فيما يلي كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف 30-10-2020.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الانبياء والمرسلين.
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
قال الله تعالى في كتابه المجيد، بسم الله الرحمن الرحيم " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً" صدق الله العلي العظيم.
أتوجه في البداية بهذه المناسبة العظيمة بالتبريك إلى جميع المسلمين في العالم، وإلى جميع اللبنانيين كشعبٍ لبنانيٍ واحد، شريكٍ في المناسبات والأفراح والأتراح.
أبارك للمسلمين وللجميع ولادة الرسول الأعظم سيدنا ونبينا محمد بن عبدالله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وكذلك ذكرى ولادة حفيده الجليل والعظيم الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام).
أود في البداية أن أتحدث عن المناسبة قليلاً وأدخل منها إلى بعض الملفات والموضوعات ذات الإهتمام في المرحلة الحالية.
وُلد سيدنا محمد بن عبدالله(صلى الله عليه وآله وسلم) قبل ألف وأربعمائة وخمسة وتسعين سنة تقريباً، فيما يُعرف بعام الفيل، في شهر ربيع الأول، هذا الشهر، الآن في 12 ربيع الأول أو في 17 ربيع الأول على إختلاف الأقوال.
هذه الولادة المُباركة كانت المقدمة الطبيعية لولادة وإعلان الرسالة الإلهية الخاتمة، والتي لا نسخ بعدها ولا تَعديل ولا تبديل، " فَحلالُ محمدٍ حلالٌ إلى يوم القيامة، وحرامُ محمدٍ حرامٌ إلى يوم القيامة"، وكانت المقدمة الطبيعية لولادة جديدة لحياةٍ إنسانيةٍ حقيقية، لأجيالٍ ستخرج من الظلمات إلى النور، من خلال هذا المولود الجديد، وأيضاً لولادة أمةٍ باقيةٍ خالدةٍ إلى يوم القيامة.
كُلنا يَعرف بِأن للأنبياء والرُسل مُعجزاتهم وإنجازاتهم، خصوصاً عندما نَتحدث عن الأنبياء العظام، كإبراهيم وموسى وعيسى (عليهم السلام)، كانت لهم مُعجزاتهم التي شَهدتها عُصورهم والأجيال التي عاصرتهم، شَهدتها بأُم العين، ثُم نُقلت إلينا، حفظتها الكتب المقدسة، وخصوصاً القرآن الكريم، وكتب التاريخ والروايات التي وصلت إلى جميع الناس مسلمين ومسيحيين ويهود، وعلى إختلاف أديانهم.
كان لرسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) معجزاتٌ متنوعةٌ أيضاً، شاهدها الناس في زمنه، وانقضت في زمانه، وإنما نقلتها إلينا الروايات وكتب التاريخ، ولم نَشهدها نحن بأعيننا، كما هو حال معجزات الأنبياء السابقين، ولكن لرسول الله محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) معجزةٌ خالدةٌ مستمرةٌ حيّةٌ باقيةٌ إلى يوم القيامة، تَشهدها كل الأجيال في كل الأزمنة وفي كل الأمكنة، هذه المعجزة هي كتابه المقدس الذي أنزل الله على قلبه القرآن الكريم، هذا الكتاب العظيم الذي بعض وُجوه المعجزة، الذي ما زال محفوظاً بكلماته وآياته وسوره دون أي تحريفٍ أو تزويرٍ أو تعديلٍ منذ أكثر من ألف وأربعمائة وخمسين سنة، يعني كتاب ديني آياته وكلماته وسوره ومضامينه في الشكل والمضمون، يَبقى مَحفوظاً دون أن يُمس بأي تزوير أو تحريف، ألف وأربعمائة وخمسين سنة حتى الآن، وبالرغم من وجود الدواعي والعوامل والدوافع لتزويره وتحريفه وتغييره وتبديله، سواءً من داخل المسلمين أو من خارج المسلمين، من داخل الدائرة الإسلامية أو من خارج الدائرة الإسلامية.
إن بقاء هذا الكتاب المقدس محفوظاً بهذا الشكل الدقيق والعجيب هو بحد ذاته معجزة، وهو تحقيقٌ ومصداقٌ للوعد الإلهي " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"، لا يٌمكن أن يُحفظ كتابٌ دينيٌ مهمٌ في حياة ملايين ومئات الملايين، والآن ما يُقارب ملياري إنسان، أن يُحفظ بهذا الشكل دون أن يُمس، كما قُلت بالرغم من وجود كل الدواعي، الدواعي العقائدية والدواعي المذهبية والدواعي السياسية لتحريف أو تزوير أو تعديل في هذا الكتاب، وهذا دليل على الصيانة الإلهية والحفظ الإلهي لكتاب هذا النبي، وهذا القرآن أيضاً هو الذي ما زال يَتحدى البشرية منذ ألف وأربعمائة وخمسين سنة وإلى اليوم، وسوف يبقى هذا التحدي قائماً إلى قِيام الساعة، أن يأتوا بمثله ولو إجتمعوا جميعاً، أن يأتوا بعشر سورٍ من مثله، أن يأتوا بسورةٍ واحدةٍ من مثله، وهذا القرآن الذي ما زال يَنبض بالحياة ويَبعث الحياة ويُخرج الناس من الظلمات إلى النور، هذه معجزته الخالدة، أيضاً للأنبياء والرسل إنجازاتهم، وأعظم إنجازٍ لصاحب الذكرى نبينا وسيدنا رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو، وهو بحد هذا الإنجاز الإنساني الذي تَحقق على يديه، وهو بحد ذاته أيضاً أقرب ما يكون إلى المعجزة، هذا التحول العميق والهائل الذي تَحقق في مجتمع شبه الجزيرة العربية على يديه وبِفضل دعوته وجهوده وجهاده، لو نَظرنا إلى ذلك المجتمع، لو عُدنا إلى التاريخ، هذه شبه الجزيرة العربية لدينا مكة ولدينا يثرب لم يَكن اسمها بعد المدينة، لدينا مدينة الطائف ولدينا مجموعة كبيرة من البلدات، ولدينا قبائل وعشائر، وصولاً إلى اليمن وما فيها من مدن ومن حضارة ومن ملوك سابقين، كل هذه المنطقة التي نُسميها الآن شبه الجزيرة العربية، وهي كانت المساحة الأساسية لحركة هذا النبي ودعوة هذا النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، لو نَظرنا إلى الناس في ذلك المجتمع، إلى أحوالهم قبل ولادة النبي وقبل بعثة النبي، إلى أوضاعهم الدينبية، ماذا كانوا يعبدون؟ وبماذا كانوا يُؤمنون؟ إلى أحوالهم العملية ومستوياتهم العلمية، القراءة والكتابة ومستوى المعرفة، إلى ثقافتهم وإلى قيمهم وإلى منظومة القيم الحاكمة في ذلك المجتمع، إلى عاداتهم وإلى تقاليدهم وإلى أحوالهم الإجتماعية والمعيشية، مستويات الفقر والحرمان والطبقية، إلى أوضاعهم الأمنية والحروب وصراعات القبائل والعشائر والزعامات، إلى تشتتهم وتمزقهم، إلى كل جوانب حياتهم المتنوعة والمختلفة، يعني رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأتِ لِيعالج جانباً من جوانب حياة هؤلاء الناس، وإنما لِيعالج كل و الجوانب، وفي مقدمها البعد العقائدي والإيماني والمعرفي والثقافي والأخلاقي والسلوكي، ثم لو دَرسنا بعد ذلك، بعد بعثة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وسيرته ودعوته وجهوده وجهاده، أين أصبح سكان وأهل شبه الجزيرة العربية؟ ما هي التحولات الخطيرة والعميقة والمهمة جداً التي تَحققت هنا، وخصوصاً في الجانب الإنساني؟ في إيمانهم وفي عقيدتهم، والذي نَقلهم من عبادة الأصنام إلى عبادة الإله الواحد، في علومهم وفي ثقافتهم وفي منظومة القيم، وفي النظرة إلى الإنسان وإلى المرأة وإلى الإنسان الآخر وإلى أتباع الديانات الأخرى، وفي قيم وموازين التفاضل بين الناس، وفي العادات وفي التقاليد وفي الإنضباط وفي السلوك، وفي الأخلاق وفي القيم الأخلاقية، هذا التحول الإنساني الهائل الذي حصل في شبه الجزيرة العربية، وشكّل القاعدة الرئيسية لإنطلاقة هذه الأمة ووصول صوتها ورسالتها إلى كل العالم، لِتكون قاعدة التغيير العالمي، هذا أنجزه رسول الله محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) صاحب الذكرى، والجانب الأهم جداً والملفت جداً هو أن هذا الإنجاز تَحقق خلال ثلاثة وعشرين سنة فقط، نحن نعرف في حياة الشعوب وفي أعمار الشعوب عشر سنوات وعشرين سنة وثلاثين سنة وأربعين سنة من الصعب أن تُحدث تغيرات أوتغييرات هائلة، خصوصاً على المستوى العقائدي والثقافي والسلوكي والقيمي وما شاكل..، ولكن هذا صَنعه وأوجده رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وأَسس كما قُلنا لهذه القاعدة الإيمانية الإنسانية إلى قيام الساعة.
هذا النبي العظيم أحببت أن أعرض هذه المقدمة كي أدخل منها إلى الموضوعات التي أُريد أن أتكلم فيها، هذا النبي العظيم يَحمل له جميع المسلمين طوال التاريخ وإلى يومنا وإلى يوم قيام الساعة، سوف يظلوا هكذا، يَحمل له جميع المسلمين من الحب والعشق والتقدير والإحترام والتقديس ما لا يَملكونه أو يَحملونه لِبشريٍ آخر، مع محبتهم وتقديرهم وتقديسهم لكل الأنبياء والرسل والأولياء والأئمة والصالحين والأخيار طوال التاريخ.
للمسلمين جميعاً نظرة مميزة، إيمان خاص وحب خاص، لهذا الرجل ولهذا الإنسان ولهذه الشخصية، قد يَختلف المسلمون فيما بينهم طوال التاريخ، هذا حصل في قضايا مختلفة، قضايا فكرية ذات أحياناً طابع عقائدي أو تفاصيل وفروع عقائدية، في الأحكام الشرعية، في قضايا الحلال والحرام، في تقييم أحداث التاريخ الإسلامي، وفي تقييم الأشخاص، الآن في الواقع المعاصر قد يَختلفون حول قضايا إجتماعية سياسية كبيرة ومهمة وصراعات وحروب والخ...، ولكن هناك نقاط ومسائل إجماعية، لم يَخرج عنها المسلمون طوال التاريخ، ولا يمكن أن يخرجوا عنها إلى قيام الساعة، من أهم هذه النقاط الإجماعية عند المسلمين هي إيمانهم بمحمد بن عبدالله (صلى الله عليه وآله وسلم)، برسالته وبنبوته، بعظمته ومكانته ومقامه، وهم يَنظرون إليه أنه خاتم النبيين، فلا نبي بعده، وأنه سيد المرسلين، وأنه أفضل الخلق، وسيد الكائنات، والإنسان الأكمل والإنسان الأعظم، وأقرب المخلوقات إلى الله سبحانه وتعالى، وأحبهم إليه وأعزهم عنده، هذه نظرة المسلمين إلى هذا الرسول وإلى هذا النبي.
مع هذا الإيمان، يُخالط حُبه دماؤهم ولحمهم وكيانهم وأجسادهم وأرواحهم وعقولهم وقلوبهم، لأن هذا الإيمان ليس فقط إيماناً معرفياً أو إيماناً فلسفياً أو إيماناً ثقافياً أو فكرياً، كلا، يوجد نوع من العلاقة العاطفية والروحية والنفسية المميزة، طبعاً كان مطلوباً ويظل مطلوباً مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهم يُعظمونه في الدنيا ويَرون عظمته ومكانته المميزة في الآخرة.
هنا سنبني على نقطة لندخل الى موضوعاتنا، ولذلك لا يمكن للمسلمين ان يتحملوا اي اساءة او اهانة تتوجه الى هذا الرسول العظيم، ويعتبرون ان الدفاع عن كرامة نبيّهم في اعلى الاولويات التي تتقدم عندهم على كل المصالح والحسابات الاخرى، سياسية واقتصادية وحياتية واي شيء، هذا الامر يعتبرونه في رأس الاولويات، لا يتحملونه ولا يتسامحون فيه ولا يسعهم السكوت عنه وبالتالي يتعاطون او يتصرفون مع اي سلوك او ممارسة فيها اهانة او هتك او اساءة لرسول الله الاعظم صلى الله عليه واله وسلم بطريقة مختلفة.
