتحة على العدالة ورفع الظلم وصار لفلسطين نصيراً جاداً وللقدس يوماً عالميّاً تنشدُّ إليه القلوب وتنطلق منه المشاريع والبرامج.. وتستوحى منه آليّات التعامل مع محطّات مضت ومع أحداثٍ كان يراد لها أن تعبر بصمتٍ وهدوء في عصرنا. فصارت النظرة إلى نكبة فلسطين في 15 أيّار 1948، تحثّ على النضال ومواصلة السبل لإحباط المشروع الإسرائيلي واستعادة فلسطين من بحرها إلى نهرها.. بدل التباكي على حقٍ ضيَّعه الجبن والخذلان والتآمر... وصار التصدّي لاتفاق 17 أيّار وإجهاض مفاعيله هو الخيار الذي تمليه المفاهيم والقيم الانسانية والوطنية في زمن نهوض المقاومة ضد الاحتلال والتصدي له ولتداعياته.
واستناداً الى خيار المقاومة سطّر شعبنا في لبنان اروع ملاحم الصبر والبطولة على مدى 18 عاماً ضد الغزاة المحتلين حتى ألحق بهم شر هزيمة وأجبرهم على الاندحار وأنجز تحريراً تاريخياً للبلاد أسس لمرحلة جديدة صارت المقاومة فيها مكوناً فاعلاً لمعادلة القوة والنصر التي تكرست في 25 ايار من العام 2000 وما بعد. وفي ضوء قيم المقاومة بات الجهاد والاستشهاد طلباً للنصر ودفعاً للعدوان, مسلكاً يوميّاً نبيلاً يضطلع به رجال أباة وقادة مجاهدون وشهداء، أحيا أهلنا الأسبوع الفائت ذكرى أحد كبارهم الشهيد القائد السيد مصطفى بدر الدين الذي قاد التصدّي للهجمة التكفيريّة التي استهدفت سوريا ولبنان، وتمكّن مع إخوانه في المقاومة وبعد سلسلة من المواجهات المفصليّة التي نستحضر هذه الأيّام بداية العمليّات التمهيديّة لتحرير مدينة القصير في ريف حمص، وما نتج بعد ذلك من تداعيات وتدحرج انتهى إلى دحر المشروع التكفيري عن سوريا ولبنان.
أمّا في المشهد المحلّي الراهن، فإن ما بين مواصلة تصدّي لبنان اليوم لوباء الكورونا الذي لا يزال يحقق إصابات في مرمى المقيمين والوافدين من اللبنانيين، ويستدعي التشدّد من الجميع في التزام قواعد السلامة الصحيّة والتعبئة العامة إزاءه، وبين محاولة الحكومة الاستثمار على خطّتها الاقتصاديّة العامّة للحصول على مساعدات طازجة غير مصحوبة بشروط مكبِّلة أو معطّلة تحول دون إنعاش الوضع الراكد تحريك بعض مشاريع الاستثمار في البنى التحتيّة وغيرها في البلاد، يستنزف اللبنانيون أوقاتهم بمتابعة أخبار التحقيقات في بعض ملفّات الهدر والفساد علّهم يستطيعون محاكمة منظومة الفساد المعقّدة التي تستأثر بالمصالح والثروات على حساب حقوق المواطنين ومصلحة الوطن، أو علّ القدر يمكّنهم أن يستعيدوا الأموال المحوّلة إلى الخارج لسببٍ غير مفهوم وبكميّاتٍ لا تزال غير مُدقّقة.
إنّ كتلة الوفاء للمقاومة التي عرضت للرأي العام خلاصة جهدها على مدى عامين متواليين في ملاحقة بعض قضايا الهدر والفساد في البلاد وأحالت للمتابعة لدى المراجع القضائيّة والجهات المختصّة ملفّات تُقدّر قيمتها بما يوازي الواحد والثلاثين مليار دولار، تتابع باهتمام بالغ سير التحقيقات والملاحقات، ومسار إنقاذ الوطن من أزمته الخانقة التي ألمّت بوضعه السياسي فضلاً عن وضعه المالي والنقدي والاقتصادي.
وعشية عيد الفطر السعيد الذي يطل هذا العام وفيما أغلب الناس تلتزم الحجر المنزلي الطوعي احترازاً ضد الكورونا، لا يفوت الكتلة ان تهنئ اللبنانيين خصوصاً والمسلمين عموماً بهذا العيد الذي نرجو ان يكون مدخل خير وعافية للبشرية جمعاء وبداية رحلة النقاهة من معاناة المكافحة للوباء والعودة الى استئناف الحياة الطبيعية في لبنان والعالم.
