شدد الرئيس العماد اميل لحود على أن "الموضوع الأهم في ما خص حزب الله، والذي لا يأتي على ذكره أحد ممن كتب تاريخ الحزب حتى الآن، ولم يذكر في أي مقالة أو إطلالة إعلامية، هو: أين كان التحول الجذري في مكمن قوة المقاومة؟ وبما ان التاريخ يدل على المستقبل، يجب ان يعرف الجيل الجديد ماذا حدث في معركة تصفية الحساب في العام 1993".
وقال في تصريح : "على اثر عملية قامت بها المقاومة، باشر العدو الإسرائيلي بالإعتداء على لبنان لمدة أسبوع. وخلال هذا الوقت، كان رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، كعادته عندما يشعر بالخطر، وطوال مدة العدوان، يسكن في منزله في دمشق. عند انتهاء العدوان، عاد الحريري الى بيروت وارسل بطلبي على عجل قائلا: "أخيرا اقتنعت الدولة السورية بضرب حزب الله، وانا أحمل لك رسالة من القيادة السورية لضرب حزب الله غدا صباحا، وانت غير مسؤول لان قرارا من مجلس الأمن سيصدر مساء لقوات الطوارئ بأن يسيروا أمامك ويقوموا بتنظيف الجنوب من حزب الله، والجيش اللبناني يتسلم السلاح الذي تصادره قوات الطوارئ من حزب الله، وعلى طريقك احرق اي مسلح يظهر بقاذفة اللهب، وكذلك تخلص من الجبهة الشعبية في الناعمة بقاذفة اللهب". وأضاف الحريري متوجها للعماد لحود يومها كقائد للجيش: غدا صباحا عند الساعة العاشرة، سيعقد اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، وانت ستكون حاضرا وسيصدر القرار بضرب المسلحين، اي حزب الله. وبما أنك نجحت في قيادة الجيش، وعندما تنفذ هذا الأمر، ستنتخب رئيسا للجمهورية في العام 1995".
أضاف لحود: "جوابي الفوري كان حينها: ضميري لا يسمح لي أن أضرب لبنانيين يريدون العودة الى بيوتهم واسرائيل تحتل أرضهم. فرد الحريري: اذا كنت تريد التأكد فراجع رئيس الأركان السوري وهو يؤكد لك الأمر. فعندها كان جوابي: فتشوا عن غيري، فأردف الحريري: غدا يعين قائد جديد للجيش غيرك".
وتابع: "عند الساعة الثانية عشرة ليلا من اليوم نفسه بتوقيت بيروت، كانت الساعة الخامسة بعد الظهر بتوقيت نيويورك، اتصل بي الرئيس الحريري وأبلغني بصدور قرار في مجلس الأمن الدولي، وقال: معي على الخط الأمين العام بطرس غالي ويريد أن يتكلم معك، فكان جوابي: قلت لك أنا لن أنفذ ولا أريد أن أكلم غالي. فقال الحريري: غدا اجتماع المجلس الأعلى للدفاع وأنت مجبر على الحضور. فأجبت: لن أحضر الاجتماع فأنا غير مجبر على الحضور لأنه عند صدور القرار لن أكون قائدا للجيش.
وفي صباح اليوم التالي، عند حضوري الى مكتبي، تفاجأت بإجتماع قائد القوات الدولية مع أركانه مع مدير المخابرات ميشال الرحباني والمساعد الأول جميل السيد، وكانوا بإنتظاري وقد جهزوا الخريطة التي تشرح كيف ستنفذ قوات الطوارئ الدولية القرار بالتنسيق مع الجيش اللبناني، وقال لي قائد القوات الدولية بما انه لا وقت لدينا والقرار سيصدر الساعة العاشرة في المجلس الأعلى للدفاع، سنشرح لكم كيف سننفذ العملية، فقلت له أنني ابلغت رئيس الوزراء أني لن أنفذ ولذلك انتظروا حتى يعين قائد جديد للجيش عندها اشرحوا له كيفية التنفيذ، وبعد خمسة عشر دقيقة، وبحضور الجميع اتصل بي وزير خارجية لبنان وكلمني عبر سبيكرفون قائلا: القرار اتخذ وعليك أن تنطلق مع قوات الطوارئ وأن تتخلص من المسلحين بالصواريخ، فأجبته: لماذا أنت وزير الخارجية من يكلمني وليس وزير الدفاع، هل هو خائف؟ فأجاب سأعطيك وزير الدفاع لإعطائك الأمر، فأجبته: لا لزوم، عيب عليكم، أنا تركت الجيش، وخرجت من مكتبي".
وأشار لحود الى ان "العميد جميل السيد، الذي كان صلة الوصل مع السوريين، اتصل بي بعد أربع ساعات وأخبرني بألا استقيل من قيادة الجيش، لأن الرئيس حافظ الأسد يريد ان يتعرف علي. وبعد يومين استقبلتني القيادة السورية على الحدود ورافقوني في زيارة نصب الجندي المجهول، وتلى ذلك استعراض عسكري أقيم على شرفي وغداء مع العماد حكمت الشهابي والقيادة السورية وعشاء مع الوزير طلاس على شرفي ايضا. وفي صباح اليوم التالي، استقبلني الرئيس حافظ الأسد وكانت المرة الاولى التي ألتقيه فيها. شرح لي مطولا العلاقات بين سوريا ولبنان على أساس دولتين وشعب واحد، وبعدها سألني: الدولة اللبنانية والدولة السورية ومجلس الأمن أعطوك أمرا بأن تضرب المسلحين وأنت رفضت؟ فأجبته: اسمح لي ان اشرح لك تربيتي، فقال: تفضل، فأجبت: منذ ولادتي وانا اتذكر الوالد وهو يقول لي: حياتك لا شيء أمام ضميرك وكرامتك، لذلك رفضت لأني اذا نفذت هذا الأمر أخسر الإثنين معا، فابتسم الرئيس حافظ الأسد وقال: فعلت خيرا، أنا كلفت بالملف اللبناني مسؤولين بعقلية المسؤولين اللبنانيين ليتفاهموا مع بعضهم البعض. وأكد لي بأنه لم يكن على بينة من قرار ضرب المقاومة، ثم تطرق الحديث الى الوالد وتاريخه".
وأضاف: "آنذاك لولا وجود الرئيس حافظ الأسد كانت القوات الدولية مع الجيش اللبناني أنهت المقاومة ولم يكن لحزب الله القدرة على الصمود أكثر من ساعتين لأنه لم يكن يملك سلاحا ثقيلا ولا صواريخ ولا بيئة حاضنة، وايضا لأنه آنذاك كان هناك اقتتال دائم في العائلة الواحدة، أي حركة أمل وحزب الله".
وختم لحود: "على الأجيال الجديدة أن تعلم أنه لو لم يكن هناك قيادة ورجال مستعدون للموت لأجل الأرض، وقرار الرئيس حافظ الأسد بالوقوف الى جانب المقاومة، لما تم التحرير وكانت اسرائيل في بيروت كما فعلت سنة 1982. وصيتي الى الجيل الجديد، عندما يكون الإنسان على حق، ويواجه من أجل حقه، لا أحد يستطيع التغلب عليه، ليس فقط في مقاومة العدو الإسرائيلي بل وكذلك مقاومة الحرامية في لبنان".
رصد المحور