من هنا ادخل الى الملف الاول في حديث الليلة وهي المشكلة القائمة الان وهي ليست مشكلة تخص بلد او مسلمين في بلد وانما هي تخص اليوم كل المسلمين في العالم، المشكلة القائمة الان بين السلطات الفرنسية من اعلى الهرم مع الاسلام والمسلمين واود ان اتحدث بشكل هادئ وموضوعي وعلمي لنفكك هذه المسألة ونبحث لها عن حلول، اي على قاعدة ان نصل الى حل وليس على قاعدة تكريس عداوات او البحث عن عداوات جديدة.
اولا نبدأ من الحادثة الاخيرة حتى لا يختلط الباطل بالحق والحق بالباطل و يضيع الحق، نبدأ من حادثة مدينة نيس الفرنسية، والتي قام فيها رجل مسلم بقتل 3 اشخاص وجرح اخرين، هذه الحادثة – سنبدأ من الاخر ونعود للبداية – ندينها بشدة وادانها المسلمون من مواقعهم المختلفة العلمائية والدينية والسياسية والعالم الاسلامي وجالياتهم في فرنسا واوروبا وفي كل مكان، وهذه الحادثة ايضا يرفضها الاسلام ولا يجوز ان يحسبها احد على الاسلام، يرفضها الاسلام والدين الاسلامي الذي يحرّم قتل الابرياء او الاعتداء عليهم او ايذائهم حتى لمجرد الاختلاف في الانتماء العقائدي، وكل حادثة مشابهة سبقت او تأتي، دائماً بالنسبة الينا كمسلمين وبالدرجة الاولى من موقع الاسلام هي مرفوضة ومدانة، في اي مكان وقعت هذه الحادثة واياً كان المستهدف في فرنسا او اي مكان في العالم، هذه النقطة فلنثبّتها كأساس حتى يكون هناك وضوح لاحقاً، ثانياً في سياق هذه القضية وفي هذا المف، لا يجوز للسلطات الفرنسية او غيرها ان تحمل مسؤولية جريمة ارتكبها شخص محدد ان يحمّلوها لدين هذا الشخص، او لأتباع الدين الذي ينتمي اليه هذا الشخص، بتعبير اوضح اذا كان مرتكب الجريمة مسلماً فلا يجوز لأحد ان يحمّل الاسلام مسؤولية هذه الجريمة ولا يجوز لأحد أن يحمل المسلمين لا في فرنسا ولا في كل العالم مسؤولية هذه الجريمة، وهذا في الأصل تصوّر غير صحيح وغير واقعي وغير قانوني وغير اخلاقي، عندما يرتكب انسان ما جريمة يجب ان يُحمَّل هو مسؤولية هذه الجريمة اياً تكن دوافعه حتى ولو كانت دوافعه باعتقاده هو دينية، وهذا حصل في فرنسا وفي اوروبا ويحصل في اماكن اخرى في العالم، - الان سنضطر ان نتكلم مسلم ومسيحي لن نقترب من اليهود – انه لو قام رجل مسيحي بارتكاب جريمة من هذا النوع وهذا حصل في فرنسا واغلب الجرائم التي تُرتكب في فرنسا لا يقوم بها مسلمون وكذلك في اروروبا، عادةً لا يُسلّط الاعلام الضوء عليها لكن من يتابع يعلم بالاحصاءات والارقام، هل يصحّ ان يخرج احد ويقول الذي يحمل مسؤولية هذه الجريمة هو السيد المسيح عليه السلام والعياذ بالله؟ او الدين المسيحي؟ او يحمل المسؤولية المسيحيون في العالم؟ او المسيحيون في البلد الذي ارتُكبت فيه الجريمة؟ لا احد يقبل هذا التصرف، لكن للاسف الشديد السلطات الفرنسية تتصرف هكذا. عندما يتحدث الرئيس ماكرون وبقية المسؤوليين الفرنسيين عن "الارهاب الاسلامي"، الان احدهم ترجم "الارهاب الاسلاموي" - قلّة فرق – او "الفاشية الاسلامية"، ليس هناك ما يسمى الارهاب الاسلامي او الفاشية الاسلامية، اذا ما كان هناك أحد يقوم بالارهاب هو إرهابي، واذا كان يرتكب جريمة فهو مجرم، اما ان نأتي ونقول ارهاب اسلامي و فاشية اسلامية، حسناً اليوم الولايات المتحدة الامريكية ترتكب مجازر في كل انحاء العالم منذ الـ 2000 وما بعدها، من بعد 11 ايلول الحروب التي قاموا فيها بأفغانستان والعراق وفي المنطقة، دعونا من الحرب العالمية الاولى والثانية وهيروشيما وما شاكل، فقط نتكلم عن الاجيال الحاضرة والتي عايشت، ملايين من الناس قُتلوا والامريكان يعترفون بقتل مئات الالاف في هذه الحروب، ان كان بعنوان الخطأ كالاعراس التي كانت تُقصف في افغانستان واحياناً بالعمد، حسناً هل يخرج احد ويقول لأن الولايات المتحدة الامريكية رئيسها مسيحي وحكومتها ينتمون الى المسيحيين وجيشها بالأعم الاغلب مسيحي فنقول هذا الارهاب الامريكي ارهاب مسيحي؟؟ او الذي يتحمل مسؤولية هذا الارهاب والعياذ بالله السيد المسيح او الدين المسيحي الذي تتناقض قيمه وتعاليمه مع هذه الاعمال الارهابية؟ او ما قامت به الجيوش الاوروبية ومنها الجيش الفرنسي التي جاءت الى الجزائر وما فعلته في الجزائر وما فعله الاخرون في ليبيا وفي اماكن اخرى وفي منطقتنا، لم يخرج احد من المسلمين ليقول "الإرهاب المسيحي"، وان الدين المسيحي هو الذي يتحمل هذه المسؤولية، على الاطلاق، واذا احد قال هكذا هو مخطئ، هذه الظاهرة غير موجودة بالحد الادنى. اذاً لا يجوز على الاطلاق عندما يرتكب مسلم او مسيحي او يهودي او اي انسان ينتمي الى اي فكر او دين ان نحمّل الدين او نبي هذا الدين او الامّة التي تؤمن بهذا الدين مسؤولية الجريمة ونعمّم التسمية، هذا خطأ وهذا يجب ان يتوقّف، الفرنسيون والمسؤولون الفرنسيون يفعلون ذلك كل يوم، الان هناك من يتدارك ويقول لا، نحن نحترم الاسلام كديانة، اذا كنت تحترم الاسلام كديانة عليك ان تغير مصطلح الارهاب الاسلامي والفاشية الاسلامية وليس عليك ان تتبع ترامب الذي يستخدم هذا النوع من المصطلحات.
