الديار:"نبيه البرجي"
هذا كلام لا يلقى على عواهنه. من قاله لا يلقي الكلام على عواهنه. بيني موريس علّق للتو «لكأن نصرالله يهددنا بتدمير الهيكل الثالث»...
تساءل، هذا الذي كان من المؤرخين الجدد قبل أن يرتد الى الدوامة التوراتية، ما اذا كان الأمين العام لـ «حزب الله» بمثابة «نبوخذ نصر اللبناني» أم «تيتوس اللبناني»؟
يفترض ان يعود الى عام 2000، والى عام 2006، لكي يفهم أن الهيكل اليوم غيره في العهد البابلي، غيره في العهد الروماني. ثمة رؤوس نووية تحت وسادة الجنرالات، وثمة طائرات «ف ـ 35 « تختال في الأجواء. لا ندري ما اذا كان الشبح المجنح قد أختبر فوق لبنان. الآن حديث عن مقبرة الطائرات تزامناً مع مقبرة الدبابات.
لا سبيل أمام بيني موريس سوى أن يقف الى جانب الحاخامات، دون أن ينسى القلنسوة، ويبتهل الى «الملائكة المدمرة» للتعامل مع أولئك اللبنانيين الذين أريد لهم، على مدى عقود، أن يكونوا الحلقة الأضعف في المنظومة العسكرية حول اسرائيل.
منذ اكثر من عشر سنوات وناحوم بارنيع يحذر من «أننا أمام واقع مختلف، أمام زلزال مختلف». التفاصيل، الاحتمالات، الهواجس، في الدراسات، والتقارير، التي تعدها معاهد البحث. بعضها قد يكون بعنوان «سنفونية القلق». ربما «أوديسه القلق».
الاسرائيليون اعتادوا على أن يسخروا من آلاف الطائرات، ومن آلاف الدبابات، ومن آلاف الجنرالات، بالنجوم التي تتكدس على الأكتاف، وبالأوسمة التي تتكدس على الصدور. حالياً، لا شيء من تلك الفانتازيا الرثة.
ازدادوا قلقاً. ماذا ينتظرهم داخل ذلك الجحيم؟ على اللبنانيين، كل اللبنانيين دون استثناء، أن يعلموا بأن اخواناً لهم في كل شيء (في شراكة الحياة وفي شراكة الأرض)، يثيرون الهلع في صدور الجنرالات الذين كانوا يقولون، بلسان رفاييل ايتان، «لم نكن نجد أمامنا سوى أحذية الجنرالات، وسوى أحذية الجنود، الذين يولون الادبار بمجرد أن تظهر نجمة داود».
السيد قال «أجدد لكم، باسم اخوانكم في المقاومة، بأن الفرق، والألوية، الاسرائيلية التي تفكر في الدخول الى جنوب لبنان، ستدمّر وتحطّم أمام شاشات التلفزة العالمية». فكروا، ملياً، بما يعنيه بعبارة «أمام شاشات التلفزة العالمية».
دنيس روس، واليوت أبرامز، وجاريد كوشنر الذي زرعه اللوبي اليهودي داخل العائلة، ليس فقط داخل المؤسسة، يعتقدون أن الولوج الى صفقة القرن، وبالعمليات الجراحية المعقدة، يقتضي، بادئ بدء، ازالة «حزب الله» عن المسرح.
كيف ؟ لا سبيل الا لانزال واسع النطاق تقوم به الأساطيل الأميركية على الشواطئ اللبنانية. لنتذكر أن ثمة منطقة في بيروت مشاطئة للبحر الأبيض المتوسط، وتدعى النورماندي. أصغر بكثير من النورماندي الفرنسية التي أعدّ لها دوايت ايزنهاور خمسة آلاف بارجة، وعشرة آلاف طائرة، و155 ألف جندي لتنفيذ عملية الانزال الشهيرة في السادس من حزيران 1944.
النورماندي اللبنانية أكثر تعقيداً بكثير. البنتاغون يستذكر ما حدث لقيادة المارينز قرب مطار بيروت في 23 تشرين الأول 1983. التجربة توقفت هنا، ولن تتكرر.
اكثر من مرة فكّر الاسرائيليون باحداث تغيير بنيوي في المفهوم الميداني للحرب ضد لبنان. عمليات انزال فوق قمم الجبال، وحيث الاطلالة البانورامية على المناطق التي يتواجد فيها مقاتلو «حزب الله». النزول المباغت من القمم، وارباك المقاتلين بسلاسل من الحلقات المتداخلة، قبل ان يتبين «الجانب السريالي» من الخطة التي تجعل الجنود الاسرائيليين يقعون في المصيدة، لا العكس.
اذاً، ومن كلمة السيد نصرالله، لم تعد المعادلة «متى تدخل اسرائيل الى جنوب لبنان ؟». أصبحت «متى يدخل حزب الله الى اصبع الجليل؟».
السيناريوات تضعها المعاهد الاسرائيلية. بعد كلمة الخميس، لا بد من سيناريو آخر. الجنرال أفيف كوخافي، رئيس الأركان، هو صاحب نظرية الهجوم الصاعق، بمئات الدبابات. هذا اذ يفاجئ العدو في مناطق التماس، يشله أيضاً. مئات، وربما آلاف، من مقاتلي «حزب الله» سيجدون أنفسهم خارج المواجهة.
تقارير شعبة الاستخبارات في هيئة الأركان جعلت كوخافي يكتشف أن العقل العسكري في «حزب الله» اخترق العقل العسكري في اسرائيل. كل الاجراءات الميدانية اتخذت ليس فقط لاستيعاب القوة المهاجمة، وانما لتدميرها.
السرعة، السرعة الفائقة هنا (ولكم كانت مفيدة المعارك في سوريا!)، عامل أساسي في مسار الصراع. شبكات أنفاق، وشبكات خنادق أكثر حرفية من خنادق الفيتكونغ. اضافة الى تدريبات خارقة، بما تعنيه الكلمة. ما فهمناه أن الخطة الدفاعية (الهجومية) تلحظ تدمير القوافل المهاجمة بسرعة قياسية.
قبلاً، كان الحديث عن الصواريخ المضادة للطائرات، وعن الطائرات المسيّرة DRONES)) التي تربك الطائرات الاسرائيلية الى حد كبير. تأكيدات بأن الأجواء ستشهد فوضى مثيرة للذهول.
الآن كلام عن المواجهة البرية الهائلة. السيد قال ما قاله. ما هي خيارات بنيامين نتنياهو في هذه الحال؟!
الدخول الى الجليل حتمي اذا ما اندلعت الحرب. غابي اشكنازي سبق وحذر «متر واحد من الأرض الاسرائيلية يعني نهاية كل شيء».
أمنياً، باستطاعة اللبنانيين أن يناموا على حرير. الآخرون ينامون على الجمر. ذات ليلة... ليلة الدخول الى الجليل!!
الديار