وفي اجتماعها اليوم عرضت الكتلة للعديد من الملفات والقضايا وتوزعت المهام بين اعضائها استعداداً لجلسة الهيئة العامة القادمة بعد العيد، خلصت في الختام إلى ما يأتي:
1- ان عيد المقاومة والتحرير هو عيد وطني يستشعر فيه اللبنانيون قدرتهم على حماية وطنهم والدفاع عن وجودهم ومصالحهم واستعدادهم لمواجهة الغزاة وفرض الهزيمة عليهم عبر التزام معادلة الجيش والشعب والمقاومة, التي كرست الانتصار للبنان ضد اعدائه وفرضت على الصهاينة توازن ردعٍ يستعصي تجاوزه من قبل الكيان الاسرائيلي, رغم تهديداته ووعيده المتواصل.
اننا نحيي بهذه المناسبة اهلنا المقاومين وجيشنا القوي ومقاومتنا الباسلة ونستحضر ايات التقدير والاجلال لكل الشهداء والجرحى والاسرى المحررين.
2- أنّ على الحكومة اللبنانية وهي تفاوض الجهات والمؤسسات والدول حول ما يلزم من مساعدة لتنفيذ خطّتها الاقتصاديّة أن تكون واثقة تماماً بوجود خيارات بديلة.. حتّى لا تقع فريسة الوهم بعدم وجود بدائل، وكي لا تخضع لمحاولات بعضهم الضغط عليها لتقديم تنازلاتٍ مرفوضة.
إنّ الحرص على العلاقات الجيّدة مع الدول ينبغي أن يظهر متبادلاً.. وإلا يصبح ارتماءاً أعمى في حضن المبتزّين.
إنّ الكتلة تأسف لوجود أصوات تشجّع على التنازل وتبرّر للجهات الأخرى المفاوِضة إملاء شروط لها على لبنان، وتضع المفاوض اللبناني في موقع المهزوم مسبقاً قبل أن يبدأ التفاوض.
3- التزاماً منها بحماية مصالح اللبنانيين كافّة، ودرءاً لما خلقه وباء الكورونا من تداعيات وأضرار، وأحدثه من تعقيدات, اضافة الى ما تسبب به وباء الكورونا من اضرار وارباكات في أكثر من مجال يتصل بأوضاع المواطنين القانونيّة والمعيشيّة.. أعدّت الكتلة خمس اقتراحات قوانين تقدّم بها بعض نوابها إلى المجلس النيابي الكريم إسهاماً في معالجة المشاكل والظروف الناجمة عن الإعسار الذي فرضته على الجميع التداعيات الصعبة والراهنة في البلاد.
4- إنّ محنة العالم بوباء كورونا وما كشفته من خبايا في نظرة الغرب الحقيقيّة إلى حقوق الإنسان وفي درجة نفاقه الذي ظهر في التخلّي عن احترام تلك الحقوق في الصحّة والحياة، وتغليب الأرباح والمنافع الاقتصاديّة على حساب حفظ وجود الإنسان وبقائه، كلّ ذلك ينبغي أن يدفع الرأي العام في بلادنا والأنظمة الحاكمة في دول منطقتنا لاعادة النظر ومراجعة علاقاتها وتحالفاتها مع هذا النمط من الدول ذات السلوك الخسيس والرديء الذي لا يبعث على الطمأنينة فضلاً عن الثقة بجدوى الرهان على توجهاتها ورؤاها التربويّة والاجتماعيّة.
5- إنّ إحياء يوم القدس العالمي هو وثبة حضاريّة لها بالغ الفاعليّة والأثر للانتقال بالأمّة من موقع الانهزام النفسي الذي استولدته النكبة في العام 1948، إلى موقع الثقة والاعتزاز لتحقيق التحرير ضمن مسار جهادي وعقائدي يرتكز إلى الإيمان بالله وبقدرات شعوبنا على بناء القوّة اللازمة لدحر العدوان وإزالة الاحتلال.
إنّ الغفلة عن فلسطين والتقصير في واجب تحريرها، هو إلغاء للهويّة واستسلام للإذعان وخضوع لن يستقر عند حدود.. وثغرة يتسلل منها الاعداء والمتواطئون ليعقدوا صفقات على حساب شعبها وارضها ومصيرها.
وليست النكبات التي توالت في المنطقة إلا بعضاً من نتائج تلك الغفلة وذلك التقصير.
في المقابل، ليست الانتصارات المتكرّرة ضدّ العدوّ الصهيوني والعدوّ التكفيري إلا الدليل الحيّ على واقعيّة الطموح الذي تصنع منه الجدية والمثابرة انجازات واقعية وحقيقية.
العلاقات الاعلامية