ثالثاً، سمعنا في الايام القليلة الماضية انكم تعترضون بأن احد في فرنسا اساء لنبيّكم، الأهم هو بعض المسلمين الذين يسيئون لنبيكم ولإسلامكم، اودّ ان اقول هنا انّ بعض المسلمين بالتأكيد يسيئون للإسلام وانّ بعض المسلمين يسيئون لنبيّ الاسلام صلى الله عليه واله وسلم وان بعضهم يرتكبون اساءات خطيرة جدا جدا جدا، وان ما شهدناه في السنوات القليلة الماضية من اعمال ارهابية وجرائم وهدم للمساجد وللكنائس وللاثار التاريخية والقتل للناس وقطع للرؤوس وشق الصدور والذبح لانواع مختلفة من الناس بحسب انتماءاتها كالنعاج وقامت وسائل الاعلام الاجنبية ايضا بترويجها وتصويرها في العالم، هذه اساءات كبيرة لديننا ونبينا ونحن كنا نهاجم هذا ونعترض على هذا بشدة ولكن لنفترض وهذا صحيح وليس فرضية، اذا كان بعض المسلمين يسيء لنبينا هذا لا يبرر لكم ان تسيئوا لنبيّنا، اذا كان بعضكم يسيء لمقدساتكم هل يسمح لنا ان نسيء لمقدساتكم؟ هذا ليس منطق على الاطلاق، الانبياء، الرسل، الديانات، الرموز الدينية، مقدسات الامم يجب ان تُحترم، حتى ولو خرج من داخل الاتباع او الامة او الجماعة من لا يقوم بهذا الاحترام ويتجاوز هذا الاحترام.
رابعاً، هنا اكمل خطابي للمسؤولين الفرنسيين وايضاً تكوين الرأي العام، بدل ان تحمّلوا الاسلام والامة الاسلامية مسؤولية هذه الاعمال الارهابية التي تحصل في فرنسا واوروبا واماكن اخرى، تعالوا لنبحث سوياً عن مسؤوليتكم انتم عن هذه الأعمال وعن هذه الجماعات، نعود قليلاً الى 10 سنوات من 2011 وما بعد – لن نقول قبل 50 سنة – هناك فكر تكفيري ارهابي يتبنى القتل لمجرد الاختلاف العقائدي بل الاختلاف الفكري بل الاختلاف المذهبي بل الاختلاف السياسي بل الاختلاف في اي تفصيل من التفاصيل ويرتكب جرائم وحشية، هذا الفكر انتم قمتم بحمايته، الامريكيون، الادارة الامريكية، الحكومات الفرنسية، الحكومات الاوروبية، قمتم بحمايته، قدمتم له كل التسهيلات في العالم، اصحاب الفكر الاخر اذا اراد تحصيل فيزا صعب، اذا اراد ممارسة نشاط في بلادكم صعب، ولكن اصحاب هذا الفكر كانت كل الابواب مفتوحة لهم وتقدم لهم الحماية، هذه الجماعات التي تشكلت والتي تحمل هذا الفكر انتم سهّلتم مجيئها الى سوريا والى العراق، انتم ساعدتم على دعمها وتسليحها وتمويلها، حتى اصبح لهؤلاء تجربة وخبرة وروح قتالية الى اخره، والا اريد ان اسألكم الان انتم تُفاجئون ان هناك عملية ذبح او عملية قطع رأس؟ هذا اين بدأ، هذا بدأ في مناطقنا في بلادنا، من فعل ذلك؟ الذين دعمتموهم انتم، دعم سياسي واعلامي ومالي وتبليغي وحماية دولية ومؤتمرات دولية وفتحتم لهم الحدود واعطيتموهم جوازات سفر وسهلتم مجيئهم الى المنطقة، ابحثوا اولا عن مسؤوليتكم، كم تتحملوا انتم مسؤولية في هذا الموضوع، انا ادعوكم ان تعودوا الى ارشيف 2011- 2012 سواءً كنت انا اتكلم هذا الكلام او كثيرون غيري قالوا لكم هذا الكلام خصوصا للاوروبيين، لا تكونوا جزءاً من هذه الحرب الكونية على سوريا والعراق وعلى المنطقة، الان لبنان لم يستطيعوا ان يتوغّلوا فيه، لا تتبنّوا هؤلاء، لا تدافعوا عن هؤلاء، لا تسهلوا مجيء هؤلاء وتقويتهم، لأن هذه المعركة ستخسرونها وهؤلاء سيرتدون عليكم، هذا الفكر سيرتد عليكم، هذه الجماعات وهؤلاء الاشخاص سيعودون الى بلادكم، وسيملأون بلادكم ارهابا وخرابا، وما نفذوه في سوريا والعراق ولبنان وفي بلدان اخرى سيعودون وينفّذوه عندكم، ويومها بالتحديد قلنا لكم، امريكا بعيدة كثيرا والاقرب لمنطقتنا هي اوروبا والتهديد الاخطر هو للاوروبا وعليكم ان تُحاذروا، ولكن اخذتكم العزة بالإثم ولم تقبلوا، واعتبرتم انكم ستنتصرون بهذه الحرب ومعلوم بعدها اين ستصلوا، اليوم يجب ان تبحثوا ايضا عن مسؤوليتكم انتم، لا تحمّلوا المسؤولية لمن ليس له مسؤولية، ما علاقة رسول الاسلام محمد بن عبدالله صلى الله عليه واله وسلم بهذه الجرائم؟ ما علاقة دينه وإسلامه وقرآنه بهذه الجرائم؟ ما علاقة أمة الملياري مسلم بهذه الجرائم؟ الذين لهم علاقة هم أشخاص أنتم إحتضنتموهم وحميتموهم وربيتموهم وسهلتم لهم وأتيتم بهم، وهذا ما يجب أن تعيدوا النظر فيه، لأنكم ما زلتم مستمرين بهذا النوع من السياسات وإلا أعيد وأقول بنفس الأدبيات التي تكلمنا فيها سابقا عندما كنا نختار موقفنا، نحن لا نستطيع أن نكون في جبهة فيها قاطعوا رؤوس وشاقوا صدور وآكلوا أكباد وذباحون، هؤلاء كانوا حلفاءكم وكانوا جماعتكم وكانوا محميين منكم، ولذلك أنتم الفرنسيون والأوروبيون والأميركيون وأيضا حلفاؤهم بالمنطقة هم يجب أن يعيدوا النظر بسلوكهم وبأساليبهم، وبإستخدامهم لهذه الجماعات الإرهابية التكفيرية، لإستخدامهم كأدوات في المشاريع السياسية ومشاريع الحروب، ولا تتعلمون، في أفغانستان فعلتم هذا ودفعتم ثمنه في 11 أيلول، إرتكبتم وتعيدون وتتركبون الأخطاء نفسها، إستخدام هذا النوع من الجماعات كأدوات يجب أن يتوقف وإلا أنتم أيضا ستشاركون في دفع أثمان هذه الاخطاء.
ثانيا، السلطات الفرنسية أقحمت نفسها ومعها فرنسا وتريد أيضا أن تقحم كل أورويا والإتحاد الاوروبي في معركة مع الإسلام ومع المسلمين لأسباب واهية وأحيانا غير مفهومة، أنا سأتكلم من موقع الحرص، وأنا لست هنا لأسجل نقاط، المشكلة الأخيرة، ما هو أساسها؟ يعني هذه التطورات التي حصلت في الاسابيع الماضية وظهر في الإعلام بشكل واضح انه فرنسا من الرئيس الى الحكومة الى الوزراء الى البرلمان ومن ثم وسائل الاعلام إلى الشارع نعم، الحرب مفتوحة وواضحة جدا، حسنا ما السبب؟ ما الذي بدأ هذه المشكلة؟ من الذي إعتدى على الأخر؟ من الذي أساء للآخر؟ هذه المسألة بدأت عندما أقدمت تلك المجلة الفرنسية المشؤومة والخبيثة بنشر رسوم مسيئة لنبي الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم، وقام المسلمون ليعترضوا في أكثر من مكان من العالم، ثم تطور هذا الأمر إلى مجموعة أحداث ومنها حادثة أستاذ التاريخ الذي قُتل وقُطع رأسه، حسناً، بدل أن تبادر السلطات الفرنسية لمعالجة هذا الأمر ولإستيعابه ويكون لها تقدير موقف حقيقي وصحيح أنه يا جماعة فلتنتظروا، لا تخلطوا الحق بالباطل، ولا تدخلوا الامور ببعضها، هناك سبب رئيسي أدى إلى هذه التداعيات، بدل أن تعالجوا التداعيات، وأعود لها في آخر الكلام، فلتعالجوا أساس الموضوع، الذي حصل للأسف أن السلطات الفرنسية بدل أن تعالج الموضوع دخلت او أعلنت حربا من هذا النوع وأخذها العناد أنه هذه حرية التعبير ونحن نريد أن نستمر بحرية التعبير وبالرسوم الساخرة، هذا من رأس الهرم، يعني ما هي الرسالة التي تقدمونها لملياري مسلم في العالم؟ وهنا نحن نتحدث في أي أمر، ليس في أمر سياسي أو مالي أو إقتصادي أو صراع أو معركة، نحن نتحدث عن أمر يتعلق بنبيهم ورسولهم وسيدهم، الذي تكلمت عنه في بداية الكلمة ماذا يمثل لهم، حسنا، ما هو الامر الذي يستحق هذه التضحية منكم أيها السلطات الفرنسية؟ وأنه حسنا تأخذون الأمر بصدركم وتغطون وتحمون هذه المعركة وتتبنوها، ثم يقولون لك نحن لدينا قيم من جملتها حرية التعبير، ولا نريد أن نتخلى عن هذه القيم، فلنناقش قليلا هنا، لماذا قلت أنا بالبداية نريد أن نتكلم بشكل هادىء وبشكل موضوعي، أول نقاش، تطبيقي إجرائي، لو كان بالفعل هذا هو الأمر وهكذا الأمور في فرنسا أو في أوروبا، كان من الممكن أن يقول الفرد أنه يا أخي حسنا لنرى كيف يمكننا أن نعالج الموضوع من زاوية أخرى، لكن المسألة ليست كذلك يعني يجب أولا أن تقنعوا المسلمين في العالم بأن هذا الإدعاء بانه إدعاء صادق، هم لا يقبلون ذلك، هذا ليس إدعاء صادقا، هذا ليس إدعاء صحيحا، نحن لدينا الكثير من الشواهد والامثلة في فرنسا وفي أوروبا على ممارسات رسمية تمنع حرية التعبير بل تقمع حرية التعبير ويوجد أمور قد تكون أقل حساسيّة من حساسيّة موضوع يرتبط بنبي يؤمن به ملياري انسان في العالم، من أجل أن لا أستهلك كل الوقت، أضرب مثلا واحدا معروفا لأنه لا يحتاج إلى الكثير من الشرح، هو الفيلسوف الفرنسي روجي غارودي وهذا موجود إذا إحتجتم للرجوع إلى أرشيف التلفزيونات والوثائق والافلام والمقالات موجود، كل ما فعله الرجل أنه كتب كتابا ودراسة حول الأساطير المؤسسة للمحرقة اليهودية، المحرقة المسماة بالهولوكوست، طرح الرجل نقاشا علميا وأرقاما وناقش بالأرقام وكتب دراسة علمية أكاديمية وتكلم عن الإستغلال السياسي لهذه الحاثة، حسنا، والتي إلى الآن أوروبا وفي مقدمها ألمانيا تُبتز من قبل الصهيونية العالمية بسبب هذه المسالة، الرجل لم يشتم ولم يهين ولم يسخر ولم يرسم رسوم ساخرة ولا حتى إقترب من الديانة اليهودية وإنما عالج قضية مهمة وحساسة وحصلت في أوروبا، حسنا، أنتم السلطات الفرنسية ماذا فعلتم بهذا الفيلسوف الفرنسي؟ رفع القضاء دعوة عليه، تمت محاكمته والتشهير به وتم حكم السجن عليه، وممكن لأنه طاعن في السن لم ينفذوا السجن، وقّمع الرجل، هذه حرية التعبير؟! هذه هي القيمة التي تدافعون عنها؟ نعم قد يقال أنه عندما يمس الأمر بطائفة معينة أو بإسرائيل أو بالصهاينة فهنا تقف حرية التعبير، أما عندما يمس الامر بطائفة أخرى، بأمة بكاملها بملياري إنسان بمقدساتهم تبقى حرية التعبير مطلقة، لأنه في أمثال روجي غارودي ولأنه يوجد أمثلة كثيرة يمكن للشخص أن يعرضها في مناسبات مختلفة تؤكد أنه لا، حرية التعبير في فرنسا وفي أوروبا ليست مطلقة، وإنما مقيدة بالقيود القانونية والسياسية والامنية وما شاكل، هذا الإدعاء بأنه حرية مطلقة وليفعل ما يشاء من يشاء، ولتأتي صحيفة أو رسام ويرسم رسوما ساخرة لنبي الإسلام، أو أن يصور أحدهم فيلما يسخر من نبي الإسلام، هذا لا بأس به لأن الحرية مطلقة، هذا إدعاء غير صحيح، وبعد ذلك يمكننا أن نقيم محاضرة ونأتيكم بأمثلة كثيرة، ولذلك هذا غير مقبول، يعني كل معركتكم الان تستند على أساس غير موجود وواقعي هو ليس هذا الواقع عندكم، ونأتي بلائحة كيف تتصرفون مع التلفزيونات والصحف والمجلات وإذاعات لأنها تتبنى مثلا أفكارا معينة أو بثت برامج معينة، هذا موجود في الارشيف، هذا أولا، الجانب الآخر والذي هو مهم أيضا، هو النقاش في نفس أنه هل صحيح أنكم لديكم هذه القيمة حقيقة بهذا الشكل؟ حتى إذا عدنا إنسانيا وأخلاقيا هل يوجد شيء أسمه حرية تعبير بالمطلق؟ يعني ليس لها حدود تقف عندها؟ حسنا، لماذا حرية التعبير تقف عند معاداة السامية؟ حسنا حرية التعبير حتى أن يشتم الشخص الآخرين ويهين الآخرين ويسيء للآخرين ويفضح الآخرين وينسب إليهم الأكاذيب مثلا والجرائم، هذا لا بأس به، لا مشكلة لديكم به في فرنسا وأوروبا ؟ هل هو حقيقة هكذا؟ وهل هذا صحيح حسنا، إذا خرج شخص تحت عنوان حرية التعبير ونشر أسرار ومستندات تمس بالأمن القومي كيف تتصرفون معه؟ أميركا والغرب كيف تتصرف معه؟ إذا قام أحدهم قام أو قال أموراً أو أعلن عن أمور او كتب في مسائل قد تؤدي إلى فتن داخلية، إلى حرب أهلية، إلى إخلال في الأمن القومي، كيف تتصرفون معه؟ حرية التعبير لا تقف عند كرامات احد؟ نحن نتمنى ونطالب بإعادة النظر لأن هذه ليست قيمة إنسانية، هذا خلاف الإنسانية، هذه ليست قيمة أخلاقية، هذا خلاف الأخلاق، وخلاف القيم الاخلاقية وبالتالي يجب أن يُعاد النظر فيها، من هنا أنا أريد بختام هذا العنوان وهذا الملف ، أريد أن أوجه خطابا للسلطات الفرنسية وأقول لهم، اليوم في العالم الإسلامي لا يفتش أي أحد على عداوات جديدة ولا على معارك جديدة ولا أعتقد أن ملياري مسلم يفكرون بهذه الطريقة، يعني بالعكس، المسلمون يعملون ليخففوا عداوات في هذا العالم ويبعدوا شبح الحروب عنهم ومواجهات هم دائما يدفعون أثمانها، أنتم يجب أن تفكروا بمعالجة هذه الخطيئة وهذا الخطأ الكبير الذي تم إرتكابه، سمعت المسؤولين الفرنسيين يقولون نحن لا نخضع للإرهاب، ليس المطلوب أن تخضع للإرهاب، المطلوب أن تعالج الخطأ، ومعالجة الخطأ ليس خضوعا للإرهاب، بالعكس الإصرار على الخطأ والذهاب في مواجهات لا تخدم أحد هي خضوع للإرهاب، هي إنجرار مع مطالب الإرهاب والإرهابيين الذين يريدون أن يفجروا كل الساحات في العالم، أنتم يجب أن تعودوا إلى الأساس وتعالجوا هذا الخطأ، وهذا ليس خضوعا للإرهاب، هذه الفكرة أولا أنتم تطبقونها بشكل خاطىء، فلتطبقوها بشكل صحيح، كما تطبقونها على غير المسلمين طبقوها على المسلمين، كونوا منصفين وكونوا عادلين، الإساءة لكراماتنا ولكرامات أنبيائنا ولكرامة نبينا، هذا أمر لا يمكن أن يقبل به مسلم في العالم، وأنا أحب أن أقول لكم بوضوح، حتى لو أن الأنظمة السياسية في العالمين العربي والإسلامي يمكن أن تبيع وتشتري وتلاقي حججا أمام شعوبها لتدخل في مؤامرات وتنازلات وخيانات ولكنها لا تستطيع أمام شعوبها أن تسكت أو تغطي مسا بنبي هذه الشعوب المقدس عندهم المعشوق عندهم المحترم عندهم، لذلك هذه المعركة التي تصرون على الذهاب بها والإستمرار فيها هي معركة خاسرة بالنسبة إليكم، أين هي مصالح فرنسا وشعب فرنسا، مصالحها السياسية والإقتصادية وعلاقاتها مع شعوب العالم الإسلامي ومع العالم الإسلامي، إذا أرادت أن تستمر في هذا المسار، هذا الأمر يجب أن يعالج وأنتم تستطيعون أن تجدوا له معالجة، يعني أختم بالقول هنا بدل أن تذهبوا وتعالجوا التداعيات وتستنفروا المزيد من العساكر والأجهزة الأمنية لمنع عمليات إرهابية من هذا النوع إسحبوا الذرائع وعالجوا أساس المشكلة، لا تسمحوا بإستمرار هذه المسخرة وهذا العدوان وهذا الإنتهاك حينئذ العالم كله سيكون معكم.
في كل الأحوال، الأعمال الإرهابية هي أعمال مدانة كما بدأت من البداية، ولكن مسؤوليتكم ومسؤولية الجميع أن تعالج الأمور من جذورها.
هنا يمكن الأخذ بالاقتراح الذي قدمه سماحة شيخ الأزهر، الفكرة التي تتحدث عن الدعوة إلى تشريع عالمي يحرم هذا النوع من الأعمال التي ترتبط بالمسلمين وبالأمة الإسلامية، يمكن اعتماد نفس الصياغة أو صياغة مشابهة، قريبة، تتحدث مثلاً اعتماد تشريع عالمي لتجريم المس بالأنبياء والرسل أو لتجريم المس بالديانات السماوية أو لتجريم المس بمقدسات الأمم، مثلاً، أي صيغة من هذا النوع. طبعاً إذا اعتمد تشريع عالمي من هذا النوع، هذا سيشكل حاكماً قانونياً على حرية التعبير ويوجد مخرجاً للحكومة الفرنسية ولكل الحكومات الأخرى التي تدعي أنها تحافظ على حرية التعبير وأن هذا جزء من قيمها وقوانينها.
هذا الأمر يجب أن يجد له حلاً، لا يجوز والعالم لا تنقصه مشاكل ولا مواجهات ولا تنقصه حروب، لا يجوز من أجل ادعاءات تافهة وسخيفة ومشكوك في حقانيتها الإنسانية والأخلاقية والقانونية أن ندفع العالم وشعوب العالم وخصوصاً أمتنا الإسلامية والدول الأوروبية التي لها هذه الموقعية وهذه المكانة إلى مواجهات وإلى حروب من هذا النوع. مسؤولية المعالجة اليوم تتوقف على السلطات الفرنسية بالدرجة الأولى وعلى الكل أن يتعاون لمعالجة هذا الملف وقطع دابر هذه الفتنة.
هذا كان الملف الأول، بسياق الحديث عن ذكرى المولد النبوي الشريق وأمام ما شاهدناه بالأمس من حشود شعبية وجماهيرية هائلة في اليمن في مدينة صنعاء وفي عدد من المدن والمحافظات اليمنية، لا يستطيع الإنسان إلا أن يتوقف أمام هذا المشهد ودلالات هذا المشهد.
بالرغم من الحرب المدمرة، عندما نقول حرب يعني هناك قتل وجرح وتشريد وتدمير للحجر وللبشر والتي هي الآن في عامها السادس، بالرغم من الحصار والتجويع والأوضاع المعيشية الصعبة والأوبئة والأمراض، بالرغم من كل هذه الظروف الصعبة نجد هذه الجماهير الضخمة والهائلة والحاشدة تجتمع في المدن اليمنية من أجل أي شيء؟! إحياء ذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. هذا الموضوع أنا أحببت أن أقف عنده قليلاً لدقائق، عندما نقف أمام هذه الحشود بالرغم من كل المخاطر الأمنية والصحية والبيئية وفي حالة حرب، نحن في لبنان وغير لبنان نعرف ماذا يعني أن يكون البلد في حالة حرب، واحتمال قصف جوي في أي لحظة من اللحظات وأمام عدوان لا يتورع عن قتل الرجال والنساء والأطفال والمدنيين، يخرج كل هؤلاء ليعبروا عن عمق ايمانهم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عن عظيم محبتهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عن استعدادهم المنقطع النظير للدفاع عن كرامة وشرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أليس في هذا دلالة، رسالة قوية يجب أن يتوقف أمامها الناس جميعاً، وبالدرجة الأولى أنا أدعو المسلمين في العالم الذين يؤمنون بهذا النبي ويحترمون ويعشقون هذا النبي أن يتوقفوا أمام هذا الذي شاهدناه بالأمس في اليمن، يجلس هؤلاء لساعات يهتفون، يرددون الأناشيد، الشعارات، ويستمعون إلى قائدهم العزيز سماحة القائد السيد عبد الملك الحوثي ويشرح ويوضح ويختم في نهاية الموقف وقوفهم الحازم والقاطع إلى جانب القضية الفلسيطينية، إلى جانب الشعب الفلسطيني، انظروا، اليمنيون المحاصرون، الغرباء في هذا العالم اليوم، المعتدى عليهم، الذين يواجهون الأمراض والجوع والحصار وكل الظروف الصعبة لا يلجأون إلى أي حجة أو ذريعة ليتخلوا عن فلسطين أو عن القضية الفلسطينية أو عن الشعب الفلسطيني، هؤلاء يعلنون إصرارهم وتمسكهم بفلسطين والقضية الفلسطينية ودفاعهم عن الشعب الفلسطيني في مقابل المترفين والمرفهين والغارقين في لذات الدنيا والذين لم يدخلوا حرباً مع العدو الإسرائيلي أساساً ويسارعون إلى التخلي عن فلسطين والاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها، أليست هذه حجة إلهية؟ يؤكدون وقوفهم إلى جانب دول وشعوب وحركات المقاومة ومحور المقاومة في مواجهة المشاريع الأميركية والصهيونية وهم أحوج ما يكون إلى أن يقف العالم إلى جانبهم كيمنيين وأن يدافع عنهم كيمنيين، يجب أن يقرأ المسلمون وكل شعوب منطقتنا العربية والإسلامية والعالم، هذا الذي شهدناه بالأمس وسمعناه بالأمس، يجب أن يقرأوه بخلفية إنسانية وبخلفية أخلاقية وبخلفية ايمانية وبخلفية دينية، وأنا أقول لكم اليوم هذه حجة إلهية شرعية جديدة على كل العلماء والمسؤولين والقادة والنخب والشعوب العربية والإسلامية في كل العالم، حجة إلهية جديدة عليهم لكي يخرجوا عن صمتهم، أولئك الذين يؤيدون هذا العدوان الأميركي – السعودي – الإماراتي وللأسف الشديد السوداني على شعب اليمن يجب أن يتراجعوا عن هذا التأييد، وأولائك الذين ما زالوا يسكتون ويصمتون عن هذه الجريمة اليومية يجب أن يخرجوا عن صمتهم، ويجب أن تتشكل موجة وتيار وحركة كبرى وقوية في العالمين العربي والإسلامي للضغط على أولئك القادة، قادة العدوان الذين يصرون على مواصلة العدوان وعلى مواصلة الحرب، هذا أقل الوفاء تجاه هؤلاء أهل المعرفة وأهل العشق لرسول الله وأهل الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وآن لهذه الحرب المجرمة الظالمة أن تتوقف، أعظم وأوجب الواجبات اليوم هو العمل لتقف هذه الحرب، وأعظم ما يمكن أن يقدمه مسلم في هذا اليوم وفي هذه الأيام لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقف إلى جانب هؤلاء المؤمنين به بعمق، هؤلاء الذين يحبونه بعشق، هؤلاء الذين يفتدونه بأرواحهم ودمائهم وأموالهم وأولادهم وأبنائهم وبناتهم، هذا أيضاً في سياق الذكرى.
الوقت أصبح منتهياً، أنا كنت في الحقيقة أريد أن أتحدث قليلاً عن موضوع التطبيع في المنطقة وموضوع مفاوضات ترسيم الحدود البرية مع فلسطين المحتلة، الوضع الأمني عند الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة، المناورات العسكرية الإسرائيلية، الأوضاع العامة في لبنان، لكن باعتبار الوقت ضاق والملف الأول أخذ وقتاً كثيراً وأنا إن شاء الله إن بقيت على قيد الحياة سأتحدث في 11-11 في ذكرى يوم الشهيد، يوم شهيد حزب الله، لذلك هذه الموضوعات أؤجلها وأكتفي فقط بالإشارة إلى موضوع تشكيل الحكومة في لبنان.
نحن طبعاً نأمل أن يتمكن الرئيس المكلف وبالتعاون والتفاهم مع فخامة رئيس الجمهورية، دولة الرئيس المكلف مع فخامة رئيس الجمهورية أن يتمكنوا وبالتعاون مع بقية الكتل النيابية من تشكيل حكومة لبنانية جديدة في أقرب وقت. طبعاً الكل يعرف أن أوضاعنا في لبنان المالية والاقتصادية والاجتماعية ووو إلى آخره، هي لا يمكن أن تدار وأن تعالج من دون حكومة ذات صلاحياتها القانونية، لا يمكن الاستمرار في حكومة تصريف الأعمال، لذلك نحن نحمل هذا الأمل. معطياتنا أن الأجواء معقولة وايجابية وجيدة، لا نريد أن نبالغ في الايجابية، لكن الأجواء معقولة، نحن من جهتنا سنتعاون وكل ما نستطيع أن نسهل إن شاء الله سنسهل، كثيراً مما ينقل في وسائل الإعلام وفي المقالات هو ليس صحيحاً، بعضه ليس دقيقاً، بعضه ليس له أي أساس من الصحة، خصوصاً في ما يتعلق بنا وبمقاربتنا لتشكيل الحكومة. نحن إن شاء الله ايجابيون وسنبقى ايجابيين وما نستطيع أن نساهم فيه للمساعدة، مساعدة المسؤولين المعنيين في تشكيل الحكومة في أقرب وقت ممكن لن نألوا جهداً على هذا الصعيد إن شاء الله، وخصوصاً الآن هذا هو الاستحقاق الحقيقي. الآن الذكرى السنوية لحركة 17 تشرين وما كان سينتظر البلد وما كان بعض الناس يتوقعه، هذا إن شاء الله إذا كان هنالك وقت نتحدث فيه في وقت لاحق. الآن الوقت هو ليس للمشاحنات ولا للصراعات ولا للتناقضات، الوقت هو للتفاهم، للتعاون، الانفتاح ما أمكن للوصول إلى تشكيل حكومة إن شاء الله من هذا النوع.
أريد أن أختم مع ارتفاع الأرقام الخطيرة والمؤلمة للاصابات بكورونا، لأنه الآن بدأنا نصل على حافة الألفين، هذا شيء خطر جداً، في الأول كان عندما يقال 60 و 70 و 100 الناس "تتأفأف" الآن أصبح 1600 و 1800 وسنصبح على حافة الألفين، تشاهدون وضع المستشفيات كلها تصرخ اليوم، أعداد الوفيات ترتفع يوماً بعد يوم، يبدو أن كثيراً من الناس اعتادوا، تعايشوا مع هذا الموضوع. أعيد وأذكر بختام الكلمة أن هذا الأمر، هذا التساهل هو غير إنساني، هو غير أخلاقي، هو غير شرعي، بالمعنى الديني، بالمعنى الشرعي، هو إثم، هو حرام، هو ذنب، هو معصية. الآن في دول العالم تشاهدون هناك دول اليوم، كنا نتحدث عن فرنسا والمشكلة مع فرنسا، هم ذاهبون إلى مستويات عالية من الإغلاق، في ألمانيا، في أسبانيا، في ايطاليا، الأميركيون لا يشاهدون أمامهم، اليوم يمكن 80 ألف أو 90 ألف إصابة، هناك أناس "خوتانين" في العالم وهناك أناس لا، يذهبون لإقامة إجراءات جديدة، نحن في لبنان لا نستطيع أن نكمل بهذه الطريقة، الموضوع هنا ليس موضوع وزارة صحة، الموضوع هو موضوع الحكومة كلها، الدولة كلها، العلماء، المرجعيات الدينية، المرجعيات السياسية، الأب، الأم، الزوج، الزوجة، الأهل، الأخ، الأخت، هي مسؤولية إنسانية ترتبط بالجميع، والكل يقول أنه يا أخي الالتزام بالكمامة وبالتباعد الاجتماعي وبالتعقيم هذا يقلل النسبة، هذا يبعد الخطر، يعني ليس الخيار الوحيد هو الإغلاق حتى نقول الأشغال والناس ويموتون الجوع وإلى آخره، ممكن التعايش من خلال الالتزام.
أنا أريد أن أجدد ولن أكل ولن أمل، لأن مسؤوليتي الشرعية والأخلاقية والإنسانية ومسؤولية كل واحد منا أولاً أن يلتزم هو ويدعو الناس إلى الالتزام، وإلا نحن ذاهبون في مسار خطير جداً على المستوى الصحي ويحتاج إلى صرخة كبرى في البلد وعدم رضا بالواقع القائم.
أسأل الله أن يحمي الجميع ويشفي الجميع ويشافي الجميع ويحرس الجميع بعينه التي لا تنام، مجدداً أبارك لكم ذكرى ميلاد سيد المرسلين وخاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم، أسأل الله أن يجعلنا من المؤمنين به ومحبيه والسائرين في دربه والملتزمين بتعاليمه وأن يرزقنا شفاعته يوم القيامة وأن يحشرنا معه ولا يفرق بيننا وبينه طرفة عين أبداً في الدنيا وفي الآخرة وأن يعيد هذه المناسبة عليكم جميعاً بالخير والبركة والنصر والسلامة والصحة والعافية وكل عام وأنتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله.
العلاقات الاعلامية